This file photo taken on October 11, 2007 shows in the forefront the US embassy complex in Baghdad and in the background,…
بعد أسابيع من التهدئة عاودت المليشيات الموالية لإيران استهداف المصالح الأميركية

في أواخر نوفمبر الماضي، أبلغ قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، المليشيات المسلحة الموالية لطهران في العراق، بضرورة إيقاف الهجمات على المصالح الأميركية في الدولة العربية الممزقة، وفقا لما كشفه مصدر سياسي عراقي لـ "الحرة".

لكن التهدئة التي تسعى إليها طهران في العراق، لم تستمر سوى أسابيع قبل أن تعود عمليات استهداف المصالح الأميركية مرة أخرى بهجمات صاورخية جديدة، على الرغم من استنكار النظام الإيراني الهجوم على البعثات الدبلوماسية.

في مؤتمر صحافي، الإثنين، قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن "الهجوم على المباني الدبلوماسية والسكنية غير مقبول، لكن نوع الهجوم يظهر أن التوقيت مشبوه للغاية (...)".

وكانت خلية الإعلام الأمني، أعلنت عن إطلاق 8 صواريخ "كاتيوشا" في المنطقة الخضراء التي تقع فيها السفارة الأميركية، واعترضت السفارة الصواريخ معلنة وقوع "أضرار خفيفة" في المبنى ورجحت وقوع جرحى في صفوف المدنيين. 

قاآني لم يلتق بالسياسيين السنة أو الأكراد خلال زيارته لبغداد بخلاف سليماني
حمل طلبا إلى قادة ميليشيات العراق.. مصدر يكشف تفاصيل زيارة قاآني السرية
كشف مصدر سياسي مطلع، الأربعاء، تفاصيل تتعلق بزيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني الأخيرة للعراق وتقديمه طلبا يتعلق باستهداف المصالح الأميركية في البلاد، فيما أشار إلى وجود خلافات في صفوف الميليشيات بهذا الشأن.

وفيما تأتي الهجمات قبيل أيام من الذكرى الأولى للغارة الأميركية التي قتلت قائد فليق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد، ندد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في تغريدة الأحد، بالهجوم الصاروخي الذي شنته "جماعات خارجة عن القانون"، قائلا: "المليشيات المدعومة من إيران قامت مجددا بشكل صارخ ومتهور بالهجوم على بغداد، وجرح المدنيين العراقيين".

وأضاف أن "الشعب العراقي يستحق أن تتم محاكمة المهاجمين وعلى المجرمين والفاسدين الكف عن أعمالهم المزعزعة للاستقرار".

كما حمل مسؤولون غربيون وعراقيون جماعات متشددة بينها "كتائب حزب الله"، وهي الجماعة الأكثر ولاءا للنظام الإيراني، مسؤوليتها عن هذا الهجوم الصاروخي. 

ضوء أخضر خافت

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن توقيت الهجمات الجديدة على السفارة الأميركية يحمل دلالات مختلفة.

وقال الشمري لموقع "الحرة" إن الضربات الصاروخية الأخيرة "قد تكون جزء من ضوء أخير خافت إيراني لتوجيه رسائل متقاطعة إلى إدارة بايدن الجديدة.

وأضاف: "رغم أن طهران تسعى لترسيخ مبدأ التهدئة بشكل حقيقي وتهيئة الأرضية الصلبة والمقبلة للإدارة الأميركية الجديدة للذهاب نحو طاولة المفاوضات، إلا أنها أيضا تضع في حساباتها أهمية أن يأتي بايدن سريعا لهذه الطاولة".

وأشار الشمري إلى أن الإدارة الأميركية الجديد ربما لا تعطي الملف النووي الإيراني أولوية وفق ما يقول المحللون، وهذا ما يزيد الضغط على إيران عقب حملة "الضغط القصوى" التي تبنتها إدارة ترامب.

في نوفمبر الماضي، قالت صحيفة "التليغراف" إن عودة بايدن للاتفاق النووي الإيراني "ليست خيارات سهلا"، مضيفة: "موضوع الانضمام إلى الاتفاق النووي مع إيران هو موضوع شائك خاصة أن إيران متهمة بخرق الاتفاق الآن، وأن أولوية بايدن الأولى بدت في اختيار إدارة قادرة على إصلاح العلاقات مع حلفاء واشنطن التقليديين".

وخلال تصريحات سبقت وأعقبت الانتخابات الأميركية، تعهد بايدن بمعالجة ملفات كبرى خلال الأيام المائة الأولى من ولايته منها محاربة فيروس كورونا المستجد وإنعاش اقتصاد البلاد والعودة إلى اتفاق باريس حول المناخ.

وتعرضت المصالح الأميركية في العراق خلال عام إلى أكثر من 90 هجوم استهدفت سفارة الولايات المتحدة في بغداد، وقواعد عراقية تضم جنودا أميركيين وقوافل لوجستية لمقاولين من الباطن عراقيين يعملون لصالح الجيش الأميركي.

انقسامات وخلافات

وقال الشمري، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، إن "هناك أسباب أخرى داخلية تتعلق بالمليشيات ومدى الخلافات الكبيرة التي وصلت إليها (...)، إضافة إلى توجيه رسائل من هذه التنظيمات التقليدية بأنها قادرة على القيام بضربات أقوى من خلال الاعتماد على مليشيات الظل في مثل هذه الأعمال".

بدوره، يرجح المحلل السياسي العراقي غانم العابد الرأي السائد بوجود انقسامات داخل هذه المليشيات المسلحة الموالية لإيران.

وأكد لموقع "الحرة" وجود انشقاقات داخل قيادات الصف الثاني في هذه المليشيات، مستدلا باعتقال القيادي حامد الجزائري الذي "لم تكن الحكومة تستطيع الوصول له دون أن ترفع المليشيات يدها عنه"، على حد قوله، إضافة إلى اختطاف القيادي حسين أبو خميني المالكي الشهر الماضي.

رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ومسؤول أمن الحشد أبو زينب اللامي
اعتقال الجزائري وآخرين.. تصفية حسابات داخل الحشد الشعبي
أثار اعتقال القيادي السابق في ميليشيا سرايا الخراساني حامد الجزائري، من قبل قوة تابعة للحشد الشعبي العراقي، الأحد، تلى ذلك حملة اعتقالات أسفرت بحسب مصادر عراقية عن اعتقال نحو 40 شخصا، التساؤلات عما يجري داخل الحشد الشعبي. 

وقال العابد إن قائد فيلق القدس قاآني، فشل في فرض شخصيته على هذه الفصائل التي باتت تشكل "أذى" على طهران، مردفا: "هذه الجماعات تعتقد أن أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة سيكون على حسابها، ولهذا تحاول إثبات أنفسها بمثل هذه الهجمات".

أسباب داخلية

وتوقع العابد أن تصعد المليشيات أعمالها في المرحلة المقبلة من خلال هجمات مختلفة لا تتعلق فقط بالبعثات الأجنبية الموجودة في بغداد.

وأضاف أن "هناك خسائر لابد لهذه الجماعات إيقافها بأي ثمن حتى لو كان ذلك الثمن هو العبث بأمن البلاد، خصوصا وأن التيار الصدري المسلح بدأ يستحوذ على كل شيء ويهدف أيضا للوصول لمنصب رئيس الوزراء".

ووضع لومه على الحكومة إزاء موقفها "الضعيف" تجاه هذه الأعمال، مشيرا إلى أن بيان خلية الإعلام الأمني وصف هذه المليشيات بـ "جماعات خارجة عن القانون"، في حين أن هذه الضربات هي عمليات "إرهابية" أسوة بما يقوم به تنظيم داعش.

كذلك، يقول الشمري إن المليشيات المسلحة تواصل ضغطها على حكومة مصطفى الكاظمي "ووضعها داخل دائرة الحرج وإظهارها عاجزة عن حماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وعدم قدرتها على حفظ الأمن العام في العاصمة، وهذا يتزامن مع ضغوط سياسية يواجهها الكاظمي نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها حكومة الفصائل المسلحة برئاسة عادل عبدالمهدي".

منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي
منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي

تتسارع الخطى وتتسابق الأيدي في قلب العاصمة العراقية بغداد من أجل إعادة الرونق إلى شارع الرشيد بمبانيه المميزة ومعالمه الشهيرة التي تعكس تاريخ المدينة العريق ضمن مبادرة انطلقت قبل أكثر من عام لإحياء "نبض بغداد".

المبادرة ممولة من صندوق المبادرات الاجتماعية "تمكين"، وتشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء وتنفذها أمانة بغداد مع رابطة المصارف الخاصة، ونجحت في مرحلتيها السابقتين في تطوير وإعادة تأهيل شارعي المتنبي والسراي، وحاليا دخلت مرحلتها الثالثة في شارع الرشيد.

يمتد شارع الرشيد لمسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات من سوق هرج في منطقة الميدان إلى جسر الجمهورية، ويضم عددا كبيرا من المباني والأسواق القديمة، فضلا عن بعض المباني التراثية التي لها خصوصية لدى البغداديين، منها فندق قديم غنت فيه أم كلثوم، وبعض المقاهي التي كانت ملتقى للمثقفين والنخب السياسية.

وعند جامع الحيدر خانة الذي يعود تاريخ تشييده للحقبة العباسية، يقوم الحرفيون بتجديد واجهات المباني، التي تهالكت نتيجة عوامل الزمن وعدم إجراء ترميمات حقيقية، كجزء من حملة ترميم تشمل عشرات المباني في شارع الرشيد أنجز منها أكثر من 15 مبنى حتى الآن.

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية عارف الساعدي إن الخطة المرسومة لشارع الرشيد هي إعادة الحياة لهذا الشارع الثقافي بعد تأهيله وإرفاقه بالخدمات الضرورية.

وأضاف أنه سيتم إحياء المقاهي البغدادية في هذا الشارع وفتح المكتبات وتشجيع العمل على الحرف الشعبية الحرفية ومحال الأنتيكات.

وأشار إلى أنه ستكون هناك بلدية لبغداد التاريخية مستقلة عن جميع بلديات بغداد لها خصوصيتها وتعليماتها وأنظمتها الداخلية.

وتشمل الأعمال الجارية ترميم واجهات المباني الخاصة والحكومية وإعادة تأهيلها وتحديث البنية التحتية وتركيب إضاءة ليلية.

وقال المهندس المشرف على المشروع محمد الصوفي إنه تم إنجاز 15 بناية ويجري العمل على تسع أخرى ليتم بعدها المباشرة بمجموعة أخرى، مشيرا إلى أن عمر بعض المباني يرجع لأكثر من قرن مضى وهو ما جعل المواد المستخدمة في الترميم متعددة وتختلف وفق المرحلة الزمنية التي شيدت فيها البناية.

وأشار إلى أن بعض المباني تحتاج لترميم خاص مثل "فندق الهلال" الذي كانت تغني فيه أم كلثوم ومقهى "حسن عجمي" الذي شيدت أجزاء منه بالخشب لا سيما الجزء العلوي.

وأكد أن خطط تطوير المنطقة التاريخية طموحة "فبعد إكمال شارع الرشيد سنؤهل الواجهة النهرية لمدينة بغداد التاريخية".

رواج سياحي

يعود تاريخ شارع الرشيد إلى أكثر من 100 عام، حين أسسه الوالي العثماني خليل باشا الذي يقع منزله في الشارع وتحول الآن إلى متحف، وتبدلت تسمياته على مر العقود حتى اكتسب مسماه الحالي عام 1936 على يد العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة العباسي هارون الرشيد.

ويعتقد القائمون على مشروع "نبض بغداد" أن تطوير شارع الرشيد لا تكمن أهميته في الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة فحسب لكنه سيوفر فرص عمل جديدة لأهالي المدينة ويجعلها أكثر جذبا للسياح.

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد عُدي الجنديل إن من المقرر الانتهاء من الأعمال الحالية لتأهيل شارع الرشيد في أغسطس، موضحا أنه ستكون هناك مراحل لاحقة.

وأضاف أنه بجانب "إعادة الحياة للمباني التاريخية وتأهيلها ستدخل بعض الإضافات على الشارع لتهيئته سياحيا حيث سيتم إنشاء ترام سياحي يبدأ من ساحة الميدان وصولا إلى نهاية شارع الرشيد".

وأوضح أنه سيجري خلال الفترة القليلة القادمة استقبال عروض الشركات لمشروع الترام حتى يخرج بشكل حضاري ومستدام بعيد عن مد أي أسلاك تشوه منظر المنطقة، وسيجري تسييره ببطىء من أجل الاستمتاع بأجواء الشارع التراثية.

وقال الجنديل "وجهنا أصحاب المتاجر إلى ضرورة تغير عملهم بما ينسجم مع خصوصية المنطقة وشكلها التاريخي والحضاري" مبينا أن العمل يجري بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة وهي التي تقرر شكل البناية هل هي أثرية أم تراثية.