شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه
شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه

قبل أيام، عرضت وسائل إعلام عراقية تقريرا قالت إنه نقلا عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي، يورد أنه "بطريقة غير مدروسة وغير مفهومة أبلغ العراق المملكة العربية السعودية صاحبة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بأنه لن يتمكن من توفير كميات المياه اللازمة للمشاركة في المشروع الذي تكفلت به المملكة، لزراعة نحو ستة ملايين دونم من أراضي الأنبار والنجف والمثنى".

ولم تورد وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر رابطا أو أي دلالة لصدور تقرير من هذا النوع عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي.

وردا على ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف، لـ"ارفع صوتك"، أن الوارد أعلاه "عار عن الصحة".

وقال "الجانب العراقي قطع خطوات وسلسلة من النقاشات مع الجانب السعودي طيلة السنوات الماضية وما زال الأمر قائما، ولكن ما يعطل استكمال ذلك الأمر عدم تشكيل حكومة جديدة للمضي بتدشين التعاقدات". 

وأضاف النايف أن "الأمر يحتاج إلى ثبات المؤسسات التنفيذية بما يعطيها الغطاء الشرعي والدستوري ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل حكومة تصريف الأعمال الحالية".

وأشار إلى "وجود مخططات لاستثمار الأزمة المائية؛ في محاولة لتقديم البلاد كواحدة من الدول الفقيرة بغية إبقاء العراق حديقة خلفية لاستهلاك البضائع الأجنبية".

This picture taken on June 20, 2021 shows an aerial view of drying earth in the Chibayesh marshland in Iraq's southern Ahwar…

 

ما قصة المشروع السعودي؟

بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين العراق والسعودية في الأعوام القليلة الماضية، وتحديدا خلال فترة ترأس حيدر العبادي لمجلس الوزراء، جرى توقيع مذكرات تفاهم وتعاون في قطاعات الزراعة والتجارة والصناعة.

وفي نهاية فترة العبادي، كان التباحث بين الطرفين جار حول تطوير القطاع الزراعي في العراق، باستنساخ تجارب ناجحة استطاعت خلال مدد قصيرة تحقيق نتائج مبهرة على مستوى سوق الإنتاج الإقليمي والدولي.

ومن ضمن الأفكار المطروحة، استثمار بعض البوادي والصحارى العراقية القريبة من الحدود السعودية،  إلا أنها لم تندفع لمستوى الإعلان عن المشروع بشكل رسمي في وسائل الإعلام حتى وصول عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء.

وفي مطلع 2019، كشف الجانب العراقي عن عرض شركة "المراعي" السعودية لإنشاء مشاريع استثمارية في مناطق البادية، تختص بمجالات الزراعة وتربية الحيوانات والصناعات الغذائية.

ويشمل المشروع استثمار 1.7 مليون دونم للأغراض الزراعية في الصحراء جنوب وجنوب غربي البلاد.

إلا أنه توارى عن الأنظار وغاب عن أخبار الحكومة، حتى تقديم عبد المهدي استقالته على أثر الاحتجاجات الشعبية العارمة التي سادت مناطق جنوب ووسط العراق في أكتوبر 2019.

ومع وصول مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الحكومة العراقية في مايو 2020، كانت العلاقات العراقية العربية تشهد مواسم ربيعها بعد جهود كبيرة بذلتها بغداد لتحريك البلاد نحو الفضاء العربي الدولي.

وكانت السعودية بمثابة البوابة التي يمر منها العراق إلى محيطه الخليجي العربي، بعد تبادل للزيارات على مستويات رفيعة جدا، تكللت باتفاقات ومشاريع اقتصادية وتنموية ظهرت تجلياتها في إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي الذي كان مغلقا لأكثر من 25 عاما.

ومع تنامي تلك العلاقات، ظهر مشروع الاستثمار الزراعي السعودي في العراق تارة أخرى، ولكن بخطوات أكبر رسمت على ورق التخطيط تمهيدا للتنضيج والتحضر لمرحلة التنفيذ.

التصحر العراق

أزمة بيئية أم سياسية؟

تلك التطورات أغضبت بعض القوى السياسية التي قامت بالاعتراض بدءا من التشكيك بنوايا الرياض وليس انتهاء بتوصيفه بأنه "تحرك استعماري ناعم" تقوده السعودية في العراق.

ومن المخطط ضمن المشروع أن يتم استثمار صحراء العراق، بدءا من الأنبار مرورا بالنجف وكربلاء ثم وصولا إلى المثنى، بمساحة مليون هكتار تقريبا، مع توفير أكثر من 60 ألف فرصة عمل.

كما يتضمن إقامة مصدات خضراء عند بوادي العراق عبر زراعة أكثر من 10 ملايين نخلة، وتأسيس مدن سكنية وصناعية ومزارع أبقار.

ويكتسح التصحر العراق منذ سنوات، بالإضافة إلى تقلص المناطق الزراعية والخضراء جراء تقلبات المناخ العالمية وأزمة الجفاف.

وفي نوفمبر 2020، أثناء الحراك الدائر بشأن استثمار السعودية للبوادي العراقية، أكدت وزارة الموارد المائية أن خزين المياه الجوفية في تلك المناطق لا يسمح بوجود استثمارات كبيرة، مما يهدد على حد وصفها "مستقبل ثروة الأجيال"، من ثروة العراق المائية.

وحسب المخططات الأساسية، يتطلب المشروع السعودي ديمومة مائية لمدة 50 عاما، بينما أكدت الوزارة أن كميات المياه الجوفية المتوفرة لا تكفي لخمس سنوات.

ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، لـ"ارفع صوتك"، إن "اعتراض مشروع الاستثمار السعودي في بادية العراق وما حمل من تفسيرات وتأويلات؛ يأتي بهدف سياسي، الغرض منه الحفاظ على مصالح دول إقليمية معروفة ومشخصة في البلاد خشية أن تتعرض للضرر".

وأضاف أن "التوجه نحو المشروع الذي ولد من رحم مقررات المجلس التنسيقي بين البلدين،  يأتي ضمن تحرك العراق كجزء من منظومة الأمن الغذائي الإقليمية، بالتالي يتحرك ضمن نطاق معروف وسائد بما يؤمن قوت الشعب ويوفر الضمانة الاقتصادية للبلاد".

جماعات كردية إيرانية معارضة تتخذ منذ عقود مقرات لها في إقليم كردستان العراق
جماعات كردية إيرانية معارضة تتخذ منذ عقود مقرات لها في إقليم كردستان العراق

في الوقت الذي يؤكد العراق تنفيذ جميع بنود الاتفاق الأمني الأخير الموقع مع إيران بشأن الجماعات الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم كردستان، تصدر تصريحات متضاربة من المسؤولين الإيرانيين بعضها يتحدث عن التزام عراقي وأخرى تشير للعكس وتنطوي على تهديد.

واتفقت بغداد وطهران الشهر الماضي على "منع تسلل المسلحين بعد نشر قوات حرس الحدود العراقيين، وتسليم المطلوبين بعد صدور أوامر القبض وفقا للقانون، ونزع السلاح وإزالة المعسكرات" وفقا لما أوردته الحكومة العراقية.

وفي تصريحه لقناة "الحرة" قال وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين، الجمعة، إن العراق طبق بنود الاتفاق تماما، فيما يخص إعادة المسلحين المتواجدين على الحدود بين البلدين في كردستان العراق إلى مخيمات للاجئين.

وعن الأهمية السياسية والأمنية لهذا الاتفاق، شدد حسين أن توقف إيران عن قصف مناطق في كردستان العراق، كان شرطا من شروط الاتفاقية، مقابل إبعاد المسلحين عبر الحدود، وهو ما قامت به الحكومة الاتحادية بتعاون مع حكومة إقليم كردستان، في عملية "مهمة وناجحة" للجانبين.

وكان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان أشار إلى أن الحكومة العراقية نقلت جميع المجموعات المسلحة في إقليم كردستان ونزعت سلاحها وفق الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين.

وكتب عبد اللهيان على منصة "أكس" (تويتر سابقا) عقب لقاء جمعه مع نظيره العراقي في نيويورك أن الوزير العراقي أبلغه أنه "جرى الآن نقل جميع المجموعات المسلحة في إقليم كردستان العراق إلى خمسة معسكرات ونزع سلاحها يتم وفق الاتفاق الأمني".

لكن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أصدر تصريحات، السبت، شكك خلالها بالتزام العراق بتطبيق الاتفاق.

ونقلت وكالة فارس عن باقري القول إن الاتفاق كان يتضمن "أن يتم نزع سلاح هذه المجموعات بالكامل في 19 سبتمبر، لكن ما حدث في مهلة الستة أشهر هذه هو أنهم ابتعدوا بعض الشيء فقط عن حدود بلادنا".

وأضاف باقري أن "رئيس الجمهورية قال إنه على القوات المسلحة الانتظار بضعة أيام.. وسننتظر بضعة أيام ونرسل فرق مراقبة إلى هذه المنطقة للتحقق مما إذا كان نزع السلاح قد اكتمل أم لا، وحينها سنقرر كيفية التصرف".

أحزاب كردية معارضة

تتخذ جماعات كردية إيرانية معارضة منذ عقود مقرات لها في إقليم كردستان العراق المجاور لإيران الذي يتمتع بحكم ذاتي، متخلية عن نشاطاتها المسلحة إلى حد كبير ومركزة على العمل السياسي.

ويعود وجود المعارضة الكردية في العراق إلى ثمانينات القرن الماضي بمباركة الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال حربه مع الجارة إيران، فيما تصنف طهران هذه الفصائل على أنها "إرهابية" و"انفصالية" وتتهمها بشن هجمات على القوات الإيرانية.

وبعد تمرد مسلح دام لعقود، حدت هذه الجماعات من نشاطاتها المسلحة، لكن لا يزال لديها مقاتلون يتدربون على استخدام السلاح في مواقع ومعسكرات في جبال إقليم كردستان في شمال العراق.

وإلى جانب توجهها اليساري، تشجع هذه الفصائل القيم النسوية في صفوفها، وغالبا ما تقدم نفسها على أنها أحزاب اجتماعية-ديموقراطية.

الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني "PDKI"

هو أقدم حزب كردي إيراني وتأسس العام 1945. ويؤكد هذا الحزب عدم استخدامه الأراضي العراقية لشن هجمات ضد القوات الإيرانية، موضحا أنه أقام مقر قيادة الحزب وطواقمه في العراق.

ويقول الحزب عبر موقعه على شبكة الإنترنت إن "حزب PDKI يكافح من أجل تجسيد حقوق الأكراد القومية في إطار إيران فدرالية وديمقراطية".

تنظيم كومله

هو حزب قومي كردي إيراني جرى تشكيله في خريف عام 1969 من قبل طلبة يساريين ومثقفين في طهران ومدن كردية.

حزب الحرية الكردستاني

يضم الحزب مقاتلين شاركوا في معارك العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية وهو من بين الفصائل التي استهدفت خلال الأشهر الأخيرة بالقصف الإيراني.

حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك)

يتبع هذا التنظيم لحزب العمال الكردستاني الكردي التركي. ورغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار مع القوات الايرانية أبرم العام 2011، وقعت مناوشات متفرقة بين الطرفين.

العلاقة بكردستان العراق

منذ تسعينات القرن الماضي، ثمة "اتفاق" ضمني بين الفصائل الإيرانية وإقليم كردستان العراق يحمي وجودها في مقابل عدم القيام بأنشطة عسكرية في إيران لتجنب توتر العلاقات مع طهران.

إضافة إلى الحدود المشتركة، تربط أكراد العراق وإيران علاقات وثيقة فكلاهما يتحدث اللغة السورانية وثمة علاقات قربى كثيرة بينهم.

وفي مواجهة التظاهرات التي اندلعت العام الماضي في إيران بعد مقتل مهسا أميني، شددت إيران لهجتها وقصفت بشكل متكرر إقليم كردستان العراق حيث تتواجد أحزاب المعارضة الكردية.

ولا تزال هذه التنظيمات تنتقد بشدة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مشاركة مقاطع فيديو للتظاهرات التي شهدتها إيران.

وتتحدى طهران بانتظام سلطات بغداد وسلطات أربيل بشأن وجود المعارضة الكردية وتطالبها بتحييد هذه الفصائل.