حادث محاولة اغتيال رئيس الوزراء جاء في وقت يعاني فيه العراق من أزمة سياسية
حادث محاولة اغتيال رئيس الوزراء جاء في وقت يعاني فيه العراق من أزمة سياسية

مع تزايد الاتهامات بضلوع ميليشيات مدعومة من إيران في محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، تثار التساؤلات عن الخطوات المقبلة التي قد تتخذها الحكومة العراقية للتعامل مع هذه الفصائل المسلحة، وشكل العلاقة في المستقبل بين بغداد وطهران. 

وفي حين امتنع المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، الإثنين، عن تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم، أكد أن هناك مجموعات متعددة مدعومة من إيران تعمل داخل العراق وقادرة على شن مثل هذه النوع من الهجمات.

سلاح وميليشيات إيرانية

وفي مقابلة مع "الحرة"، الإثنين، قال قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية، كينيث ماكينزي، إن الهجوم على رئيس الوزراء العراقي "كان إجراميا"، متهما "مليشيات إيرانية بالوقوف وراءه"، مشيرا إلى أن واشنطن "منزعجة" مما حصل.

ويقول المحلل العراقي، رعد هاشم، لموقع "الحرة"، إن محاولة الاغتيال جاءت بطائرات مسيرة تملكها، بشكل حصري، فصائل مدعومة من إيران. 

ونجا الكاظمي من محاولة اغتيال، فجر الأحد، بطائرتين مسيرتين استهدفتا مقر إقامته في بغداد، بعد أن انطلقتا من شمال شرق البلاد. 

استهداف منزل رئيس الوزراء بطائرتين مسيرتين في المنطقة الخضراء

وأضاف هاشم "هذا الحادث يحمل بصمات ميليشيات موالية لإيران، وهي نفس البصمات التي استهدفت المصالح الأميركية في العراق". 

في المقابل، يرد الأكاديمي والباحث السياسي الإيراني، حسين رويران، إنه "ليست هناك معلومات تثبت أن هذه الطائرة المسيرة إيرانية"، مضيفا أنه "يمكن أن يكون هناك طرف آخر أراد الوقيعة بين إيران وبعض أطراف الحكم في العراق". 

وأضاف في حديثه مع موقع "الحرة" أن "التحقيق في هذا الإطار بدأ ولكن لم يصل إلى استنتاجات حتى نتهم هذا الطرف أو ذاك، لكن إيران تقول بشكل حاسم أن لا دور لها كما أنه لا دور للكثير من التيارات السياسية التي قد تختلف مع الكاظمي في العملية السياسية". 

توتر سياسي

وجاءت محاولة اغتيال الكاظمي، على وقع توتّر سياسي مرتبط بنتائج الانتخابات النيابية التي أجريت قبل شهر ولم تحسم بعد. 

وترفض الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، والتي لها أذرع سياسية في الدولة، نتائج الانتخابات، وصعدت من احتجاجاتها في الفترة الأخيرة، حيث يقيم مناصروها اعتصاما أمام بوابات المنطقة الخضراء منذ نحو ثلاثة أسابيع، تنديدا بـ "تزوير" يقولون إنه شاب الانتخابات التشريعية المبكرة، ويطالبون بفرز كامل للأصوات.

وقبل الهجوم على منزل رئيس الحكومة، وقعت صدامات بين معتصمين مطالبين بإعادة فرز الأصوات وقوات الأمن بعد محاولات لاقتحام المنطقة الخضراء، التي تحوي المقرات الحكومية وسفارات أجنبية منها السفارة الأميركية.

وقال ماكينزي في مقابلته مع "الحرة": إن "ما رأيناه هو مجموعات مرتبطة بإيران ترى أنها لا تستطيع التمسك بالسلطة قانونيا، والآن تلجأ للعنف لتحقيق أهدافها، وهذا ليس جيدا".

وأكد أن قوات الأمن العراقية "ستستطيع مقاومة ذلك، ولكن هذا يبعث على القلق، بأن المليشيات المدعومة من إيران وبطريقة واضحة، لجأت لأعمال إجرامية ضد رئيس وزراء العراق".

ويرجح هاشم أن استهداف الكاظمي "ربما جاء ليعمق الخلاف حول الأزمة الكبيرة في العراق، المتمثلة في عدم رضا الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران على نتائج الانتخابات، لكنه زاد من شعبية الكاظمي ومن حنق الشعب ضد هذه الفصائل التي تريد أن تفرغ الدولة من محتواها". 

آثار الهجوم على منزل الكاظمي بطائرتين مسيرتين

وأشار هاشم إلى أن "الفصائل المسلحة المدعومة من إيران لا تريد تجديد ولاية ثانية للكاظمي في منصب رئاسة الوزراء، بعكس الأميركيين ودول الإقليم". 

وقال: "إيران لا ترغب في ذلك، لأنها تجد أنه غريم للفصائل التي تدعمها .. ولذلك لن تدعمه إلا إذا قدم لها تعهدات مشروطة بأنه سيدعم" الفصائل التي تواليها. 

لكن رويران يختلف مع هاشم، قائلا: " لا يمكن لإيران أن تتقبل التطاول على رئيس الوزراء، لأنه يمثل موقعا أساسيا في الخارطة السياسية العراقية وهو منتخب من الأكثرية البرلمانية في النهاية"

وأضاف "ليست إيران هي التي تحدد إن كان الكاظمي سيستمر في رئاسة الوزراء أو أن يأتي غيره، لأن الأكثرية البرلمانية هي التي تحدد ذلك". 

وكان الكاظمي (54 عاما) رئيس المخابرات العراقية السابق قبل أن يصبح رئيسا للوزراء في مايو العام الماضي. وتعتبره الميليشيات قريباً من الولايات المتحدة، وقد حاول الموازنة بين تحالفات العراق مع كل من الولايات المتحدة وإيران.

مصطفى الكاظمي تولى رئاسة مجلس الوزراء العراقي في مايو 2020

زيارة قاآني 

والأحد، زار أكبر مسؤول عسكري في إيران، بغداد، وهو قائد فيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني، واستمرت زيارته حتى الاثنين، بحسب ما ذكره مسؤولان عراقيان لأسوشيتد برس.

وأكد رويران هذه الزيارة مشيرا إلى أن "الكاظمي هو الذي دعا قاآني ليأتي للعراق للمساعدة في حل الأزمة السياسية". 

وقال: "لو لم تكن إيران تستطيع أن تلعب دورا إيجابيا لما كان الكاظمي قد دعا قاآني الذي لم تكن له أي خطة أو برنامج سفر للعراق يوم أمس، ولكن جاءت هذه الزيارة بسبب إلحاح الأطراف العراقية للتوسط بين كل هذه الأطراف وحل الإشكال القائم على خلفية الانتخابات". 

وأضاف أن" قاآني استنكر كما استنكرت الحكومة في طهران محاولة اغتيال الكاظمي، وطالب الأطراف الأخرى التي تقوم بالتصعيد على خلفية أزمة الانتخابات، بالهدوء والالتزام بالقانون". 

مساومات

لكن هاشم يرى أن رئيس الوزراء العراقي يعلم المشاركين في محاولة الاغتيال، "ولذا ستبقى عملية الكشف عن الطرف الفاعل رهينة بمساومات سياسية بين الكاظمي والأطراف الميليشياوية التي تقف وراء الحادث، وترفض الانتخابات". 

وتوعد الكاظمي بـ"ملاحقة مرتكبي جريمة الأمس"، في إشارة إلى الهجوم الذي استهدف مقر سكنه في بغداد، مؤكدا "نعرفهم جيدا وسنكشفهم".

وأكد الكاظمي، خلال جلسة الحكومة العراقية، الأحد، أن "هناك من يحاول أن يعبث بأمن العراق ويريدها دولة عصابات"، مضيفا "ونحن نريد بناء دولة".

ويرى هاشم في حديثه مع موقع "الحرة" أنه "إذا تصلب وضع الميليشيات في المطالب ولم تهدئ الموقف، فسيبرز (الكاظمي) هذه الورقة، أما إذا لانت فسيخفف من وطأة كشف التحقيق واتهامها مباشرة".  

وأوضح أنه يعتقد أن الكاظمي "سيحاول إقناع الميليشيات الشيعية الرافضة للانتخابات بالاعتراف بنتائج الانتخابات وسحب متظاهريهم أو أن تتحول احتجاجاتهم إلى رمزية بأعداد قليلة، فضلا عن السعي نحو كسب تأييده أو عدم معارضته لتجديد ولاية ثانية". 

لا يعتقد هاشم أن الأمر سيقف عند هذا الحد "عندما يضمن منهم هذه المطالب الثلاثة"، وإنما يشير إلى أن الكاظمي سيطالب بـ "إعادة هيكلة" بعض المليشيات الموالية لإيران "بناء على ضغط دولي سواء بتقليل أعداده أو تسليحه". 

وبالنسبة لطهران، لا يرى رويران أن هذا الحادث قد يؤثر على العلاقات بين إيران والعراق. 

بينما يرى هاشم أن إيران متورطة في الهجوم ومسؤولة عمليا طالما كان السلاح إيرانيا، "ولذلك سيستخدم الكاظمي هذه الورقة مقابل عدم تصعيد محاولة اغتياله أمام مجلس الأمن". 

السوداني يقبل استقالة الجبوري
السوداني يقبل استقالة الجبوري | Source: Twitter/@IraqiPMO

وافق رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الأحد، على استقالة محافظ نينوى، نجم عبد الله عبد الجبوري، بعدما رفض البرلمان استثناءه من إجراءات اجتثاث حزب البعث المنحل.

وقبل تسلمه منصب المحافظ، كان الجبوري قائدا للعمليات في نينوى، وشارك في تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش، بعدما اتخذها عاصمة لـ"خلافته" خلال سيطرته على نحو ثلث أراضي العراق عام 2014.

وتقدّم الجبوري باستقالته بعدما ردّ مجلس النوّاب التوصية التي أقرّها مجلس الوزراء في 17 أكتوبر الماضي، وقضت باستثنائه من إجراءات المساءلة والعدالة، بحسب بيان مكتب رئيس الوزراء.

وفي رسالة استقالته المنشورة على فيسبوك، قال الجبوري إنه "تشرف" لمدة أربع سنوات بشغل منصب محافظ نينوى وأنه "لم يدخر جهداً للحفاظ على أمنها واستقرارها"، مضيفا أنه عمل "على إعادة إعمارها بعد تدميرها على يد عصابات داعش الإرهابية".

وإجراءات المساءلة والعدالة تسمية اعتمدها الحاكم المدني السابق للعراق في عام 2003، بول بريمر، عند اتخاذه قرار تشكيل لجنة "اجتثاث البعث".

وأُنشئت هيئة وطنية عليا، لاجتثاث بنية حزب البعث في العراق، وفصل قاداته من مواقع السلطة. وقضت مهمتها بتوفير معلومات تكشف عن هوية الشخصيات المنتمية إلى حزب البعث من ذوي درجات عضوية محددة (عضو فرقة فما فوق) ليُفصَلوا من مرافق الدولة ومناصبها الرفيعة.

وتعاقب القوانين العراقية الجديدة، كل شخص يعرض صوراً أو شعارات مرتبطة بالنظام البعثي السابق أو "تروج" له. ويمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية.

وتأتي استقالة الجبوري قبل أسابيع من انتخابات مجالس المحافظات الجديدة المتوقعة في 18 ديسمبر. وهذه الانتخابات هي الأولى منذ عقد، فقد تم حل هذه المجالس في أعقاب الحركة الاحتجاجية المناهضة للسلطة عام 2019، وتعود آخر انتخابات إلى العام 2013.

وفي العراق الذي يناهز عدد سكانه 43 مليون نسمة، تتمتع مجالس المحافظات بامتيازات مهمة، وتتولى رصد موازنات لقطاعات الصحة أو النقل أو التعليم.

ويرى جزء من المعارضة والمجتمع المدني أن هذه المجالس التي يختار أعضاؤها المحافظين، تشكل مساحة خصبة للفساد.