الكاظمي قال إن زيارة البابا ستكون سببا في السلام والاستقرار
الكاظمي قال إن زيارة البابا ترسيخ الاستقرار وإشاعة روح التآخي في العراق

يستعد العراقيون لاستقبال البابا فرنسيس الذي سيزور بلادهم التي تمر بظروف صحية وأمنية حرجة، حيث يعول كثيرون على أن تسهم هذه المبادرة في دعم السلام والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد.

وبحث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأحد، ترتيبات زيارة البابا فرنسيس إلى العراق الشهر المقبل مع سفير الفاتيكان في بغداد، ميتجا لسكوفر، وسط أنباء عن عزمه توقيع "وثيقة إخاء" مع المرجع الشيعي علي السيستاني.

البابا فرنسيس سيلتقي المرجع الشيعي علي السيستاني

وقال الكاظمي إن زيارة البابا ستسهم في "ترسيخ الاستقرار، وإشاعة روح التآخي في العراق وفي عموم المنطقة"، بحسب بيان لرئاسة الوزراء العراقية.

أضاف البيان أن جهود البابا "مشهود لها حول العالم في الحد من الصراعات، وتغليب الحكمة والعقل وإعلاء قيمة الإنسان، فوق كل المصالح السياسية والنزاعات والحروب".

وأكد الكاظمي أن "العراق حكومة وشعبا بكل أطيافه وألوانه المتآزرة ينظرون بعين الترحيب والإجلال لهذه الزيارة".

وقال سفير الفاتيكان لدى العراق إنه "ممتن لجهود الحكومة العراقية في "تسهيل اجراءات الزيارة التاريخية التي سيقوم بها البابا فرنسيس الى العراق"، بحسب بيان رئاسة الوزراء العراقية.

مقتدى الصدر

وكان الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، قد أكد، الأحد، أن "البابا مرحب به في القلوب قبل العقول"، مضيفا "وصلني أن هناك بعض المعارضين لزيارة البابا فأقول إن الانفتاح على الأديان أمر مستحسن".

وموقف الصدر يأتي ردا على ما قيل إنها تصريحات لقيادي في الميليشيات العراقية قال فيها إن البابا "غير مرحب به" في العراق، وفق ما أفاد ناشطون عراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي.

لقاء مع السيستاني

وتقرر أن يلتقي البابا بالمرجع الشيعي علي السيستاني في داره في النجف، وهو لقاء فريد من نوعه بين البابا الذي يعتبر الزعيم الروحي للمسيحيين الكاثوليك، وبين السيستاني، الزعيم الروحي البارز لشيعة العراق، وأحد أكثر المراجع الدينية الشيعية تأثيرا في العالم.

وزار وفد كنسي مدينة النجف الدينية العراقية للتباحث مع مكتب السيستاني بشأن تفاصيل لقاء الشخصيتين.

"وثقية أخوة إنسانية"

ونقلت وكالة شفقنا المقربة من المرجعية في النجف عن السفير العراقي في الفاتيكان رحمن العامري ترجيحه توقيع وثيقة لـ"لأخوة الإنسانية" بين السيستاني والبابا "تسمح بترسيخ علاقات الثقة المتبادلة بين جميع المكونات".

وحاول "موقع الحرة" الحصول على تفاصيل من مكتب السيستاني حول الوثيقة المذكورة، لكنه لم يتلقى ردا.

علي السيستاني شخصية دينية لها تأثير كبير في العراق وخارجه

وسيبحث الطرفان، بحسب العامري "سبل الحوار بين الأديان"، و"قضايا الحد من التطرف ونبذ الكراهية وإشاعة قيم السلام ومؤازرة سكان المناطق المحررة"، وبالخصوص "سكان سهل نينوى والموصل والمدن المجاورة".

وقالت مصادر كنسية عراقية إن برنامج البابا سيتضمن إضافة إلى محطة النجف ولقاء السيستاني، زيارة "منزل النبي إبراهيم" في محافظة ذي قار، والذي يمثل رمزا للتقارب بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وسيقيم الصلاة في مناطق سهل نينوى في كنيسة كان تنظيم داعش يسيطر عليها، كما سيقيم قداسا كبيرا في إحدى ملاعب إقليم كردستان العراق.

إنبوب النفط العراقي

رغم حالة الغموض التي تكتنف مسار العلاقات بين العراق وسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يبرز بين حين وآخر حديث عن محاولات لفتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين.

إحدى أهم الخطوات في هذا المجال المساعي لإحياء خط أنابيب النفط العراقي المار عبر سوريا.

وبدأت الحكومة العراقية رسميا، في أبريل الماضي، محادثات مع الجانب السوري لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري المطل على البحر المتوسط. وقد زار وفد عراقي رفيع المستوى دمشق لمناقشة خطط إعادة تأهيل الخط الذي ظل معطلا لعقود بسبب الحروب والإهمال.

وفي 25 أبريل، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أن وفدا حكوميا برئاسة حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات، وصل إلى دمشق بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتقى بالرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين السوريين.

وذكر البيان أن المباحثات شملت قضايا متعددة من بينها مكافحة الإرهاب، تعزيز أمن الحدود، والأهم من ذلك، بحث إمكانية إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الواصل بين كركوك وبانياس.

مصالح استراتيجية مشتركة

يقول مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، لقناة "الحرة" إن بغداد ودمشق تتشاركان الرغبة في استئناف تشغيل الخط، الأمر الذي سيعود بالنفع على البلدين وعلى لبنان أيضا.

"المناقشات بين الحكومتين مستمرة منذ فترة، وقد شهدت مؤخرا تقدما ملموسا على مستوى اللجان الفنية".

ويضيف صالح أن التركيز الحالي منصب على الجوانب اللوجستية والفنية والقانونية، لا سيما إعادة تأهيل البنية التحتية وضمانات الأمان اللازمة لتشغيل الخط بشكل مستدام.

ويؤكد أن إعادة تشغيل الخط ستسهم في تسريع خطة العراق لتنويع مسارات تصدير النفط، خصوصا نحو الأسواق الأوروبية:

"خط كركوك–بانياس يمنح العراق مرونة استراتيجية وتكلفة أقل، خاصة في ظل التحول الإقليمي نحو الاستقرار والتنمية المستدامة".

ويشير صالح إلى أن هذا المشروع يمكن أن يعزز الاستثمار في قطاع النفط العراقي ويساعد البلاد على الوصول إلى هدف إنتاج 6 ملايين برميل يوميا، تماشيا مع الطلب العالمي المتزايد في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

خلفية تاريخية

أُنشأ خط أنابيب العراق–سوريا عام 1934، بطول نحو 900 كيلومتر، ويمتد من حقول كركوك شمالي العراق مرورا بالأراضي السورية. وكان ينقسم إلى فرعين: أحدهما ينتهي في بانياس، والآخر في ميناء طرابلس في لبنان.

وقد شكل هذا الخط مسارا حيويا لتصدير النفط خلال القرن العشرين، حتى أوقفه النظام السوري عام 1982 أثناء الحرب العراقية–الإيرانية. ومنذ ذلك الحين، اعتمد العراق على مسارات أخرى مثل خط العراق–تركيا (ITP).

لكن أجزاء كبيرة من خط كركوك–بانياس تعرضت للدمار والسرقة، خاصة في المناطق السورية المتأثرة بالحرب، ولم يضخ العراق أي نفط عبر الأنبوب منذ أكثر من 40 عاما.

تحديات

يرى خبير الطاقة غوفيند شيرواني أن محاولات إحياء خط كركوك–بانياس مدفوعة حاليا باعتبارات سياسية أكثر من كونها اقتصادية أو تقنية.

وفي حديثه لـ"الحرة"، يحدد شيرواني ثلاثة عوائق رئيسية:

أولها الأمن، إذ يمر الخط عبر مناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة السورية، حيث تنشط خلايا داعش وجماعات مسلحة أخرى".

ويحذر شيرواني من أن ضمان الأمن الكامل على طول المسار شرط أساسي لأي تقدم.

العائق الثاني يتجسد في الحالة الفنية. ويشير خبير الطاقة إلى أن الخط الحالي "قديم، متآكل، وتعرض للتلف في عدة مناطق بشكل لا يمكن إصلاحه". هناك حاجة لإنشاء خط جديد كليا أو تعديل المسار بناء على الوضع الميداني.

وأخيرة العائق المالي، فبناء خط جديد بطول 800 كيلومتر سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات، وسيتطلب ميزانية تتراوح من 4 إلى 5 مليارات دولار، تشمل الأنابيب ومحطات الضخ ومراكز المراقبة والأمن.

خيارات بديلة

تزامنت عودة الاهتمام العراقي بالمسار السوري مع استمرار المفاوضات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والشركات الدولية لاستئناف صادرات النفط عبر تركيا، والتي توقفت منذ أكثر من عامين بقرار من محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات نفط الإقليم.

وأوضح شيرواني أن مقارنة خطي بانياس وجيهان التركي أمر طبيعي، لكنه أضاف: "خط جيهان جاهز من الناحية الفنية، والعوائق أمامه محدودة تقنيا وماليا، أما خط بانياس فهو مشروع جديد تماما ويتطلب دراسة جدوى اقتصادية كاملة".

ومع ذلك، يرى شيرواني أن كلا المسارين مهمان ويتوافقان مع سياسة العراق الرامية إلى تنويع منافذ التصدير وتقليل الاعتماد على الممرات المهددة في منطقة الخليج، خاصة مع التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائهما الإقليميين.

وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى "الحرة"، فإن إعادة تشغيل خط كركوك–بانياس قد تحقق عوائد مالية كبيرة لسوريا، من خلال خلق آلاف من فرص العمل، والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، إضافة إلى دعم سوق الوقود المحلي عبر تكرير النفط العراقي بأسعار مخفضة في مصفاة بانياس.

العقبة الإيرانية

يؤكد المستشار الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، أن المشروع اقتصادي في جوهره، لكنه معقد سياسيا وأمنيا، خاصة بسبب النفوذ الإيراني في العراق.

يقو القاضي إن المشكلة لا تتعلق بالبنية التحتية فقط، بل بوجود فصائل داخل العراق تعارض الحكومة السورية الجديدة، وتعتبرها دمشق أدوات إيرانية.

"طالما بقيت هذه الأطراف نشطة، لا أعتقد أن المشروع سيمضي قدما، حتى وإن تم توقيع الاتفاق".

ويرى القاضي أن على بغداد اتخاذ موقف واضح ضد التدخلات الخارجية. ويلفت إلى أن التوترات الطائفية ما زالت تعيق التعاون الإقليمي.

تفاؤل حذر

رغم أن إعادة إحياء خط كركوك–بانياس يمثل فرصة استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية لكلا البلدين، لا تزال العقبات أمام تحقيقه كبيرة. ويعتمد التقدم في هذا المشروع على حلول هندسية واستثمارات مالية، إلى جانب تحسين الوضع الأمني وتسوية النزاعات السياسية العالقة.

في الوقت الراهن، يُعد المشروع اختبارا لإمكانية الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وقدرة الدول الخارجة من النزاعات على التحول نحو تعاون مستدام.