غوتيريش كان قد بدأ مساء الثلاثاء زيارة رسمية للعراق
غوتيريش كان قد بدأ مساء الثلاثاء زيارة رسمية للعراق

أثارت صورة انتشرت للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع قادة فصائل عراقيين مدرجين على قوائم العقوبات الأميركية ضجة واسعة في العراق وأعادت النقاش بشأن الدور الذي تلعبه المنظمة الأممية في هذا البلد.

وظهر في الصورة غوتيريش وإلى يمينه زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وإلى يساره قائد ميليشيا بابليون ريان الكلداني.

وفي صورة أخرى يظهر غوتيريش مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومجموعة من المسؤولين والسياسيين العراقيين، بينهم رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت في ديسمبر 2019 عقوبات على الخزعلي مع ثلاثة آخرين، بينهم شقيقه ليث، بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في العراق وقتل المتظاهرين.

وأحد الذين شملتهم العقوبات خميس الخنجر، بتهم تتعلق بالفساد.

وبعدها بسبعة أشهر فرضت واشنطن عقوبات على الكلداني لارتكابه أو المنظمة التي ينتمي إليها "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

وبحسب وزارة الخزانة، يظهر شريط فيديو في مايو 2018 الكلداني وهو "يقطع أذن أسير"، مضيفة أن ميليشياته "نهبت المنازل". واوضحت "هناك تقارير تفيد أنه استولى على أراضي زراعية وباعها بطريقة غير قانونية".

ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية فقد أطلق عناصر ميليشيا عصائب أهل الحق المدعومة من إيران في العراق النار على المتظاهرين العراقيين وقتلوهم خلال احتجاجات أكتوبر 2019.

وانتقد سياسيون وناشطون عراقيون وقوف غوتيريش إلى جانب هؤلاء الأشخاص وأعادوا التساؤل بشأن طبيعة تعامل المنظمة الأممية مع قادة الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.

وكتب الناشط عمر حبيب على حسابه في تويتر إن الصورة تضمنت "عقوبات دولية وقليل من لائحة الإرهاب وقضايا فساد"، موجها انتقادات للأمين العام للأمم المتحدة ولرئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت.

واكتفى السياسي العراقي ليث شبر بإعادة نشر الصورة وأرفقها بتعليق "هذه الصورة بألف معنى".

وقال الصحفي العراقي سلام الحسيني إن لقاء غوتيريش مع قادة الميليشيات "لن يمنحهم الشرعية الشعبية"، واتهم الأمم المتحدة بـ"تدوير النفايات السياسية" في العراق.

وعلق الناشط والصحافي العراقي منتظر بخيت باتهام المنظمة الأممية بأنها شريكة في قتل المحتجين من خلال منحها "الشرعية للصوص والقتلة".

وكتب المبعوث الأميركي السابق لسوريا جويل رايبورن في تغريدة أن "الأمين العام للأمم المتحدة يبتسم في اجتماع في بغداد مع الإرهابي قيس الخزعلي، الذي قتل المئات من القوات الأميركية، وقتل الآلاف من العراقيين، ويقصف بشكل روتيني القوات الأميركية في العراق وسوريا".

وهذه ليست المرة التي تثير فيها الأمم المتحدة في العراق الجدل بشأن لقاءاتها مع قادة فصائل مسلحة ومليشيات موالية لإيران مدرجة على قوائم الإرهاب.

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت أثارت سخطا واسعا في العراق بعد أن نشرت تغريدة بالتزامن مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في 2019 قالت فيها إن "التهديدات/ إغلاقات الطرق المؤدية لمنشآت النفط والموانئ تسبب خسائر بالمليارات. وهذا يؤدي إلى إضرار وخيم باقتصاد العراق ويقوض تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين".

وبعدها بنحو عام وبالتزامن مع مرور الذكرى السنوية لانطلاق احتجاجات تشرين" التقت بلاسخارت بأحد أبرز قادة ميليشيا كتائب حزب الله عبد العزيز المحمداوي، الملقب بأبو فدك.

بلاسخارت التقت المحمداوي في بغداد رغم الاتهامات الموجهة ضده بقتل المحتجين
"الخالة أم فدك" تشعل غضب العراقيين.. الممثلة الأممية تلتقي بميليشاوي متهم بقتل متظاهرين
مرة أخرى تثير رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت الجدل في البلاد بعد الإعلان، الجمعة، عن لقاء جمعها بأحد أبرز قادة ميليشيا كتائب حزب الله عبد العزيز المحمداوي الملقب بأبو فدك والمصنف على قائمة الإرهاب الأميركية.

ويشغل أبو فدك حاليا منصب رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي، وأدرجته وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتين على قوائم الإرهاب بسبب صلاته بالحرس الثوري الإيراني، وميليشيا كتائب حزب الله العراقية، ومسؤوليته عن مقتل واختطاف متظاهرين، وسيطرته على مؤسسات أمنية عراقية وجعلها تعمل "لخدمة إيران".

وفي 22 من فبراير الماضي إثارت بلاسخارت الجدل مجدد عندما أعلنت عن لقاء جمعها مع قيس الخزعلي، بحثت خلاله "الوضع السياسي في العراق".

وتعليقا على ظهور غوتيريش مع قادة ميليشيات مسلحة مصنفة على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة قال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن الظاهرين في الصورة كانوا "ضيوفا حضروا بدعوة من الحكومة العراقية"، مضيفا أن ذلك "حصل خلال دعوة عشاء للأمين العام من قبل الحكومة العراقية وجميع الحاضرين هي من اختارتهم".

وتابع في تصريح عبر الهاتف لموقع "الحرة" في رد على سؤال بشأن ما إذا كان غوتيريش يعرف أنهم مدرجون على قوائم الإرهاب الأميركية، "كان هناك مدعوون حاضرون وجميعهم بناءً على دعوة من الحكومة العراقية.. وعندما تم التقاط الصورة لم يتم تقديم جميع الحاضرين للأمين العام".

بالمقابل لم ترد بعثة الأمم المتحدة في العراق على طلبات موقع "الحرة" للتعليق.

وكان غوتيريش بدأ مساء الثلاثاء زيارة رسمية للعراق، هي الأولى له منذ ست أعوام، والتقى خلالها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومسؤولين آخرين كما زار مخيمات نازحين في شمال البلاد.

وتأتي زيارة غوتيريش تزامنا مع مرور 20 عاما على سقوط نظام صدام حسين على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة في مارس من العام 2003. 

حزب العمال

لن يضع قرار حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) حل نفسه نهاية لحرب دامت أكثر من 4 عقود، فحسب، بل نهاية لحقبة شكلت الديناميكيات الأمنية والسياسية في إقليم كردستان ـ العراق، أيضا.

وأعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو الحالي، عن حل بنيته التنظيمية وإنهاء الكفاح المسلح، والأنشطة التي كانت تجري تحت لواء "PKK"، استجابة لنداء أطلقه زعيم الحزب ومؤسسه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان نهاية فبراير الماضي.

وطالب العمال الكردستاني، في بيان، تركيا بمنح زعيمه أوجلان حق إدارة المرحلة المقبلة، والاعتراف بحقه في العمل السياسي، وتوفير ضمانات قانونية شاملة في هذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الحزب نظم مؤتمره الثاني عشر في ظروف صعبة، مع استمرار الاشتباكات، وتواصل الهجمات البرية والجوية للجيش التركي.

وأضاف أن "المؤتمر أُنجز بنجاح وبشكل آمن، حيث أُجري في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية. وشارك فيه ما مجموعه 232 مندوبا. واتخذ خلاله قرارات تاريخية تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة لحركتنا من أجل الحرية".

ويشير خبير العلاقات الدولية، حسن أحمد مصطفى، إلى أن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلحة في إقليم كردستان، خاصة في منطقة بهدينان ومحافظة أربيل، ويقلل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشاربازير والسليمانية، التي يتمتع فيها العمال الكردستاني بحضور قوي.

ويضيف مصطفى لـ"الحرة" قوله: "أنشأت تركيا بعد عام 2019، قواعد عسكرية دائمة في كردستان العراق، في مناطق من محافظة دهوك وبالقرب من جبل قنديل، لذلك حل حزب العمال الكردستاني قد يخفض من مبررات العمليات العسكرية التركية عبر الحدود".

وبين أن أنقرة أشارت إلى أنها ستراقب امتثال العمال الكردستاني لقرار الحل وإلقاء السلاح عن كثب قبل سحب قواتها من كردستان العراق.

ويلفت مصطفى إلى أن الصراع المسلح بين العمال الكردستاني وتركيا تسبب خلال السنوات الماضية بنزوح آلاف من مواطني كردستان العراق من قراهم وبلداتهم وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كردستان إما خالية تماما من سكانها أو معرضة للخطر.

وعلى الرغم من تأكيده على أن السلام الدائم سيسهل عودة النازحين إلى قراهم ومناطقهم، يلفت مصطفى إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي قد يُؤخّر إعادة التوطين الكاملة.

ولعل من تداعيات حل العمال الكردستاني التي يتوقعها مصطفى، هي أن تدعو إيران إلى إنهاء المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية بشكل كامل.

وتسعى طهران منذ نحو عامين عبر الاتفاق الأمني الذي ابرمته مع الحكومة العراقية إلى إنهاء المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان منذ أكثر من 4 عقود، وقد بدأت السلطات العراقية حسب الاتفاق بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة عن الحدود الإيرانية، ونزعت أسلحتهم.

وأصدرت مستشارية الأمن القومي العراقية، التابعة لمجلس الوزراء، في 24 أبريل الماضي، قرارا يحظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الأراضي العراقية.

ورغم إعلان حل الحزب والتخلي عن السلاح، لم تحدد آلية تنفيذ القرارين بعد، خاصة لجهة كيفية إلقاء السلاح والجهة تتسلمه من مقاتلي حزب العمال.

وأوضح وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ريبر أحمد، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل مطلع الأسبوع، أنه "مازال من المبكر الحديث عن كيفية إلقاء السلاح وأين سيسلم هذا السلاح ولمن؟ جميعنا نراقب هذه العملية، المهم أن تنتهي العمليات العسكرية والاشتباكات المسلحة في مناطق كردستان، ويتمكن مواطنونا من العودة الى مناطقهم ويحل السلام والاستقرار".

ولا يقتصر وجود العمال الكردستاني في جبل قنديل والسلاسل الجبلية والمناطق الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا، بل تتمركز وحدات مقاومة سنجار "اليبشة" التابعة لـ(PKK) في قضاء سنجار غربي الموصل أيضا.

واعتبر سياسيون في إقليم كردستان العراق خلال تصريحات سابقة لـ"الحرة"، هذه الوحدات وفصائل الحشد الشعبي سببا في عدم استقرار الأوضاع في سنجار، وأبرز عائق أمام تنفيذ اتفاقية سنجار التي وقعتها بغداد وأربيل عام 2020 برعاية دولية لتطبيع الأوضاع في تلك المنطقة وإعادة النازحين إليها.

لذلك من المتوقع أن يساهم قرار الحزب بإلقاء السلاح في تطبيق اتفاقية سنجار وعودة الاستقرار إلى المدينة، التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الغارات الجوية التركية التي استهدفتها بسبب وجود مواقع للعمال الكردستاني فيها. 

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن قرار حل حزب العمال الكردستاني بإلقائه السلاح سينهي مبررات الدولة التركية في التدخل في دول المنطقة ومنها العراق وسوريا بحجة وجود مقاتلي وأعضاء العمال الكردستاني.

ويوضح مالو لـ"الحرة"، "بعد قرار الحل، ستنهي تركيا وجودها العسكري في العراق، أو على الأقل ستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع بغداد وإقليم كردستان، لذلك على السياسيين العراقيين بالدرجة الأساس التهيئة للتفاوض والتفاهم من أجل انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية".

ويعتقد مالو أن جزءا من مقاتلي العمال الكردستاني أو مجاميع أخرى تابعة له قد ينشقون عن الحزب ويرفضون إلقاء السلاح، لكنه يرى أنهم لن يؤثروا على عملية السلام، لأن المرجع الفكري للحزب والمجموعات المرتبطة به قرروا تغيير مصيره.

ولفت إلى أن "قرار الحزب بإلقاء السلاح سيلقي بظلال إيجابية على المنطقة بأسرها".

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية أكثر من 87 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية على طول 200 كيلومتر من الحدود بين البلدين. منها 7 قواعد جديدة، أنشأتها خلال عملياتها العسكرية التي انطلقت في يونيو الماضي ضمن حدود منطقة برواري بالا في محافظة دهوك، بينما بلغ عمق توغلها 15 كيلومتراً، وهو أكثر بسبعة كيلومترات مقارنة بالعملية البرية السابقة التي كانت في عام 2021.

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية في إقليم كردستان العراق، حصل موقع "الحرة" عليها في مارس الماضي، عن مقتل وإصابة 721 مدنيا في إقليم كردستان منذ يناير 1991، إثر القصف والعمليات العسكرية التركية ضد مقاتلي PKK.

وأشارت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إلى أن الجيش التركي ما زال يواصل هجماته داخل أراضي كردستان العراق، رغم إعلان العمال الكردستاني حل نفسه.

وأضافت المنظمة أن "القوات التركية نفذت منذ 12 مايو وحتى الآن، 31 هجوما وقصفا على إقليم كردستان"، وبلغت الهجمات المسلحة ذروتها الخميس، بحسب البيان.