أعمال بناء ميناء الفاو الكبير جنوب العراق
أعمال بناء ميناء الفاو الكبير جنوب العراق

ردت الكويت على الشكوى التي تقدم بها العراق لمجلس الأمن الدولي واتهم فيه الكويت "باتباع سياسة فرض الأمر الواقع من خلال إحداث تغييرات جغرافية في الحدود البحرية بين البلدين".

وقالت الكويت إنها وجهت دعوات ورسائل تحث فيها الجانب العراقي على البدء بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية منذ فترة طويلة، إلا إن الجانب العراقي لم يتجاوب.

وخلال اليومين الماضيين تصاعدت حدة التوتر داخل الأوساط العراقية والكويتية بشأن الخلاف وصدرت تصريحات من قوى سياسية في البلدين فيما بدى أن العلاقات تتجه للتصعيد.

"فيشت العيج"

وتدور نقطة الخلاف الحالي على منطقة صغيرة تدعى "فيشت العيج" قرب الحدود البحرية بين البلدين تقول الكويت إنها تقع داخل مياهها الإقليمية، لكن العراق يرى أنها موجودة على حدود بحرية لم يتم الاتفاق على عائديتها بعد.

وأصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانا الثلاثاء قالت فيه إن "هناك اختلافا قانونيا مع الكويت في تفسير مسألة تتعلق بالحدود البحرية بين البلدين، وهو في تفسير موقع حدودي نحن نسميه منصة والجانب الكويتي يسميه جزيرة بوصفها خط الأساس المعتمد في رسم الحدود البحرية بين البلدين في نقطة معينة بعد الدعامة 162".

وأشار البيان إلى أن هناك مفاوضات تجري بين البلدين حول وجهة النظر المحددة، وقد سبق للعراق أن أبدى اعتراضه على قيام حكومة الكويت بأي إنشاءات من جانب واحد".

وأضاف أن "الإجراء العراقي الأخير سبقه توجيه الكويت رسائل إلى الأمم المتحدة تتناول بيان موقفها بهذا الشأن؛ مما دفع العراق إلى إرسال رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن حول الموضوع لبيان التفسير القانوني للحالة".

وختم البيان "نحن نعتقد أن التفسير القانوني يصب لصالحنا".

وتعد المنطقة البحرية الواقعة بعد النقطة أو الدعامة 162 بحرا إقليميا لا تزال غير مرسمة بين العراق والكويت لغاية الآن.

الكويت ترد

من جانبها ردت الكويت الخميس على الشكوى العراقية المقدمة لمجلس الأمن عبر رسالة وجهها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي قال فيها إن منطقة "فيشت العيج" تقع داخل مياه الكويت الإقليمية.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن العتيبي قوله أن "منصة فشت العيج هي مساحة من الأرض متكونة طبيعيا فوق سطح الماء تقع في المياه الإقليمية للكويت وعليه فإن بناءها من الأمور التي تملك الكويت وحدها ممارستها لما لها من سيادة على إقليمها وبحرها الإقليمي".

وقال العتيبي في رسالته أن الغرض من إنشاء وتركيب منصة في فيشت العيج هو التأكد من سلامة الملاحة البحرية في خور عبدالله وتوفير الدعم لبرج ميناء الشويخ".

ودعا العتيبي إلى ضرورة "التفريق بين الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة والالتزامات الدولية على البلدين والبحر الإقليمي الذي لايزال غير مرسم".

وأضاف العتيبي أنه "لا توجد حاليا أي مشكلة نهائيا لا على الحدود البرية أو البحرية إلى حدود النقطة 162".

وأشار إلى أن "العراق ملتزم بقرارات مجلس الأمن والحدود المرسمة بين البلدين من قبل الأمم المتحدة".

وتابع العتيبي أن "مسألة ترسيم الحدود ما بعد نقطة 162 هي مسألة ثنائية بحتة وليست لها علاقة بالالتزامات الدولية على العراق الذي ينفذ التزاماته الدولية بالكامل".

خلاف متجدد

وتأتي هذه التطورات فيما يحاول البلدان تنفيذ إجراءات بنود اتفاقية خور عبد الله القائمة على ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين.

وكانت الحكومة العراقية أقرت في فبراير 2014 اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة في خور عبد الله المطل على الخليج، بعد جدل سياسي طويل بين البلدين استمر لأكثر من عامين.

موقع العمل في ميناء مبارك الكبير-أرشيف

وبدأت الأزمة بعد أن باشرت الكويت ببناء ميناء مبارك الكبير على مياه الخليج الأمر الذي رفضه العراقيون وقالوا إنه سيؤدي إلى اختزال جزء كبير من مياههم الإقليمية على الخليج.

ويرى خبراء عراقيون أن بناء الميناء سيؤدي إلى "خنق" المنفذ البحري الوحيد للعراق، لأنه سيتسبب في جعل الساحل الكويتي ممتدا على مسافة 500 كيلومتر، بينما يكون الساحل العراقي محصورا في مسافة 50 كيلومترا.

وكانت الكويت وضعت في أبريل 2011 حجر الأساس لبناء ميناء "مبارك الكبير" في جزيرة بوبيان التي تقع في أقصى شمال غرب الخليج، وتعد ثاني أكبر جزيرة في الخليج (890 كلم مربعا) بعد جزيرة قشم الإيرانية.

وقالت الكويت في حينه إن الميناء، الذي تبلغ تكلفته تبلغ حوالى مليار دولار، يهدف إلى جعل البلاد مركزا رئيسيا للنقل الإقليمي ومحطة مالية وتجارية عالمية.

ومن المقرر أن تصل عدد المراسي في الميناء إلى 60 وعمق القناة الملاحية ‘إلى 20 مترا وذلك بهدف اتساع نطاق استخدام الميناء واستيعابه للسفن ذات السعة والاحجام الكبيرة.

واعترض مسؤولون عراقيون في حينه على بناء الميناء "على اعتبار أن جزيرة بوبيان لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الممر المائي العراقي المؤدي إلى موانئه الأساسية في البصرة".

وتمثل محافظة البصرة (550 كيلومترا جنوب بغداد) المنفذ البحري الوحيد للعراق، وفيها خمسة موانئ تجارية وميناءان نفطيان.

وتعاني هذه الموانئ من محدودية طاقتها الاستيعابية، ويشكو بعضها من سوء التنظيم الإداري والفساد المالي، إضافة إلى انتشار الغوارق البحرية نتيجة الحروب المتكررة منذ العام 1980.

ووضعت وزارة النقل العراقية في أبريل 2010 حجر الأساس لمشروع ميناء "الفاو الكبير" بعدما صادق عليه مجلس الوزراء عام 2004 بتكلفة بلغت أربعة مليارات و400 مليون يورو، على أن يستمر العمل فيه حتى عام 2028.

وأعرب المسؤولون العراقيون حينها عن أملهم في أن يتصل الميناء الذي يقع قرب مدخل قناة شط العرب بخط للسكة الحديدية يربط الخليج العربي عبر الموانئ العراقية بشمال أوروبا من خلال تركيا، ويعتقد هؤلاء أن ميناء مبارك الكويتي سيؤثر سلبا على الخطوة العراقية هذه.

ملفات مازالت عالقة بين االبلدين منها الملاحة البحرية والمفقودين الكويتيين
ملفات مازالت عالقة بين االبلدين منها الملاحة البحرية والمفقودين الكويتيين

عقدت الولايات المتحدة والكويت الجولة السادسة من الحوار الاستراتيجي في الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2024.

وزارة الخارجية الأميركية قالت في بيان الجمعة، إن الحوار، الذي جرى عبر الإنترنت، أكد أهمية تعزيز الشراكة التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، والتزام واشنطن بأمن الكويت وتعزيز سبل التعاون في الدفاع، والأمن السيبراني، والتجارة والاستثمار، ومجالات أخرى.

وشدد البلدان بحسب البيان، على أهمية التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وخاصة قرار مجلس الأمن 833 بشأن ترسيم الحدود.

كما دعا الجانبان إلى الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق بعد علامة الحدود 162، بما يتماشى مع القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحر (1982).

وطلب الجانبان من بغداد ضمان استمرار سريان اتفاق الكويت-العراق لعام 2012 لتنظيم الملاحة البحرية في ميناء خور عبدالله.

وأوضح البيان إلى أن الطرفين دعما قرار مجلس الأمن 2732 لعام 2024، الذي يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تسهيل التقدم في القضايا العالقة بين الكويت والعراق، بما في ذلك إعادة المواطنين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى أو رفاتهم، وإعادة الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني.

وبحسب الخارجية الأميركية، تم التأكيد على دور الأمم المتحدة في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1284 ومعالجة القضايا غير المحسومة تحت إشراف مجلس الأمن.

بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" قالت إن الحكومة العراقية أبدت عزما قويا على إبقاء البلد خارج الصراع الإقليمي الآخذ في الاتساع.

وبشأن الملف الكويتي، دعا رئيس البعثة، محمد الحسان، خلال جلسة الإحاطة التي عقدها مجلس الأمن الدولي الجمعة،  العراق إلى بذل مزيد من الجهد للكشف عن وتحديد مواقع رفات المفقودين الكويتيين ومواطني الدول الأخرى وفق الآليات المتفق عليها.

وحثت البعثة أيضا على تسريع الخطى للبحث عن وتحديد وإعادة الممتلكات الكويتية المنهوبة بما في ذلك الأرشيف الوطني وطي هذه الصفحة بما يتيح للبلدين من الانتقال إلى مراحل عليا من التعاون، حسب البيان.

وإبان نظام الرئيس صدام حسين، اجتاح الجيش العراقي الكويت في الثاني من أغسطس 1990، وضم الدولة الصغيرة الغنية بالنفط إلى العراق، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد نحو 7 أشهر.

وإثر غزو الكويت، خضع العراق لحصار اقتصادي استمر 13 عاما، واضطر إلى دفع تعويضات حرب كبيرة للدولة الخليجية عبر الأمم المتحدة.

وأنهت بغداد بحلول العام 2021 دفع كامل التعويضات المترتبة عليها، أي أكثر من 52 مليار دولار، وذلك بعد أكثر من 30 عاما على غزو الكويت.

"خيارات" لحسم مشكلة الحدود البحرية بين العراق والكويت
عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون لموقع الحرة بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

وبشأن تطورات الأوضاع في المنطقة، أوضحت وزارة الخارجية الأميركية في بيانها أن الولايات المتحدة والكويت شددتا على التزامهما بحل القضية الفلسطينية بناءً على حل الدولتين، كما دعوا إلى وقف إطلاق النار الفوري في غزة، والإفراج عن المعتقلين والرهائن، وزيادة المساعدات الإنسانية، ودعم جميع الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق هذه الأهداف.

وفيما يتعلق بإيران، شدد الجانبان على أهمية خفض التصعيد في المنطقة، ودعوة إيران إلى وقف انتشار الأسلحة إلى الجهات غير الحكومية، والالتزام بمبادئ حسن الجوار، وحل النزاعات من خلال الحوار ووسائل سلمية، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإقليمية.

وكرر الجانبان دعوتهما لإيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف التوسع النووي الذي لا يملك مبررات مدنية موثوقة، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.