البابا اضطر إلى السير حوالي 30 مترا على طول زقاق ضيق للوصول إلى منزل السيستاني بعد مغادرة سيارته
البابا اضطر إلى السير حوالي 30 مترا على طول زقاق ضيق للوصول إلى منزل السيستاني بعد مغادرة سيارته

ظهر المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني في مقطع مصور جديد خلال لقائه التاريخي مع بابا الفاتيكان، السبت، في مدينة النجف.

وانتشر المقطع المقتضب الصامت، على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ساعات من لقطات مصورة بثت أيضا للقاء الرجلين ظهرا فيها جالسين من دون أن يكلم أحدهما الآخر.

وخلال المقطع الجديد يظهر البابا فرانسيس واقفا أمام السيستاني وهو يمسك بيديه ويتكلم أحدهما للآخر، فيما أشار ناشطون إلى أن الواقعة حصلت بعد انتهاء اللقاء أثناء توديع المرجع الشيعي لبابا الفاتيكان.

وكان الزعيم الروحي لـ1.3 مليار مسيحي في العالم التقى بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي يعد أعلى سلطة روحية بالنسبة للعديد من مئتي مليون شيعي في العالم. 

وفي اللقاء المغلق الذي دام نحو ساعة، أكد السيستاني على "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام"، بحسب بيان صدر عن مكتبه بعد الاجتماع. 

والسيستاني البالغ من العمر 90 عاما هو أحد أكثر الشخصيات نفوذا في المذهب الشيعي سواء في العراق أو خارجه، وكان اجتماعه مع البابا هو الأول بين رأس للكنيسة ومرجع شيعي أعلى.

وعقد الاجتماع في منزل السيستاني المتواضع الذي يستأجره منذ عقود ويقع في زقاق ضيق بمدينة النجف قرب مرقد الإمام علي ذي القبة الذهبية.

واضطر البابا إلى السير حوالي 30 مترا على طول زقاق للوصول إليه بعد مغادرة سيارته.

وعرضت الوكالات العالمية لقطات لموكب البابا، وهو يتحرك في النجف، قبل أن ينزل منه ويسير في طريق ضيق يؤدي إلى منزل السيستاني.

ولم يسمح للإعلام بحضور اللقاء المغلق الذي استمر لمدة ساعة تقريبا، لكن الإعلام التابع للفاتيكان التقط صورا تاريخية للقاء الزعامتين الدينيتين في منزل السيستاني.

وقال مصدر في مكتب الرئيس العراقي برهم صالح إن المرجع الديني الأعلى للشيعة علي السيستاني وضع شرطا للموافقة على لقاء البابا فرنسيس الذي يقوم بجولة بابوية في العراق.

وذكرت رويترز أن "مصدرا في مكتب الرئيس قال إن السيستاني وافق على لقاء البابا بشرط ألا يحضر أي مسؤول عراقي الاجتماع".

ونادرا ما يقبل السيستاني (90 عاما) اللقاءات، ورفض إجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي الحالي، ورؤساء وزراء سابقين حسبما قال مسؤولون مقربون منه. 

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول ديني في النجف، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، القول إن الاجتماع مع البابا كان "إيجابيا للغاية".

وأضاف المسؤول أن "السيستاني، الذي يظل عادة جالسا عندما يزوره شخص ما، وقف لتحية البابا فرانسيس عند باب الغرفة التي جرى فيها اللقاء، وهو شرف نادر".

وقالت الوكالة إن البابا خلع حذاءه قبل دخول الغرفة التي جرى فيها اللقاء، وتم تقديم الشاي وعبوة ماء بلاستيكية له بمجرد دخوله.

وأضافت أنه "في مرحلة ما من لقائهما، الذي استمر 40 دقيقة، حمل البابا يدي السيستاني بحذر شديد، بينما كان المرجع الشيعي يتحدث".
 

منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي
منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي

تتسارع الخطى وتتسابق الأيدي في قلب العاصمة العراقية بغداد من أجل إعادة الرونق إلى شارع الرشيد بمبانيه المميزة ومعالمه الشهيرة التي تعكس تاريخ المدينة العريق ضمن مبادرة انطلقت قبل أكثر من عام لإحياء "نبض بغداد".

المبادرة ممولة من صندوق المبادرات الاجتماعية "تمكين"، وتشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء وتنفذها أمانة بغداد مع رابطة المصارف الخاصة، ونجحت في مرحلتيها السابقتين في تطوير وإعادة تأهيل شارعي المتنبي والسراي، وحاليا دخلت مرحلتها الثالثة في شارع الرشيد.

يمتد شارع الرشيد لمسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات من سوق هرج في منطقة الميدان إلى جسر الجمهورية، ويضم عددا كبيرا من المباني والأسواق القديمة، فضلا عن بعض المباني التراثية التي لها خصوصية لدى البغداديين، منها فندق قديم غنت فيه أم كلثوم، وبعض المقاهي التي كانت ملتقى للمثقفين والنخب السياسية.

وعند جامع الحيدر خانة الذي يعود تاريخ تشييده للحقبة العباسية، يقوم الحرفيون بتجديد واجهات المباني، التي تهالكت نتيجة عوامل الزمن وعدم إجراء ترميمات حقيقية، كجزء من حملة ترميم تشمل عشرات المباني في شارع الرشيد أنجز منها أكثر من 15 مبنى حتى الآن.

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية عارف الساعدي إن الخطة المرسومة لشارع الرشيد هي إعادة الحياة لهذا الشارع الثقافي بعد تأهيله وإرفاقه بالخدمات الضرورية.

وأضاف أنه سيتم إحياء المقاهي البغدادية في هذا الشارع وفتح المكتبات وتشجيع العمل على الحرف الشعبية الحرفية ومحال الأنتيكات.

وأشار إلى أنه ستكون هناك بلدية لبغداد التاريخية مستقلة عن جميع بلديات بغداد لها خصوصيتها وتعليماتها وأنظمتها الداخلية.

وتشمل الأعمال الجارية ترميم واجهات المباني الخاصة والحكومية وإعادة تأهيلها وتحديث البنية التحتية وتركيب إضاءة ليلية.

وقال المهندس المشرف على المشروع محمد الصوفي إنه تم إنجاز 15 بناية ويجري العمل على تسع أخرى ليتم بعدها المباشرة بمجموعة أخرى، مشيرا إلى أن عمر بعض المباني يرجع لأكثر من قرن مضى وهو ما جعل المواد المستخدمة في الترميم متعددة وتختلف وفق المرحلة الزمنية التي شيدت فيها البناية.

وأشار إلى أن بعض المباني تحتاج لترميم خاص مثل "فندق الهلال" الذي كانت تغني فيه أم كلثوم ومقهى "حسن عجمي" الذي شيدت أجزاء منه بالخشب لا سيما الجزء العلوي.

وأكد أن خطط تطوير المنطقة التاريخية طموحة "فبعد إكمال شارع الرشيد سنؤهل الواجهة النهرية لمدينة بغداد التاريخية".

رواج سياحي

يعود تاريخ شارع الرشيد إلى أكثر من 100 عام، حين أسسه الوالي العثماني خليل باشا الذي يقع منزله في الشارع وتحول الآن إلى متحف، وتبدلت تسمياته على مر العقود حتى اكتسب مسماه الحالي عام 1936 على يد العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة العباسي هارون الرشيد.

ويعتقد القائمون على مشروع "نبض بغداد" أن تطوير شارع الرشيد لا تكمن أهميته في الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة فحسب لكنه سيوفر فرص عمل جديدة لأهالي المدينة ويجعلها أكثر جذبا للسياح.

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد عُدي الجنديل إن من المقرر الانتهاء من الأعمال الحالية لتأهيل شارع الرشيد في أغسطس، موضحا أنه ستكون هناك مراحل لاحقة.

وأضاف أنه بجانب "إعادة الحياة للمباني التاريخية وتأهيلها ستدخل بعض الإضافات على الشارع لتهيئته سياحيا حيث سيتم إنشاء ترام سياحي يبدأ من ساحة الميدان وصولا إلى نهاية شارع الرشيد".

وأوضح أنه سيجري خلال الفترة القليلة القادمة استقبال عروض الشركات لمشروع الترام حتى يخرج بشكل حضاري ومستدام بعيد عن مد أي أسلاك تشوه منظر المنطقة، وسيجري تسييره ببطىء من أجل الاستمتاع بأجواء الشارع التراثية.

وقال الجنديل "وجهنا أصحاب المتاجر إلى ضرورة تغير عملهم بما ينسجم مع خصوصية المنطقة وشكلها التاريخي والحضاري" مبينا أن العمل يجري بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة وهي التي تقرر شكل البناية هل هي أثرية أم تراثية.