لا يزال الجدل محتدما في العراق حول تدخلات إيرانية أو تفاهمات بين الكتل السياسية حول مرشح كتلة البناء قصي السهيل لمنصب رئاسة الحكومة.
وما زاد من تخوفات الناشطين والمتظاهرين حول ما يجري خلف الكواليس، أن زعيم كتلة سائرون مقتدى الصدر حذف تغريدة عن السهيل دعا فيها كتلة البناء بقيادة هادي العامري إلى "حقن الدماء".
وقال الصدر في تغريدته المحذوفة التي نشرها السبت " أيها الأخوة في كتلة البناء.. أيها الأخ قصي السهيل.. احقنوا الدم العراقي.. واحترموا أوامر المرجعية.. واحترموا إرادة الشعب واحفظوا كرامتكم هو خبر لنا ولكم وللعراق اجمع"، واختتمها بهاشتاق (#الشعب_هو_الكتلة_الاكبر).
لكن كتلة سائرون وعلى لسان البرلماني جواد الموسوي، نفى لـ"موقع الحرة" ما يتردد من تكهنات عن الوصول إلى تفاهمات مع الكتل السياسية الأخرى أو حتى ضغوط مورست عليهم للقبول بالسهيل لتولي منصب رئيس الحكومة.
وكان "موقع الحرة" قد فتح ملف ما يجري من تحركات تقلق المتظاهرين العراقيين وتخص دعم ترشيح السهيل، حيث كشف مصدر سياسي عراقي لـ"موقع الحرة" الخميس عن زيارة سرية للمسؤول عن ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني للضغط على قادة عراقيين للقبول بقصي السهيل خلفا لرئيس الوزراء المستقيل تحت ضغط التظاهرات عادل عبد المهدي الذي تخلت عنه المرجعية.
وأقدم آلاف المتظاهرين على قطع الطرقات وإغلاق الدوائر الحكومية في غالبية مدن جنوب العراق الأحد، الموعد الذي حددته السلطات لإعلان مرشح لرئاسة الوزراء.
وفي غياب اتفاق بين الكتل البرلمانية على الشخصية التي ستوكل إليها مهمة تشكيل الحكومة، مدد صالح المهلة الدستورية حتى الأحد، علما أن الدستور يضمن له تسمية مرشح خلال 15 يوما بعد انتهاء المهلة الدستورية الرسمية.
"لم ولن نتفاهم"
وقال الموسوي لـ"موقع الحرة" "بالنسبة لنا لم نتفاهم حول ترشيح قصي السهيل ولن نقبل به، لا يزال موقفنا ثابتا وهو رفض أي شخصية ترشحها الأحزاب أو تأتي عبر تفاهمات ما بين الكتل السياسية".
وكان مصدر سياسي قد قال لـ"الحرة" إن حزب الله اللبناني مع شركائه الإيرانيين وقائد فيلق القدس قاسم سليماني تعهدوا بفرض ترشيح قصي السهيل لمنصب رئيس الوزراء وإلغاء جميع الترشيحات التي تنافسه".
وحول ما إذا أصرت الكتل السياسية المنافسة لـ"سائرون" على ترشيح السهيل قال الموسوي " إننا سنعارض هذا الأمر رسميا وقانونيا من خلال البرلمان، وسنساند أي تحرك شعبي لرفض هذا الترشيح".
وفيما يؤكد مسؤولون سياسيون أن الجارة الإيرانية صاحبة النفوذ القوي في العراق، تواصل سعيها لتمرير مرشحها قصي السهيل الذي له شراكات اقتصادية قوية مع قيادات في حزب الله اللبناني، أعلن الشارع رفضه التام للسهيل معتبرا أنه جزء من طبقة سياسية تحتكر الحكم منذ 16 عاما في البلاد.
وأكد جواد الموسوي أن كتلة سائرون تصر على أن يكون رئيس الوزراء المقبل غير تابع لأي حزب سياسي وغير مجرب سابقا ولا يمتلك سوى الجنسية العراقية ومقبول من قبل الشعب والمتظاهرين".
وكان ناشطون عراقيون اعتبروا أن حذف الصدر للتغريدة ربما يكون مؤشرا على تفاهمات بضغط من إيران لتمرير ترشيح السهيل.
لماذا حذف الصدر تغريدته؟
وحول سبب حذف مقتدى الصدر لتغريدته قال الموسوي "لا أعلم قد يكون لأمر لوجستي، لكن موقفنا ثابت من رفض السهيل".
ويرى الباحث في الشأن العراقي رعد هاشم في حديث لـ"موقع الحرة" أن حذف مقتدى الصدر للتغريدة يأتي في إطار "الضغط الإيراني ضمن إطار تسوية معينة بأن يظل في موقف المعارض لاختيار السهيل، لكن ألا يكون مهاجما له، لأن ذلك قد يصعد ويصعب الأمور وقد تتحول إلى حرب شيعية بين أنصار الكتل السياسية، وهو ما قد يكون وبالا على إيران".
وأوضح أن "إيران لا تريد للأطراف المرجعية الشيعية أن تتقاطع فيما بينها حتى لا يحدث اقتتال شيعي. ما يحدث هو شد الحبل وارتخائه لأجل غربلة مرشحين كثر، ولكن ما يهم إيران هو قصي السهيل، وهم يناورون بالسوداني، وكلاهما مقربان من المالكي وإيران وتيار الصدر ضدهما".
ويرى البعض أن ترشيح السهيل جاء بمثابة نكاية في التيار الصدري الذي يدعم التظاهرات، حيث كان السهيل نفسه جزءا منه قبل أن ينقلب عليه وينتمي لكتلة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والخصم اللدود لكتلة سائرون التي يتزعمها رجل الدين مقتدى الصدر.
ويشهد العراق منذ الأول من أكتوبر موجة احتجاجات راح ضحيتها أكثر من 460 قتيلا بينما أصيب أكثر من 20 ألفا بجروح.
ورحب المتظاهرون في نهاية نوفمبر باستقالة حكومة عادل عبد المهدي. واليوم، هم يريدون إسقاط رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية برهم صالح، اللذين يتهمونهما بـ"المماطلة".
وفشل النواب الأربعاء في الاتفاق على إعادة صياغة قانون الانتخابات، أكبر إصلاح قدمته السلطات إلى المحتجين، ورفعوا الجلسة حتى يوم الاثنين.