التقى رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، السبت، بأعضاء في الحكومة المنتهية ولايتها في محاولة لتشكيل حكومة جديدة بسرعة، وسط مستوى "نادر" من دعم المؤسسة السياسية في البلاد في خضم أزمات داخلية وخارجية خطيرة.
وأوردت وكالة الأنباء العراقية "نينا" أن الكاظمي بحث مع وزير المالية في الحكومة المستقيلة فؤاد حسين خطوات تشكيل الحكومة والتحديات التي يواجهها العراق.
وقالت اللجنة المالية النيابية إن الأزمة المالية والاقتصادية هي أول تحد سيواجه رئيس الوزراء المكلف، وذكر عضو اللجنة النائب أحمد الحاج حمه رشيد أن الكاظمي "غير مختص في المجال المالي " وتساءل: "هل يستطيع المكلف حل مشكلة الموازنة؟ بينما الرجل الذي عمل في الحقل المالي والاقتصادي طوال اكثر من 40 سنة وهو رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لم يستطع تقديم موازنة خلال عامين".
إذاعة "صوت أميركا" قالت في تقرير لها حول مستقبل الكاظمي في قيادة الحكومة إنه بالنظر إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط، يواجه العراق في الفترة المقبلة تحديات خطيرة من أهمها دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وتلبية مطالب المحتجين بخدمات عامة أفضل ومحاربة الفساد.
وتطرق التقرير أيضا إلى ملف العلاقات الخارجية للعراق بعد تكليف الكاظمي وعلاقته بالمليشيات التابعة لإيران، وقال إنه وسط أنباء تفيد بأن الولايات المتحدة تنشر بطاريات صاروخية لحماية القواعد العسكرية في العراق من التهديدات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، "يبدو أن الكاظمي يتمتع أيضا بدعم طهران وحلفائها المحليين".
خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس قال إن الكاظمي "صديق شخصي" لمستشار الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أحد من تولوا ملف العراق في طهران بعد مقتل قاسم سليماني بغارة أميركية في يناير الماضي.
وقال أبو دياب إن الكاظمي "ربما لم يكن الخيار الأول للولايات المتحدة ليكون رئيس الوزراء العراقي الجديد، لكن واشنطن كانت تربطه به علاقات جيدة إلى حد ما في الماضي وربما مستعدة للتعايش مع ترشيحه".
الكاظمي قال في خطاب متلفز للشعب العراقي، الجمعة، إن "سيادة" العراق خط أحمر، ودعا إلى حصر السلاح بيد الدولة لكنه ترك "ثغرة" بتأكيده أن هيئة الحشد الشعبي هي كيان حكومي، رغم أن كيانات منطوية تحت لوائها تتهمها الولايات المتحدة باستهداف المصالح الأميركية.
بول سوليفان، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأميركية، يرى أن الكاظمي "قوي وذكي" وباعتباره رئيسا لوكالة استخبارات مخضرمة "من المحتمل أن يكون لديه ملفات تدين كل الأشخاص المهمين ويمكنه استدعاء هذه الملفات للضغط عليهم".
وأضاف سوليفان أن "خلق عراق ينعم بالسلام والاستقرار قد ستكون واحدة من أصعب المهام" التي ستواجهه، مشيرا أيضا إلى أنه "إذا لم يتحسن الاقتصاد وتخلق الوظائف لن يستطيع أقوى الناس الصمود بالبلد لفترة طويلة".
يذكر أن رئيس العراق برهم صالح أصدر الخميس مرسوما بتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة المقبلة، عقب اعتذار عدنان الزرفي.
وأنهى اعتذار الزرفي حالة من الشك والتكهنات سادت المشهد السياسي العراقي على خلفية التسريبات التي أشارت إلى انخفاض حظوظ الزرفي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلم منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني في يونيو 2016، خلال فترة تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة، ولا يزال يشغل المنصب حتى إعلان ترشيحه.
ويرى البعض أنه يتمتع بعلاقات واسعة خصوصا مع الولايات المتحدة وإيران على حد سواء، الأمر الذي يخوله أن "يكون عامل تهدئة"، بالإضافة إلى أنه "مقبول لدى الأطراف والكتل الكردية والسنية".
ورفض المتظاهرون، قبل انتشار فيروس كورونا في البلاد، ترشيح الكاظمي، وهو صحفي سابق ورئيس لجهاز المخابرات في حكومتين، معتبرين أنه "وجه حكومي آخر".