على طول شريط يمتد من خانقين على حدود إيران، وإلى القائم على حدود سوريا، ينشط تنظيم داعش في العراق بين محافظات ديالى، كركوك، نينوى، صلاح الدين، والأنبار ومناطق بغداد الشمالية.
التنظيم الذي هُزم عسكريا وطرد من مناطق نفوذه الواسعة في 2017 بعد حملة عسكرية كبيرة اشتركت فيها الولايات المتحدة ودول أوربية والعراق ومسلحين من الكرد والعرب في سوريا، لا يزال بحسب الخبير الأمني والضابط في الجيش العراقي السابق، محمد متقي، "يمارس دورا كبيرا في تخريب الوضع الأمني والاستقرار" في بلاد ما بين النهرين.
ولأن صورته الإعلامية "حيوية لنشاطه" كما يؤكد متقي لموقع "الحرة" فقد حرص تنظيم داعش السبت الماضي على تنفيذ هجمات منسقة في مناطق تون كوبري في كركوك، وبني جميل في ديالى، وعكاشات في الأنبار، والطارمية شمالي بغداد.
وقتل في تلك الهجمات 18 عسكريا عراقيا من الجيش والحشد والبيشمركة وقوات وزارة الداخلية.
ويقول متقي إن "الضجة الكبيرة التي أولاها التنظيم لهذه الهجمات تؤكد أنه لا يزال يحاول الظهور إعلاميا بمظهر المسيطر"، مضيفا أن "داعش ليس مسيطرا، لكنه يستغل الثغرات ويتحرك في مناطق الفراغ الأمني وتشابك الصلاحيات، ويستفيد من رداءة إدارة المعارك ليضرب ويهرب".
ويقول مصدر أمني من بغداد إن "مقاتلي داعش ينتشرون من التاجي والطارمية شمالي بغداد إلى يثرب وبلد والدجيل وحتى الشرقاط في صلاح الدين، مستغلين طبيعة وجود البساتين الكثيفة في المحافظتين".
وبحسب المصدر، وهو ضابط مسؤول في الجيش العراقي في تلك المناطق فإن "عناصر داعش يتحركون بسرعة، وهم يستخدمون الزوارق أحيانا والسيارات والمشي في كثير من الأحيان".
ويضيف المصدر لموقع "الحرة" أن "لعناصر التنظيم حواضن في القرى، أغلبهم تحت طائلة التهديد وبعضهم يرتبط مع مقاتلي التنظيم بالقرابة"، مضيفا أن "زيادة الهجمات بهذه الطريقة تنذر بالخطر".
ويؤكد أحد وجهاء منطقة المقدادية في محافظة ديالى في العراق أن "المشكلة معقدة، بين السكان والصراعات بين القوى الأمنية والمصالح المادية الكبيرة، ووجود تنظيم داعش".
ويقول "أبو عمار" وهو أحد وجهاء عشائر المقدادية إن "السيطرة على المشهد الأمني في مناطق المحافظ مقسمة بين قوات وزارة الداخلية العراقية وقوات الجيش وقوات الحشد الشعبي"، مضيفا أن "هناك أيضا العديد من الميليشيات التي تعمل في المنطقة".
ويقول أبو عمار لموقع "الحرة" إن "الميليشيات تمتلك نشاطات اقتصادية كبيرة وتعمل في المناطق نفسها التي ينتشر فيها داعش وبنشاطات متشابهة تعتمد بشكل كبير على تهريب السلع والمنتجات النفطية والحيوانات من وإلى إيران".
وتنشط عصابات التهريب بشكل كبير مع عدد من الدول المجاورة للعراق، ويقول الخبير محمد تقي إن "وجود الميليشيات منتشرة على خط التهريب بين إيران وسوريا وتركيا والسعودية وتركيا ليس صدفة"، كما إن تحرك تنظيم داعش في هذا الخط "ليس صدفة أيضا".
ويقول أبو عمار إن "الميليشيات تتحدى سلطة القوات الرسمية، وهذا ما يعقد الوضع في تلك المناطق، كما إن تنظيم داعش يتخفى بملابس الميليشيات أحيانا لتفادي المحاسبة الأمنية".
وتقول المؤسسة الرسمية العراقية إن "الهجمات الأخيرة التي شنها تنظيم داعش ضد القوات الأمنية هي "محاولة لفك الضغط" عنه.
وتشن القوات العراقية هجمات واسعة في مناطق محافظة نينوى الجبلية، تهدف إلى تدمير أوكار التنظيم فيها. وتبدو تلك الهجمات متزامنة فعلا مع هجمات داعش، التي قد تكون ردودا انتقامية من التنظيم.
والسبت، قال اللواء يحيى رسول المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة إن "الضربات "كانت موجعة لبقايا داعش، وتم قتل عدد من الإرهابيين وضبط معدات ووثائق وكشف مواقع مهمة لتخزين العبوات".
ويبدو إن تنظيم داعش يقوم بنشاطات مماثلة عبر الحدود في سوريا، إذ حذر المبعوث الأممي إلى البلاد، غير بيدرسون، الأربعاء، من أنشطة تنظيم داعش في مناطق دخل سوريا، مشيرا إلى أن "التنظيم يعزز من هجماته في وسط البلاد وشمالها الشرقي".
ويعقد وجود تنظيم داعش وهجماته وضع العراق وسوريا غير المستقر أمنيا، كما إن "وجود الميليشيات في البلدين يعيق جهود القوات التي تحارب تنظيم داعش".
ويقول المحلل الأمني العراقي، سمير مرتضى، لموقع "الحرة" إن "الميليشيات تفرض أجندتها الخاصة، ولا تبدو على عداء كبير مع تنظيم داعش بقدر عداءها مع القوات الدولية التي تحارب التنظيم".
وبحسب مرتضى فقد "شنت الميليشيات عشرات الهجمات على قواعد القوات التي تحارب تنظيم داعش مما حد من قدرتها على الحركة، بينما لم تشن هجمة واحدة ضد التنظيم، على الرغم من أنها تدعي أنها موجودة للدفاع ضد التنظيم".
وقالت مصادر أمنية عراقية، الاثنين، إن قاعدة بلدة الجوية تعرضت إلى استهداف بثلاثة كاتيوشا على الأقل.
والأحد، سقط صاروخان على الأقل، الأحد، قرب محيط مطار بغداد في العاصمة، استهدفا كما يبدو قاعدة "فيكتوريا" العسكرية التي يتواجد فيها جنود من قوات التحالف.
وفي نهاية أبريل، تعرض مطار بغداد للاستهداف بثلاثة صواريخ كاتيوشا، في محيط مطار بغداد الدولي من الجهة الجنوبية. وبينت المصادر، أن أحد الصواريخ سقط بالقرب من قاعدة فكتوريا العسكرية الأميركية.
وغالبا ما تنسب واشنطن الهجمات المماثلة التي تستهدف قواتها أو مقراتها الدبلوماسية لمجموعات مسلحة عراقية موالية لإيران.