عناصر من الشرطة العراقية في العاصمة بغداد
عناصر من الشرطة العراقية في العاصمة بغداد

قتل خمسة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح مساء الاثنين، بعدما فجر انتحاريان حزاميهما الناسفين قرب حسينية للشيعة في جنوب غرب بغداد، بحسب ما أفادت مصادر طبية وأمنية.

وقالت مصادر طبية لوكالة الصحافة الفرنسية في مستشفى اليرموك في بغداد إن "خمسة أشخاص قتلوا وأصيب 14 آخرون بجروح" في الاعتداء.

من جهته، أورد ضابط في الشرطة برتبة مقدم أن "انتحاريين يرتديان حزامين ناسفين، فجرا نفسيهما قرب حسينية أبو الفضل العباس في حي التراث"، في جنوب غرب العاصمة، تزامناً مع إقامة مجلس عزاء.

ولم تعلن أي جهة على الفور، مسؤوليتها عن الهجوم.

وكان العراق أعلن في نهاية 2017 دحر تنظيم داعش الذي سيطر لأكثر من ثلاث سنوات على ما يقارب ثلث مساحة البلاد.

لكنّ عناصر داعش ما زالت لديهم خلايا نائمة تنشط في بعض الأحيان وخصوصاً في المناطق الصحراوية الحدودية مع سوريا، ولا تزال قادرة على تنفيذ اعتداءات مماثلة.

وفي يونيو الماضي، قتل شخصان وأصيب تسعة آخرون في هجوم نفذه انتحاري يرتدي حزاما ناسفا على حسينية للشيعة في شرق بغداد.

وقتل ثمانية أشخاص على الأقلّ وأصيب 15 آخرون في مايو الماضي في هجوم نفّذه انتحاري فجّر حزامه الناسف في سوق تجارية في شرق بغداد.

صورة أرشيفية لرئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد- تعبيرية
صورة أرشيفية لرئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد- تعبيرية

أقام رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا ضد كل من رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، ورئيس مجلس النواب، ووزيرة المالية الاتحادية، إضافة إلى وظائفهم.

وتضمنت الدعوى 4 مطالب لرشيد في ما يخصّ رواتب موظفي إقليم كردستان، أولها "إصدار أمر ولائي عاجل، يُلزم وزارة المالية الاتحادية بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان بجميع فئاتهم، سواء للأشهر السابقة أو اللاحقة، مع التأكيد على عنصر الاستعجال في هذه القضية".

وثانيها: "ضمان الاستمرارية، بإلزام وزارة المالية بصرف الرواتب دون توقف أو تأخير، وعدم ربطها بأي متطلبات إدارية أو فنية مثل ميزان المراجعة أو الإجراءات الرقابية الأخرى".

وثالثها: "توطين الرواتب وفق تعليمات البنك المركزي العراقي، والسماح للموظفين باختيار المصرف الذي يفضلونه، بالتنسيق بين وزارة المالية الاتحادية ونظيرتها في حكومة الإقليم".

ورابع هذه المطالب في دعوى الرئيس العراقي "تعديل قانون الموازنة"، حيث طالب مجلس النواب بتعديل البند (12) الفقرة (ج) من قانون الموازنة العامة لعام 2023. وضمان تنفيذ تعهدات الإقليم بتمويل الخزينة العامة بإيراداته النفطية بشكل عادل وشفاف".

أيضاً دعا رشيد لإلغاء شرط تخصيص 6 دولارات أميركية لكلفة إنتاج النفط في الإقليم، باعتباره "تعسفياً" ويضر بالمصلحة الاقتصادية للدولة.

تظاهرات وإضراب طعام

وتأتي دعوى رشيد بالتزامن مع استمرار التظاهرات والإضراب عن الطعام في إقليم كردستان؛ تنديدا باستمرار مشكلة رواتب الموظفين.

كما يستمر الجدل بشأن آلية صرفها، ومساعي الحكومة الاتحادية لإيجاد حلول تضمن استقرار التمويل والعدالة في توزيع الموارد.

ونقل نشطاء في مواقع التواصل صوراً ومقاطع فيديو يزعمون فيها أن القوات الأمنية في الإقليم قمعت المحتجين واعتدت عليهم بالضرب أو بالغاز المسيل للدموع.

بعضهم تساءل عن دور المحافظات التابعة للحكومة الاتحادية في دعم هذه التظاهرات، أسوة بما جرى في "انتفاضة تشرين" خريف 2019.

وعلقت رئيسة كتلة "حراك الجيل الجديد" النيابية سروة عبد الواحد، على ما يجري في كردستان: "السلطة التي لا تريد سماع مطالب شعبها لا تستحق البقاء".

وأوضحت في منشور على حسابها في منصة إكس، الأحد، أن القوات الأمنية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني منعت المتظاهرين من دخول أربيل.

وأضافت عبد الواحد "السلطة التي تغلق آذانها ولا تريد سماع مطالب شعبها لا تستحق البقاء، ولن يكون مصيرها أفضل من غيرها من دكتاتوريات المنطقة".

رد الحكومة الكردية

وقالت وزارة الداخلية في حكومة كردستان العراق، الأحد، إن تلبية مطالب الموظفين والمواطنين كانت ولا تزال ضمن أولوياتها.

وأكدت "استمرار" التنسيق مع الحكومة الاتحادية لإيجاد حلول مناسبة، مشيرة لتحقيق "تقدم ملموس" بهذا الشأن، بحسب بيان رسمي.

وقالت الوزارة إنها "تعمل بروح المسؤولية لمعالجة القضايا العالقة، ملتزمةً بالحوار والتفاوض ضمن الأطر القانونية للوصول إلى حلول مستدامة".

وحذرت الوزارة من محاولات بعض الأطراف، سواء داخل العراق أو خارجه، لاستغلال المطالب المشروعة "لأغراض أخرى" وفق تعبيرها.

واتهمت حزب العمال الكردستاني ( بي كي كي) وجماعات وصفتها بـ"الخارجة عن القانون"، بأنها تسعى إلى "الإخلال بأمن واستقرار مناطق في الإقليم" في إشارة إلى أنها من يقف خلف التظاهرات.

كما جاء في بيان وزارة الداخلية الكردية أنها "تحترم حق التظاهر السلمي"، مشددةً على أنها "لن تتهاون مع أية محاولات تهدف لزعزعة الأمن أو تجاوز القانون".

وقالت إن "أي تصرفات غير قانونية ستواجه بالإجراءات القانونية اللازمة".

في سياق متصل، قال محافظ أربيل أوميد خوشناو، الأحد، إن المحافظة لم تتلق أي طلبات رسمية لتنظيم تظاهرات أو اعتصامات، محذراً من أن أي تظاهرة غير قانونية ستواجه بالقانون.

وأضاف خوشناو في مؤتمر صحفي أن "أي جهة ترغب في إقامة تظاهرة أو اعتصام من دون الحصول على التقديرات أو الموافقات القانونية، سنقف أمامها باسم القانون وقوانين تنظيم التظاهرات".


قرار سابق "بتوطين الرواتب"

وفي فبراير 2024، أمرت المحكمة الاتحادية حكومة في بغداد، بدفع رواتب موظفي كردستان مباشرةً، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.

وألزم رئيس المحكمة جاسم العميري في الحكم الذي بثّه التلفزيون الرسمي الحكومة في بغداد "بتوطين رواتب" جميع موظفي الإقليم بكافة الوزارات والمؤسسات العامة، فضلاً عن المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، "لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم".

وأوضح أن هذه المدفوعات "تخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة وللسنوات القادمة".

وأضاف القاضي أنه ينبغي على كل الجهات المعنية بهذه الآلية الجديدة "تنفيذ" القرار "دون الرجوع" إلى سلطات الإقليم.

ويلزم القرار كذلك أربيل "بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية"، فارضاً كذلك تدقيقاً على البيانات الخاصة بتلك الايرادات.

وكان لإقليم كردستان مصادر تمويل مستقلة لسنوات متأتية من صادراته النفطية.

لكن منذ مارس 2023، توقّفت تلك الصادرات نتيجةً لقرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس التي حكمت لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات النفط من كردستان.

وينبغي إثر هذا القرار أن تمرّ مبيعات نفط الإقليم عبر الحكومة الاتحادية في بغداد، مقابل نسبة في الموازنة الاتحادية تخصص لإقليم كردستان.

وتشهد العلاقات بين بغداد والإقليم الذي حصل على حكم ذاتي عام 1991، توتراً متواصلاً لا سيما حول قضية رواتب الموظفين التي تسمم العلاقات بين الطرفين بشكل متكرر.