محتجون ضد الحكومة العراقية خلال مظاهرة في النجف
محتجون ضد الحكومة العراقية خلال مظاهرة في النجف

دعا رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي إلى توقف المتظاهرين عن قطع الطرق للمساهمة في تحقيق الإصلاحات، محذرا من أن "بعض المخربين يرتدون ملابس عسكرية لدفع القوات الأمنية للاشتباك مع المتظاهرين"، ما تسبب بفرض "الأمن والحماية دون التمييز بين المتظاهرين والمخربين".

وأكد عبد المهدي بأن  "البعض اتخذ التظاهرات درعا بشريا لأغراض التخريب، وأن حرق المنازل والتخريب لا يمكن ان يحسب على حق التظاهر السلمي.

شدد عبد المهدي على ضرورة "الذهاب إلى تحقيق المطالب المشروعة سياسيا واقتصاديا وخدميا". وأضاف أن "حرق المنازل والتخريب لا يمكن أن يحسب على حق التظاهر السلمي ، وأن الدعوة لمنع الدراسة عمل غير صحيح، فلا يمكن تعطيل حق التعليم، ولا يمكن تعطيل قطاعات التعليم والصحة تحت أي ظرف".

وتابع عبد المهدي أن "هنالك وسائل متعددة للتعبير عن الرأي دون تعطيل الحياة، وأن تعطيل القطاع النفطي يلحق اضرارا بالغة بالبلاد والمواطنين، وأنه لايمكن اللجوء للاستدانة مرة أخرى في حال تعطل قطاع النفط، وأن العراق مطالب بتسديد ديونه للخارج وفق توقيتات زمنية لا يمكن الإخلال بها".

وقال عبد المهدي إن المظاهرات التي تجتاح العراق منذ مطلع الشهر الماضي واشتدت حدتها في الأيام الأخيرة، تجري في الاتجاه الصحيح وتسعى لمعالجة تراكمات منذ سنوات، مشددا على أن إجراء تعديلات دستورية قد يساهم في تغيير سياسي. 

وأضاف أن "مجلس الوزراء قدم تعديلا لانتخابات مجالس المحافظات يرمي لانصاف المستقلين"، فيما اعتبر أن "ضغط التظاهرات قاد إلى قبول مشاريع مؤجلة وتم تمريرها بسهولة".

وأكد عبد المهدي في مؤتمر صحافي بأن بلاده "تعاني من حالة احتقان"، وقال: "ورثنا أخطاء متراكمة منذ عام 2003"، واصفا الحلول السابقة بأنها كانت "ترقيعية".

ويرغب المتظاهرون في إنهاء النظام السياسي القائم منذ عام 2003 الذي يقولون إنه يعج بالفساد وفشل في توفير الخدمات الأساسية.وقال: "لا نستخدم النار، نستخدم أبسط الوسائل. دول أخرى تستخدم وسائل أقسى بكثير مما نستخدم ومع ذلك نحن نلام".

وتابع عبد المهدي قائلا: "لدينا نقطة تأسيس واضحة وهي وجود آليات لإجراء تعديلات دستورية للتمكن من إجراء تعديلات سياسية". وأردف أن "التعديل الدستوري قد يوصي بتغيير طبيعة النظام السياسي في العراق". 

ويشهد العراق منذ مطلع أكتوبر موجة احتجاجات غير مسبوقة ضد الحكومة تخللتها اشتباكات وعمليات قمع دامية من قبل قوات الأمن ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 260 شخص وإصابة المئات.

كما أصدرت الأمم المتحدة الثلاثاء تقريرا استنكرت فيه مقتل 97 شخصا خلال الأيام العشرة الأخيرة. 

مقاتلون من المعارضة في ريف حمص.
مقاتلون من المعارضة في ريف حمص. Reuters

يكتنف الغموض حول مشاركة المليشيات العراقية الموالية لإيران في الحرب السورية، التي عادت لدائرة الضوء مجددا منذ بدء فصائل المعارضة هجوما واسعا ضد نظام بشار الأسد والمليشيات الإيرانية وسيطرتها على مدينتي حلب وحماة واستمرار زحفها باتجاه العاصمة دمشق.

ويؤكد الموقف الرسمي العراقي على عدم السعي للتدخل العسكري بسوريا، وجدد الناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، الجمعة، تأكيده على ذلك الموقف، مضيفا في بيان أن "العراق يعمل بقوة على إيجاد حل سياسي متوازن للتداعيات الأخيرة".

لكن موقف هيئة الحشد الشعبي وكذلك المليشيات العراقية غير واضح حتى الآن، رغم أنها أكدت عدم المشاركة في الحرب السورية الا بموافقة رسمية من الحكومة.

ويتزامن غموض موقف المليشيات العراقية من المشاركة في الحرب مع دعوة زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر، الخميس الماضي، الحكومة والفصائل العراقية المسلّحة إلى "عدم التدخل" فيما يحصل بسوريا.

وشدّد الصدر في منشور على منصة "إكس" على "ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية في الشأن السوري كما كان ديدن بعضهم فيما سبق"، داعيا "الحكومة إلى منعهم من ذلك ومعاقبة كل من يخرق الأمن السلمي والعقائدي."

ويوضح المحلل السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي،عصام حسين، لـ"الحرة"، "يرى مقتدى الصدر أن الأحداث في سوريا صراع دولي، بمجرد أن يتدخل العراق سينتقل هذا الصراع الدولي إلى العراق الذي يشهد أمانا."

ويشير حسين الى أن الفصائل العراقية التي كانت في منطقة البوكمال السورية الحدودية مع العراق انسحبت، الجمعة، مستبعدا مشاركة الفصائل العراقية في الحرب السورية هذه المرة لامتلاكها مصالح سياسية واقتصادية وارتباطات دولية.

وعلى نقيض الصدر أعلنت مليشيا "أبو الفضل العباس" بزعامة أوس الخفاجي، الخميس، عن إعادة تشكيل قواتها، وأنها ستتجه بعد استكمال العدد والعدة إلى دمشق وستتمركز بجوار مرقدي "السيدة زينب" و"السيدة رقية" دون المشاركة في أي عمليات عسكرية خارج محيط المرقدين التزاما بقرارات الحكومة العراقية والمرجعية الشيعية.

ويبدو أن المليشيات العراقية تسعى لتقاسم الأدوار في المرحلة الحالية تجاه الأحداث في سوريا، حيث تعلن قسم منها أنها ستدخل الأراضي السورية لممارسة دورها في حماية دمشق من السقوط بيد فصائل المعارضة، التي يعتبرها العراق"جماعات إرهابية"، بينما تشير مليشيات أخرى الى أنها تتطلع إلى حل سياسي وأنها ملتزمة بالموقف الحكومي الرسمي.

ويرى الخبير السياسي إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، أن تقاسم الأدوار قد يكون في المرحلة الأولى، على اعتبار أن الحكومة العراقية أو حتى الفصائل بحاجة إلى مسار دبلوماسي ومسار آخر عسكري.

ويبين الشمري لـ"الحرة"، "لكن إذا كان هناك تهديد بسقوط الحكومة السورية أو حتى بشار الأسد، أتصور ان الفصائل قد تنخرط بشكل كامل ومن ثم ينتهي الحد الفاصل في المناورة وتبادل الأدوار"، مشيرا الى أنه ورغم إعلان الفصائل الاستعداد للانخراط في الحرب السورية، إلا أنها في نفس الوقت متمركزة في بعض النقاط داخل سوريا.

وتحتضن سوريا نحو 20 فصيلا من المليشيات العراقية منذ عام 2012، وكانت تتمركز جزء كبير من هذه المليشيات حتى نوفمبر الماضي في حلب وحماة قبل انسحابها مع المليشيات الإيرانية الأخرى وجيش النظام السوري من هاتين المدينتين، اللتين سيطرت عليها الفصائل المعارضة السورية إلى جانب بلدات أخرى ضمن عملياتها الواسعة ضد الجيش السوري والمليشيات المتحالفة معها.

ويشير الشمري الى أن إيران تطرح فكرة إرسال مستشارين إلى سوريا، معربا عن اعتقاده بأن هذه الفكرة "قد تدفع جميع الفصائل إلى الاشتراك إذا ما كان هناك قرار بهذا المستوى، لكن مع ذلك لا يزال الرأي المطروح بأن الذهاب إلى سوريا مع انسحاب كامل للجيش السوري من بعض المحافظات والمدن قد يكون ذا كلف وأثمان باهظة جدا."

وتظهر تصريحات قادة المليشيات العراقية حتى المنخرطة منها في العملية السياسية، أنها ستدخل الى الأراضي السوريا فيما إذا اشتد حصار المعارضة على نظام الأسد.

وأكد هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر أقدم المليشيات العراقية الموالية لإيران، السبت، خلال مشاركته في مهرجان "أبناء المجاهدين"، أنه "إذا هُدد أمننا القومي يجب أن ندخل للقتال في سوريا"، مشددا "الهجوم خير وسيلة للدفاع ومن غير الصحيح أن نبقى نترقب التصعيد من بغداد".

لكن الخبير السياسي الناصر دريد، يعتبر الفصائل العراقية كلها غير متشجعة وغير راغبة في دخول أجواء المعركة في سوريا هذه المرة.

ويسلط دريد الضوء على أبرز الأسباب التي تجعل الفصائل غير راغبة بدخول الأراضي السورية، موضحا لـ"الحرة"، "الوضع الحالي لم يعد شبيه بالأوضاع الطائفية، التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية عندما دخلت الفصائل في معارك سورية للدفاع عن مرقد السيدة زينب، ومنها أن المعارضة الحالية في سوريا استطاعت إلى حدما أن تطرح بشكل مختلف الشكل الطائفي الذي ظهرت فيه في المرة الأولى، إلى جانب ضعف القبضة الإيرانية بعد المعارك التي أعقبت 7 أكتوبر 2023."

ومن أبرز المليشيات العراقية المتمركز في سوريا حاليا، هي مليشيا النجباء ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق، لواء أبو الفضل العباس، التي كانت اول مليشيات عراقية تشكل في سوريا لحماية مرقد السيدة زينب، وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي.

كما أن هناك عددا آخر  من المليشيات التي شكلها الحرس الثوري الايراني من مجندين شباب عراقيين تلقوا تدريباتهم في العراق وانضموا للحرب في سوريا، وتتمركز المليشيات العراقية حاليا في العاصمة دمشق ومطارها وفي محيط مرقد السيدة زينب، وريف دمشق وحمص وريفها والقلمون والغوطة الشرقية واللاذقية.