الصدر يلمح إلى إمكانية العوده عن "قسمه" والمشاركة في الانتخابات العراقية
أصدر الصدر مؤخرا عدة تغريدات متناقضة على خلفية انتشار فيروس كورونا في العراق

لم تلق تغريدة زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، التي دافع فيها عن منظمة الصحة العالمية، رضا الكثير من العراقيين الذين ذكروا رجل الدين المثير للجدل بمواقف سابقة خالف فيها تعليمات المنظمة المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا المستجد.

وكان الصدر هاجم في تغريدة الخميس الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خلفية قيامه بتجميد تمويل منظمة الصحة العالمية نتيجة "التعتيم" الذي مارسته بشأن انتشار فيروس كورونا.

كما اقترح الصدر أن "تأخذ منظمة الصحة العالمية دورها وبجدية وفعالية أكثر وتنسيق مع دول يهمها مصير العالم" في سبيل مواجهة كوفيد-19.

وسخر مغردون من تغريدة الصدر هذه، وذكروه بمواقف سابقة خالف فيها تعليمات المنظمة الدولية من خلال دعوة أنصاره إلى التوجه للمراقد الدينية وأداء الزيارات والصلوات في الأماكن العامة غير مبال بالتحذيرات المتعلقة بتفشي الوباء القاتل.

وفي التغريدة الجديدة  دعا الصدر إلى "عدم غلق أبواب السماء من خلال تحدي الإله"، في إشارة إلى رغبته في عودة التجمعات الدينية التي استنكر مرارا حظرها.

وقال مغرد يدعى حسين ثامر موجها كلامه للصدر إن الصين وإيران وأنت هم السبب وراء انتشار فيروس كورونا في العراق، بعد قيام الأولى بنشره في العالم والثانية بنشره في الشرق الاوسط، فيما تكفلت وأتباعك بنشره في العراق.

وغردت أخرى بذات الاتجاه عندما أشارت إلى أن مقتدى الصدر شجع اتباعه على خرق حظر التجول الذي فرضته السلطات العراقية بناء على نصيحة من منظمة الصحة العالمية لتفادي تفشي انتشار وباء كورونا.

وانتقد مغرد يدعى مناف السراي موقف الصدر الذي يدافع عن الصين ومنظمة الصحة العالمية، متمها إياه بالوقوف خلف "جهتين فاسدتين".

وهذه ليست المرة الاولى التي يثير فيها الصدر الجدل بشأن فيروس كورونا، فقد كان تعرض لانتقادات واسعة في مارس الماضي بعد ربطه الفيروس بالمثلية الجنسية.

يشار إلى أن الصدر أصدر مؤخرا عدة تغريدات متناقضة على خلفية انتشار فيروس كورونا في العراق، حيث تراجع في 21 مترس عن تصريحات سابقة له شجع فيها على زيارة المراقد الدينية، نائيا بنفسه عن الاتهامات المتعلقة بوقوفه وراء زيادة انتشار فيروس كورونا المستجد في العراق.

وناقض الصدر بذلك تغريدة سابقة أطلقها في 14 مارس الماضي وجه فيها انتقادات للمرجعية الدينية في مدينة النجف بعد قرارها إلغاء إقامة صلاة الجمعة وتعطيل بعض الشعائر الدينية، تحسبا لانتشار فيروس كورونا المستجد.

وكان تقرير لوكالة رويترز نشؤ في الثاني من أبريل أشار إلى أن الكثير من الأطباء العراقيين باللوم في الانتشار المتسارع لفيروس كورونا على من يرفضون الخضوع للاختبارات والعزل وعلى مخالفة حظر التجول المفروض في عموم البلاد بما يشمل آلاف الزوار الذين تدفقوا على مزار شيعي في بغداد الشهر الماضي.

وحسب آخر الاحصاءات الرسمية بلغ مجموع الإصابات بفيروس كورونا في العراق 1434 حالة، فيما تم تسجيل 80 حالة وفاة، لكن تقرير وكالة رويترز كشف أن الاعداد الحقيقية تتجاوز ذلك بمرات عدة نتيجة تكتم السلطات العراقية.

وتشهد إيران، جارة العراق، أعلى عدد من الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد في المنطقة. وتربط البلدين علاقات تجارية ودينية وثيقة وبينهما حدود برية كبيرة ظلت مفتوحة لعدة أسابيع بعد تفشي الفيروس في إيران، ليتم الإعلان عن اغلاقها في فبراير الماضي.

ومعظم الحالات التي سجلت في العراق في البداية كانت لأشخاص عائدين من إيران، أو إيرانيين موجودون في العراق لغرض الدراسة الدينية.

عقيل عباس

كان العراق يأمل في اغتنام قمة بغداد العربية لإعلان عودته كلاعب مؤثر على المسرح الإقليمي، لكن الحدث انتهى بنكسة دبلوماسية، على ما يبدو، كشفت عن انقسامات داخلية عميقة.

في هذه المقابلة، يوضح الخبير السياسي، الكاتب، الدكتور عقيل عباس، أن فشل القمة لا يرتبط بغياب القادة العرب بل هو نتيجة تخريب داخلي، وسلوك سياسي غير مقبول.

ـ هناك شبه إجماع على فشل القمة العربية في بغداد. هل تتفق مع هذا التوصيف؟

ـ القمم العربية عموما فاشلة لأسباب بنيوية ليست مرتبطة بالضرورة باستضافة العراق لهذه القمة. لكن في قمة بغداد كان هناك فشل مضاعف بسبب الصراع السياسي العراقي-العراقي حول تنظيمها. هناك أطراف أرادت ألا تحصل حكومة (رئيس الوزراء العراقي محمد شياع) السوداني على ما يمكن أن نسميه منجز تنظيم قمة سلسة أو قمة بمستوى القمم الأخرى حتى وإن كانت من دون نتائج عامة عربية، لكن بمشاركة عالية من الزعماء، وحصول اجتماعات جانبية، هي في العادة أهم من الاجتماع العام.

ـ لكن غياب معظم القادة العرب لم يكن بقرار عراقي داخلي.

ـ صحيح، لكن كان هناك سلوك سياسي عراقي أدى إلى تضامن القادة العرب في قرارهم عدم المجيء إلى بغداد. كان هناك خطاب عدائي نحو الكويت، وإثارة لموضوع خور عبدالله. فاستنجدت الكويت بمجلس التعاون الخليجي ومارست ما تستطيع من تأثير على الزعماء الآخرين كي لا يحضروا. إضافة إلى ذلك، الحديث عن وجود مذكرة إلقاء قبض على الرئيس السوري أحمد الشرع، هذا الحديث غير مناسب وغير مقبول، فضلا عن تهديد بعض قادة الكتل السياسية في العراق بأنهم لا يضمنون سلامته إذا حضر القمة. 

هذا الكلام يتجاوز أبسط القواعد البروتوكولية، فالعراق ملزم وفق نظام الجامعة العربية بأن يستضيف كل الزعماء العرب. حديث بعض أطراف الإطار التنسيقي، وهو الائتلاف الحاكم في العراق، بهذا الشكل يبعث رسائل بأن هناك فوضى سياسية في العراق وليس هناك وحدة في القرار السياسي.

ـ ماذا كشفت هذه القمة عن علاقة العراق بما يُسمى "الحاضنة العربية، في رأيك؟

ـ أعتقد أن العالم العربي شبه يائس من العراق، من أن يلعب دورا فاعلا ومؤثرا للأسباب التي ذكرتها مجتمعة. إذا لم يستعِد العراق وحدة قراره السياسي، وإذا لم يظهر أنه قادر على فرض إرادته داخل إقليمه الجغرافي، باعتقادي، لن يأخذه أحد على محمل الجد.

ـ هناك من يعتقد أن فشل قمة بغداد هو انعكاس للوضع العربي العام، خصوصا مع بروز مؤشرات كبيرة على أن المنطقة تتغير، وأن هناك خريطة جيوسياسية في طور التشكل. زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الخليج الأسبوع الماضي، ربما وضعت النقاط على الحروف في هذا السياق. ما رأيك؟

ـ اتفق مع هذا الطرح. زيارة ترامب كانت تاريخية، بصرف النظر عن رأينا بترامب. أبرزت الزيارة، التي كانت اقتصادية بامتياز، أن هناك نهجا تنمويا رائدا سينتج من دول الخليج، وتحديدا السعودية، خصوصا مع دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع ولقائه بترامب، والوعد الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

ـ ماذا يعني رفع العقوبات عن سوريا بالنسبة لمستقبل المنطقة؟

ـ إلى جانب رفع العقوبات، هناك حديث الآن عن مفاوضات سورية إسرائيلية من وراء الكواليس بشأن اتفاقية تطبيع، وهذه قد تضمن لسوريا دعما اقتصاديا غربيا، وبالتالي فإن اتباع سوريا نهجا اقتصاديا، يعني أننا سنشهد بروز التنمية الاقتصادية كقضية أساسية ومركزية عربيا، ابتداء من السعودية ودول الخليج الأخرى، ثم سوريا. 

ـ أين سيكون العراق في سيناريو كهذا؟

ـ أنا أعتقد أن هذا سيؤثر على العراق كثيرا. بدلا من الحديث عن الماضي والصراعات، سيكون الحديث عن المستقبل. وسيكون "الإطار التنسيقي" تحت ضغط هائل حينها، إذ لابد من أن يُنتج شيئا للمجتمع بخصوص المستقبل، كما تفعل دول الجوار التي تجاوزت العراق بأشواط طويلة.

ـ بالعودة إلى قمة بغداد، كيف يؤثر "فشل القمة" على صورة العراق عربيا ودوليا؟

ـ أنا لا أعتقد أن موضوع الضرر الخارجي مهم. تأثيرها داخلي، إذ أبرزت النزاع الحاد داخل الإطار التنسيقي، بين الحكومة وبعض أطراف الإطار، وهذا ستكون عواقبه أكثر تأثيرا. السيد السوداني، أكيد، يشعر بغضب  شديد، وهذا سينعكس على طريقة تعامله مع الإطار. 

ـ كيف؟ 

ـ لا أعرف. ربما من خلال تأكيده على دور عربي للعراق، لأن رئاسة القمة تستمر لمدة سنة كاملة. وهناك ملفات كثيرة يمكن أن يشتغل عليها العراق. التبرع بـ20 مليون دولار لغزة، و20 مليون للبنان، يبدو لي، أنه تهيئة لدخول العراق على ملفات هذه البلدان. وهذا يُحسب لحكومة السوداني.

ـ بأي طريقة سيتدخل العراق في ملفات غزة ولبنان، باعتقادك؟ 

ـ ربما بالتوسط بين حزب الله والحكومة اللبنانية، وكذلك بين حماس والسلطة الفلسطينية. لا يبدو لي أن التبرع بالأموال يأتي من دون غاية.

ـ بالإشارة إلى حديثك عن صراع بين السوداني والإطار، هل هذا يعني تضاؤل حظوظ السوداني بولاية ثانية؟

ـ ما حصل في القمة هو فقط مرحلة من مراحل الصراع. أعتقد أن الخلاف سيتصاعد. من الفوائد المؤسفة للقمة أنها أظهر هذا الصراع بين الحكومة ومعظم أطراف الإطار التنسيقي إلى العلن. هم لا يريدون أن يحقق السيد السوداني أي منجز.