سيدة تدلي بصوتها خلال انتخابات سابقة في أربيل
سيدة تدلي بصوتها خلال انتخابات سابقة في أربيل

أعلنت سلطات كردستان العراق في السابع من حزيران/يونيو 2017 اعتزامها تنظيم استفتاء يوم الاثنين 25 أيلول/سبتمبر حول استقلال الإقليم الذي يضم ثلاث محافظات في شمال العراق ويتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.

وأثار الإعلان رفض الحكومة المركزية في بغداد ودول إقليمية أخرى، بل إنه لقي معارضة داخل الإقليم ذاته.

"ورقة ضغط سياسية"

ويقول عضو حزب التغيير المعارض عدنان عثمان في حديث لـ"موقع الحرة" إن الاستفتاء لم يتم عن طريق المؤسسة التشريعية في كردستان حيث البرلمان معطل منذ سنتين تقريبا، مشيرا إلى أن الإشكالية مع الاستفتاء تتمثل في موعده والجهة القائمة عليه.

ويضيف أن الاستفتاء "قرار خطير وارتجالي من قبل قيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني" بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، معتبرا أن التوقيت غير مناسب لعدم وجود "أرضية فعلية حقيقية من الناحية المالية والاقتصادية والسياسية".

وصدرت اتهامات من خصوم سياسيين لبارزاني بأن الاستفتاء ورقة ضغط يريد من خلالها تحقيق مكاسب سياسية وتعزيز شعبيته قبل الانتخابات المقبلة.

ويقول رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار فائق الطالباني إن تلك الاتهامات مرفوضة ويؤكد أن حق تقرير المصير لا علاقة له بكتلة أو شخصية حزبية بل إن "الموعد تأخر مئة عام".

ويرفض الطالباني الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الوطني بقيادة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، التحذيرات من عواقب الاستفتاء في ظل المشاكل السياسية الداخلية للإقليم والنزاعات في المنطقة، ويقول إن ذلك لا علاقة له بحق تقرير المصير.

​ولم يعقد برلمان كردستان أي اجتماع منذ تشرين الأول/أكتوبر 2015 إثر خلاف حول ولاية بارزاني الرئاسية التي انتهت في العام ذاته، وأثير جدل حول تمديدها أو إجراء انتخابات.

ويمر الإقليم بمشكلات اقتصادية يعود بعضها إلى تراجع أسعار النفط. وتلقي الخلافات مع حكومة بغداد فضلا عن الحرب على داعش بظلالها على الأوضاع في الإقليم.

ويرى المتحدث باسم الحركة الإسلامية في كردستان عبد الله ورتي أن الاستفتاء يرمي إلى وحدة الصف الكردي وحل الخلافات بين الأطراف المتنازعة على السلطة في الإقليم وتفعيل البرلمان.

ويقول ورتي في حديث لـ"موقع الحرة" إن من يدعو للتصويت بلا هو غاضب فقط من السلطة السياسية في الإقليم وعدم قيامها بواجبها تجاه المواطنين وليس ضد فكرة الاستفتاء في حد ذاتها.

"لم نكن أبدا من دعاة الاستقلال"

ويوضح المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي أحمد بيرة لـ"موقع الحرة" أن وصول سلطات الإقليم إلى القناعة حول إجراء الاستفتاء كبوابة قانونية وحيدة باتجاه الاستقلال جاء نتيجة "فقدانها الثقة في الحكومة الفدرالية (بغداد) ويأسها منها".

ويؤكد بيرة أن شعب كردستان لم يكن من دعاة تشكيل دويلات صغيرة، مضيفا أن الأكراد كانت لديهم فرصتان للانفصال عامي 1991 و2003،  لكنهم لم يختاروا ذلك.

ويضيف "لم نكن أبدا من دعاة الاستقلال لكن الديموقراطية ضعيفة والتوازن مختل، وهناك انفلات في الحكم ومشاكل كثيرة تشجعنا على عدم البقاء".

وكان بارزاني قد حذر في 12 نيسان/أبريل الماضي من عمق الأزمة السياسية في العراق، وأمهل القوى السياسية في البلاد شهورا لحلها وإلا "سيمضي شعب كردستان في طريقه وسيقرر مصيره".

وأكد في 20 آب/أغسطس 2017 إجراء الاستفتاء في موعده، مستبعدا نجاح أي شراكة طويلة الأمد مع حكومة بغداد.

واتفق جميع المتحدثين لـ"موقع الحرة" على أن مسألة الاستفتاء أو إقامة دولة كردية فيها إجماع بين كل الأطراف السياسية في كردستان سواء الحاكمة أو المعارضة، لكن الخلاف يدور حول الموعد.

المصدر: موقع الحرة

العراق

يضع تذبذب أسعار النفط عالميا العراق على صفيح ساخن اقتصاديا، بسبب اعتماده بشكل شبه كامل في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام.

وحدد العراق تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل في الموازنة المالية الثلاثية للسنوات المالية (2023،2024،2025) التي أقرها مجلس النواب العراقي قبل عامين.

ورغم أن أسعار النفط شهدت، الثلاثاء الماضي، ارتفاعا طفيفا، لكن سبق ذلك تراجع سريع لأسعار النفط خلال الأسبوعين الماضيين، حيث وصل فيهما سعر البرميل الى عتبة 60 دولارا، الامر الذي وضع العراق على موعد مع ظروف مالية معقدة، فيما إذا استمر هذا التراجع خلال الأشهر المقبلة.

ويعتبر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد صالح، أزمة أسواق النفط العالمية "أزمة مؤقتة"، لافتا إلى أن العراق يتحصن باحتياطيات من النقد الأجنبي ما زالت ساندة للاقتصاد الوطني، وستساعده كثيرا على مواجهة أزمة أسواق النفط العالمية.

ويؤكد صالح لموقع "الحرة"، "على المستوى الوطني، الخطط المالية الحالية والمستقبلية آخذة بالاعتبار الاحتمالات كافة بالتحوط لهذه الأحداث، مع تدابير مالية مختلفة ضامنة للنفقات الضرورية في مقدمتها تأمين رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية وتنفيذ المشاريع الخدمية وفق البرنامج الحكومي بشكل مرن دون توقف بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص".

وتزامن انخفاض أسعار النفط عالميا مع تأخر المصادقة على مخصصات عام 2025 في الموازنة الثلاثية، ويعزو خبراء اقتصاديون تحدث معهم موقع "الحرة"، التأخير الحكومي في إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب للتصويت عليها إلى محاولات الحكومة لتكييف الإيرادات والنفقات لتفادي حدة الأزمات الاقتصادية التي قد تعصف بالعراق مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية.

وأشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، خلال ترأسه اجتماعاً لرؤساء الدوائر الخدمية في محافظة ذي قار جنوب العراق، الى أن حكومته شهدت ظهور العجز فعلياً في الموازنة، لتحقيقها الإنجاز، لافتا الى وجود كفاءة في الصرف والأداء والعمل، فيما كان العجز سابقاً تخطيطياً.

ونقل الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي عن السوداني قوله خلال الاجتماع، "حكومتنا رتبت آلية الإنفاق وفق مبدأ الأهم ثم المهم، وعملنا في الكثير من القطاعات وحققنا نتائج إيجابية".

ويلفت الخبير في قطاع النفط والغاز، كوفند شيرواني، الى أن تراجع أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل أو 60 دولارا سيؤدي إلى تراجع إيرادات العراق، وبالتالي زيادة العجز الموجود في الموازنة الذي يقارب 49 مليار دولار لعامي 2023 و 2024.

ويستبعد أن يتسبب هذا الانخفاض، بأي تأثير على الرواتب والمعاشات، لأن الرواتب والمعاشات بمجملها لا تصل إلى 80 ترليون دينار من موازنة تبلغ سنويا 200 ترليون دينار.

ويضيف شيرواني لموقع "الحرة"، "تراجع الإيرادات سيؤدي إلى استقطاع جزء من الموازنة الاستثمارية التي تختص بإنشاء المشاريع الجديدة التي تدر إيرادات إضافية، وكذلك ستتأثر عملية توفير فرص عمل جديدة، وربما سيؤدي استمرار التراجع إلى تقليل النفقات التشغيلية للدولة".

ووفق شيرواني، سيكون لأي انخفاض في أسعار النفط تأثير كبير على العراق بالذات مقارنة بالدول الأخرى المصدرة للنفط، في إشارة إلى مجموعة أوبك.

ويوضح شيرواني سببين لكون العراق الأكثر تأثرا بالانخفاض، أولهما الإنتاج العالي للعراق الذي يتجاوز 4 ملايين برميل يوميا، ويصدر منها حسب مقررات "أوبك +" نحو 3.3 برميل يوميا.

ويكمن السبب الثاني بحسب شيرواني في اعتماد الاقتصاد العراقي بنسبة تتجاوز 90% على إيرادات النفط، فأي تقلبات في الأسعار تجعله يتأثر بدرجة أكبر، داعيا الدولة العراقية إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات العامة، وتنشيط القطاعات الأخرى من الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين نظام الضرائب والجمارك لزيادة الإيرادات.

وأكدت الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري، على إجراء إصلاحات اقتصادية للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد ومواجهة الأزمات.

وحددت ستة محاور من المنهاج للنمو الاقتصادي، تمثلت بالعمل على إحداث تحوّل تدريجي من الاقتصاد الريعي الحالي المعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل إلى اقتصاد متنوع الدخل، ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجالات الزراعية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والبيئة، التي من شأنها توفير فرص عمل واستقطاب الاستثمارات محليا ودوليا.

ووفق مراقبين للشأن الاقتصادي العراقي تحدثوا لموقع "الحرة"، ما زالت خطوات الحكومة لتنويع الاقتصاد تسير ببطء، بينما يتطلب الوضع الاقتصادي للبلد إصلاحات سريعة لتفادي أي أزمة مالية مرتبطة بأسعار النفط.

ويحذر الخبير المالي إبراهيم علي من ظروف مالية معقدة قد يشهدها العراق إثر تذبذب أسعار النفط وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية ما سيؤثر بشكل كبير على استقراره الاقتصادي والاجتماعي.

ويبين علي لموقع "الحرة"، أن الوضع المالي في العراق "يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة سريعة لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وهذه الخطوة بحاجة الى جهود من الحكومة لتعزيز القطاعات الإنتاجية وتحسين بيئة الاستثمار".

وفي مقابلة متلفزة بُثت، في مارس الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن حكومته تمكنت من رفع نسبة الإيرادات غير النفطية خلال العامين والنصف الماضيين إلى %14 بعد أن كانت 7% خلال السنوات الماضية".

وتابع السوداني "وضعنا هدفا في قانون الموازنة وهو رفع الإيرادات غير النفطية إلى %20 خلال 3 سنوات"، مؤكدا مضي حكومته باتجاه تحقيق هذه النسبة.

وأشار السوداني إلى أن العراق قادر على تجاوز هذه النسبة لكنه بحاجة إلى مجموعة من الخطوات، وحددها بوجود حاضنة سياسية للقرارات دون مزايدات، وقبول شعبي، وتشريع قوانين تساهم في رفع الإيرادات غير النفطية.

ويرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن الاقتصاد العراقي هش ويتأثر بأي أزمة اقتصادية خارجية لأنه مرتبط بالأسواق العالمية، نتيجة عدم وجود إنتاج محلي متنوع يسد حاجات المواطن.

ويؤكد العنزي لموقع "الحرة" أن "الحلول مطروحة وموجودة، لكن ليس هناك جدية من قبل حكومة اعتمدت على النفط وتكاسلت فكريا وليس إداريا، لذلك واقع الاقتصاد العراقي متهالك لا يمكن إدارته ومتحول إلى استهلاكي حكومة وشعبا".

ويسعى العراق وبحسب الهيئة الوطنية للاستثمار، إلى جذب الاستثمارات النوعية، وتنمية ثقة الشركات الدولية بالبيئة الاستثمارية في البلاد.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، في تصريح نشره موقع الهيئة في 8 أبريل الحالي، إن "مشاركة ممثلين عن 60 شركة أميركية تعمل في مجالات حيوية ومهمة في زيارة العراق، يعد مؤشرًا واضحًا على تنامي ثقة الشركات الأميركية ببيئة الاستثمار في العراق"، مشيرا إلى أن العراق يشهد تطورات إيجابية في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية.

وأكد مكية على أن فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والخدمات المصرفية، يشكل محورًا مهمًا في توجهات الحكومة الحالية نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال.

وأعلنت السفارة الأميركية في بغداد، في 7 أبريل، وصول وفد تجاري أميركي مكون من 60 شركة إلى بغداد، مبينة أن غرفة التجارة الأميركية ستوقع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع اتحاد غرف التجارة العراقية لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص الأميركي ونظيره العراقي.

وقالت السفارة في بيان، إن "غرفة التجارة الأميركية برئاسة ستيف لوتس تقود وفدًا مكونًا من 101 عضو من حوالي 60 شركة أميركية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة إلى العراق"، لافتة إلى أن هذه أول مهمة تجارية معتمدة من وزارة التجارة الأميركية إلى العراق وأكبر وفد تجاري أميركي إلى العراق خلال تاريخ الغرفة.

ويعاني العراق من آثار الأزمات التي شهدها خلال العقود الأربعة الماضية نتيجة الحروب التي خاضها والصراعات السياسية الداخلية والأزمات الدولية إثر تذبذب أسعار النفط، التي أثرت على الواقع الاقتصادي للبلاد.

ولعل أبرز ما يعمق من أزمة الاقتصاد العراقي هو الفساد الإداري والمالي الذي يعيق الإصلاحات الحكومية.

وتؤكد الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري أن مكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر المال العام تأتي في مقدمة أولوياتها، عبر دعم وتفعيل الهيئات الرقابية ومتابعة ملفات الفساد الكبيرة التي سبق إعدادها من قبل الجهات الرقابية، وبعضها بالتعاون والشراكة مع جهات دولية مختصة بمكافحة الفساد في فترة الحكومات السابقة.