دعت كتلة سائرون في البرلمان العراقي، الحكومة إلى التخلي عن سياسة الصمت إزاء محاولة الحشد الشعبي بناء قدرات تضاهي قدرات الدولة، في إشارة إلى المعلومات التي تداولها كتاب رسمي صادر عن هيئة الحشد يقضي بتشكيل مديرية للقوة الجوية.
وقال رامي السكيني، النائب عن الكتلة التي يتزعمها رجل الدين الشيعي مقتدر الصدر، في تصريح لراديو سوا إن "عدم إبداء موقف رسمي حيال محاولات إضعاف الدولة أو الزج بها في الصراعات الإقليمية، يضع حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمام خيارين إما الاستقالة أو سحب الثقة عنها".
وأكد السكيني رفض القوى السياسية، ومنها سائرون، تشكيل جيوش رديفة للجيش العراقي الرسمي أو محاولة تحجيم دوره في حماية البلاد.
ولم يصدر عن الحكومة العراقية أي تعليق إزاء وثيقة نشرتها وسائل إعلام محلية تفيد بتشكيل مديرية للقوة الجوية تابعة لهيئة الحشد الشعبي يتولى إدارتها صلاح مهدي حنتوش بالوكالة.
وتسائل عضو كتلة سائرون البرلمانية رائد فهمي عن مصير قرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قبل أكثر من شهر، القاضي بدمج قوات الحشد ضمن المؤسسات الأمنية الرسمية كالدفاع والداخلية، في ظل إعلان الحشد تشكيل قوات جوية.
وكانت هيئة الحشد الشعبي قد نفت في بيان نشر على موقعها الرسمي الجمعة صحة المعلومات التي تحدثت عن تشكيل قوة جوية.
إلا أن المستشار في الحشد حسن البيضاني، قال لراديو سوا، إن "مديرية طيران الجيش موجودة منذ البداية ضمن تشكيلات الحشد ويديرها صلاح المكصوصي".
وأوضح أن "هذه المديرية مسؤولة عن الطائرات المسيرة والدفاعات الجوية وهي جزء من منظومة استخبارات الحشد"، مشيرا إلى أن "الحديث عن سعي الحشد لامتلاك طائرات حربية عار عن الصحة".
وأكد البيضاني امتلاك الحشد مئات الطائرات المسيرة المصنعة محليا، مضيفا أن العمل جار على تطوير ذلك النوع من الطائرات.
وبشأن التقارير التي تحدثت عن مفاتحة رئيس الحشد فالح الفياض للمسؤولين الروس بتزويد قواته بالدفاعات الجوية خلال زيارته الأخيرة لروسيا، قال البيضاني إن "الفياض ذهب إلى روسيا للحديث عن تزويد القوات المسلحة العراقية كافة بدفاعات جوية".
ويتزامن الحديث عن تشكيل قوة جوية للحشد الشعبي مع تعرض عدد من مقاره في الأسابيع الماضية إلى ضربات جوية متكررة، وسط تضارب المعلومات عن أسبابها.
ومن المعروف أن لدى الحشد الشعبي فصائل كثيرة موالية لإيران عقائديا وحتى إداريا من أمثال بدر وعصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله.
"النيران كانت تنزل على الأرض كالمطر" يصف أحد الناجين مشاهداته للحريق الذي طال حفل زفاف في بلدة قرقوش (بغديدا) في قضاء الحمدانية بالموصل شمالي العراق، الثلاثاء، وراح ضحيته حتى اللحظة نحو مئة شخص تفحمت جثثهم أو قضوا اختناقا نتيجة كثافة الدخان.
تحدثت آخر حصيلة غير نهائية نشرتها السلطات العراقية أن مئة شخص على الأقل قتلوا وأصيب 150 آخرون بجروح، فيما يتحدث شهود عيان لموقع "الحرة" أن العدد قابل للزيادة نتيجة استمرار سقوط ضحايا من المصابين وكذلك لوجود عدد من المفقودين.
في مساء اليوم المشؤوم وصل عامر أنطو ميخو، البالغ من العمر 58 عاما، إلى قاعة "ابن الهيثم" للأعراس مبكرا، مع عائلته المكونة من زوجته وولديه وابنته وزوجة ابنه وحفيدين اثنين.
"لحظة فارقة"
تمكن ميخو من الجلوس في مكان قريب جدا من منتصف القاعة، حيث بدأ الحريق، لكن أحد أبنائه تأخر قليلا ولم يجد مكانا حيث كانت تجلس عائلته.
لعبت الصدفة دورا مهما في بقاء أفراد العائلة على قيد الحياة وفقا لميخو، الذي روى لموقع "الحرة" ما حدث في ليلة الزفاف وكيف تمكن من النجاة.
عندما لم يجد الابن مكانا مع عائلته طلب منهم تغيير الطاولة إلى واحدة قريبة من المدخل الرئيسي حيث كانت هناك العديد من الأماكن الشاغرة.
وبالفعل استجاب ميخو لطلب ولده وكانت هذه اللحظة الفارقة التي ساهمت في نجاتهم جميعا.
يقول ميخو إنه "وبحلول حوالي الساعة العاشرة و45 دقيقة مساء بالتوقيت المحلي، وعندما كان العريسان يرقصان، انطلقت الألعاب النارية داخل القاعة وكنت أرى من بعيد ما يحصل بأم عيني".
"لم تمر سوى ثواني معدودة حتى وصلت شرارة من الألعاب النارية إلى السقف، وبلمح البصر اشتعلت النيران في الأعلى بسرعة كما يحصل عندما يشتعل البنزين".
وتابع ميخو "في البداية لم يهرب أحد من الحاضرين، وظنوا أن ما يجري هو جزء من عرض الألعاب النارية.. لكن عندما بدأت النيران تنزل على الأرض مثل المطر واحترق السقف بالكامل خلال أقل من 10 ثواني، خرجت أنا وزوجتي وابني وبعدها باقي أفراد الأسرة".
وأظهر مقطع مصور للحادث، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي اشتعال النار فجأة في ديكور السقف المضيء للقاعة الذي أتت عليه النيران، وسرعان ما تحولت بهجة العرس إلى ذعر.
كذلك أظهر مقطع آخر العروسين يرقصان معا بملابس الزفاف عندما بدأت مواد مشتعلة تسقط من السقف على الأرض.
كان في القاعة التي لم تكن مستوفية لشروط السلامة نحو 900 مدعوّ لحظة وقوع الحريق، وفق وزارة الداخلية.
نقص في أنظمة السلامة
يقول ميخو إنه وعائلته كانوا من أوائل الهاربين، "وبمجرد الخروج رأيت النار تشتعل فوق القاعة، وخلال أقل من دقيقة انتشر في كل مكان وفي نحو أربع دقائق كانت النيران تلتهم القاعة بالكامل".
لم يلحظ ميخو وجود سوى مطفأة واحدة ونظام ذاتي واحد لرش المياه عند الحرائق داخل القاعة، لكنه قال إنه لم يعمل ساعة الحادث".
بالإضافة لذلك يشير ميخو إلى أن القاعة كانت تحتوي على مدخل رئيسي ومخرج طوارئ بالقرب منه فضلا عن باب صغير يؤدي للخارج وآخر يمر عبر المطبخ.
وتابع "خرج البعض من المخرج الخلفي ومن المطبخ، لكن البعض اشتبه بين باب المطبخ ومدخل الحمامات نتيجة الظلام الدامس وانطفاء الكهرباء، فدخل الكثيرون هناك وظلوا محتجزين لفترة حتى ماتوا اختناقا".
بالإضافة إلى النقص في عدد مخارج الطوارئ، قال الدفاع المدني العراقي إن "معلومات أولية" تشير إلى أن سبب الحريق هو "استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف" ممّا أدى إلى "اشتعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر"، فضلاً عن استخدام مواد بناء "سريعة الاشتعال" و"مخالفة لتعليمات السلامة" المنصوص عليها قانونا، ما أسهم في زيادة شدة الحريق.
وأوقفت السلطات العراقية 14 شخصا "بينهم 10 عمال وصاحب القاعة و3 متورطين بإشعال الألعاب النارية خلال الحادث"، وفق وزارة الداخلية.
صباح الخميس، زار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستشفيين في المنطقة حيث يرقد المصابون الناجون وتعهد بـ"إنزال أقصى العقوبات" بحق المسؤولين عن المأساة.
خلال زيارته مطرانية مار بهنام وسارة في قضاء الحمدانية (بغديدا) بمحافظة نينوى، وتقديم العزاء لأسر ضحايا الحادث الأليم .... رئيس مجلس الوزراء @mohamedshia:
🔷أتقدم باسم الحكومة وجميع العراقيين بخالص التعازي والمواساة والتضامن مع أبناء شعبنا في قضاء الحمدانية، على إثر الحادث… pic.twitter.com/zA13jso8sx
ينأى الكثيرون باللائمة على الفساد والإهمال وجشع المسؤولين عن القاعة وكذلك تراخي الإجراءات الحكومية المتعلقة بمتابعة سلامة الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة.
يقول أحد سكان قرقوش، طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام، إن التقصير يبدأ من يوم إنشاء القاعة وليس من يوم الحادث.
ويضيف لموقع "الحرة" أن "بناءها كان خاطئا وعلى أرض متجاوزة، كما أنها لم تكن تحتوي على أية إجراءات سلامة من مرشات الماء الى مطافئ الحريق".
ويتابع أنه حضر في السابق مناسبة في القاعة ذاتها وكانت مكتظة بالحاضرين، حيث لاحظ أنها تحتوي "على مخرج طوارئ واحد من دون وجود أية علامة تشير له".
"السقف مبنى من مادة السندويتش بنل، وفي الداخل الديكورات كلها من البلاستك وبمجرد اندلاع الحريق تحولت لنيران وخاصة السقف".
وقال الدفاع المدني إن القاعة كانت "مغلفة بألواح الإيكوبوند" وهي مادة للبناء مكونة من الألمنيوم والبلاستيك و"سريعة الاشتعال"، موضحا أن استخدام هذه الألواح في البناء "مخالف لتعلميات السلامة" المنصوص عليها قانونا.
"ما جرى كان مرعبا"
تؤكد مصادر "الحرة" في قرقوش أن العروسين نجيا من الحريق، لكنهما مع ذلك فقدا الكثير من أفراد أسرتيهما.
وحتى الآن لا يزال العديد من أهالي المدينة المكلومة يتجمعون أمام بناية الطب العدلي لمعرفة مصير أحبائهم.
وبحسب شاهد عيان تحدث لموقع "الحرة" فإن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع "هناك أناس مفقودون لا يعرف مصيرهم هل هم أحياء أم موتى".
ويضيف الشاهد الذي طلب عدم الكشف عن هويته أنه "حتى دفن الآن ما يقرب من 55 شخصا وهناك نحو 60 جثة لا تزال في الطب العدلي".
ويتابع أن "الوفيات مستمرة، اليوم وأمس توفي نحو 7 أشخاص متأثرين بالحروق، وكذلك هناك عدد من الأشخاص توفوا نتيجة الصدمة بعد أن فقدوا معظم أفراد أسرتهم في الحريق".
على وقع الخوف والهلع، حصل تدافع بين المشاركين في حفل الزفاف ولم ينجح كثر منهم من الهرب في الوقت المناسب، خصوصا بسبب النقص بعدد مخارج الطوارئ.
ظلت النيران مشتعلة لفترة، حيث يؤكد شهود عيان أن رجال الإطفاء وصلوا بعد 30 دقيقة من بدء اندلاع الحريق.
يقول ميخو إن "البعض ممن كانوا يمتلكون بنية جسمانية ضعيفة تمكنوا من استخدام فتحات تهوية صغيرة جدا موجودة في المكان من أجل الهرب.. ما جرى كان مرعبا".