شبان عراقيون يراقبون حشود المحتجين تتدفق على ساحة التحرير وسط بغداد
شبان عراقيون يراقبون حشود المحتجين تتدفق على ساحة التحرير وسط بغداد

انطلقت التظاهرات في العراق منذ مطلع أكتوبر الماضي ويصادف الجمعة مرور شهر على خروج العراقيين احتجاجا على الفساد والبطالة وتدهور الخدمات العامة والمطالبة بإسقاط النظام.

وشهدت الاحتجاجات موجتان، الأولى استمرت لنحو أسبوع وسقط خلالها أكثر من 150 قتيلا، فيما انطلقت الثانية في 24 أكتوبر ولا تزال متواصلة لغاية اليوم على الرغم من استمرار عمليات القمع بحق المتظاهرين، حيث سقط 100 قتيل وأصيب مئات آخرون.

وفي ما يلي تذكير بالأحداث التي شهدها العراق منذ الأول من أكتوبر.

تجمعات عفوية

في 1 أكتوبر، تظاهر أكثر من ألف شخص في شوارع بغداد وعدة مدن في جنوب العراق.

وانطلقت أول تظاهرة حاشدة ضد حكومة عبد المهدي بعد نحو عام من تشكيلها إثر دعوة على شبكات التواصل الاجتماعي.

جانب من الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في المنطقة الواقعة بين ساحة التحرير والمنطقة الخضراء في بغداد بتاريخ 1 أكتوبر 2019

وتجمع المتظاهرون في ساحة التحرير بالعاصمة، في حراك بدا عفويا بينما لم تصدر دعوة صريحة من أي جهة سياسية أو دينية للتظاهر.

وفرقت شرطة مكافحة الشغب الحشود باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي قبل استخدام الرصاص الحي.

نددت وزارة الداخلية بـ"مندسين" تغلغلوا بين المتظاهرين سعيا إلى "نشر العنف".

وقال الرئيس العراقي برهم صالح إن "التظاهر السلمي" هو "حق دستوري".

اتساع رقعة التظاهرات

في 2 أكتوبر، انتشرت التظاهرات في أنحاء جنوب العراق مع مشاركة الآلاف، وحاولت الشرطة تفريق الحشود عبر إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي.

وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الرصاص الحي خلال التظاهرات التي خرجت في بغداد وفي مدينتي النجف والناصرية جنوب العراق.

ولاحقا، دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنصاره إلى تنظيم "اعتصامات سلميّة" و"إضراب عام"، أما السلطات، ففرضت حظراً للتجول في بغداد وعدة مدن أخرى.

مواجهات في بغداد

في 3 أكتوبر، وقعت صدامات عنيفة عندما تحدى آلاف المتظاهرين حظر التجول وخرجوا في تظاهرات في بغداد ومدن جنوبية.

وفي العاصمة، أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء وعلى الأرض من رشاشات مثبتة على مركبات عسكرية.

وأغلقت الحشود الشوارع وأشعلت الإطارات أمام مقار حكومية في عدة مدن بينها ميسان والنجف والبصرة وواسط وبابل.

وقطعت خدمة الإنترنت عن غالبية من مناطق البلاد في إجراء اعتبرته منظمات حقوقية متعمدا لمنع تغطية الاحتجاجات.

وفي أول خطاب منذ بدء الاحتجاجات، دافع عبد المهدي عن منجزات حكومته وطلب منحها مزيدا من الوقت لتطبيق أجندة الإصلاحات، وحذر من أن الأزمة الحالية قد "تدمر الدولة برمتها".

دعم من السيستاني

في 4 أكتوبر، اتهمت قوات الأمن "قناصة مجهولين" بإطلاق النار على المتظاهرين وعناصرها في بغداد.

والجمعة، أكد المرجع الديني الشيعي الأبرز آية الله علي السيستاني دعمه مطالب المتظاهرين.

ودعا مقتدى الصدر الحكومة إلى الاستقالة وإلى اجراء "انتخابات مبكرة تحت إشراف الأمم المتحدة".

تدابير اجتماعية

في الخامس من الشهر، فرقت قوات الأمن تجمعا كبيرا في العاصمة، حيث تم رفع حظر التجول، بينما واجه المتظاهرون الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع.

في السادس منه، أعلنت الحكومة عن تدابير اجتماعية تتراوح ما بين مشاريع إسكان ومساعدات إلى الشباب العاطل عن العمل.

في السابع من الشهر، أقر الجيش بـ"الاستخدام المفرط للقوة" في الاشتباكات مع المحتجين في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية حيث قتل 13 شخصا.

واتهم المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي "الأعداء" بـ"زرع الفتنة" بين طهران وبغداد.

وأعلن الحشد الشعبي أنه مستعد للتدخل لمنع "انقلاب" إذا أمرت الحكومة بذلك.

ودعا الرئيس صالح القوى السياسية إلى "الحوار" دون "تدخل من الخارج".

الجلسة الأولى للبرلمان

في الثامن من الشهر، بعد ليلة هادئة في بغداد، تم رفع القيود الأمنية حول المنطقة الخضراء. وشارك أكثر من 200 نائب في جلسة استثنائية، هي الأولى منذ بداية الاحتجاجات.

وأجرى عبد المهدي عدة اجتماعات مع رئيس البرلمان ووزرائه وشيوخ العشائر والسلطات القضائية.

الحصيلة بلغت 157 قتيلا

في 20 أكتوبر أعطى الصدر لمناصريه الضوء الأخضر لاستئناف الاحتجاجات. ووجهت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة في تظاهرات في 25 أكتوبر، في ذكرى تشكيل حكومة عبد المهدي.

في 22 أكتوبر كشف تحقيق رسمي أن حصيلة قتلى أسبوع من التظاهرات بلغت 157 قتيلا، غالبيتهم قتلوا في بغداد، وعلى إثر ذلك أعلنت الحكومة إقالة عدد من القادة الأمنيين.

موجة تظاهرات جديدة

في 24 أكتوبر تجددت التظاهرات حيث نزل المئات إلى شوارع بغداد وشهدت مدينتا الديوانية والناصرية في جنوب العراق تحركات احتجاجية.

في 25 منه شارك الآلاف في التحركات الاحتجاجية وقد احتشدوا قرب المنطقة الخضراء في بغداد.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لإجبار المتظاهرين على التراجع وقتل شخصان.

وفي مدينة العمارة في جنوب البلاد قتل محتجون لدى محاولتهم مهاجمة مقر لميليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، أحد أبرز فصائل "قوات الحشد الشعبي".

وقتل 11 متظاهرا حرقا بعد إضرام النار بمقر منظمة بدر، المدعومة من إيران في مدينة الديوانية بجنوب العراق.

وفي الناصرية حيث أحرق المحتجون مبنى محافظة ذي قار كانت حصيلة القتلى أكبر.

ومساء أعلنت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان أن الحصيلة بلغت 24 قتيلا في صفوف المحتجين في بغداد وجنوب البلاد.

وليل الخميس الجمعة، وجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خطابا إلى الأمة دافع فيه عن إنجازاته، واتهم أسلافه بأنهم سلموه دولة ذات اقتصاد مستنزف وأمن هش.

استمرار مسلسل القتل

في 26 من أكتوبر أفادت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان بأن حصيلة يومين من الاحتجاجات المناهضة للحكومة ارتفعت إلى 63 قتيلا ومئات الجرحى، أغلبها نتجية صدامات بين المحتجين وعناصر حمايات مقار لأحزاب وميليشيات موالية لإيران.

واستمرت الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد في 27 أكتوبر على الرغم من موجة العنف ضد المتظاهرين، وشاركت فيها أعداد كبيرة من النساء والطلاب.

وأعلن أربعة نواب عراقيين استقالتهم من البرلمان، فيما ارتفعت حصيلة قتلى الاحتجاجات إلى 70 شخصا معظمهم قضوا نتيجة إصابات بالرأس بقنابل مسيلة للدموع أو رصاص حي.

وخلال النهار تجددت التظاهرات جنوباً في النجف والحلة وكربلاء والديوانية، فيما تم إعلان حظر للتجول في مدينة البصرة.

في 28 أكتوبر أعلنت السلطات حظرا للتجوال في بغداد، بعد مقتل خمسة متظاهرين.

لكن آلاف العراقيين خرجوا منتصف ليل الاثنين الثلاثاء سيرا وبسياراتهم، مطلقين العنان للأبواق والأناشيد، في كسر لحظر التجول وتحد للسلطات رافعين شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ووقف التدخل الإيراني في العراق.

وشهدت كربلاء ليلة دامية بعد مقتل عدد من المحتجين برصاص قوات الأمن، حيث تحدث ناشطون ووسائل اعلام غربية عن عمليات دهس واطلاق نار حي تسبب بمقتل ما لا يقل عن 14 شخصا، وهو ما نفته السلطات.

عودة الصدر للواجهة

في 29 أكتوبر اتسعت دائرة الاحتجاجات بتظاهرات طلابية واعتصامات في جنوب البلاد، فيما أعلنت نقابة المعلمين والمحامين اضرابا عن العمل.

كما انضم رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر إلى آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة في مدينة النجف قادما من إيران.

في 30 من الشهر ذاته أعلنت المفوضية العراقية الحكومية لحقوق الإنسان ارتفاع حصيلة ضحايا الاحتجاجات إلى 100 شخص على الأقل وإصابة 5500 آخرين بجروح.

استعداد عبد المهدي للاستقالة

اقترح عبد المهدي الاستقالة في حال اتفاق الكتل السياسية على رئيس وزراء جديد، وخرج الرئيس صالح بخطاب تضمن وعودا بإجراء انتخابات مبكرة وسن قوانين جديدة لم يقتنع بها المحتجون.

غرد خامنئي وتحدث عن وجود "مخططات من الأعداء لإثارة الفوضى وتقويض الأمن في بعض دول المنطقة" مثل العراق ولبنان.

وعلى الفور جاء الرد من ساحة التحرير، بعد أن قام محتجون غاضبون بضرب صورة للمرشد الأعلى الإيراني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني "بالنعال" مرددين هتافات مناوئة لإيران.

العواصف الترابية في العراق

بالنسبة للعراق، هذا عام العواصف الترابية، يقول خبير بيئي. 

في منتصف أبريل غصت مدن في الوسط والجنوب، بعاصفة رملية هي الأشد تاريخ العراق الحديث.

أكثر من 3700 شخص عانوا من حالات اختناق، وفقا لإحصاءات رسمية.

العاصفة، التي انطلقت من صحراء السعودية، صبغت السماء باللون البرتقالي، وشلت حركة السير إذ تقلصت معها الرؤية إلى أقل من 50 مترا، فأجبرت السلطات على إغلاق مطارات رئيسية في عدد من المدن. 

وتعزو تقارير منظمات دولية، تفاقم تأثير التغير المناخي في العراق إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة، حيث تتجاوز موجات الحر الصيفية عادة 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت)؛ وإلى نقص في المياه، انخفض معه نصيب الفرد من الموارد المائية إلى 55 متر مكعب سنويا، مقارنة بأكثر من 2000 متر مكعب قبل نحو عقدين.

ومن بين الأسباب جفاف شريان الحياة - دجلة والفرات - في بلاد ما بين النهرين، وتحولهما إلى ما يشبه مجاري مائية ملوثة.

ويدعو خبراء بيئة عراقيون السلطات إلى التحرك سريعا لوقف زحف الصحراء الحثيث نحو المدن. ويحذرون من تأثير العواصف على حياة المواطنين اليومية.

يتوقع، عمر عبد اللطيف، عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص بشؤون البيئة، ازدياد العواصف الغبارية، هذا العام، لقلة هطول الأمطار. ورجح أن يشهد العراق بين 150 و 200 يوم مغبر خلال العام الجاري.

يقول عبداللطيف إن الخطط الحكومية لمواجهة تغير المناخ "بطيئة جدا". ويصف، في حديث لـ"الحرة"، تغيُّرات المناخ في العراق بأنها "سريعة جدا". 

ويضيف أن وزارة البيئة والوزارات المعنية لم تتعامل بجدية مع ظاهرة التغير المناخي منذ البداية، "ومازال تنفيذ الخطط الخاصة باحتواء أزمة التغير المناخي في العراق بطيئا".

ويلفت عبداللطيف إلى عامل آخر "خطير" من العوامل المسببة للعواصف.

"استنزاف خزين المياه الجوفية،" يوضح عبد اللطيف، "فإن كثيرين بدأوا باستخدام المياه الجوفية في الزراعة مطمئنين جدا، دون معرفتهم أنهم يستنزفون خزين البلاد من المياه".

وارتفعت درجات الحرارة بمقدار 5 درجات، وفقا للخبير البيئي، في البصرة وفي المحافظات الجنوبية خلال الأعوام القليلة الماضية.

وهناك احتمال تسجيل ارتفاع جديد لدرجات الحرارة خلال العام الحالي والأعوام القادمة، ما سيؤدي إلى تبخر كميات أكبر من المياه ما يعني مزيدا من الأضرار على القطاع الزراعي والحياة عموما، خصوصا في المناطق الجنوبية من البلاد.

ويقول المتحدث باسم وزارة البيئة العراقية، لؤي المختار، في حديث لوكالة الانباء العراقية الرسمية، في 12 أبريل، إن "معظم العواصف الترابية تأتي من خارج الحدود بنسبة 50% الى 60%، وجزء منها يتكون داخل الحدود".

واستبعد المختار حصول عواصف ترابية كثيرة هذا العام، "وحتى إذا هبت فلن تكون تأثيراتها حادة أو شديدة، إثر الرطوبة وهطول بعض الأمطار في الأشهر الأخيرة من الربيع الحالي".

وكانت الدائرة الفنية في وزارة البيئة، قد أعلنت في بيان عام 2022 عن خطة تتضمن جملة من الحلول التي كان يجب القيام بها لتفادي تأثير العواصف الترابية.

وتضمنت الخطة زيادة مساحة الغطاء النباتي، وإنشاء الغابات التي تكون مصدات للرياح من أشجار مناسبة قوية الجذوع وسريعة النمو وقليلة الحاجة للمياه وتتحمل درجات حرارة مرتفعة.

وقالت، حينها، إن هذه الحلول تتطلب أولا إجراء دراسة تتضمن تحديد نوع العواصف الترابية ومواقع اختلال الضغط الجوي ونوع الأشجار. 

وقالت الدائرة الفنية في وزارة البيئة، في بيانها عام 2022، إنها كانت بصدد البحث في إمكانية تخصيص مبلغ 100 مليون دولار كمرحلة أولى لمشروع الحزام الأخضر، ودراسة استخدام مياه المجاري لسقي الأشجار غير المثمرة.

ولمعرفة  آخر التطورات في تنفيذ تلك الخطة، اتصل موقع "الحرة" بالمتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، لكنه لم يجب على أي من أسئلة الموقع.

ويشير الصحفي المختص في قضايا المناخ، مرتضى حميد، إلى أن المناطق الجنوبية من العراق هي الأكثر تضررا جراء تغير المناخ.

ويوضح حميد لـ"الحرة" أن "انخفاض مناسيب المياه أثر على واقع التربة وقلص الزراعة في مدن جنوب العراق، ووصلت نسبة تقليص المساحات الزراعية إلى نحو 50% مقارنة بالخطط الزراعية السابقة. وانحسرت مستويات مياه الأهوار، الأمر الذي دفع السكان المحليين، الذين كانوا يمارسون المهن التراثية ويحافظون عليها، إلى النزوح والهجرة، فضلا عن فقدان هذه المناطق نسبة كبيرة من ثروتها الحيوانية أيضا".

فقدت محافظة ذي قار الجنوبية وحدها ما يقرب من 8000 رأس من الجاموس، هلكت بسبب الجفاف وانخفاض مناسيب مياه الأهوار، وفقا لحميد.

وأدى الجفاف إلى اختفاء العديد من أنواع السمك، وشحة عدد آخر منها كأسماك البني والقطان.

واختفت من "طبيعة جنوب العراق" أنواع من الطيور المائية. ويلفت حميد إلى أن نحو 20 نوعا من الطيور المهاجرة من سيبيريا ومناطق شرق آسيا، كانت تهاجر إلى الأهوار في الربيع سنويا، لم تعد تأتي الآن.

ويعتبر العراق، وفق الأمم المتحدة، خامس البلدان الأكثر تعرضا للتدهور المناخي عالميا، نظراً للظواهر المناخية العنيفة التي تعصف به منذ نحو عشر سنوات.

وأشارت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن العراق شهد عام 2021 ثاني أكثر مواسمه جفافاً منذ 40 عاماً، بسبب الانخفاض القياسي في هطول الأمطار. 

وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، انخفضت، بنحو 40%، تدفقات المياه في نهري الفرات ودجلة، اللذين يوفران نحو 98% من المياه السطحية في العراق.

ويعزو خبير الإستراتيجيات والسياسات المائية عضو هيئة التدريس في جامعة دهوك، رمضان حمزة، أسباب تعمق مظاهر التغير المناخي ومن ضمنها ازدياد العواصف الترابية، إلى سوء إدارة الموارد المائية والاستمرار في اتباع الطرق التقليدية في الزراعة التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وانعدام الغطاء الأخضر، وعدم التوسع في الزراعة سواء في زراعة النخيل أو الزراعات الأخرى، وعدم إنشاء الأحزمة الخضراء التي تقلل من العواصف الغبارية.

ويؤكد حمزة على أن عدم تعامل العراق - ودول المنطقة - مع هذه العوامل بشكل جدي، تسبب في زيادة تأثيرات تغير المناخ في العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط المعرضة لتغير المناخ بشكل خاص.

ويتوقع حمزة في حديثه مع لـ"الحرة" أن يشهد العراق مزيدا من العواصف، وتتكرر بزيادة، لأن زيادة رقعة التصحر في المنطقة يؤدي إلى زيادة في تردد العواصف الترابية بشكل عام".

وبحسب حمز، يتطلب الحد من تأثيرات تغير المناخ في العراق جملة من الإجراءات والخطوات، تأتي في مقدمتها إدارة الموارد المائية والبدء بزراعة البادية الغربية على الأقل بالأعلاف وتوفير المياه لها من مياه البزل الموجودة من بعض الآبار في المنطقة وسدود الحصاد المائي.

ويتابع "هذه الخطوات ستساعد في زراعة البادية الغربية من العراق بشكل مكثف وإدارة الموارد المائية للاستفادة من الزراعات الموجودة. حاليا هناك تجربة للعتبتين الحسينية والعباسية وتوسعهما في الزراعة في محافظة كربلاء وسط العراق".

لكن حمزة يحذر في الوقت ذاته من أن هذه المشاريع قد تشكل استنزافا للمياه الجوفية، مشيرا إلى أن العراق بحاجة إلى إدارة أو موازنة مائية دقيقة، تحصي كميات المياه الداخلة إلى البلاد والمياه السطحية والمياه الجوفية، إلى جانب معالجة مياه الصرف الصحي الخارجة من المدن واستخدامها في الزراعة خاصة زراعة الأشجار غير المثمرة كسقي الأحزمة الخضراء والأعلاف وغيرها.

ويلفت خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية إلى أن العراق لم يكن جادا في المعالجة، وإنما تعامل معها شكليا مثل حضور المؤتمرات والادلاء بتصريحات دون وجود معالجة حقيقة.

"لهذا ستكون الكارثة أكبر ولن يكون بالإمكان تحمل تداعياتها".

"بدأ العراق بتصفير الخزين الاستراتيجي للسدود للاستفادة منه لرية الفطام لمحصولي القمح والشعير". ويحذر حمزة من أن موسم الصيف المقبل سيكون صعبا جدا على العراقيين من ناحية ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الغبارية وقلة المياه".

وفي تقرير نشرته منظمة الهجرة الدولية (IOM) في نوفمبر 2023 على موقها، قال رئيس بعثة المنظمة في العراق، جيورجي جيغاوري، إن "تغير المناخ في العراق ليس مجرد مشكلة بيئية. ومن المحتمل أن تتحول إلى أزمة إنسانية. فهو يغذي الاستغلال ويساهم في التنقل القسري".

ووفق التقرير سجل برنامج المنظمة الدولية للهجرة لتتبع حالات الطوارئ المناخية في العراق، نزوح أكثر من 130,000 شخص بين الأعوام 2016 و2023 بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ في مناطقهم الأصلية. 

وأشارت المنظمة إلى هجرة سكان 10 مناطق في قضاءي الناصرية وسوق الشيوخ في محافظة ذي قار الجنوبية بالكامل.

ولفت إلى أن ازدياد موجات الهجرة من الريف إلى الحضر تأتي استجابة للتدهور البيئي والمخاطر الطبيعية بمعدل ينذر بالخطر، حيث تبحث الأسر عن عمل في المناطق الحضرية أو تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل في المدن للتغلب على فقدان الدخل.