السلاح المنفلت أحد مشاكل العراق
مخاوف تتعلق بمستقبل الاقتصاد العراقي وقدرته على توفير احتياجات سكانه الأساسية في حال استمر بقاء هذه الجماعات شبه العسكرية وسيطرتها على الدولة

سلط تقرير لمعهد "بروكينغز" للأبحاث الضوء على مخاطر التضخم الذي شهدته ميزانية العراق المقترحة للعام الحالي، وخاصة ما يتعلق منها بتخصيصات الأجهزة الأمنية التقليدية أو تلك الخاصة بالحشد العشبي.

وقال التقرير، الذي أعدته الباحثة العراقية مارسين الشمري، إن الضغوط المالية والأزمة الاقتصادية، الناجمة عن جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، لم تمنعان الحكومة العراقية من تقديم موازنة شبيهة لتلك التي أقرت في عام 2019 مع إضافة زيادات في التخصيصات الأمنية.

الباحثة أشارت إلى أن الزيادات توزعت بنسبة 9.9 في المئة لمخصصات وزارة الدفاع و9.7 في المئة لوزارة الداخلية و10.1 في المئة لجهاز مكافحة الإرهاب.

لكن الزيادة الأضخم كانت للمخصصات المتعلقة بقوات الحشد الشعبي، التي تضم فصائل موالية لطهران، حيث بلغت 45.7 في المئة مقارنة بموازنة العام 2019، أي أكثر من 2.4 ترليون دينار.

يقول التقرير إن هذا الأمر سيزيد من القوة الاقتصادية للجماعات شبه العسكرية والكيانات السياسية المرتبطة بها، في وقت تمر به البلاد بأزمة اقتاصدية خانقة.

وأيضا يمكن أن يؤدي ذلك إلى استغلال هذه الجماعات وغيرها من الأحزاب الحاكمة لتلك الأموال في شراء أصوات الناخبين مع قرب تنظيم الانتخابات المبكرة في يونيو المقبل.

وفقا لتقرير معهد بروكينغز، ومقره واشنطن، تسيطر بعض هذه الفصائل على مناطق حدودية ومواقع فيها مشاريع إعادة إعمار، مما يسمح لها أيضا بتوليد ثروة إضافية من الأسواق غير المشروعة وتوفير فرص عمل غير رسمية في وقت تشهد فيه البلاد ندرة في الوظائف.

يتوقع التقرير أن يعمد الفاعلون السياسيون العراقيون، بما في ذلك الحشد الشعبي، إلى زيادة انفتاحهم على الجمهور ومحاولة كسب المزيد من المؤيدين، كما فعلوا في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2018، عندما استغلوا الحرب على داعش وارتفاع نسب البطالة لتوظيف أشخاص جدد في صفوفهم.

ويختتم التقرير بأن هناك مخاوف تتعلق بمستقبل الاقتصاد العراقي وقدرته على توفير احتياجات سكانه الأساسية في حال استمر بقاء هذه الجماعات شبه العسكرية وسيطرتها على الدولة.

ولم يقر مجلس النواب العراقي بعد موازنة البلاد التي شهدت تخفيضا في قيمة العملة الرسمية في مقابل الدولار الأميركي من 1190 دينارا عراقيا إلى 1450 دينار، وهو أول إجراء من هذا النوع منذ نصف عقد.

ومن المتوقع أن تنهي بغداد هذا العام المضطرب مع تقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة، وارتفاع معدل الفقر إلى 40 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.

مخيم الهول من أكثر الملفات الشائكة - AFP
مخيم الهول من أكثر الملفات الشائكة

تقف سعدية، اللاجئة العراقية المنحدرة من مناطق غرب الموصل، أمام مكتب شؤون اللاجئين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، للمطالبة بإدراج عائلتها ضمن الراغبين في العودة إلى بلدها.

تسعى سعدية للخلاص من رحلة اللجوء الشاقة التي فرضتها ظروف الحرب على تنظيم داعش، بعد أن سيطر التنظيم المتشدد على مناطق واسعة في العراق عام 2014.

وتتحدث سعدية لموقع "الحرة" عن معاناتها، قائلة: "منذ سنوات نواجه ظروفًا معيشية صعبة ونعتمد على الدعم الإنساني والخدمات المقدمة من المنظمات الإنسانية والمحلية".

وتضيف أن هذه المساعدات "لا تسد حاجتنا، أنا وزوجي المريض وأبنائي". كما تكشف أنه منذ سقوط نظام الأسد، عمدت إلى مراجعة مكتب شؤون اللاجئين لمساعدتها في العودة إلى العراق.

فهي لا ترغب في أن "يقضي أبناؤها حياتهم كلاجئين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة".

استجابت السلطات العراقية لطلبات العودة الطوعية، التي أطلقها لاجئون عراقيون يقطنون في مخيمات أو في مدن سورية عدة.

وكشف مدير عام دائرة شؤون الهجرة العراقية، صفاء حسين، في تصريح لموقع "الحرة" أن "أعداد العراقيين في سوريا تبلغ أكثر من 30 ألف شخص".

وأوضح أن هذه الأرقام تستند إلى تقارير وزارة الخارجية العراقية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

وعن طلبات اللاجئين بالعودة إلى بلدهم، أفاد مدير عام شؤون الهجرة بأنهم في طور التنسيق مع السفارة العراقية في دمشق ومع الجانب السوري لتنظيم رحلات للعودة الطوعية بعد فتح المنافذ الحدودية أو تنظيم رحلات جوية إلى العراق.

وكانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية قد أعادت 222 مواطنًا عراقيًا من سوريا يومي 23 و26 ديسمبر الماضي من تل أبيض، ورأس العين، وإدلب، وإعزاز.

عاد هؤلاء عبر الأراضي التركية من خلال منفذ إبراهيم الخليل الحدودي، لتعذر إعادتهم عبر المنافذ الحدودية بين العراق وسوريا المغلقة منذ بدء الأزمة السورية ومعركة إسقاط النظام، التي انتهت في 8 ديسمبر الماضي بفرار بشار الأسد.

ويؤكد حسين أن إعادة اللاجئين من سوريا تتم حاليًا بالتنسيق بين مكتب وزارة الهجرة العراقية في أنقرة والقنصلية العراقية في غازي عنتاب، والجهات الأمنية في العراق، ودائرة الهجرة التركية.

وأوضح أن الخطوة التالية تتمثل في حشد الراغبين بالعودة من مخيم "أكدة" على الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، ودخولهم الأراضي العراقية من منفذ إبراهيم الخليل الحدودي عبر الأراضي التركية، ومن ثم إيصالهم إلى محافظاتهم في العراق.

بعد اجتياح تنظيم داعش للعراق عام 2014، اضطر الآلاف من سكان المناطق التي احتلها التنظيم إلى النزوح نحو سوريا. وأعقبتها موجة نزوح أخرى في أكتوبر 2016 بعد إعلان السلطات العراقية عملية عسكرية واسعة لطرد التنظيم من الموصل.

وكشف المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، علي عباس، لموقع "الحرة" عن مسار إعادة اللاجئين إلى العراق.

وقال: "في السنوات الخمس الماضية، استطعنا إعادة نحو 8 آلاف مواطن عراقي ضمن برنامج حكومي تتكفل السلطات الحكومية بنقلهم بشكل مجاني".

يُشار إلى أن رحلة الهجرة العراقية لم تقتصر على "مرحلة داعش"، بل بدأت منذ عقود وتسارعت بعد الحصار الذي فرض على العراق نتيجة اجتياحه الكويت، وحرب 2003 التي أسقطت نظام صدام حسين، وتلتها نزاعات أهلية وعنف طائفي.

وكشف رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية، شيخموس أحمد، لموقع "الحرة"، عن أعداد اللاجئين العراقيين في سوريا.

وقال: "هناك 15 ألف عراقي لا يزالون في مخيمات مناطق الشريط الحدودي، يتلقون المساعدات من مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمات أخرى، ويرغب أكثرهم في العودة إلى بلدهم. كما أن مخيم الهول وحده يضم نحو 17 ألف عراقي".

ومخيم الهول من أكثر الملفات الشائكة، فهو يضم أكثر من 43 ألف سوري وعراقي وأجنبي من 45 دولة على الأقل، بينها فرنسا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا وتونس ومصر، معظمهم من أفراد عائلات عناصر في تنظيم داعش.

ولا تزال عودة أقارب المتشددين من سوريا تثير، وفق فرانس برس، جدلا بين السكان في العراق الذي خاض حربا لثلاثة أعوام انتهت أواخر 2017 بطرد التنظيم بعد سيطرته على حوالى ثلث مساحة البلاد لحوالى ثلاث سنوات.