الدخان يتصاعد إثر الانفجار الذي وقع في قاعدة الصقر في بغداد في 12 أغسطس
الدخان يتصاعد إثر الانفجار الذي وقع في قاعدة الصقر في بغداد في 12 أغسطس

انفجارات غامضة في مخازن أسلحة تابعة للحشد الشعبي بالعراق آخرها وقع الثلاثاء في محافظة صلاح الدين، تساؤلات وتكهنات حول الفاعل.  

ويطرح عراقيون تساؤلاتهم وتكهناتهم وسط وسط صمت الحكومة وميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران.

وطالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الجهات الحكومية بالكشف عن ملابسات الحوادث، وقال عضوها علي البياتي في بيان أصدره الأربعاء إن تكرار استهداف المواقع والمنشآت العسكرية وما ينتج عنها من خسائر بشرية أمر يحتاج إلى وقفة حكومية حقيقية، وأن لا يقتصر الأمر على تشكيل لجان وتسويف القضية.

وأفاد تقرير أصدرته لجنة حكومية عراقية لتقصي الحقائق بأن الانفجار الذي وقع في قاعدة الصقر العسكرية قرب بغداد في 12 أغسطس، نجم عن غارة جوية شنتها طائرة من دون طيار (درون)، وفق ما أفاد تقرير لوكالة أسوشييتدبرس.

وأضاف تقرير اللجنة إن الانفجار أدى إلى اندلاع حريق قتل على أثره مدني وجرح 28 آخرون فضلا عن إلحاق أضرار بالمنازل القريبة، لكن التقرير لكم يكشف هوية الجهة التي تعود لها الطائرة المذكورة، وفق الوكالة.

وكان انفجار الصقر من بين أربعة استهدفت قواعد وذخيرة الميليشيات في الشهر الماضي، بما في ذلك انفجار وقع في 19 يوليو استهدف قاعدة في أمرلي شمالي العراق وتسبب في مقتل إيرانيين اثنين واندلاع حريق كبير. أما أحدث الانفجارات فوقع مساء الثلاثاء في قاعدة بلد في محافظة صلاح الدين شمال بغداد.

الحشد الشعبي أصدر بيانا الأربعاء، بعد صمت طويل، قال فيه إن لديه "معلومات دقيقة ومؤكدة أن الأميركيين أدخلوا هذا العام أربع طائرات مسيرة إسرائيلية عن طريق أذربيجان، لتعمل ضمن أسطول القوات الأميركية على تنفيذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية".

وتعليقا على بيان الحشد، قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ"قناة الحرة" إن "الولايات المتحدة تحترم سيادة العراق ونحن نعمل هناك بناء على دعوة الحكومة العراقية وبموجب قوانينها وتوجيهاتها".

ودعا المسؤول الأميركي إلى توجيه السؤال عن المعلومات المتعلقة ببيان الحشد الشعبي للحكومة العراقية.

وسبق أن نفت الولايات المتحدة أي دور لها في تفجيرات مخازن الحشد الشعبي، فيما أعلن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، الجمعة امتثاله لتوجيهات الحكومة العراقية التي صدرت مؤخرا بمنع تسيير أي طائرة في أجواء البلاد.

الخبير العراقي في شؤون الجماعات الإرهابية هشام الهاشمي، قال في تصريح لـ"موقع الحرة" إن "التفجيرات إذا كانت داخلية ناتجة عن نيران غير عدوانية بسبب طبيعي أو سوء التخزين أو الإهمال، وتكراره خلال هذا الشهر أربع مرات ولأكداس الحشد حصرا، فهذا يلزم قيادة الحشد تسليم مهمة المخازن إلى من لا تتفجر أكداسه من القوات المسلحة أو الاستعانة بخبراتهم بدون تعالي".

وتابع أنه في حال كان المصدر خارجيا "فهذا يلزم تحديد هوية العدو"، مضيفا "إذا كان السبب بقصف خارجي غير مرئي لمركز عمليات الدفاع الجوي العراقي، ولمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية التي هي بقرب الحدود العراقية ومن المفترض أنها تغطي 400 كم من عمق العراق، فهو بالتأكيد مرئي لأميركا ومعلوم لروسيا إذا ما كان الاستهداف إسرائيليا".

وأردف "تاليا كيف تستطيع حكومة بغداد أن تضغط على أميركا وروسيا لمنع إسرائيل من تكرار العدوان".

وقال أيضا إن الجانب العراقي إذا علم بالجهة التي تقف وراء التفجيرات لكنه يخشى الكشف عنها لعدم قدرته على الردع أو الرد المناسب، "فكان الأحرى به الإعلان عنها والاكتفاء بطريقة دمشق بالشجب وانتظار الفرصة للرد المناسب".

عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق علي البياتي طالب التحالف الدولي بأن يلعب دورا للحد من الخروقات بسبب الإمكانيات الأمنية والعسكرية والمعلومات القوية التي يمتلكها، بحسب تصريح أدلى به لـ"راديو سوا".

وقال أيضا إنه إذا ثبت أن هذه الحوادث وقعت بفعل خارجي، فإن ذلك يحتاج إلى وقفة من قبل وزارة الخارجية العراقية بتقديم مذكرة احتجاج إلى مجلس الأمن وطلب عقد جلسة طارئة.

نتانياهو يلمح

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لم يخف احتمال ملاحقة أهداف إيرانية أينما كانت، ولمح الاثنين إلى أن إسرائيل قد تكون وراء الغارات التي ضربت أهدافا إيرانية في العراق.

جاء ذلك في تصريحات صحافية خلال زيارة يقوم بها لأوكرانيا، قال فيها عندما سئل عن التكهنات المتزايدة حول شن إسرائيل غارات في العراق، "ليس لإيران حصانة في أي مكان"، وأضاف "سنتحرك ضدهم أينما تستدعي الحاجة، وأيدينا طويلة".

​ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته، أن الولايات المتحدة ليس لديها دليل أو معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن إسرائيل وراء الانفجارات في العراق، سواء الذي وقع الثلاثاء أو الذي وقع في 12 أغسطس.​

الخبير العراقي في شؤون الجماعات الإرهابية هشام الهاشمي، قال لـ"موقع الحرة" إنه "ليس من مصلحة إيران والحشد الشعبي أن تقاتل أميركا وحلفائها في الساحة العراقية، وتخسر حليفها (رئيس الوزراء) عادل عبد المهدي، الذي ينهج طريق الاحتواء والتوازن بين إيران وأميركا في العراق".

وحدد المسؤولون الإسرائيليون العراق كقاعدة متنامية على الأرجح للجهود التي تدعمها إيران ضد إسرائيل، لكنهم لم يؤكدوا أو ينفوا حتى الآن المسؤولية عن الغارات في العراق.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل وجهت عدة ضربات للقواعد الإيرانية في سوريا، وسرت تكهنات بأنها قد توسع حملتها لاستهداف القواعد الإيرانية لتشمل العراق.

مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.
مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.

"كيف لي أن أعود إلى بغداد والموت قد ينتظرني؟"، بهذه السؤال يعرب الناشط الحقوقي، أوس جبير، عن مخاوفه في ظل ما وصفه بتزايد العنف وخطاب الكراهية ضد مجتمع الميم عين في العراق.

جبير، وهو مدير مشروع أمان الذي يختص بدعم أفراد مجتمع الميم عين في تركيا، يعلّق على حادثة مقتل البلوغر "نور بي أم" بالقول: "ممكن أن أتعرض للاغتيال عن طريق نفس هذه المجموعات الخارجة عن القانون".

وأثارت حادثة قتل البلوغر وخبير التجميل العراقي نور، الذي يسمي نفسه "نور بي أم" على مواقع التواصل الاجتماعي، القلق لدى المثليين في العراق، والذين حمل بعضهم المسؤولية لـ"خطاب الكراهية".

ويعرف نور عن نفسه بـ"ملك الإثارة، وموديل ميك اب ارتست"، ويعتبر من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتابعه نحو 100 ألف شخص على إنستغرام.

 

وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية قتل نور، يقول جبير: "نحمل الميليشيات والأحزاب أولا مسؤولية خطاب وجرائم الكراهية التي يعيشها مجتمع الميم عين بالخصوص في السنوات الأخيرة في العراق".

ولفت إلى وجود "مقترحات ومشاريع تناقش في البرلمان حول منع وجود الأقليات الجنسية والمعاقبة بالسجن المؤبد والإعدام لأفراد مجتمع الميم عين في الشهر الماضي".

وأضاف: "نحمل الدولة العراقية مسؤولية الحماية والدفاع عن حقوق الأقليات الدينية أو العرقية أو الجنسية".

وفي أغسطس الماضي، بدأ البرلمان العراقي النظر في مشروع قانون يفرض عقوبات قد تصل إلى الإعدام على المثليين جنسيا.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت السلطات حملة ضد "المحتوى الهابط"، وأوقفت الكثير من مستخدمي يوتيوب وتيك توك العراقيين، وفقا لفرانس برس.

ومشروع القانون يعاقب على المثلية الجنسية في العراق، حيث أعرب برلمانيون عن استعدادهم لتشريعه، خصوصا أن "قانون العقوبات العراقي الذي أقر في عام 1960 لا يجرم المثلية الجنسية صراحة".

وكان يتم التضييق على أفراد مجتمع الميم-عين بالاستناد إلى المادة 8 من قانون مكافحة البغاء الذي عدل عام 1988، وعرف البغاء فيه بأنه "تعاطي الزنا أو اللواطة بأجر مع أكثر من شخص"، وفقا لـ"جيم"، وهي مؤسسة إعلامية نسوية.

خطف وتعذيب

ويقول جبير إن نور "قد تم خطفه من جهة مجهولة من قبل وتم تعذيبه وحلق شعره".

وتابع: "هذه ليست جريمة جنائية ولكنها جريمة سياسية ضد الإنسانية وقيم المجتمع المدني المتحضر، حيث يزعم المتاجرون في الدين أنهم يحاربون الفساد على حساب أرواح الأبرياء".

وأكد أنه "في السنوات الستة الماضية عمل مشروع أمان مع الكثير من أفراد مجتمع الميم عين العراقيين الذين هربوا من تهديد وتعذيب وترهيب المجموعات الخارجة عن القانون".

جريمة موصوفة

ويرى المحامي العراقي، محمد جمعة، أن حادثة قتل نور هي "جريمة موصوفة وقد تم التخطيط لها".

ويقول جمعة في حديثه لموقع "الحرة" إنها "جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، لأن كاميرات المراقبة أظهرت أن القاتل كان يراقب نور".

وأضاف أن "حكم هذه الجريمة هو الإعدام"، لافتا إلى أن "الجاني قد يحاول التملص من الجريمة في حال القبض عليه".

وأوضح جمعة أنه "من المفترض من الناحية القانونية أن لا يشمل بأي ظروف تخفيفية، مثل المادة 128، التي تنص على أن العذر الذي يعفي من العقاب قد يكون في ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة"، وقد يتحجج القاتل بذلك.

بدوره، يؤكد جبير أن الجريمة تأتي في إطار "انفلات أمني وسياسي في العراق، فعندما تعجز الدولة عن حماية مواطنيها يختار الكثير منهم اللجوء الإنساني بدول الجوار".

تسجيلات رصدت القاتل 

ونقل مراسل "الحرة" عن مصدر أمني لم يذكر اسمه قوله إن نور "قتل على يد مسلح يستقل دراجة نارية"، الإثنين، أطلق عليه النار في حي الداوودي ضمن منطقة المنصور غرب العاصمة بغداد حيث فارق الحياة على الفور.

وتظهر تسجيلات ما يبدو أنها عملية منسقة اشترك فيها اثنين من سائقي الدراجات، بدا أن أحدهم يرتدي زي عامل توصيل مطعم.

ونقل موقع قناة السومرية نيوز المحلية عن مصادرها الأمنية قولها إن نور "قتل بثلاث رصاصات اخترقت جسده".

من هو نور بي أم دبليو؟

ويبلغ نور من العمر نحو 23 عاما، لكنه يثير الجدل منذ أعوام عدة بتصويره فيديوهات يضع فيها المكياج والشعر المستعار، ويرتدي الملابس النسائية.

ومؤخرا، ظهر نور في لقاء على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إنه "أفضل من ألف امرأة"، لكنه قال في آخر سابق إن "جنسه ذكر".

وأثارت فيديوهات نور خلال حياته الانقسام بشكل كبير، كما أن صوره التي ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره وهو يتردد على النوادي الليلية بشكل مستمر سواء في بغداد أو في إقليم كردستان، الأمر الذي كان يعرضه لانتقادات أيضا.

ويشهد العراق باستمرار مقتل ناشطين ومدونين وخبراء أمنيين، بالإضافة لمقتل مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأتى مقتل نور قبل أيام فقط من الذكرى السنوية الخامسة لمقتل الفنانة والبلوغر العراقية، تارة فارس، والتي قتلت بطريقة مشابهة، على يد سائق دراجة نارية.