زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يعلن تحوله للمعارضة
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يعلن تحوله للمعارضة

أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الأحد، عن تحوله للمعارضة لمدة لا تقل عن الثلاثين يوما. 

وقال الصدر في تغريدة له على موقع تويتر "تشرفت أن يكون المنتمون لي أكبر كتلة برلمانية في تاريخ العراق وتشرفت أن أنجح في تشكيل أكبر كتلة عابرة للمحاصصة".

وأوضح الصدر أنه بسبب ازدياد الضغوط الداخلية والخارجية عليه وعدم نجاح مسعاه في تشكيل حكومة أغلبية فقد قرر الانتقال إلى المعارضة لمدة لا تقل عن ٣٠ يوما، داعيا باقي الأطراف بمن فيهم أعضاء التحالف الثلاثي إلى تشكيل حكومة خلال هذه المدة، وإن لم تفلح فسيلجأ لقرار آخر يعلنه في حينها.

وفي الانتخابات التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي، فاز التيار الصدري بأكبر حصة من المقاعد البرلمانية (73) مقعدا، لكنه لم يحقق الأغلبية المريحة التي تضمن تشكيله للحكومة.

وتحالف التيار الصدري مع كتلتي الحزب الديمقراطي الكردستاني (34 مقعدا) وتقدم (33 مقعدا) وعدد من نواب الكتل الأخرى.

ولبى دعوة الصدر لحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان نحو 200 نائب، لكن مقاطعة الباقين تسببت بإفشال الجلسة وعدم تحقق النصاب.

وكان يفترض أن ينتخب رئيس جديد للجمهورية في فبراير، بعد شهر على عقد أول جلسة للبرلمان، في يناير الماضي، لكن اختلاف الكتل الكردية بين مؤيد لتجديد ولاية الرئيس العراقي الحالي، برهم صالح، وهم أعضاء كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، وبين معارض للتجديد من كتلة الحزب الديمقراطي، أدى إلى انضمام الاتحاد إلى "الثلث المعطل" كما يسمى.

وفشل البرلمان العراقي في مارس أيضا بانتخاب رئيس جديد.

وتمكن تحالف الصدر من تمرير محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، لكنه يعجز حتى الآن عن جمع ما يكفي من النواب لتمرير مرشح لرئاسة الجمهورية.

بنهاية شهر رمضان انتهت مهلة زعيم التيار الصدري لمنافسيه السياسيين (الإطار الشيعي) من أجل تشكيل أغلبية برلمانية تؤهلهم لترشيح حكومة في البلاد، بعد نحو سبعة أشهر من إجراء الانتخابات النيابية "المبكرة" في البلاد.

ومع نهاية المهلة، قدم زعيم التيار مبادرة جديدة تتمثل بمنح الفرصة لـ"النواب المستقلين" لتشكيل تحالف اشترط أن يحتوي على 40 نائبا على الأقل، وقال إنه سيمنحهم الفرصة لترشيح حكومة، تعهد بالتصويت عليها، وعدم الاشتراك بها بوزراء.

وبعد أيام على إعلان الصدر المبادرة الجديدة، تصاعد النقاش السياسي في العراق حول إمكانية تحقيق شرط الـ 40 نائبا، خاصة أن هناك تشكيكا في إمكانية أن يحقق المستقلون هذا الأمر، باعتبار أن هناك وجهات نظر مختلفة بين المستقلين حول ما يطرحه الصدر.

إنبوب النفط العراقي

رغم حالة الغموض التي تكتنف مسار العلاقات بين العراق وسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يبرز بين حين وآخر حديث عن محاولات لفتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين.

إحدى أهم الخطوات في هذا المجال المساعي لإحياء خط أنابيب النفط العراقي المار عبر سوريا.

وبدأت الحكومة العراقية رسميا، في أبريل الماضي، محادثات مع الجانب السوري لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري المطل على البحر المتوسط. وقد زار وفد عراقي رفيع المستوى دمشق لمناقشة خطط إعادة تأهيل الخط الذي ظل معطلا لعقود بسبب الحروب والإهمال.

وفي 25 أبريل، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أن وفدا حكوميا برئاسة حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات، وصل إلى دمشق بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتقى بالرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين السوريين.

وذكر البيان أن المباحثات شملت قضايا متعددة من بينها مكافحة الإرهاب، تعزيز أمن الحدود، والأهم من ذلك، بحث إمكانية إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الواصل بين كركوك وبانياس.

مصالح استراتيجية مشتركة

يقول مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، لقناة "الحرة" إن بغداد ودمشق تتشاركان الرغبة في استئناف تشغيل الخط، الأمر الذي سيعود بالنفع على البلدين وعلى لبنان أيضا.

"المناقشات بين الحكومتين مستمرة منذ فترة، وقد شهدت مؤخرا تقدما ملموسا على مستوى اللجان الفنية".

ويضيف صالح أن التركيز الحالي منصب على الجوانب اللوجستية والفنية والقانونية، لا سيما إعادة تأهيل البنية التحتية وضمانات الأمان اللازمة لتشغيل الخط بشكل مستدام.

ويؤكد أن إعادة تشغيل الخط ستسهم في تسريع خطة العراق لتنويع مسارات تصدير النفط، خصوصا نحو الأسواق الأوروبية:

"خط كركوك–بانياس يمنح العراق مرونة استراتيجية وتكلفة أقل، خاصة في ظل التحول الإقليمي نحو الاستقرار والتنمية المستدامة".

ويشير صالح إلى أن هذا المشروع يمكن أن يعزز الاستثمار في قطاع النفط العراقي ويساعد البلاد على الوصول إلى هدف إنتاج 6 ملايين برميل يوميا، تماشيا مع الطلب العالمي المتزايد في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

خلفية تاريخية

أُنشأ خط أنابيب العراق–سوريا عام 1934، بطول نحو 900 كيلومتر، ويمتد من حقول كركوك شمالي العراق مرورا بالأراضي السورية. وكان ينقسم إلى فرعين: أحدهما ينتهي في بانياس، والآخر في ميناء طرابلس في لبنان.

وقد شكل هذا الخط مسارا حيويا لتصدير النفط خلال القرن العشرين، حتى أوقفه النظام السوري عام 1982 أثناء الحرب العراقية–الإيرانية. ومنذ ذلك الحين، اعتمد العراق على مسارات أخرى مثل خط العراق–تركيا (ITP).

لكن أجزاء كبيرة من خط كركوك–بانياس تعرضت للدمار والسرقة، خاصة في المناطق السورية المتأثرة بالحرب، ولم يضخ العراق أي نفط عبر الأنبوب منذ أكثر من 40 عاما.

تحديات

يرى خبير الطاقة غوفيند شيرواني أن محاولات إحياء خط كركوك–بانياس مدفوعة حاليا باعتبارات سياسية أكثر من كونها اقتصادية أو تقنية.

وفي حديثه لـ"الحرة"، يحدد شيرواني ثلاثة عوائق رئيسية:

أولها الأمن، إذ يمر الخط عبر مناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة السورية، حيث تنشط خلايا داعش وجماعات مسلحة أخرى".

ويحذر شيرواني من أن ضمان الأمن الكامل على طول المسار شرط أساسي لأي تقدم.

العائق الثاني يتجسد في الحالة الفنية. ويشير خبير الطاقة إلى أن الخط الحالي "قديم، متآكل، وتعرض للتلف في عدة مناطق بشكل لا يمكن إصلاحه". هناك حاجة لإنشاء خط جديد كليا أو تعديل المسار بناء على الوضع الميداني.

وأخيرة العائق المالي، فبناء خط جديد بطول 800 كيلومتر سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات، وسيتطلب ميزانية تتراوح من 4 إلى 5 مليارات دولار، تشمل الأنابيب ومحطات الضخ ومراكز المراقبة والأمن.

خيارات بديلة

تزامنت عودة الاهتمام العراقي بالمسار السوري مع استمرار المفاوضات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والشركات الدولية لاستئناف صادرات النفط عبر تركيا، والتي توقفت منذ أكثر من عامين بقرار من محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات نفط الإقليم.

وأوضح شيرواني أن مقارنة خطي بانياس وجيهان التركي أمر طبيعي، لكنه أضاف: "خط جيهان جاهز من الناحية الفنية، والعوائق أمامه محدودة تقنيا وماليا، أما خط بانياس فهو مشروع جديد تماما ويتطلب دراسة جدوى اقتصادية كاملة".

ومع ذلك، يرى شيرواني أن كلا المسارين مهمان ويتوافقان مع سياسة العراق الرامية إلى تنويع منافذ التصدير وتقليل الاعتماد على الممرات المهددة في منطقة الخليج، خاصة مع التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائهما الإقليميين.

وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى "الحرة"، فإن إعادة تشغيل خط كركوك–بانياس قد تحقق عوائد مالية كبيرة لسوريا، من خلال خلق آلاف من فرص العمل، والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، إضافة إلى دعم سوق الوقود المحلي عبر تكرير النفط العراقي بأسعار مخفضة في مصفاة بانياس.

العقبة الإيرانية

يؤكد المستشار الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، أن المشروع اقتصادي في جوهره، لكنه معقد سياسيا وأمنيا، خاصة بسبب النفوذ الإيراني في العراق.

يقو القاضي إن المشكلة لا تتعلق بالبنية التحتية فقط، بل بوجود فصائل داخل العراق تعارض الحكومة السورية الجديدة، وتعتبرها دمشق أدوات إيرانية.

"طالما بقيت هذه الأطراف نشطة، لا أعتقد أن المشروع سيمضي قدما، حتى وإن تم توقيع الاتفاق".

ويرى القاضي أن على بغداد اتخاذ موقف واضح ضد التدخلات الخارجية. ويلفت إلى أن التوترات الطائفية ما زالت تعيق التعاون الإقليمي.

تفاؤل حذر

رغم أن إعادة إحياء خط كركوك–بانياس يمثل فرصة استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية لكلا البلدين، لا تزال العقبات أمام تحقيقه كبيرة. ويعتمد التقدم في هذا المشروع على حلول هندسية واستثمارات مالية، إلى جانب تحسين الوضع الأمني وتسوية النزاعات السياسية العالقة.

في الوقت الراهن، يُعد المشروع اختبارا لإمكانية الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وقدرة الدول الخارجة من النزاعات على التحول نحو تعاون مستدام.