كوثراني مع المالكي ونصر الله.
كوثراني واحد من القيادات البارزة التي عملت عن قرب مع قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني

برز اسم القيادي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني مجددا بعد تخصيص الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى عشرة ملايين دولار في مقابل "أي معلومات عن نشاطات وشبكات وشركاء" الرجل المتهم بالتنسيق بين مجموعات مؤيّدة لإيران في العراق.

وكوثراني واحد من القيادات البارزة التي عملت عن قرب مع قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، وقيادات أخرى من أجل الحفاظ على هيمنة طهران في العراق.

يحمل كوثراني الجنسيتين اللبنانية والعراقية ومسجل لدى السلطات الرسمية تحت اسمي "محمد كوثراني وجعفر الكوثراني"، ولديه قيود رسمية بتواريخ ميلاد في أعوام: 1945 و1959 و1961 بحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية والتي أفادت بأنه مولود في مدينة النجف بالعراق.

في أغسطس 2013 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على كوثراني لتقديمه الدعم للميليشيات الموالية لإيران ولفصائل مختلفة في اليمن، وقادة عسكريين مسؤولين عن أعمال إرهابية في كل من مصر والأردن وقبرص وإسرائيل.

وكان كوثراني مسؤولا مباشرا عن العديد من الهجمات ضد قوات التحالف في العراق، بما في ذلك التخطيط لهجوم جرى في يناير 2007 على مركز تنسيق مشترك في محافظة كربلاء، أسفر عن مقتل خمسة جنود أميركيين، إضافة إلى دوره في إرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الأسد.

وكوثراني متورط أيضا في عمليات الاستثمار بأموال حزب الله لتهريب الأسلحة بين العراق وإيران، وكان من بين أربعة شخصيات (عراقيان ولبناني وسوري) مسؤولون عن عمليات تهريب السلاح للمليشيات العراقية عبر الحدود الإيرانية- العراقية.

ساهم كوثراني بشكل أساسي في دفع الحكومة العراقية للإفراج عن علي موسى دقدوق من السجون العراقية في 2012، وهو أحد قادة حزب الله ومستشار لزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وتقول واشنطن إنه من أبرز المتورطين في عملية كربلاء.

وخلال السنوات التي تلت ذلك استغل حزب الله اللبناني هيمنة الميليشيات على المشهد الاقتصادي في العراق للحصول على عقود وهمية مستغلا العلاقات الوثيقة التي تربط كوثراني بالقادة العراقيين الموالين لإيران.

وفي ديسمبر الماضي لعب كوثراني دورا كبيرا إلى جانب سليماني في مسألة اختيار بديل عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.

وفي حينه، كشف مصدر سياسي عراقي لموقع الحرة أن "كوثراني التقى قيادات سياسية من كتلة الفتح بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، وشملت أيضا عدد من القادة السياسيين السنة، بينهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والنائب أحمد الجبوري وآخرين".

طلب كوثراني من هؤلاء دعم ترشيح وزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل لمنصب رئيس الوزراء، وفقا للمصدر الذي أشار إلى أن "كوثراني تعهد لحزب الله اللبناني بتوفير دعم مالي له في حال تولي السهيل منصب رئيس الوزراء، من خلال ضمان إبرام عقود لشركات ظل تابعة للحزب في مجال تسويق النفط العراقي ونقله".

بعد مقتل سليماني، برز اسم كوثراني مجددا على الساحة العراقية، حيث أسندت له طهران مهمة تنسيق جهود الميليشيات الموالية لإيران المتعلقة بقمع الاحتجاجات الشعبية واستهداف المصالح الأجنبية في البلاد.

وتؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن كوثراني "تسلم بعض التنسيق السياسي للجماعات المسلحة المدعومة من إيران"، والتي كان ينظمها سليماني سابقا.

الزيارة هي المحطة الخارجية الأولى للرئيس الإيراني منذ انتخابه
الزيارة هي المحطة الخارجية الأولى للرئيس الإيراني منذ انتخابه

في أول رحلة خارجية له، اختار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان العراق ليكون أولى محطاته خارج البلاد، في وقت تشهد المنطقة تحولات في التحالفات وتحديات إقليمية متزايدة، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات في مختلف القطاعات.

استمرت زيارة بزشكيان، التي بدأت الأربعاء، ثلاثة أيام استهلها بلقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أعلن مكتبه الإعلامي أن البلدين وقعا 14 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة منها التجارة والرياضة والزراعة والتعاون الثقافي والتعليم والإعلام والاتصالات والسياحة.

والخميس، التقى الرئيس الإيراني مسؤولين أكرادا في إقليم كردستان بشمال العراق، حيث دعا إلى "توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري" والأمني، قبل أن يتوجه للنجف وكربلاء لزيارة العتبات المقدسة، ويختتم جولته في العراق بزيارة البصرة، الجمعة.

ويُعد العراق "ثاني أكبر وجهة للصادرات الإيرانية" وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 12 مليار دولار، بحسب وسائل إعلام إيرانية.

كذلك لا يزال العراق يعتمد على الكهرباء والغاز الطبيعي الإيراني لتلبية احتياجاته المحلية من الطاقة، وتعتبر إيران هذه الشراكة ضرورية لاستقرارها الاقتصادي.

وفي سبتمبر 2023، أطلق البلدان "مشروع ربط البصرة-الشلامجة" للسكك الحديد، وهو خط سيربط المدينة الساحلية الكبيرة في أقصى جنوب العراق بمعبر الشلامجة الحدودي على مسافة أكثر من 32 كيلومترا.

يقول الباحث والمحلل السياسي العراقي عقيل عباس إن "بزشكيان يريد أن يصنع فارقا في الوضع الاقتصادي، لأن الإشكالية الأساسية التي يواجهها هي الحصول على الأموال، وخاصة ما يتعلق بالديون المترتبة على العراق من جراء بيع الغاز وتصل لنحو 10 مليارات دولار".

ويضيف عباس في حديث لموقع "الحرة" أن "الرئيس الإيراني يحاول الحصول على الأموال بطريقة أخرى اقترحتها إيران، لكن العراق رفضها لأنها ممكن أن تعرض بغداد لعقوبات أميركية".

ويعتقد عباس أن زيارة بزشكيان لإقليم كردستان "هي إعلان تصالح مع أربيل بعد التوتر الذي شاب العلاقات بين الطرفين بسبب تواجد جماعات الكردية معارضة ونشاطها داخل الإقليم".

وتتهم طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة الى أراضيها انطلاقا من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

وفي مارس 2023، وقّع العراق وإيران اتفاقا أمنيا بعد أشهر قليلة على تنفيذ طهران ضربات ضد مجموعات كردية معارِضة في شمال العراق. ومنذ ذلك الحين، اتفق البلدان على نزع سلاح المجموعات المتمرّدة الكردية الإيرانية وإبعادها من الحدود المشتركة.

وكان بزشكيان أول رئيس إيراني يزور، وفق مسؤولين، الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وذلك في انعكاس لتحسن العلاقات بين طهران وأربيل.

ويرى مدير المركز العربي للدراسات الايرانية محمد صادقيان أن زيارة بزشكيان تمكنت من الحفاظ على ما جرى الاتفاق عليه قبل عدة أشهر من أجل البدء بمرحلة جديدة.

ويقول صادقيان لموقع "الحرة إن "زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لإيران في مايو الماضي ولقائه مع كبار المسؤولين الإيرانيين هي التي أعادت تنظيم بوصلة العلاقات بين طهران وأربيل".

ويضيف صادقيان أنه "بعد الزيارة تم تفكيك المعسكرات للحركات الكردية داخل العراق وجرى تنفيذ التفاهمات الأمنية بين طهران وبغداد وأربيل".

وكان السوداني قال الأربعاء إن بغداد أكدت "موقفها المبدئي والدستوري والقانوني بعدم السماح لأي جهة بارتكاب عدوان أو عمل مسلح أو تهديد عابر للحدود ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتخذ منطلقا من الأراضي العراقية".

وتوجد في العراق عدة أحزاب وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران حيث تعزز طهران بشكل مطرد من نفوذها في الدولة المنتجة الرئيسية للنفط منذ أن أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بصدام حسين في عام 2003.

ويستضيف العراق 2500 جندي أميركي، وهناك أيضا فصائل مدعومة من إيران مرتبطة بالقوات الأمنية العراقية.

وعانى العراق من تصاعد الهجمات بين الجانبين منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في أكتوبر.

لكن مع ذلك يعتقد عباس أن زيارة بزشكيان لم تبحث مثل هكذا ملفات "لأن الرئيس الإيراني عادة لا يتعاطى مع قضايا الأمن في العراق لأنها خارج اختصاصه ومن اختصاص الحرس الثوري الإيراني".

ويسعى العراق إلى تعزيز تحالفه مع طهران، لكنه يحتفظ في الوقت نفسه بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة.

وكان بزشكيان تعهد إعطاء "الأولوية" لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة في إطار سعيه إلى تخفيف عزلة إيران الدولية وتخفيف تأثير العقوبات الغربية على اقتصاد الجمهورية الإسلامية.

كذلك، تعهّد خلال حملته الانتخابية السعي لإحياء الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران لقاء تقييد أنشطتها النووية. وانسحبت الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق في 2018 معيدة فرض عقوبات قاسية خصوصا على صادرات النفط.