بدأت السلطات العراقية، جنبا إلى جنب، مع أطراف دولية داعمة مثل مؤسسة سميثسونيان الأميركية، عملية إعادة بناء متحف الموصل، واستعادة المدينة مكانتها كمركز حيوي للثقافة في العراق.
وفي عام 2019، زار فريق من مؤسسة سميثسونيان بواشنطن، المتحف لتقييم الأضرار والبدء في وضع خطة لإعادة الإعمار، كجزء من مشروع بالتعاون مع متحف اللوفر الفرنسي، وصندوق الآثار العالمي، ومؤسسة أليف بسويسرا.
وذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن المتحف الذي كان رمزا للتعدد الثقافي داخل المجتمع العراقي، حاول تنظيم داعش تدميره خلال الثلاث سنوات التي خضعت المدينة لحكمه، قبل أن يطردوا منها في عام 2017.
وقال الباحث بمعهد سميثسونيان، ريتشارد كورين، الذي يشارك في مشروع تأهيل متحف الموصل، إن عملية الترميم من الممكن أن تساعد العراقيين في التغلب على الدمار الذي أحدثه تنظيم داعش.
وبجانب عملية إصلاح مبنى المتحف المتضرر بشدة، فإن الفريق المسؤول عن المشروع يواجه تحديا آخر، وهو فرز آلاف القطع الأثرية المختلفة التي دمرها مقاتلو تنظيم داعش.
وقد صمم الفريق شبكة على الأرض، حيث وضع علامات على كل قطعة أثرية قبل نقلها بعناية إلى منشأة تخزين، مخصصة للترميم في المستقبل وإعادة التجميع المحتملة.
ووصف مدير مبادرة الإنقاذ الثقافي لمؤسسة سميثسونيان، والضابط السابق في الجيش الأميركي، كوري فيجنر، عملية ترميم الآثار بالقول "لقد تعاملنا مع الأمر كمسرح جريمة بارد".
وبعد أن قام فريق الترميم بتأمين المتحف، وإصلاح السقف الذي أصابته قذائف الهاون، وغربلة أكوام الحطام، انخرط مدير المتحف، زايد غازي ومساعدوه الآن، في "عملية التخطيط الدقيقة للعصر القادم للمتحف"، بحسب وصف الصحيفة الأميركية.
وقال غازي، للصحيفة الأميركية، واصفا لحظات هدم داعش للآثار بالمتحف في عام 2015، "كان أمرا لا يصدق.. لقد ظهرت الكراهية العميقة في قلوبهم".
والتقت "وول ستريت جورنال" مع عدد من الآثاريين العراقيين، من بينهم المؤرخ ومؤسس مدونة "عين الموصل"، عمر محمد، والذي علق على أنباء تجديد المتحف قائلا، إن "إعادة تأهيل المتحف، هي أفضل طريقة لإعلان نهاية داعش، وبدء فترة جديدة في تاريخ الموصل الحالي.. إنها فرصة لاستعادة هوية المدينة".
وقالت الصحيفة الأميركية، إن التاريخ يظهر أن إعادة بناء المعالم يمكن أن تساعد المجتمعات التي دمرتها الحرب في طوي الصفحة المؤلمة، كما حدث في البوسنة عام 2004، عندما تم ترميم جسر "موستار" إثر حرب البلقان، وأيضا كما حدث مع المباني الأوروبية التي دمرت خلال الحرب العالمية الثانية.
وكان تنظيم داعش هاجم عدة مدن ومواقع تراثية في العراق وسوريا المجاورة، مثل الآثار الرومانية في مدينة تدمر السورية، وتفجير مئذنة المسجد النوري في الموصل، والتي ظلت صامدة لأكثر من 800 سنة.
وعقب سيطرتهم على المدينة، توجه مقاتلو تنظيم داعش" إلى متحف الموصل، الذي يعد ثاني أكبر متحف في العراق وموطن القطع الأثرية التي تعود إلى الإمبراطورية الآشورية.
وفي فبراير 2015، أصدر التنظيم مقطع فيديو، يظهر أعضائه وهم يستخدمون مطارق ومثاقب لتدمير القطع الأثرية غير الإسلامية، التي وصفوها بأنها أصنام.