عبد الوهاب الساعدي خلال معارك تحرير الموصل
عبد الوهاب الساعدي خلال معارك تحرير الموصل

انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق خلال الـ24 ساعة الماضية بقضية إبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي من منصبه ونقله للعمل في وزارة الدفاع.

وأطلق ناشطون على فيسبوك وتويتر حملة للتضامن مع القائد العسكري العراقي المبعد تطالب بالتراجع عن القرار وتدعو إلى "إنصاف القادة الذين ساهموا في هزيمة تنظيم داعش".

 

وكان الساعدي قال في تصريح لراديو سوا الجمعة إن "رئيس الحكومة عادل عبد المهدي اصدر قرارا بنقله إلى وزارة الدفاع بناء على طلب من رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن طالب شغاتي".

وأكد الساعدي عدم امتثاله ورفضه للقرار، مضيفا أنه يفضل احالته للتقاعد بدلا من ذلك "باعتبار أن ذلك بمثابة إهانة له ولتاريخه العسكري".

فمن هو الساعدي؟

برز نجم عبد الوهاب الساعدي، المولود في مدينة الصدر ببغداد عام 1963، بعد عام 2014 إبان اجتياح تنظيم داعش لأراضي ثلاث محافظات عراقية هي الأنبار ونينوى وصلاح الدين.

الساعدي الذي حصل على شهادة التربية في اختصاص الفيزياء، تخرج من الكلية العسكرية العراقية عام 1985.

دخل الساعدي كلية الأركان وتخرج منها عام 1996 برتبة رائد ركن وكان من العشرة الأوائل ثم بعدها دخل كلية القيادة، وعندما وصل لرتبة عقيد دخل كلية الحرب ليتخرج ضابط حرب، واستمر في دراسته العسكرية حتى أكمل الماجستير في العلوم العسكرية.

وبعد سقوط محافظة الأنبار بيد تنظيم داعش تم تكليف الساعدي بقيادة قوة من جهاز مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة في وزارة الداخلية وتمكن خلال فترة وجيزة من تحرير عدة مناطق في جنوب الرمادي مركز محافظة الأنبار.

بعد تحقيقه النجاحات في الأنبار صدر أمر بتعيين الساعدي قائدا لعمليات صلاح الدين لينجح في فك الحصار الذي فرضه تنظيم داعش لمدة خمسة أشهر على مصفى بيجي، أكبر المصافي النفطية في العراق.

أصيب عبد الوهاب الساعدي بجروح خلال المعارك في بيجي، ليبتعد عدة أشهر ويرقد في أحد مستشفيات بغداد حتى تماثل للشفاء.

"المجاميع الجوالة"

عاد الساعدي مرة أخرى ليقود هذه المرة معارك تحرير محافظة صلاح الدين وتمكن خلال شهرين من اقتحام المراكز الرئيسية التي كان يتحصن فيها تنظيم داعش مثل مجمع القصور الرئاسية وجامعة تكريت وإعلان تحرير المدينة من سيطرة التنظيم في مارس 2015.

ويقول الخبير الأمني هشام الهاشمي لموقع الحرة إن "ما يميز عبد الوهاب الساعدي انه كان يتقدم المعارك مع الجنود بشخصه، بينما باقي القادة والضباط الكبار كانوا يبقون في مواقع خلفية ولا يتواجدون الا بعد نهاية المعركة".

ويضيف أن "ما يحسب للساعدي ابتداعه طريقة القتال بواسطة المجاميع الجوالة وهي عبارة عن مجاميع صغيرة من الجنود تقوم بملاحقة فلول تنظيم داعش من بيت الى آخر".

بعد نحو سنة على تحرير تكريت أسندت مهمة تحرير الفلوجة، أحد أهم معاقل تنظيم داعش في العراق في حينه، للفريق الساعدي الذي قاد قوات مشتركة من الجيش والشرطة ومكافحة الإرهاب.

وفي حينه كانت توقعات الخبراء العسكريين أن تستغرق المعركة أكثر من سبعة أشهر نظرا لامتلاك تنظيم داعش الاف المقاتلين في الفلوجة، لكن القوات العراقية نجحت في تحرير المدينة خلال شهرين فقط واعتبرت المعركة في حينه من انجح المعارك ضد تنظيم داعش نظرا لقلة الخسائر البشرية والمادية التي رافقتها.

بعد معركة الفلوجة حظي عبد الوهاب الساعدي بشعبية واسعة على الصعيدين المحلي والدولي.

كما كان لتواجده الدائم في خطوط القتال الأمامية من دون أن يرتدي خوذة رأس أو درعا للحماية الأثر الكبير في رفع معنويات مقاتليه حتى باتت صوره ومقاطع الفيديو متداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

المعركة الفاصلة

في عام 2016 قادة الساعدي عمليات تحرير الموصل آخر معاقل تنظيم داعش في العراق، وأسندت مهمة تحرير المحور الشرقي للمدينة إلى الساعدي، حيث تمكن خلال فترة قصيرة من تحرير أحياء كوكجلي والسماح والانتصار و المحاربين والقادسية الأولى والثانية وجامعة الموصل.

وبعد نحو سبعة أشهر نجحت القوات العراقية في رفع العلم العراقي على انقاض جامع النوري في المدينة القديمة.

وتصدر مشهد الطفلة العراقية التي كانت تبحث عن الساعدي أثناء محاولتها الهرب من المدينة القديمة تغطيات وسائل الاعلام في حينه، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية الطفلة وهي تبحث عن الساعدي في محاولة منها لاحتضانه وتقديم الشكر له على تحرير المدينة من داعش.

وعلى الرغم من إعلان النصر على تنظيم داعش في العراق، استمر الساعدي في قيادة قوات مكافحة الإرهاب لملاحقة خلايا التنظيم وكانت آخر عملياته "التراب الأسود" التي اطلقتها القوات العراقية في سبتمبر وشاركت فيها طائرات التحالف الدولي بعمليات قصف على ما عرفت فيما بعد باسم "جزيرة داعش الموبوءة".

البنتاغون ذكر أن تهديد داعش لا يختفي بل "يتغير ويتكيف"
البنتاغون ذكر أن تهديد داعش لا يختفي بل "يتغير ويتكيف"

كشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش،  آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الخميس، إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.

واجتاح تنظيم داعش مناطق شاسعة في العراق وسوريا، عام 2014،  مهددا ملايين الناس في الشرق الأوسط بأساليب همجية تتبنى القتل والاغتصاب والإبادة الجماعية.

التقرير أشار إلى أن داعش كان يختلف عن غيره من الجماعات الإرهابية، اذ كان يدعي "الحكم بالخلافة في الشرق الأوسط" وإزالة الأشخاص الذين لا يؤمنون بنهجهم. وبسبب ذلك ارتكب التنظيم جرائم إبادة جماعية ضد الإيزيديين في العراق أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 5000 شخص.

واليوم، تم تحرير الأراضي الشاسعة التي كانت خاضعة لداعش، وذلك بفضل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي أرسى طريقة جديدة وفعالة لمواجهة هذه التهديد العالمي.

وقال  ماتني: "أعتقد أنه إذا تعلمنا أي شيء خلال السنوات العشر الماضية، يمكنني القول إن هذا التهديد لا يختفي بل يتغير ويتكيف".

 وأضاف أن "التحالف الآن في  مرحلة طبيعية وصحية حيث يتكيف هو أيضا مع هذه التطورات." بحسب تعبيره.

ويذكر التقرير أنه على مدى العقد الماضي، تطور التحالف من أنشطة استعادة الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة داعش، إلى "تتبع تحركات التنظيم القادمة"، وقال ماتني إن "جماعات مثل داعش تقيّم باستمرار نقاط قوتها وضعفها وتحاول الاستفادة منها، ونحن ايضا نفعل الشيء ذاته." على حد قوله.

وقال ماتني إن التنظيم مثل غيره من الجماعات الإرهابية "يريد منا أن نبالغ في رد الفعل أو نتصرف بطريقة يصعب الحفاظ عليها استراتيجياً، وهو يريد منا أن نستخدم الكثير من الموارد، حتى لا تستطيع الدول لوحدها مواجة تهديداته".

وأشار  إلى الاستراتيجية التي يعتمدها التحالف الدولي تحولت من تنفيذ عمليات عسكرية على الأرض إلى تبادل المعلومات الاستخبارية، موضحا أن استراتيجية هزيمة داعش، تركز أيضا على توزيع العبء بين دول التحالف بشأن التدريب في مجال مكافحة الإرهاب.

الانسحاب الأميركي من العراق .. تباين في المواقف ومخاوف من التبعات
تباين واضح في الخطاب الرسمي الأميركي والعراقي بشأن انسحاب القوات الاميركية، فالسلطات العراقية تؤكد عدم حاجتها لتلك القوات في حين أشارت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوفسكي، إلى أن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

وبشأن العراق، قال  ماتني إن العراقيين "متمرسون للغاية الآن في عمليات مكافحة الإرهاب وأصبحوا شركاء مهرة حقاً، مضيفا أن لدى التحالف الدولي "شركاء محليون في سوريا يتمتعون بمهارات عالية وقدرات كبيرة."

وبسبب النجاحات التي حققها التحالف الدولي، يواجه تنظيم داعش حاليا صعوبة أكبر في العمل في العراق وسوريا، وبالتالي هو يحاول الان العمل في غرب أفريقيا، والصومال، وأفغانستان، وجنوب شرق آسيا. 

وأوضح المسؤول الأميركي أن التنظيم في هذه المناطق يعتمد أسلوبه الغامض فهو ""يتسرب مرة أخرى إلى أماكن يصعب العثور عليها، مما يتطلب أساليب مختلفة لملاحقته، والتحالف الدولي يتكيف الان مع هذه التغييرات"، على حد قوله.

وتحدث ماتني عن مزايا التحالف الدولي، مشيرا إلى أنه رغم عدم وجود حضور "أميركي" في بعض المناطق مثل افغانستان وغرب أفريقيا، لكنه أوةضح أن هذا التحالف المكون من 87 شريكا، كفيل بالمساعدة في تلبية الاحتياجات، وهنا تمكن قوة هذا التحالف، بحسب تعبيره.

ووصف ماتني التحالف الدولي بأنه "منظمة متعددة الأطراف وفريدة من نوعها" ويعتمد مبدأ المرونة والسرعة في اتخاذ القرارات وهو كان السبب في نجاحه، فالتحالف، كما يقول، يعتبر من "المنظمات المتعددة الأطراف القائمة على التوافق"، نقلا عن التقرير الذي نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية.