منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق صدام حسين في عام 2003، عانى العراق من الكثير من الصراعات والحروب الأهلية، وزيادة نفوذ الميليشيات والجماعات المسلحة.
وفي الوقت الذي يستعد فيه العراق لإجراء انتخابات في أكتوبر، فقد العراقيون الأمل في دولة حديثة، ويرفضون المشاركة في الانتخابات. ويسألون، ما هو المغزى؟ متى استطاعت الحكومة التي سينتخبونها أن تحكم في الوقت لذي تدار فيه الدولة من قبل الميليشيات والفصائل ورؤساء القبائل؟
ولكن بحسب مجلة "إيكونوميست" هناك سبب للأمل، هو أن العراق أقل عنفاً مما كان عليه في السنوات الماضية. منذ هزيمة داعش في عام 2017، عاد قدر من الهدوء، مما سمح للشركات بالعمل، وعاد الأطفال يذهبون إلى مدارسهم دون خوف من أن تفجرهم سيارة مفخخة.
وأكدت المجلة أن هذا السلام النسبي والسلام يخلق فرصة للعراقيين لبناء دولة فاعلة، خاصة في حالة تعافي الاقتصاد من صدمة وباء كورونا.
نزع سلاح الميليشيات
وترى المجلة أن أول خطوة لتحقيق هذه الاتجاه هي نزع سلاح الميليشيات. تم إنشاء العديد من هذه الجماعات المسلحة ذات الأغلبية الشيعية لهزيمة داعش. فقد حث آية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في البلاد، الشباب على الانضمام إلى القتال. ومع ذلك، عندما انتهت الحرب، لم يلقوا أسلحتهم. على العكس بدأوا في التشويش على الحكومة.
زادت ميزانية رواتب الميليشيات سنويًا، من 1.3 تريليون دينار عراقي (1.1 مليار دولار) في عام 2018 إلى 3.5 تريليون دينار عراقي في عام 2021. وتنفق الحكومة العراقية الآن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي على قواتها المسلحة غير الرسمية،هذا لا يشمل الأموال التي تجنيها الميليشيات من التهريب والابتزاز.
بالإضافة إلى أن الكثير من هذه الميليشيات ليسوا موالين للدولة، ياخذون أوامرهم من إيران ومن أمراء الحرب الفاسدين.
وذكرت المجلة أنه سيكون من المفيد أن يخبر آية الله السيستاني، الذي التزم الصمت مؤخرًا، الميليشيات بأن مهمتهم قد انتهت. وأضافت أنه على الحكومة أن تسعى لتولي مسؤولية الإقطاعيات الواسعة التي تسيطر عليها الميليشيات ودمج بعض مسلحيها في الجيش العراقي، تحت التسلسل القيادي النظامي وتسريح البقية وإخراجهم من التقاعد.
وأوضحت أن ذلك سيكون مكلفا وخطير، لأن بعض زعماء الميليشيات يسعون إلى محاكاة فيلق الحرس الثوري الإيراني، القوة التي تهيمن بشكل فاسد على الاقتصاد الإيراني وتتلقى الأوامر فقط من أعلى رجل دين في إيران.
ولفتت إلى أنه تمت صياغة خطة لتسريح الميليشيات العراقية منذ سنوات. يجب إزالة الغبار عنها وتنفيذها.
رفع الدعم
وبحسب المجلة، الخطوة الثانية لبناء الدولة هي تقليص حجم الوظائف المدنية في الدولة. حيث تلتهم الرواتب والمعاشات التقاعدية للعاملين في القطاع العام في بعض الأحيان أكثر من جميع عائدات النفط للدولة، كما أنها تلتهم الأموال التي يمكن استخدامها للمدارس والمستشفيات ورعاية المحتاجين حقًا.
أما الخطوة الثالثة هي إلغاء الحكومة دعم الطاقة، الذي يكلف 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت أنه للمساعدة في تحقيق كل هذا، يحتاج الناخبون إلى التصويت. على الرغم من أن هذا قد يكون مخيفًا في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات، إلا أنه عندما يقاطع العراقيون الاقتراع، فإن ذلك يرسخ قبضة الجماعات المسلحة والفصائل الفاسدة المكروهة.
وقالت: "سيكون من المفيد أن يقوم المتظاهرون الذين نظموا مظاهرات عام 2019 بتنظيم أنفسهم وتقديم بديل. إذا تعذر ذلك، يجب على الناخبين اختيار أفضل مرشح في منطقتهم".
وأكدت أن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه الكثير من المعارضة لمثل هذه الإصلاحات إذا حاولت ذلك. وأضافت: "بناء الدولة صعب وسيستغرق وقتا طويلا. لكن هذا في مصلحة العراقيين. إن تجربة الفوضى الأخيرة لبلدهم يجب أن تجعلهم على دراية بثمن الفشل".