تعذيب واغتصاب.. تقرير يحذر: عناصر مخابرات يملؤون ساحة التحرير
تعذيب واغتصاب.. تقرير يحذر: عناصر مخابرات يملؤون ساحة التحرير

تحت عنوان "ظننت أنني مت"، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً مطولاً، كتبه الصحافي البريطاني من أصول عراقية غيث عبد الأحد، تناولت فيه ما يتعرض له الناشطون والمتظاهرون العراقيون على يد الأجهزة الأمنية والميليشيات.

التقرير كشف كيف تستخدم عمليات القتل والترهيب لمحاولة إسكات وترهيب الناشطين العراقيين، ويتطرق التقرير إلى قصة الشاب المسعف حيدر (اسم مستعار)، الذي غادر مساء الرابع عشر من ديسمبر ساحة التحرير في بغداد، حيث كان يسعف المصابين والجرحى، وذهب في ذلك المساء ليتعشى مع أصدقائه في حي الكرادة القريب، ولم يعد عقب ذلك إلى خيمته في ساحة التحرير كما يفعل عادة، وإنما قرر أن يذهب إلى منزله ليطمئن على أمه وزوجته الحامل.

 

الخطف

حيدر وهو طبيب عسكري سابق في بغداد يروي حكايته للصحيفة يقول: "وصلت البيت بعيد منتصف الليل، وكنت جالسا على الرصيف خارج منزلي (حيث كان يستقبل الإنترنت بشكل أفضل)، وكنت أبحث على تويتر عن آخر الأخبار من الميدان عندما توقفت شاحنة صغيرة أمامي ونزل منها ثلاثة مسلحين"، وسألوه: "أنت حيدر؟"، فأجاب الشاب "لا أنا أخوه محمد"، وتظاهر بأنه دخل إلى المنزل لينادي أخاه حيدر.

لكن الحيلة لم تنطل على المسلحين، الذين اقتادوه معهم إلى السيارة، بعدما عصبوا عينيه، ليصلوا بعد نحو ساعة إلى مكان بعيد مجهول حيث حبسوه، وضربوه، وعذبوه طوال عدة أيام، وطلبوا منه فتح هاتفه النقال، وكشف صور وأسماء شبان يقودون المظاهرات، وحين رفض، استمروا بتعذيبه، وبشكل خاص بضرب ذراعه التي تحمل آثار إصابة حديثة خلال المظاهرات، كما عرضوا عليه صور أمه وزوجته، وهددوه باغتصابهما".

مثل الآلاف من الشباب العراقيين الآخرين، نزل حيدر أولاً إلى الشوارع قبل شهرين في 1 أكتوبر، كان يردد شعارات تطالب بخدمات أفضل ويدين الأحزاب الحاكمة الفاسدة عندما فتحت قوات الأمن النار على الحشد. لقد وقف على الطريق السريع المؤدي إلى ميدان التحرير وشاهد متظاهرين شبانا غير مسلحين يسقطون حوله.

وفي اليوم التالي، ملأ حقيبته العسكرية بالضمادات والأدوية وعاد إلى الشوارع، بحلول نهاية شهر أكتوبر، عندما كان المحتجون يسيطرون على ساحة ميدان التحرير بانتظام، كان حيدر يقود فريقًا من الأطباء والممرضات.

يذكر التقرير أن حيدر أصيب في إحدى المرات بقنبلة في ذراعه اليمنى، تم نقله إلى مستشفى قريب لكنه عاد إلى الساحة بعد ثلاثة أيام بقضبان حديدية بارزة من ذراعه.

ويمضي التقرير في وصف ما تعرض له حيدر، كما يتحدث عن أعداد المصابين والقتلى خلال المظاهرات، سواء بالرصاص المطاطي أو الحي أو أي وسيلة أخرى، كما يذكر أن الخيام الموجودة في الساحة، أصبحت كلها تقريباً تحمل صور الناشطين الذين اختفوا جراء القتل أو الاختطاف.

الخيام الموجودة في الساحة أصبحت كلها تقريباً تحمل صور الناشطين الذين اختفوا

 

عناصر المخابرات.. الضابط حسام

ويكشف التقرير أن الأجهزة الأمنية العراقية، دست عناصرها بين المتظاهرين لتقصي أخبارهم والتجسس عليهم، ويروي عن أحد ضباط الأمن، واسمه حسام (اسم مستعار) وهو تابع لوزارة الداخلية، قوله إنه تلقى أوامر بالاندساس بين المحتجين والمشاركة بالمظاهرات، لكي يتسنى له التجسس عليهم.

وبحسب التقرير فإن عناصر المخابرات المتنكرين والتابعين لوزارة الداخلية يملؤون ساحة التحرير، بل ولديهم أيضاً خيامهم، ويراقبون الداخل والخارج.

ويقول حسام "لدينا كاميرات، ويمكننا أن نراقب المداخل إلى الساحة، ونعرف من يدخل ومن يغادر. كما أننا نستغل صغر سن وقلة خبرة المتظاهرين ونتحدث إليهم، ونعرف أسماءهم، ونتابعهم لكي نتوصل إلى قادتهم".

وتابع حسام أن الهدف الخاص للمراقبة هو أولئك الذين يوزعون الطعام ويزودون المحتجين بالخيام والبطانيات: "تريد الحكومة منا أن نرفع تقارير يومية عمن يمول هذه الاحتجاجات، لكن لا يمكننا العثور على هؤلاء" الممولين لأن الجميع يرسلون الأموال، النساء المسنات وأصحاب المتاجر والطلاب، لكن الحكومة مهووسة بفكرة المؤامرة وأن جميع المظاهرات تنظمها سفارات أجنبية".

ثائرة عراقية في بغداد

 

تعذيب.. ثم تعذيب

بالعودة الى قصة حيدر، عندما استيقظ بعد فقدان وعيه، قال إنه وجد نفسه راقدًا عارياً على أرضية غرفة مظلمة صغيرة، كان هناك خطاف في السقف وحوض استحمام متسخ مليء بالمياه البنية والأسلاك الكهربائية.

بعد ساعات قليلة، دخل رجال ملثمون الغرفة وتحدثوا معه للمرة الأولى. طلبوا منه فتح هاتفه، وعندها استأنفوا ضربه، وبدأوا باستجوابه بشأن انتمائه السياسي، وسألوا عن السفارة التي كانت تموله هو وأصدقاؤه المحتجون.

بكى وناشد، وقال لهم إنه لم يذهب إلى أي سفارات وتظاهر بأنه قد نسي كلمة المرور على هاتفه. استمر التعذيب لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، عندما أغمي عليه، غُمر في حوض الاستحمام، وعندما استيقظ، علقوه من الخطاف في السقف، وقاموا بتوصيل الأسلاك الكهربائية بأصابعه وأصابع قدميه وأعضائه التناسلية.

بعد ثلاث ليال من التعذيب، جاء الرجال المقنعون في الليل، وفتحوا هاتف حيدر وطلبوا منه تحديد قادة الاحتجاج في بغداد والمحافظات، وعندما قال إنه لم يكن هناك قادة، وضعوه في مياه جليدية في حوض الاستحمام، وكتل خرسانية مكدسة على صدره، وداس أحد الملثمين على صدره وسحقه تحت الماء.

البصرة في 18 فبراير - جنازة رمزية

 

اغتصاب وتهديد بأمه وزوجته

عندما أصر على رفضه تحديد هوية أي شخص، بدأوا في اغتصابه بعصا كهربائية وأجبروه على الجلوس على قارورة، بحسب روايته، وعرضوا صوراً لأمه وزوجته الحامل، وقالوا له إنهم سيغتصبونهما في حال عدم اعترافه.

يقول حيدر: "بحلول نهاية الأسبوع الأول، كنت أتوق للموت. أردت منهم أن يقتلوني. أردت فقط أن أموت وأن يتوقف التعذيب".

 

عبد المهدي يرفض التعليق

ورفض مكتب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي التعليق على ما حصل لحيدر عندما اتصلت به صحيفة الغارديان.

وتدعم جماعات حقوق الإنسان الادعاء بوجود تورط حكومي في عمليات الاختطاف. وقال مسؤول من لجنة حقوق الإنسان العراقية: "توجد قوات الأمن بالقرب من الميدان، وهم يراقبون أي شخص يدخل ويخرج، وهناك شبكة من الكاميرات عالية الدقة تربط بغداد، لذلك لا يمكن تصور أن الحكومة لا تستطيع تحديد الأشخاص الذين يخطفون المتظاهرين".

قتل عشرات المحتجين في العراق نتيجة اصابات مباشرة في الرأس والصدر بقنابل الغاز المسيل للدموع
"الطرف الثالث".. سجال بين ميليشيا عراقية ووزير الدفاع يثير تساؤلات
قالت ميليشيا عراقية مدعومة من إيران إن ملكية القنابل المسيلة للدموع التي استخدمت في التظاهرات الأخيرة تعود لوزارة الدفاع، نافية بذلك تصريحات سابقة للوزير نجاح الشمري اتهم فيها "طرفا ثالثا" باستيراد هذه القنابل التي تقتل المتظاهرين في بغداد ومدن جنوب العراق.

 

اليوم الرابع عشر

كانت جلسات التعذيب تحدث أثناء الليل، لكنه إذا حاول النوم أثناء النهار يقوم الحراس بصب الماء البارد فوقه أو ضربه بعصا، واستمر التعذيب حتى اليوم الرابع عشر من اختطافه، حين أمره الحراس بارتداء ملابسه وعصبوا عينيه وأخرجوه من الزنزانة.

ويقول عن ذلك: "كنت أعلم أنهم سيأخذونني إلى الإعدام، وكنت سعيدا؛ فقد كنت أريد الموت هربا مما ألاقيه من العذاب".

وأضاف: "عندما توقفت السيارة كنت أعلم أن الموت قادم، لكنني توسلت إليهم أن يدعوني أتصل بزوجتي. أخبرني أحدهم أن أنتظر وهددني بإطلاق النار إذا قمت بإزالة العصابة من على عيني. وسمعت خطواته تبتعد".

انتظر حيدر لبعض الوقت، وعندما لم يعد الحارس، قام بنزع العصابة ليجد نفسه في مكب نفايات مهجور فارغ. لم يكن يعرف الوقت أو المكان الذي يقف فيه. كان رد فعله الأول هو الركض، لكنه شعر فجأة بألم أسبوعين من التعذيب وبدأ في الارتعاش من البرد والألم. وقال: "اعتقدت أنني ميت، وأن روحي هي التي تركض".

رأى المنازل في الطرف الآخر من الطريق، وطرق ثلاثة أبواب حتى تمكن من سماع صوت الناس بداخل أحدها.

من الباب الرابع جاء ولد صغير، توسل إليه حيدر للحصول على الماء والهاتف للاتصال بأسرته، سأله الصبي: "ماذا بك؟" عندما أدرك أن الصبي يمكن أن يراه، بدأ حيدر يبكي، وأخيراً أدرك أنه لا يزال على قيد الحياة.

اتصل شخص ما بالشرطة وعندما وصلوا أرادوا اصطحابه إلى المستشفى أو قسم الشرطة، توسل إليهم لإعادته إلى ميدان التحرير حيث شعر أن المتظاهرين سيحمونه.

كردية أدلت بصوتها في الانتخابات المحلية السابقة في كردستان
سيدة كردية تدلي بصوتها في انتخابات محلية سابقة في كردستان العراق

يتنافس 84 مرشحا مستقلا في الانتخابات البرلمانية، التي من المقرر أن يشهدها إقليم كردستان العراق في 20 أكتوبر الحالي، وسط احتدام السباق الانتخابي بين مرشحي الأحزاب والتحالفات السياسية.

شهد إقليم كردستان منذ تأسيسه عام 1992 خمس دورات برلمانية حتى الآن، كان للمرشحين المستقلين مشاركة في الدورتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية عبر قائمتين انتخابيتين، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على أي مقاعد برلمانية في كلتا الدورتين.

ويخوض المرشحون الذين أعلنوا المشاركة بشكل مستقل في الدورة الحالية للانتخابات البرلمانية في كردستان السباق الانتخابي أمام عدد هائل من مرشحي الأحزاب والتحالفات السياسية، البالغ عددهم 1072 مرشحا، 949 منهم يمثلون الأحزاب و123 عن التحالفات السياسية، وفق إحصائيات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق التي تشرف لأول مرة على تنظيم الانتخابات في الإقليم.

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن وجود عدد كبير من المرشحين المستقلين يعطي انتخابات برلمان الإقليم انطباعا جيدا وإيجابيا، مشيرا إلى أن للمستقلين حظوظا في الفوز، لكنها قليلة إلى حد كبير.

ويضيف مالو لـ"الحرة" أن، "أحزابا كبيرة تقف خلف بعض المرشحين المستقلين، وهي التي قدمتهم بأسماء مستقلين، لكن المواطن في إقليم كردستان يعرف المرشحين المستقلين وغيرهم من التابعين للأحزاب الكبيرة، الذين سينضمون بعد الفوز في الانتخابات مرة أخرى إلى الكتلة الحزبية التي دعمتهم". 

ويعتبر مالو ترشيح الأحزاب الكبيرة وحتى الصغيرة في الإقليم لأبناء المسؤولين وأبناء الشخصيات العشائرية والعائلات المعروفة والمطربين وقسم من مشاهير التواصل الاجتماعي، أبرز ما يميز الانتخابات البرلمانية الحالية في الإقليم، ويعدها في الوقت ذاته محاولة من الأحزاب لجذب الناخبين إلى قوائمهم عبر هؤلاء المرشحين.

ويبلغ العدد الكلي للمرشحين في الدورة الحالية للانتخابات البرلمانية في كردستان 1194 مرشحا يتنافسون على مقاعد برلمان إقليم كردستان الـ 100، خمسة مقاعد منها خاصة بكوتا المكونات "المسيحيين والتركمان" الذين يتنافسون بـ 38 مرشحا لنيلها.

ويقسم الإقليم في هذه الانتخابات البرلمانية إلى 4 دوائر انتخابية، تشمل كل دائرة منها محافظة من محافظات الإقليم الأربعة، التي تتقاسم مقاعد البرلمان بواقع 34 مقعدا لأربيل اثنان منها خاصة بكوتا المكونات، و38 مقعدا من حصة محافظة السليمانية اثنان منها أيضا خاصة بكوتا المكونات، و25 مقعدا لمحافظة دهوك من ضمنها مقعد واحد لكوتا المكونات، و3 مقاعد لمحافظة حلبجة.

ويعتبر رئيس منظمة المعهد الكردي للانتخابات، آرام جمال، النظام الانتخابي المعمول به غير مساعد لفوز المرشحين الأفراد.

ويوضح جمال لموقع "الحرة"، "بشكل عام ليس في انتخابات إقليم كردستان فقط، بل حتى في الانتخابات التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية رأينا فوز المرشحين الأفراد أمرا نادرا جدا، لأن عدد مرشحي الأحزاب يبلغ ضعف عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية، لذلك المرشحين الأفراد لا يستطيعون منافسة هذا العدد من مرشحي الأحزاب لأنهم يخوضون المنافسة في الدائرة بشكل فردي وبالتالي فوزهم صعب".

كردستان العراق.. مخاوف من "شظايا" مواجهة إيران وإسرائيل
الخوف من أزمة اقتصادية والنزوح والدمار وانعدام الاستقرار، يشكل أبرز مخاوف الشارع في محافظة أربيل بإقليم كردستان العراق إثر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط واتساع رقعة الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس وحزب الله اللبناني منذ أكثر من عام.

وتجري عملية توزيع المقاعد البرلمانية في انتخابات إقليم كردستان بحسب نظام توزيع المقاعد واستبدال الأعضاء لبرلمان إقليم كردستان العراق رقم (9) لسنة 2024، الذي يستند على أحكام المادة السادسة مكررة/ ثانيا من قانون انتخاب برلمان كردستان العراق رقم (1) لسنة 1992 المعدل والمادة 10/ ثامنا من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019 المعدل.

وكسابقاتها من الدورات الانتخابية، خصصت في هذه الدورة أيضا نسبة 30% من مقاعد برلمان الإقليم لكوتا النساء، ويبلغ عدد الكلي للنساء المرشحات في الانتخابات الحالية 368 مرشحة.

وتبين المحامية سوزان خديدا لموقع "الحرة" أن "المنافسة الشديدة بين مرشحي الأحزاب في هذه الانتخابات وانعدام الدعم المادي للمستقلين وخاصة النساء يجعل فرص فوزهم ضعيفة".

لكن الناشطة المدنية، سميرة شيركو، تختلف عن الآخرين في كونها ترى أن فوز المرشحين المستقلين لم يعد صعبا بوجود وسائل التواصل الاجتماعي.

وتوضح شيركو لـ"الحرة"، "هناك حظوظ جيدة للمستقلين في هذه الانتخابات، لأن المواطنين وبعد الدورات الانتخابية السابقة التي خاضوها أصبحوا في هذه الدورة يتحيزون للمستقلين أكثر، خاصة إذا كان المرشح يمتاز بروح قيادة وله توجه وطني ذو نزعة مخلصة للعمل الدؤوب".

وتلفت شيركو إلى أن قسما من جماهير بعض الأحزاب ستصوت للمستقلين، إثر خيبة الأمل التي أصابتهم من الأحزاب التي ينتمون إليها، بسبب تخبط توجهاتها وعدم تحقيقها أهدافها السياسية.

ويحق لنحو 2899615 شخصا التصويت في الانتخابات البرلمانية السادسة التي يشهدها الإقليم، وكان من المقرر أن تنظم هذه الانتخابات قبل نحو عامين لكن الخلافات وعدم التوافق بين الأحزاب والأطراف السياسية في الإقليم والعلاقات بين الإقليم والحكومة الاتحادية إلى جانب الظروف الإقليمية المحيطة بكردستان حالت دون تنظيمها حتى الآن.