أنهى اتفاق مبدئي أبرم بين حكومتي بغداد وأربيل، خلافا دام أكثر من عقد، بشأن النفط، ويستأنف بموجبه تصدير الذهب الأسود من الشمال عبر تركيا.
وينصّ الاتّفاق الذي وُقّع بحضور رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني ورئيس وزراء كردستان العراق، مسرور برزاني، الثلاثاء، على أن تجري مبيعات نفط كردستان عبر شركة تسويق النفط العراقية "سومر"، ما يعني أنّ أربيل لن تدير بعد اليوم منفردةً ملف النفط.
ويفتح الاتفاق الباب لاستئناف تصدير النفط عبر خط أنابيب بين العراق وتركيا، منذ أن توقف في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وهو ما يكلف الموازنة العامة للدولة العراقية خسائر بحدود 30 إلى 35 مليون دولار يوميا، أي نحو مليار دولار شهريا من إيرادات الدولة، بحسب الخبير الاقتصادي العراقي، عبد الرحمن المشهداني لموقع "الحرة"، الذي أشار إلى أن الحكومة الاتحادية حددت سعر برميل النفط في الموازنة بـ70 دولارا.
برعاية رئيس مجلس الوزراء @mohamedshia ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق @masrourbarzani ، جرى في بغداد، اليوم الثلاثاء، توقيع اتفاق مؤقت بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، يُستأنف بموجبه تصدير النفط الخام إلى الخارج من الإقليم ومن محافظة كركوك. pic.twitter.com/cJheKxsABJ
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) April 4, 2023
وأوقفت تركيا تدفق نحو 450 ألف برميل يوميا من الخام العراقي عبر خط أنابيب من منطقة فيش خابور الحدودية إلى ميناء جيهان التركي في 25 مارس الماضي بعد فوز العراق بدعوى تحكيم دولية من قبل غرفة تحكيم باريس لحل خلاف مستمر منذ 2010، بحسب المشهداني.
ويقول المشهداني، إن "قرار غرفة تحكيم باريس منع تركيا من تصدير نفط إقليم كردستان العراق دون موافقة الحكومة الاتحادية وهو ما عجل بتوقيع الاتفاق".
ويضيف أنه "لولا قرار هيئة التحكيم الدولية كان من الممكن ألا يلتزم إقليم كردستان. وفي نفس الوقت، إذا استمرت تركيا في تنفيذ القرار، ولم تحل الحكومة الاتحادية المشكلة مع الإقليم، فهذا يعني أن بغداد ملتزمة بتسليم حصة الإقليم وهي 12.67 من الموازنة العامة بدون قيد أو شرط، باعتبار أن منع تصدير النفط كان من جهة خارجية وليس محليا".
وتمثل التدفقات المتوقفة نحو 0.5 بالمئة فقط من إمدادات النفط العالمية، لكن هذا التوقف أجبر شركات النفط العاملة في المنطقة على وقف الإنتاج أو نقله إلى صهاريج تخزين تمتلئ سريعا وساهم أيضا في ارتفاع أسعار النفط الأسبوع الماضي إلى ما يقرب من 80 دولارا للبرميل.
والعراق هو ثاني أكبر دولة نفطية في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
ويصدّر العراق ما معدّله 3,3 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، ويشكّل الذهب الأسود أكثر من 90 في المئة من موارد الخزينة العراقية.
ويقول المشهداني إن "إعادة تصدير النفط يضيف للموازنة موردا مهما ويقلل من نسبة العجر"، مشيرا إلى أن الخلاف النفطي بين بغداد وأربيل بدأ في 2010 قبل أن تتجه الأولى إلى التحكيم الدولي في 2014.
ولا يزال أمام موازنة 2023 نحو شهر ونصف من المداولات في البرلمان، والتي من المفترض أن يتم تطبيقها بأثر رجعي بداية من العام الجاري.
ويعتبر المشهداني أن برزاني قدم تنازلات في الاتفاق، حيث وافق على تشكيل لجنة مشتركة لتسويق النفط وتسليم الـ450 ألف برميل للحكومة الاتحادية، على أن يتم فتح حساب مصرفي مستقل لحكومة الإقليم لدى البنك المركزي العراقي، تشرف عليه الحكومة الاتحادية، على أن يقدم تقريرا رقابيا كل ثلاثة أشهر، واستحداث منصب معاون للمدير العام لشركة تسويق النفط العراقية، على أن ترشّح حكومة إقليم كردستان الاسم الذي سيشغل هذا المنصب الجديد.
وقال السوداني خلال إفادة صحفية مشتركة مع برزاني "على الكل الالتزام بهذا الاتفاق و تنفيذه".
وأضاف أن الاتفاق مؤقت لحين الوصول إلى تشريع قانون الموازنة الذي قال إنه "سيغطي كل الالتزامات ويعالج كل المشاكل".
ويوضح المشهداني أن هذا الاتفاق صادقت عليه الحكومة الاتحادية، على أمل أن يشرع قانون النفط والغاز لاحقا من قبل البرلمان.
وبحسب الخبير النفطي، يسار المالكي، فإنّ الاتّفاق "يمنح بغداد القدرة على الاطّلاع على قطاع النفط في كردستان العراق، حتّى لو كان الأمر يتعلّق في الوقت الحالي بجانب المبيعات فقط".
وأضاف لوكالة "فرانس برس" أنّ الاتفاق يمنح بالمقابل أربيل القدرة على "زيادة دخلها من خلال التوقف عن منح تخفيضات كبيرة" على مبيعاتها كما كانت تفعل سابقاً.