ثلاثة ملفات بارزة ساهمت في زيادة حجم الخلافات بين فصائل مرجعية السيستاني وتلك الموالية للمرشد الإيراني علي خامنئي
ثلاثة ملفات بارزة ساهمت في زيادة حجم الخلافات بين فصائل مرجعية السيستاني وتلك الموالية للمرشد الإيراني علي خامنئي

أصدر رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، الأربعاء، قرارا يقضي بوضع أربعة فصائل مسلحة موالية للسيستاني، تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة بدلا من قوات الحشد الشعبي، في خطوة رأى مراقبون أنها تمهد لعزل الميليشيات المسلحة الموالية لإيران والتي تتبع ولاية الفقيه عقائديا.

وتظهر وثيقة صادرة من مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الأحد الماضي، اطلع عليها موقع الحرة، إبلاغ عبد المهدي رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، بقرار "ربط أربعة ألوية تابعة لهيئة الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة إداريا وعملياتيا".

وثيقة صادرة من مكتب عبد المهدي بشأن دمج فصائل موالية للسيستاني في المنظومة الأمنية الرسمية العراقية

القرار جاء بعد نحو شهر من اجتماع عقد في 18 مارس الماضي بمقر وزارة الدفاع العراقية، وجمع بين قادة الفصائل الأربعة ووزير الدفاع نجاح الشمري، لمناقشة آلية دمج مقاتليها في المنظومة الأمنية العراقية الرسمية.

وشدد الحاضرون في حينه على "حاجة فصائل الحشد الشعبي إلى الابتعاد عن تأثير المحاور الدولية والإقليمية وتركيز اهتمامهم على محاربة تنظيم داعش وأن يكونوا ضمن سلطة الدولة العراقية".

وأقدمت الفصائل على خطوتها هذه بعد تصاعد التوتر بينها وبين الفصائل المدعومة من إيران، بشأن اختيار نائب جديد لرئيس هيئة الحشد الشعبي، ليحل محل أبو مهدي المهندس، الذي قتل في يناير الماضي في ضربة أميركية قرب مطار بغداد، أسفرت أيضا عن مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وكانت الفصائل الأربعة أصدرت في 22 فبراير بيانا مشتركا رفضت فيه ترشيح القيادي في كتائب حزب الله أبو فدك المحمداوي لهذا المنصب، وهددت بالانسحاب في حال لم تعمد الحكومة إلى الحد من النفوذ الإيراني داخل الحشد.

ويقول الخبير الأمني هشام الهاشمي إن هناك ثلاثة ملفات بارزة ساهمت في زيادة حجم الخلافات بين فصائل مرجعية السيستاني وتلك الموالية للمرشد الإيراني علي خامنئي.

الأول، وفقا للهاشمي، "هو خلاف فقهي عميق يتمثل بخضوع الالوية الأربعة للمرجعية الشيعية التقليدية في النجف، فيما تتبع القيادة الجديدة لهيئة الحشد الشعبي لولاية الفقيه في إيران".

ويضيف الهاشمي في حديث للحرة، أن الخلاف الثاني يتعلق "بمشاكل مالية وتنظيمية ولوجيستية حصلت بين الفصائل الأربعة ونائب رئيس هيئة الحشد السابق أبو مهدي المهندس وتصاعدت بعد مقتله وتولي أبو فدك المسؤولية من بعده".

وكان قائد فرقة العباس القتالية ميثم الزيدي، خرج بتصريحات أثناء المعارك ضد تنظيم داعش قبل عدة سنوات، اتهم فيها قيادة الحشد الشعبي بالتمييز بين الفصائل المسلحة فيما يتعلق بالمخصصات المالية والأمور اللوجستية الأخرى.

أما نقطة الخلاف الثالثة فهي سياسية تتمثل في أن "الألوية التابعة لمرجعية النجف لا تمانع من العمل تحت مظلة قيادة العمليات المشتركة التي تعمل وتنسق بدورها مع التحالف الدولي"، وهو أمر يرفضه أبو فدك وباقي الفصائل الموالية لإيران داخل الحشد، وفقا للهاشمي.

انسحاب هذه الفصائل من الحشد ودمجها رسميا بالمنظمة الأمنية العراقية الرسمية سيشكل ضربة موجعة لإيران وحلفائها في العراق، الذين لم يتعافوا بعد من الضربة الموجعة في يناير الماضي بمقتل سليماني.

ويشير تقرير نشره معهد أبحاث الشرق الأوسط للإعلام ومقره واشنطن في 21 مارس الماضي، إلى أن انسحاب هذه الفصائل المدربة والمجهزة جيدا من وحدة الحشد الشعبي، يبدو أنه قرار من قبل السيستاني لإنهاء فتواه التي أطلقها في عام 2014 وطلب فيها من كل عراقي قادر على حمل السلاح الدفاع عن البلاد ضد تهديد تنظيم داعش.

ويضيف التقرير أن هذه الفتوى الشهيرة استخدمت فيما بعد كغطاء شرعي من قبل الفصائل المدعومة من إيران، لتعزيز سلطة الميليشيات المسلحة على حساب سلطة الدولة العراقية.

ومؤخرا حذر مراقبون من أن تصاعد الخلاف بين الفصائل الأربعة، والأخرى الموالية لطهران، قد يتطور إلى نزاع مسلح من شأنه أن يغرق البلاد، التي تعاني أصلا من مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية جمة.

ويقول الخبير الأمني هشام الهاشمي إن عبد المهدي أراد من خلال قراره "أن يرضي طرفي الخلاف، من خلال منح قيادة الحشد للميليشيات الولائية (تتبع ولاية الفقيه) وأيضا جعل الألوية الأربعة ترتبط بمكتب القائد العام حتى لا يكون هناك احتكاك بينهم على أن يتم تغطيتهم ماليا من موازنة الحشد".

ويختم بالقول: "في النهاية بات الحشد الشعبي يعمل بشكل شبه كامل تحت إمرة ولاية الفقيه، وربما تحصل انشقاقات أخرى تتمثل بخروج سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر، لأنها غير منسجمة مع القيادة الجديدة للحشد أيضا".

وتسري أنباء غير مؤكدة، تفيد بأن الفصائل التي اختارت أبو فدك المحمداوي رئيسا لأركان هيئة الحشد الشعبي، هي عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله العراقية، ومنظمة بدر، و"مستشارين" من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، بالإضافة لآخرين.

وتتولى كتائب حزب الله العراقية مهمات الاستخبارات والتحقيقات والإدارة داخل هيئة الحشد الشعبي، كما أن مديرية إعلام الحشد خاضعة لنفوذها.

وتتبنى كتائب حزب الله العراقية بشكل معلن، الاشتراك في عمليات مسلحة ضد القوات الأميركية في العراق. كما أنها متهمة بارتكاب "مجزرة السنك" ضد المتظاهرين في بغداد.

محكمة تحقيق الكرخ الاتحادية ..أرشيف
محكمة تحقيق الكرخ الاتحادية ..أرشيف

لم تتوقف الاتهامات التي وجهها رئيس هيئة النزاهة في العراق، حيدر حنون، إلى قاضي محكمة النزاهة، ضياء جعفر، عند  وسائل الإعلام، بل دخلت فعليا مرحلة الإجراءات القضائية.

ففي وقت مبكر من يوم الاثنين، أعلن مجلس القضاء الأعلى أنه شرع في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق حنون على خلفية التصريحات التي أدلى بها في مؤتمر صحفي عقده في أربيل في الرابع من سبتمبر الجاري.

وذكر بيان صحفي للمجلس بناءً على تقرير رئيس هيئة الإشراف القضائي أن "ما تحدث به حنون غير صحيح، ومجرد ادعاءات القصد منها تضليل الرأي العام، وأنها كانت رد فعل لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه عن موضوع قطعة الأرض المخصصة لدائرة التسجيل العقاري في ميسان".

وقبل أيام سُربت في مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية منسوبة لحنون، وردت فيها أحاديث عن رشى وقضايا تلاعب بقطع أراض في محافظة ميسان حيث مسقط رأسه ومقر إقامته، وعلى إثر ذلك بدأ القضاء التحقيق معه.

وبحسب بيان لهيئة النزاهة صدر عقب هذه التسريبات، فإن حنون "قدم شكره للسلطات القضائية والادعاء العام لمباشرته التحقيق في المقاطع الصوتية المزورة والمفبركة المنسوبة زورا له، وأنه يحترم كل ما يصدر عنها من نتائج وقرارات".

وشهدت الأيام القليلة الماضية توترا سياسيا كبيرا في العراق، على خلفية مؤتمر حنون في أربيل، الذي اتهم فيه جعفر بـ"الفساد".

وتحدث رئيس هيئة النزاهة في المؤتمر عن استلام مجموعة قضاة قطع أراض، مساحة كل منها 600 متر مربع، من حكومة مصطفى الكاظمي (2022 – 2020)، وقال: "جميعنا استلمنا قطع الأراضي".

لم يُعلق جعفر على تصريحات حنون، لكن المؤتمر أخذ أبعاداً سياسية خلقت تشنجا بين القضاء وحكومة محمد شياع السوداني، وفقاً لما أشيع في وسائل الإعلام المحلية العراقية.

عُين حنون، وهو قاض بالأساس، رئيساً لهيئة النزاهة في نوفمبر 2022، وكان قبل ذلك رئيساً لمحكمة استئناف ميسان حيث مسقط رأسه. برز كثيراً في النشاطات التي تعلقت بـ"استرداد الأموال المسروقة" خاصة تلك المتعلقة بما تُعرف بـ"سرقة القرن".

وظهر حنون في المؤتمر الصحفي في أربيل على خلفية المقابلة الصحفية مع المتهم الرئيسي في "سرقة القرن" (قضية الأمانات الضريبية)، نور زهير. وخلال المؤتمر، حاول رئيس هيئة النزاهة تخفيف حدة الانتقادات التي وجهها زهير للسلطات بشكل عام في تلك المقابلة.

طالب زهير بمحاكمة علنية تشبه محاكمة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، واعتبر "سرقة القرن كذبة"، وهدد بـ"كشف أسماء" متورطين فيها.

تزامن ذلك كله مع الحديث عن ملف "تجسس" اتُهم به موظفون حكوميون في مجلس الوزراء، وأصدر القضاء حينها مذكرات قبض بحق بعضهم.

هذه التوترات خفت حدتها بلقاء رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، في الثامن من الشهر الحالي، لكنها لم تنته تماما.

يرى الخبير القانوني علي التميمي في مقابلة مع قناة "الحرة" أن التحقيقات التي أجرتها هيئة الإشراف القضائي بصفتها الهيئة المعنية في التحقيق بالاتهامات التي توجه للقضاء، بينت أن الاتهامات التي وجهت لقاضي محكمة النزاهة غير صحيحة.

حاول مراسلنا الحصول على تعليق من مجلس القضاء الأعلى، لكنه لم يتمكن لعدم وجود متحدث باسم المجلس.

لم تصدر هيئة النزاهة أي موقف بشأن إعلان مجلس القضاء الأعلى بدء التحقيقات مع رئيسها، على عكس الأيام السابقة التي كانت تتوالى فيها بياناتها بشأن هذه القضية.

ويعتبر حنون ثالث رئيس هيئة نزاهة يُتهم بملفات فساد من أصل خمسة رؤساء تعاقبوا على إدارة الهيئة، بعد راضي الراضي ورحيم العكيلي، اللذين صدرت بحقهما مذكرات قبض.