موجة غضب بعد اختطاف ناشط عراقي في كربلاء وتعذيبه
موجة غضب بعد اختطاف ناشط عراقي في كربلاء وتعذيبه

أكد ناشطون ووسائل إعلام عراقية، السبت، العثور على ناشط عراقي في مقبرة بكربلاء وسط البلاد، بعدما اختطفه مسلحون يستلقون سيارة تحمل لوحات حكومية.

وقال الناشط سيف العراقي إن عضو تنسيقية الحراك في مدينة كربلاء رائد الدعمي وُجد في المقبرة مكبلا، معصوب العينين، وعلى جسده آثار تعذيب.

وأضاف أن الدعمي اختطف من مكان عمله في منطقة الحر، بسيارة بيك أب تحمل لوحات حكومية، يستقلها ثلاثة مسلحين.

واتهم الناشط من وصفهم بـ"خفافيش إيران" بالمسؤولية عن اختطاف الدعمي وتعذيبه، وتهديده بالقتل، حسب قوله.

واستهداف الناشطين مشهد يتكرر باستمرار في العراق، في ظل الحراك الذي تشهده البلاد منذ أكثر من عام، احتجاجا على النفوذ الإيراني واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة.

وناشد سيف العراقي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التدخل لتوفير الحماية للناشطين العراقية من قمع المليشيات الموالية لإيران، وقال "نحن بحاجة ضروريه جدآ  لتدخل بايدن في العراق بأسرع ما يمكن، لتخليصنا من إيران. نحن نقتل يوميا". 

وأثارت حادثة اختطاف الدعمي وتعذيبه موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق.

وقال المهندس بهلول إن الدعمي اختطف "أمام أنظار المارة وفي وضح النهار". 

وحملت تنسيقية كربلاء للحراك الشعبي الأجهزة الأمنية المسؤولية عن اختطاف الدعمي، وقالت في بيان، إن تلك القوات "لا تجيد سوى دور المتفرج دائما، ونلزمها بالكشف عن الخاطفين فورا .. وسيكون لنا موقف  اتجاه هذه الانتهاكات".   

ومن المقرر أن تنظم تنسيقية كربلاء وقفة ومسيرة احتجاج، الأحد، للتنديد باختطاف الدعمي.

والجمعة، تظاهر مئات العراقيين في مدينة الناصرية جنوبي البلاد مطالبين بالكشف عن مصير الناشط سجاد العراقي وآخرين اختطفوا في وقت سابق من العام الماضي.

ويتهم محتجون وناشطون الميليشيات الموالية لطهران بتنفيذ عمليات اغتيال واختطاف طالت ناشطين وشخصيات بارزة في العراق، بينهم الخبير الأمني هشام الهاشمي والناشطين من محافظة البصرة ريهام يعقوب وتحسين أسامة.

كما ضجت مواقع التواصل برسائل وتغريدات منددة بالحادثة.

ومنذ أن خفتت حركة الاحتجاج في 2020 مع انتشار وباء كوفيد-19 وقمع أوقع حوالي 600 قتيل و30 ألف جريح، تواصلت عمليات خطف واغتيالات وتوقيفات بحق شخصيات من الحركة. 

 

 

ويطالب المتظاهرون، إلى جانب إنهاء فساد الطبقة السياسية، بوظائف وخدمات عامة فيما يغرق العراق في أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.

العراق

يعيش في قصر وأتباعه ينتحرون.. "المولى" وقصة "القربان"

دلشاد حسين - أربيل
06 فبراير 2025

جماعة غامضة أتباعها يُقدمون على الانتحار، في حين يعيش زعيمها في قصر محاط بهالة من القدسية، فهو لا يتحدث مباشرةً إلى زوّاره، بل عبر وسيط، ولا يستضيف إلا "المتنفذين". فما قصة "المولى" الذي دخل "قصره" أحد رجال الدين وكشف لنا جزءًا من شخصيته المثيرة؟ وما قضية جماعته "القربان"؟

شهد العراق في السنوات الماضية ظهور العديد من الحركات والجماعات الدينية المثيرة للجدل، التي صنّفتها السلطات والمرجعيات الدينية بالمنحرفة، لكن جماعة القربان أو "العلاهية" تُعتبر الأكثر خطورة، لاختيارها "الانتحار" طقسًا يُقدم عليه أتباعها.

وجماعة القربان واحدة من الحركات "العليّ الهية"، أي التي تدعو إلى ألوهية الإمام علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد. وتطلق الجماعة على نفسها اسم "القربان" لأنها تعتبر الانتحار والتضحية بالنفس طقسًا رئيسيًا يقرّبها من "علي".

وبعد عام 2003، بدأت عدة حركات دينية غامضة تتشكل في العراق خاصةً في جنوب البلاد، بينها، بالإضافة إلى جماعة القربان، "جند السماء" و"أولاد الله".

شارع مظلم في بيروت
بعد ملاحقتها في العراق.. هل وصلت "جماعة القربان" إلى لبنان؟ 
"هل وصلوا إلى لبنان؟" كان السؤال الأبرز الذي تكرر لدى الرأي العام اللبناني خلال الأيام الماضية، وذلك بعد تقارير صحفية ربطت بين حادثتي انتحار شهدتهما الضاحية الجنوبية لبيروت، وبين جماعة "القربان"، التي ذاع صيتها الشهر الماضي في العراق، حيث قيل إنها تختار بالقرعة من بين أعضائها من يجب أن ينتحروا. 

وغالبية هذه الحركات تُعد جماعات "علاهية" و"مهدوية"، وهي مُصنفة ضمن الحركات الدينية المنحرفة من قِبل مراجع الشيعة والسلطات.

وتحيط الأحداث المرتبطة بجماعة القربان، من طقوس أتباعها إلى أعداد المنتحرين والمعتقلين، تعتيمًا إعلاميًا كاملًا من قِبل السلطات الأمنية، ولا توجد أي إحصائيات حكومية كاملة عنها.

وحاول موقع "الحرة" عبر اتصالات مع جهات أمنية وحكومية عراقية الحصول على معلومات عن هذه الجماعة، لكن دون جدوى.

وتُعتبر محافظة ذي قار واحدة من المحافظات العراقية التي شهدت أكثر حالات الانتحار خلال السنوات الماضية.

ويقول مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار، التابعة لمجلس النواب العراقي، داخل عبدالحسين، لموقع "الحرة": "سجّلت الجهات المعنية في محافظة ذي قار 123 حالة انتحار خلال العام الماضي 2024، منها 5 حالات كانت لمنتمين لجماعة القربان".

"جماعة القربان".. حركة دينية "منحرفة" تلاحقها السلطات العراقية
سلطت الأضواء مجددا في العراق على مجموعة دينية غامضة ظهرت قبل عدة سنوات واختفت لفترة، تعرف باسم "جماعة القربان" بالتزامن مع إعلان السلطات شن حملة أمنية واسعة لملاحقة أفرادها الذين يقدمون على الانتحار طواعية "تقربا" للإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين.

وأشار إلى أن نحو 70 بالمئة من المنتحرين هم من المراهقين والشباب الذكور، لافتًا إلى أن ذي قار سجلت 8 حالات انتحار جديدة مطلع العام الحالي 2025، دون أن يؤكد انتماء المنتحرين لجماعة القربان.

وكشف ناشطون وصحفيون، تحدث معهم موقع "الحرة"، أن المنتمين لجماعة القربان يشكلون غالبية أعداد المنتحرين المسجلين في العديد من مدن جنوب العراق ووسطه.

واللافت أن معظم هؤلاء الناشطين والصحفيين فضّلوا عدم الكشف عن أسمائهم لدواعٍ أمنية، ووفق حديثهم يُعرف المنتحر بأنه من أتباع الجماعة عبر تركه رسالة قبل الانتحار، يذكر فيها أنه "قدّم نفسه قربانًا للإمام علي".

ويُجري أتباع الجماعة قرعةً فيما بينهم لاختيار الشخص الذي سيقدّم نفسه قربانًا.

المولى.. حياة باذخة وهالة من القدسية

زعيم جماعة القربان ومؤسسها، عبد علي الحسني، الذي يلقّبه أتباعه بـ"المولى"، هو رجل دين عراقي شيعي، مقيم حاليًا في مدينة مشهد الإيرانية.

وهو معروف في أوساط الحوزة العلمية في النجف، فقد كان أحد طلابها، ومن ضمن قيادات حزب الدعوة الإسلامي. واضطر إلى مغادرة العراق إلى الكويت خلال سبعينيات القرن الماضي، إثر الاعتقالات التي شنّها نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ضد أتباع وقيادات الحزب آنذاك.

وبعد وقت وجيز، غادر الكويت واستقر في إيران.

وبعد محاولات عديدة استمرت عدة أيام، نجح موقع "الحرة" في الوصول إلى رجل دين عراقي شيعي، هو الشيخ خالد الحمداني النجفي، الذي التقى مرتين بـ"المولى" بشكل مباشر عام 2023 في مقر الأخير بإيران.

ونقل النجفي لموقع "الحرة" بعضًا من تفاصيل هذه الزيارة المثيرة ومعلومات عن هذه الشخصية الخطرة.

"ملابسه تشبه ملابس المتصوفين، ثيابه خضراء اللون، ويضع عمامة سوداء. لا يتحدث إلى ضيوفه بشكل مباشر، بل يتكلم إلى شخص من أتباعه، وهذا الشخص ينقل الكلام إلى الحاضرين، حتى أننا لم نسمع صوته بوضوح"، يقول النجفي.

ويشير النجفي، وهو أستاذ في الحوزة العلمية ومدير مدرسة العرفان في النجف، إلى أن زيارته للمولى جاءت استجابة لدعوة خاصة وجهها لعدد من الشخصيات العراقية لزيارة مدينة مشهد الإيرانية.

انتشار جماعة القربان.. حقيقة أم مبالغات؟
جماعة القربان حركة دينية ظهرت في السنوات الثلاث الأخيرة بداية في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، ثم انتشرت في محافظات الجنوب. إعلان الأجهزة الأمنية القبض على أفراد من مجموعة "جماعة القربان" جنوبي البلاد، سلط الضوء من جديد على هذه الحركة الدينية.

وكان عنوان الزيارة "قضية نَسَبية"، أي الانتساب لأسرة هذا الشخص "المولى".

ويلفت النجفي إلى أن المولى لا يلتقي إلا بالأشخاص ذوي التأثير والنفوذ، والذين يملكون مواكب حسينية ضخمة في العراق، للترويج لأفكار جماعته بشكل واسع.

ويعرب عن تفاجُئه بالمستوى المادي الهائل، والقصر الذي كان يسكن فيه المولى، وحجم الأموال المخصصة لاستضافة العديد من الشخصيات وزعماء العشائر والمسؤولين عن المواكب الحسينية.

وقال إن الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات بتهمة الانتماء لهذه الجماعة هم من الطبقات المعدمة، أما الشخصيات القيادية في الجماعة فهي بمنأى عن المحاسبة.

التدخين من سيجارة "المولى"!

ويسلّط أستاذ الحوزة العلمية الضوء على أبرز ما شاهده من طقوس خلال لقائه المولى.

وقال إن "أحد أبرز الطقوس تمثّل بتدخين المولى السيجارة بحضورنا، وعند وصوله إلى نهاية السيجارة، وقبل أن ينهيها بالكامل، أعطاها لأحد أتباعه ليدخّنها هو الآخر، ومن ثم مرّر ما تبقى من السيجارة على أتباعه الآخرين في المجلس، الذين تناوبوا على تدخينها".

ويلفت النجفي إلى درجة التقديس والتوقير التي يُبديها أتباع المولى لزعيمهم، معتبرين أنه يرتبط بعلاقة مباشرة بالإمام الحسين، وأن خطواته تأتي بتكليف مباشر من الحسين. ولا يتحدثون معه إلا بكلمات قليلة، أما من يرغب منهم بالتحدث إليه، فيجلس أولًا ثم يقترب منه تدريجيًا وهو جالس.

ووفق النجفي، عرض المولى على الحاضرين خلال اللقاء مجموعةً من الملابس والدروع، وقال لهم إنها ملابس ودروع الحسين وأصحابه. وكان من ضمن ما عرضه على الحضور نعل قديم مصنوع من خوص النخل، وأبلغهم المولى أنه مبارك لأن تاريخه يعود إلى أيام النبي محمد.

ويوضح النجفي: "مرّروا علينا هذه الأشياء لنقبّلها جميعًا، واضطررنا إلى فعل ذلك لأننا كنا ضمن حشد من الحاضرين، وللمكان رهبة وخوف".

وقال النجفي: "أكّد لنا المولى بأن الميزانية مفتوحة لزيادة الضغط باتجاه المواكب، وتشجيع الشباب على التوجّه نحو شعائر مواكب الشور، واستخدام قضايا غريبة عجيبة كالتطيين والثياب القديمة في الشعائر الحسينية، والتركيز على القضية الدينية والتشيّع".

ويعتبر توجّه هذه الجماعة نحو الانتحار وسيلةً لتسليط الضوء عليهم، بهدف جذب الشباب بطريقة عقائدية، وعبر الطقوس الغريبة والدخيلة، التي سلطت الكثير من الأضواء عليهم، وجعلتهم يمتلكون ثقلًا إعلاميًا.

ويرى النجفي أن ما تفعله "القربان" هو استغلال للواقع الاجتماعي والثقافي والتخلّف الاقتصادي الموجود في المناطق النائية والبسيطة، لجذب الشباب باتجاه هذه المنظومات المتطرفة، والولاء لزعامات قد تطلب منهم مستقبلاً أن يفعلوا ما يشاؤون رغبةً لزعيم الجماعة.

دلشاد حسين