كفيفاً، مبصراً طريقه، كان يسيرها كل يوم من البيت إلى المسجد وبالعكس، وحده، لنحو 55 عاماً، كي يؤذن لأهالي الأعظمية، أو يقرأ القرآن أو الأذكار أو يُكبّر فجر الأعياد، فيتهلل الجميع لصوته، الذي اختفى عن أثير بغداد.

توفي المّلا منذر، الخميس، عن عمر 75 عاماً، في بيته، بين أهله، إثر يومين من خروجه من المستشفى، التي قضى فيها 10 أيام على سرير المرَض. 

"يعجّ المكان هنا بالمعزّين من سكان الأعظمية وخارجها، كأن الناس يحاولون التعويض عن التقصير في المشاركة بتشييعه أمس" يقول الشيخ محمد سمير، وهو صديق الشيخ الراحل، شاركه تأدية الأذان في جامع "الإمام الأعظم أبي حنيفة" سنوات طويلة.

وفعلياً لم يتجاوز عدد مشيعيه والمصلّين عليه أكثر من 10 أشخاص، وفق الشيخ سمير، الذي حدّثنا هاتفياً من بيت عزاء المُلّا منذر.

هذا الأمر أثار استياء الكثير من العراقيين الذين عبّروا عن آرائهم في مواقع التواصل، برفقة صور المؤذن الراحل أو مقاطع فيديو تظهر جمال أدائه في تلاوة القرآن والذكر وفق مقام "اللامي" الذي يتفرّع عن مقام البيات.

بعض الآراء قارنت جنازة الملّا منذر بجنائز شخصيات سياسية ومتنفذة أو دينية مرتبطة بأحزاب إسلامية، والآخر تساءل عن غياب ممثلين عن مجامع فقهية إسلامية أو شخصيات رسمية تشارك عادة في جنائز شخصيات مؤثرة في المجتمع العراقي. 

​​

 

​​​​

​​وهذه التغريدة أشارت إلى المفارقة بين تشييع الملا منذر وصلاة الغائب التي أدتها جموع غفيرة بتنظيم جماعات إسلامية على الرئيس المصري السابق محمد مرسي، بسبب ارتباطهم أيديولوجياً به.​

"الصوت الشجّي"

ليس من الصعب أن تدمع العينان أثناء سماع قصائد مغنّاة أو تلاوات قرآنية حسب المقامات العراقية، حيث يسود فيها الحزن والرقّة. 

لكنّ أكثرها شجناً هو مقام البيات، الذي يُشهد فيه بصوت المؤذن الرّاحل، ويُعرف عن هذا المقام أنه "سهل ممتنع، هادئ كالبحر العميق، يمتاز بالخشوع والرّهبانيّة وبه تبدأ القراءة وبه تنتهي. يجلب القلب ويجعله يتفكّر في آيات الله البيّنات ومعانيها، ويسمّی هذا المقام بأمّ النّغمات لاتّساعه ووفرة فروعه المعروفة لدی القرّاء والمنشدين والمبتهلين"، وفق 

​​يقول الشيخ سمير لـ"ارفع صوتك" إن الملّا امتلك الموهبة منذ صغره وصقلها بالدراسة والمعرفة، كما أنه كان مستمعاً ومحباً لأداء السيدة أم كلثوم، والموسيقي محمد عبد الوهاب. 

يصف صوت الملا منذر بـ"الشجي، المُبكي" مضيفاً "وإذا لم يبك المستمع فإنه يتباكى للتعبير عن تأثّره بأسلوب قراءته". 

"الملا منذر" هو الاسم الذي عُرف به الرّاحل، واسمه الكامل منذر أحمد صالح العبيدي، والده كان شيخاً أيضاً. 

"ثروة قومية"

بدا صوت أخيه فخوراً به، عبر هاتف "ارفع صوتك". يقول شهاب أحمد العبيدي "كان حنوناً، لم يحدث بيننا خلاف طيلة حياتنا، لم يحقد أبداً على أحد، وإذا كان في مجلس وذكر شخص غائب بسوء، يرفض الاستماع".

ويذكر أخوه بعض مواهب عُرف فيها المُلّا رغم أنه كان كفيف البصر، منها "إصلاح أجهزة الراديو، وكتابة الرسائل على الموبايل، ومعرفة الأشخاص من أصواتهم حتى لو مر على لقائه سنوات طويلة". 

ويضيف أحمد أن والدهما اكتشف موهبة أخيه منذر وهو لا يزال شاباً صغيراً، حيث استحسن صوته في قراءة القرآن. ثم دفعه لارتياد حلقات العلم عند شيوخ كبار عرفوا بإتقانهم التلاوات القرآنية والذكر بمقامات عراقية مختلفة، أبرزهم عبد القادر الخطيب والملا عبدالله وجميل الأعظمي".

لكن مثله مثل غيره من المؤذنين والمقرئين العراقيين لم يلاق الملا منذر "التقدير الكافي" وفق الشيخ وأستاذ اللغة العربية محمد سمير، الذي أكد "هم ثروة قومية وطنية لم تعاملهم الحكومة كما يجب".

القصف الصاروخي استهدف قاعدة عسكرية تستضيف قوات أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي (أرشيفية)
القصف الصاروخي استهدف قاعدة عسكرية تستضيف قوات أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي (أرشيفية)

كشف مصدر أمني لقناة الحرة، ليل السبت الأحد، أن محيط مطار بغداد والمناطق المجاورة في العاصمة العراقية يشهد انتشارا أمنيا كثيفا وتأجيلا لهبوط أغلب الرحلات القادمة.

يأتي ذلك في ظل التصعيد المتواصل في الشرق الأوسط، وترقب الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران قبل أيام، بالإضافة لتدهور الوضع الإنساني في لبنان، جراء الغارات الإسرائيلية.

في السياق، أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، السبت، اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين الأجواء العراقية، وأشار إلى أن العراق يمتلك القدرة على مراقبة الأجواء ومتابعة "الطائرات الداخلة والخارجة".

رسول قال في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن طائرات "أف 16 و كي 50 الكورية المتقدمة"، وطائرات النقل الجوي والاستطلاع، تشكل "قوة جوية عراقية تسهم في حماية البلد والدفاع عن سيادته.

وأوضح أن كل الحدود العراقية مؤمنة بشكل جيد، سيما مع الجانب السوري، "حيث تم تحصين هذه الحدود بشكل كبير بوجود قوات الحدود العراقية، إضافة إلى نصب كاميرات حرارية وأجهزة تنصت" على حد قوله.

العراق يستقبل المزيد من اللبنانيين ويؤكد قدرته على حماية أجوائه
في ظل حلة الترقب من رد إسرائيلي متوقع على الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران قبل أيام، وتدهو الوضع الإنساني جراء العمليات العسكرية التي تنفذها اسرائيل في لبنان، أعلن العراق السبت إستقبال نحو 5700 نازح لبناني عبر مطاري بغداد والنجف ومنفذ القائم البري، و"إتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين أجواءه".

وأضاف رسول أن "قطاعات الجيش العراقي تتمركز خلف الحدود، إضافة إلى انتشار قوات حرس الحدود التي تقوم بعمليات نوعية واستباقية في المناطق التي يتم تحديدها استخباراتيًا، من خلال الكمائن والمتابعة الدقيقة".