مئات النازحين اليزيديين يعودون إلى سنجار مع تفاقم معاناتهم بسبب قيود كورونا
مئات النازحين اليزيديين يعودون إلى سنجار مع تفاقم معاناتهم بسبب قيود كورونا

تعود مئات الأُسر اليزيدية حاليا إلى معقلها في سنجار بشمال العراق بعد سنوات من نزوحها منه وذلك لتفاقم صعوبات الحياة في المنفى بسبب آثار القيود المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.

فقد خسر كثيرون منهم وظائفهم والمعونات التي كانوا يتلقونها من جهات مانحة في منطقة شاريا حيث يعيشون منذ هروبهم من سنجار عام 2014.

وقال محما خليل رئيس بلدية سنجار، الذي يعيش حاليا في المنفى في دهوك بمنطقة كردستان العراق، إن أكثر من 1200 أُسرة نازحة عادت من بيوتها المؤقتة إلى سنجار منذ يونيو، وأضاف أن معظم هؤلاء لهم أقارب هناك يعملون في الجيش أو الشرطة.

ولم تتم عملية تُذكر لإعادة الإعمار في سنجار التي اجتاحها مقاتلو تنظيم داعش  في 2014 وحررتها قوات متنوعة في العام التالي، فالماء شحيح والكهرباء مقطوعة في المدينة التي قتل محتلوها السابقون ألوفا من اليزيديين فيها وسبوا نساء كثيرات لاستغلالهن جنسيا.

وعلى الرغم من الدمار الذي يجعل المدينة لا تزال غير صالحة للسكن فإن اليزيديين يشعرون بانعدام الخيارات أمامهم.

معاناة اليزيدين بعد عودتهم لسنجار

وصرح الزعيم اليزيدي جميل إلياس حسن الهامو أمام منزله المؤقت في شاريا، جنوبي دهوك مباشرة: "الوضع أصبح سيئا بالفعل"، وأضاف  أن الشبان اليزيديين الذين اعتادوا على كسب 17 دولارا في اليوم من عملهم في المطاعم والمصانع لم يعد بإمكانهم إيجاد فرصة عمل حاليا بسبب أثر قيود فيروس كورونا على الاقتصاد.

وفاقم تفشي فيروس كورونا أزمة الاقتصاد العراقي حيث تسبب في خفض أسعار النفط في بلد يعتمد بنسبة تزيد على 90 في المئة من عائداته على تصدير النفط الخام، كما تسببت القيود التي فُرضت على السفر وحظر التجول في تحول كثيرين لصفوف العاطلين.

 

انخفاض المعونات

 

وذكرت جولي زيبلو إسماعيل، زوجة ابن الهامو، أن المعونات الشهرية التي كانوا يعتمدون عليها في معيشتهم شحت مع إلقاء الأزمة بظلالها على عمل المنظمات الإنسانية.

كما أن هناك سببا آخر لعودتهم يتمثل في منع السفر الداخلي بين منطقة كردستان، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، والمناطق العراقية المجاورة والذي فُرض منذ آذار للحد من تفشي فيروس كورونا.

وأوضح الهامو أن معظم الأُسر اليزيدية في شاريا لها ابن يخدم في صفوف القوات المسلحة بسنجار ولم يتمكن من زيارة أُسرته منذ أسابيع، وقال "بعضهم لم يروا أُسرهم منذ أكثر من ثلاثة شهور الآن".

مئات النازحين اليزيديين يعودون إلى سنجار مع تفاقم معاناتهم بسبب قيود كورونا

وأشار الهامو إلى أنه على الرغم من الدمار الذي لحق بمدينتهم فإنهم تلقوا وعودا بالدعم من منظمات إغاثة محلية بمجرد عودتهم وأنه يعتقد أنه سيتم لم شمله مع بقية أفراد أُسرته عما قريب، وقال "سجلت أسماء أكثر من 400 شخص وأرقام هواتف أقارب وأفراد بالعشيرة والمجتمع اليزيدي. قالوا إنه بمجرد أن نعود، نحن الشيوخ وزعماء العشائر، فإنهم سيتبعوننا".

وأكد خليل أنه يطالب بمخصصات مالية من الحكومة المركزية لتكثيف جهود إعادة إعمار سنجار لكنه يعتقد أن ذلك لن يحدث في وقت قريب.

معاناة النازحين اليزيدين تتفاقم بسبب أزمة كورونا

مقاتلون من المعارضة في ريف حمص.
مقاتلون من المعارضة في ريف حمص. Reuters

يكتنف الغموض حول مشاركة المليشيات العراقية الموالية لإيران في الحرب السورية، التي عادت لدائرة الضوء مجددا منذ بدء فصائل المعارضة هجوما واسعا ضد نظام بشار الأسد والمليشيات الإيرانية وسيطرتها على مدينتي حلب وحماة واستمرار زحفها باتجاه العاصمة دمشق.

ويؤكد الموقف الرسمي العراقي على عدم السعي للتدخل العسكري بسوريا، وجدد الناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، الجمعة، تأكيده على ذلك الموقف، مضيفا في بيان أن "العراق يعمل بقوة على إيجاد حل سياسي متوازن للتداعيات الأخيرة".

لكن موقف هيئة الحشد الشعبي وكذلك المليشيات العراقية غير واضح حتى الآن، رغم أنها أكدت عدم المشاركة في الحرب السورية الا بموافقة رسمية من الحكومة.

ويتزامن غموض موقف المليشيات العراقية من المشاركة في الحرب مع دعوة زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر، الخميس الماضي، الحكومة والفصائل العراقية المسلّحة إلى "عدم التدخل" فيما يحصل بسوريا.

وشدّد الصدر في منشور على منصة "إكس" على "ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية في الشأن السوري كما كان ديدن بعضهم فيما سبق"، داعيا "الحكومة إلى منعهم من ذلك ومعاقبة كل من يخرق الأمن السلمي والعقائدي."

ويوضح المحلل السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي،عصام حسين، لـ"الحرة"، "يرى مقتدى الصدر أن الأحداث في سوريا صراع دولي، بمجرد أن يتدخل العراق سينتقل هذا الصراع الدولي إلى العراق الذي يشهد أمانا."

ويشير حسين الى أن الفصائل العراقية التي كانت في منطقة البوكمال السورية الحدودية مع العراق انسحبت، الجمعة، مستبعدا مشاركة الفصائل العراقية في الحرب السورية هذه المرة لامتلاكها مصالح سياسية واقتصادية وارتباطات دولية.

وعلى نقيض الصدر أعلنت مليشيا "أبو الفضل العباس" بزعامة أوس الخفاجي، الخميس، عن إعادة تشكيل قواتها، وأنها ستتجه بعد استكمال العدد والعدة إلى دمشق وستتمركز بجوار مرقدي "السيدة زينب" و"السيدة رقية" دون المشاركة في أي عمليات عسكرية خارج محيط المرقدين التزاما بقرارات الحكومة العراقية والمرجعية الشيعية.

ويبدو أن المليشيات العراقية تسعى لتقاسم الأدوار في المرحلة الحالية تجاه الأحداث في سوريا، حيث تعلن قسم منها أنها ستدخل الأراضي السورية لممارسة دورها في حماية دمشق من السقوط بيد فصائل المعارضة، التي يعتبرها العراق"جماعات إرهابية"، بينما تشير مليشيات أخرى الى أنها تتطلع إلى حل سياسي وأنها ملتزمة بالموقف الحكومي الرسمي.

ويرى الخبير السياسي إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، أن تقاسم الأدوار قد يكون في المرحلة الأولى، على اعتبار أن الحكومة العراقية أو حتى الفصائل بحاجة إلى مسار دبلوماسي ومسار آخر عسكري.

ويبين الشمري لـ"الحرة"، "لكن إذا كان هناك تهديد بسقوط الحكومة السورية أو حتى بشار الأسد، أتصور ان الفصائل قد تنخرط بشكل كامل ومن ثم ينتهي الحد الفاصل في المناورة وتبادل الأدوار"، مشيرا الى أنه ورغم إعلان الفصائل الاستعداد للانخراط في الحرب السورية، إلا أنها في نفس الوقت متمركزة في بعض النقاط داخل سوريا.

وتحتضن سوريا نحو 20 فصيلا من المليشيات العراقية منذ عام 2012، وكانت تتمركز جزء كبير من هذه المليشيات حتى نوفمبر الماضي في حلب وحماة قبل انسحابها مع المليشيات الإيرانية الأخرى وجيش النظام السوري من هاتين المدينتين، اللتين سيطرت عليها الفصائل المعارضة السورية إلى جانب بلدات أخرى ضمن عملياتها الواسعة ضد الجيش السوري والمليشيات المتحالفة معها.

ويشير الشمري الى أن إيران تطرح فكرة إرسال مستشارين إلى سوريا، معربا عن اعتقاده بأن هذه الفكرة "قد تدفع جميع الفصائل إلى الاشتراك إذا ما كان هناك قرار بهذا المستوى، لكن مع ذلك لا يزال الرأي المطروح بأن الذهاب إلى سوريا مع انسحاب كامل للجيش السوري من بعض المحافظات والمدن قد يكون ذا كلف وأثمان باهظة جدا."

وتظهر تصريحات قادة المليشيات العراقية حتى المنخرطة منها في العملية السياسية، أنها ستدخل الى الأراضي السوريا فيما إذا اشتد حصار المعارضة على نظام الأسد.

وأكد هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر أقدم المليشيات العراقية الموالية لإيران، السبت، خلال مشاركته في مهرجان "أبناء المجاهدين"، أنه "إذا هُدد أمننا القومي يجب أن ندخل للقتال في سوريا"، مشددا "الهجوم خير وسيلة للدفاع ومن غير الصحيح أن نبقى نترقب التصعيد من بغداد".

لكن الخبير السياسي الناصر دريد، يعتبر الفصائل العراقية كلها غير متشجعة وغير راغبة في دخول أجواء المعركة في سوريا هذه المرة.

ويسلط دريد الضوء على أبرز الأسباب التي تجعل الفصائل غير راغبة بدخول الأراضي السورية، موضحا لـ"الحرة"، "الوضع الحالي لم يعد شبيه بالأوضاع الطائفية، التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية عندما دخلت الفصائل في معارك سورية للدفاع عن مرقد السيدة زينب، ومنها أن المعارضة الحالية في سوريا استطاعت إلى حدما أن تطرح بشكل مختلف الشكل الطائفي الذي ظهرت فيه في المرة الأولى، إلى جانب ضعف القبضة الإيرانية بعد المعارك التي أعقبت 7 أكتوبر 2023."

ومن أبرز المليشيات العراقية المتمركز في سوريا حاليا، هي مليشيا النجباء ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق، لواء أبو الفضل العباس، التي كانت اول مليشيات عراقية تشكل في سوريا لحماية مرقد السيدة زينب، وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي.

كما أن هناك عددا آخر  من المليشيات التي شكلها الحرس الثوري الايراني من مجندين شباب عراقيين تلقوا تدريباتهم في العراق وانضموا للحرب في سوريا، وتتمركز المليشيات العراقية حاليا في العاصمة دمشق ومطارها وفي محيط مرقد السيدة زينب، وريف دمشق وحمص وريفها والقلمون والغوطة الشرقية واللاذقية.