مقتدى الصدر تمكن في غضون 24 ساعة من إظهار مدى قوته
مقتدى الصدر تمكن في غضون 24 ساعة من إظهار مدى قوته

على عكس الاحتجاجات الشعبية في عام 2019، التي ولدت من رحم الإحباط الناجم عن الفساد السياسي، فإن العنف الذي شهده العراق قبل نحو أسبوعين، نجم مباشرة عن النفوذ الإيراني في البلاد التي باتت على شفا حرب أهلية شيعية، وفق تحليل لمجلة "فورين بوليسي".

وتمكن مقتدى الصدر في غضون 24 ساعة من إظهار مدى قوته، عندما خضعت شوارع العاصمة العراقية بغداد للعنف قبل أن يتوقف هذا العنف، بطلب منه في الحالتين.

وتشير المجلة إلى أن الأحداث كشفت عن المعركة الجيوسياسية الدائرة بين إيران وجهود العراق لتشكيل حكومة في بغداد. 

ووفق التحليل، فإن دوامة الأحداث الكارثية التي بلغت ذروتها مع تحول أجزاء من بغداد إلى منطقة حرب أثارها بيان تم تجاهله إلى حد كبير من قبل زعيم ديني، وهو آية الله كاظم الحائري الذي أعلن في أغسطس تقاعده من منصبه كسلطة دينية بأثر فوري، والمفاجئ أنه شرع في مطالبة أتباعه بدعم آية الله علي خامنئي الإيراني بدلا من ذلك، بهدف الحد من نفوذ الصدر، تقول "فورين بوليسي".

وترى المجلة أنه رغم ذلك، فإن محاولة طهران لكسب النفوذ على أتباع الصدر لم تكن مدروسة بشكل جيد. وفشلت في اعتبار أن مؤيديه مخلصون له من دون تردد.

وردا على استقالة الحائري الصادمة، ادعى الصدر (وليس للمرة الأولى) أنه يستقيل من السياسة، مما دفع أنصاره المدججين بالسلاح إلى النزول إلى شوارع بغداد، وبعدها منح الصدر أنصاره 60 دقيقة للانسحاب من البرلمان ووقف كل أعمال العنف. وقد أطاع أنصاره مطالبه على الفور، وأرسلوا رسالة إلى طهران مفادها أنه بغض النظر عن الطريقة التي قد تحاول بها التأثير على السياسة العراقية، فإن الصدر لا يزال مسيطرا على الأرض.

ووفق "فورين بوليسي" هذه المعركة مع إيران مستمرة منذ أن تركت الانتخابات العراقية في أكتوبر 2021 البلاد في مأزق سياسي. وبدون فائز صريح في صناديق الاقتراع، لم يكن لدى أي حزب سياسي أغلبية لتشكيل حكومة، مما دفع البلاد إلى أشهر من عدم الاستقرار السياسي المستمر.

وتجد البلاد نفسها في مواجهة ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة عمالة الأطفال، ومعدلات البطالة القياسية بعدما منعت الحكومة المؤقتة دستوريا من تمرير مشروع قانون الميزانية.

وبفوزه بأكبر كتلة في الحكومة، حصل حزب الصدر على 73 مقعدا من أصل 329 مقعدا، متفوقا بشكل كبير على التحالف المدعوم من إيران، ووجه ضربة قوية لطهران. 

ومع رفض إيران فقدان نفوذها في العراق ورفض الصدر التراجع عن موقفه المناهض لإيران، وجد الجناحان السياسيان المستقطبان نفسيهما في مأزق تحول أخيرا إلى العنف نهاية الشهر الماضي.

وترى المجلة في تحليلها أن ذلك يمثل أسوأ صراع شيعي داخلي في العراق منذ سنوات، وحتى الآن، بعدما ظلت الأغلبية الديموغرافية الشيعية في العراق موحدة إلى حد كبير منذ سقوط صدام حسين.

وعلى مدى أشهر، عانى الصدر من ضربات متكررة من إيران بعد أن تعهد باستبعاد الأحزاب المدعومة من إيران من المشاركة في تشكيل حكومة عراقية. وفي فبراير من هذا العام، وفي محاولة أخيرة للتعاون مع الصدر، أرسلت إيران الجنرال إسماعيل قاآني لمقابلته. ويُزعم أن الصدر رد غاضبا من محاولة التودد: "ما علاقة السياسة العراقية بك؟".

وفي نهاية المطاف، أجبر إصرار إيران الصدر على التخلي عن انتصاره في 12 يونيو، ونقل المعركة بدلا من ذلك إلى شوارع العراق.

وتقول المجلة إن الصدر يدعو منذ ذلك الحين إلى إجراء انتخابات مبكرة. ولكن مع استمرار الاضطرابات السياسية في العراق، من غير المرجح أن تؤدي انتخابات أخرى إلى إصلاح الأضرار الهيكلية العميقة التي لحقت بها.  

ويخلص التحليل إلى أن الفوضى التي استمرت 24 ساعة تظهر ما يمكن أن يحدث إن ظل الصدريون بدون قيادة مسؤولة، وهي مؤشر أيضا على مدى السرعة التي يمكن أن تدخل فيها البلاد في حرب داخلية شاملة بالنظر إلى السكان المدججين بالسلاح.

وعلى الرغم من أن طهران ربما لم تطلب مباشرة العنف في شوارع بغداد، إلا أن محاولاتها المستمرة للتأثير على العراق تساهم في تصاعد التوترات في البلاد، وفق المجلة.

واقتحم مؤيدون للتيار الصدري في 27 يوليو المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد، التي تضمّ البرلمان ومؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، وسيطروا بعدها على المبنى، احتجاجا على تسمية الإطار التنسيقي الشيعي خصم التيار الصدري، لمحمد السوداني كمرشحه لرئاسة الوزراء.

وشكلت المواجهات ذروة الخلافات حول الأزمة السياسية التي يمرّ بها العراق منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021.

الإيزيدية المحررة وصلت إلى ذويها في شمال العراق
الإيزيدية المحررة وصلت إلى ذويها في شمال العراق | Source: @IsraelArabic

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة تبلغ من العمر 21 عاما اختطفها مسلحون من تنظيم داعش في العراق منذ أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع في عملية سرية استغرق التحضير لها عدة شهور وشاركت فيها إسرائيل والولايات المتحدة والعراق.

وتنتمي الشابة إلى الأقلية الدينية الإيزيدية، التي يتركز معظمها في العراق وسوريا، والتي تعرضت لمقتل أكثر من خمسة آلاف من أفرادها واختطاف آلاف آخرين في حملة لتنظيم داعش في عام 2014 قالت الأمم المتحدة إنها شكلت إبادة جماعية.

وقال مدير مكتب وزير الخارجية العراقي سلوان سنجاري لرويترز إن الإفراج عنها تم بعد جهود استمرت لأكثر من أربعة أشهر بما تضمن عدة محاولات باءت بالفشل بسبب الوضع الأمني الصعب الناجم عن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

وتم الكشف عن هويتها باسم فوزية سيدو. ولم تتمكن رويترز من التواصل معها بشكل مباشر للحصول على تعليق، وقال مسؤولون عراقيون إنها تحصل على قسط من الراحة بعد لم شملها مع عائلتها في شمال العراق.

وذكر مصدر مطلع أن مسؤولين عراقيين تواصلوا مع فوزية لشهور ونقلوا بياناتها إلى مسؤولين أميركيين رتبوا خروجها من قطاع غزة بمساعدة إسرائيل.

وليس هناك أي علاقات دبلوماسية بين العراق وإسرائيل.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه نسق عملية تحرير فوزية مع السفارة الأميركية في القدس ومع "جهات دولية أخرى".

وأضاف في بيان أن خاطفها قُتل خلال حرب غزة، ربما في غارة إسرائيلية، ثم فرت فوزية بعد ذلك إلى مخبأ داخل قطاع غزة.

وقال البيان "في عملية معقدة جرى تنسيقها بين إسرائيل والولايات المتحدة وجهات دولية أخرى، تم إنقاذها مؤخرا في عملية سرية من قطاع غزة من خلال معبر كرم أبو سالم".

وأضاف الجيش أن فوزية واصلت بعد دخولها إسرائيل طريقها إلى الأردن عبر معبر جسر الملك حسين وعادت من هناك إلى عائلتها في العراق.

ونشرت صفحة "إسرائيل بالعربي" على منصة "إكس" مقطع فيديو قالت إنه للشابة التي جرى "تحريرها هذا الأسبوع وإعادتها إلى منزلها في العراق".

 

 

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن ساعدت في الأول من أكتوبر "في إجلاء شابة إيزيدية بشكل آمن من غزة للم شملها مع عائلتها في العراق".

وذكر المتحدث أن الفتاة اختطفت من منزلها في العراق عندما كانت في الحادية عشرة من عمرها وتعرضت لعملية اتجار بالبشر وتهريبها إلى قطاع غزة. وأضاف المتحدث أن خاطفها قُتل في الآونة الأخيرة، مما سمح لها بالفرار والسعي إلى العودة إلى وطنها.

صدمة نفسية

وقال سنجاري إن الشابة في حالة بدنية جيدة لكنها مصابة بصدمة نفسية بسبب فترة الأسر والوضع الإنساني المزري في غزة.

وذكر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الإيزيدية خلف سنجار أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تابع القضية بشكل مباشر مع مسؤولين أميركيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي.

وأسر مسلحون من تنظيم داعش أكثر من ستة آلاف إيزيدي من منطقة سنجار في العراق في 2014، وتعرض الكثير منهم للاتجار بالبشر لأغراض الاسترقاق الجنسي أو لتدريبهم للقتال وهم أطفال ونقلهم عبر الحدود، بما في ذلك إلى تركيا وسوريا.

وتقول السلطات العراقية إن أكثر من 3500 جرى تحريرهم أو إنقاذهم على مدى أعوام لكن لا يزال نحو 2600 في عداد المفقودين.

ويخشى أن يكون كثيرون قد لقوا حتفهم، لكن نشطاء إيزيديين يقولون إنهم يعتقدون أن المئات ما زالوا على قيد الحياة.