بعد يوم واحد من دعوة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الكتل السياسية لعقد اجتماع، جلس قادة جميع الأطراف – باستثناء التيار الصدري – حول طاولة مدورة في قصر الحكومة في العاصمة بغداد لمناقشة الأوضاع، في حين شكك مرقبون في إمكانية نجاح الاجتماع في حل الأزمة السياسية المعقدة في البلاد.
ويقول المحلل السياسي علي المعموري إن "السرعة في الاستجابة للدعوة تشير على الأقل إلى وجود أبواب خلفية فعالة تنشط بين الكتل السياسية في الوقت الحالي بشكل جعل أقل من 24 ساعة كافية لحضور رؤساء الكتل إلى اجتماع بهذه الأهمية".
ويضيف المعموري لموقع "الحرة" أن "مجرد حدوث الاجتماع وخروجه بتوصيات يعطي بارقة أمل باحتمال توصل الكتل السياسية لحل قريب للأزمة المستمرة منذ استقالة الحكومة السابقة، حكومة عادل عبد المهدي، وربما انفراجة ولو طفيفة في المشهد".
واستقالت حكومة عبد المهدي بعد تظاهرات حاشدة انطلقت في أكتوبر عام 2019 واستمرت لأشهر، وأنتجت تشكيل حكومة جديدة يرأسها الكاظمي، دعت إلى انتخابات مبكرة أقيمت في أكتوبر من عام 2021، لكنها لم تنتج حكومة جديدة حتى الآن.
ويقول الصحفي العراقي أحمد حسين إن "غياب أطراف الخلاف عن المحادثات يقلل الأمل على احتمال نجاحها".
ولم يحضر الصدريون أو زعيمهم المحادثات، كما لم يحضر قيس الخزعلي، أمين عام ميليشيا العصائب، وهو من القياديين المهمين في الإطار التنسيقي للقوى الشيعية.
ويقول حسين لموقع "الحرة" إن "من الصعب تخيل اتفاق بين الصدريين من جهة والخزعلي والمالكي من جهة أخرى، خاصة وأن لا أرضية مشتركة لمطالب المتنازعين".
فيما حضر - بحسب الصور التي نشرتها رئاسة الوزراء العراقية، رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس القضاء، وقادة في الإطار منهم هادي العامري، ونوري المالكي، وفالح الفياض، بالإضافة إلى قادة سنة مثل محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، ومفاوضون كرد بالإضافة إلى جينين بلاسخارت، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.
وقال المحلل السياسي المقرب من دوائر التفاوض، أمين ناصر، إن "الحوار رغم تغيب الصدر هو أفضل من الصدام".
وأضاف أن "الشارع الشيعي المنقسم على نفسه، والذي بات يخشى وصول الامور إلى التصادم أو الحرب الأهلية التي لمح أو لوح بذكرها مقتدى الصدر، يرغب في أن ينتهي الأمر بين الطرفين إلى نهاية غير دموية".
وقال لموقع "الحرة" إن "الحديث الجانبي للمبادرة حمل تفاصيل بعضها دفع باتجاه سحب الصدر دعوة مناصريه من تظاهرة السبت، وبعضها الآخر يتعلق بشكل التحالف الإطاري المقبل أو ما يتبقى منه بعد تسريبات المالكي وموقف الصدر المتزمت من الأخير أو حتى موقف بعض قوى الإطار من المالكي نفسه، ولهذا جاءت تأييدات وبيانات قادته بتفويض هادي العامري الأقرب الى مقتدى الصدر".
وشهدت الأيام الأخيرة ارتفاع التوتر في التصريحات المتبادلة بين الأطراف الثلاث، على خلفية الصراع السياسي المستمر.
وقال بيان صدر عقب الاجتماع إن المجتمعين "دعوا الإخوة في التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آليات للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه".
وتابع أن "الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً في تأريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات"، وأضاف أن المجتمعين "اتفقوا على استمرار الحوار الوطني؛ من أجل وضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة.
ودعا المجتمعون إلى "إيقاف كل أشكال التصعيد الميداني، أو الإعلامي، أو السياسي، مؤكدين على ضرورة حماية مؤسسات الدولة والعودة إلى النقاشات الهادئة بعيدا عن الإثارات والاستفزازات التي من شأنها أن تثير الفتن".
بيان
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) August 17, 2022
.....
اجتمعت الرئاسات مع قادة القوى السياسية الوطنية العراقية بدعوة من رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi ، اليوم الأربعاء الموافق (17 آب 2022)؛ لمناقشة التطورات السياسية في البلاد، وبحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق. pic.twitter.com/MdD1pnw7AY
وقال المراقب والصحفي، مصطفى ناصر، إن "اجتماع اليوم لا يمثل مبادرة، ولا يمثل حلا ولا مخرجا"، وأعرب عن اعتقاده بأن "كل ما هنالك أن الكاظمي مثل الصدريين بمنصبه رئيسا للوزراء لحكومة تصريف الأعمال، بدليل أن الاجتماع استمر وبعضهم بشروا بوجود مؤشرات إيجابية على الرغم من إعلان الصدريين عدم حضور الاجتماع، وهذا يعني ان شخصا ما كان يمثلهم حضر الاجتماع وفرض شروطا واستقبل رسائل، ولا يخفى أن لا أقرب من الحاضرين للصدريين من الكاظمي".
وأضاف ناصر لموقع "الحرة" أن "الاجتماع الذي تدعو له الحلقة الأضعف بالعادة يكون اجتماعا غير ضامن وغير مقنع لمن هو أقوى منه، لأن الأقوياء يحتاجون لضمانات ممن هم أشد تأثيرا منهم على الخصوم، وهذا ما لم يكن في هذا الاجتماع".
وأراد الصدريون تشكيل حكومة لا يدخل فيها الإطار التنسيقي، لكن تعطيل الإطار لجلسات البرلمان بغيابه وحلفائه عنها دفع النواب الصدريين الـ73 إلى الاستقالة، ومنحت الاستقالة الإطار مقاعد إضافية من بين النواب التعويضيين للمستقيلين وأصبح الكتلة الأكبر في البرلمان كما رشح الوزير السابق، محمد السوداني، لرئاسة الحكومة.
وعقب ترشيح السوداني اقتحم متظاهرون صدريون مبنى البرلمان العراقي وهم يعتصمون بقربه منذ نحو ثلاثة أسابيع، مانعين عقد جلسة برلمان جديدة.
وطالب الصدر بتغيير الدستور وقانون الانتخابات، قبل أن يدعو إلى انتخابات مبكرة جديدة.
وقال المجتمعون في القصر الحكومي الأربعاء إن "الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثا استثنائيا في تأريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات".
وتحتاج الانتخابات المبكرة إلى عقد جلسة برلمانية يقدم فيها 30 نائبا طلبا لحله وإعادة الانتخابات، ومن ثم التصويت على الحل بالأغلبية، كما تحتاج الانتخابات المبكرة إلى تمويل وأيضا إلى تعديل محتمل لقانون الانتخابات وتعديل على تشكيل مفوضيتها.