أثارت حادثة هروب رئيس ديوان الوقف السني السابق سعد كمبش، المدان بالفساد، من سجنه داخل المنطقة الخضراء ببغداد، الكثير الجدل في العراق، وأعادت تسليط الضوء على جدية السلطات في مكافحة الفساد، وتعامل أجهزة الأمن مع المعتقلين المدانين بتلك القضايا.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، الأربعاء، هروب المسؤول الديني السابق من مركز شرطة كرادة مريم ببغداد، مما أدى إلى توقيف عدد من الضباط والشرطيين على خلفية تواطؤ محتمل والمساعدة على الهرب.
وأفادت مصادر أمنية بهروب كمبش من مركز الشرطة مساء الثلاثاء "بمساعدة ثلاثة أشخاص" كانوا ينتظرونه خلف مبنى السجن، حسبما نقل بيان عن اللواء يحيى رسول المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء.
وأوضح بيان المتحدث العسكري أن التحقيق "سمح بوضع اليد على وثائق وأدلة" ساعدت في "كشف والقاء القبض على كل من له علاقة بالهرب والأطراف التي سهلت ذلك"، ومن ثم "أصدر قاضي التحقيق أمرا بتوقيف ضباط ومنتسبي المركز المسؤولين عن حماية الموقوف".
بيان
====
بتاريخ 3/21 من العام الجاري تم القاء القبض على المتهم سعد حميد كمبش رئيس ديوان الوقف السني السابق من قبل الفريق الساند على ذمة الهيئه العليا للنزاهة، وبتاريخ 4/11 اصدرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية حكمها بالحبس الشديد لمدة اربع سنوات على هذا المجرم وفق المادة 331… pic.twitter.com/fKFhShPc6b
— يحيى رسول | Yehia Rasool (@IraqiSpoxMOD) April 19, 2023
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، رفض الكشف عن أسمه، أنه تم توقيف ثمان ضباط و18 شرطيا.
واعتُقل كمبش في 21 مارس الماضي، بعد ذلك صدر حكم عليه "بالحبس الشديد أربع سنوات" لإدانته "بمخالفة واجبات وظيفته عمداً والتسبب في إضرار المال العام".
لحظة هروب #سعد_كمبش من مركز شرطة الكرادة ويظهر استخدامه سيارة نوع سني بيضاء ..
Credit: خبر عاجل pic.twitter.com/692H94Kuuy
— Yasser Eljuboori (@YasserEljuboori) April 19, 2023
وتشير حادثة هروب الرئيس السابق لديوان الوقف السني، الذي يتولى بصورة رئيسية إدارة المراقد والمساجد السنية وغيرها من ممتلكات مدنية، إلى مدى "تجذر" الفساد في المؤسسات الحكومية وعدم الجدية في محاربته من قبل الحكومات المتعاقبة، وفقا لمراقبين وسياسيين عراقيين.
ويقول الناشط الحقوقي علي العنبوري إن ما جرى مع كمبش "ليس جديدا وهو أمر يتكرر بشكل متواصل في العراق، نتيجة تشعب شبكة الفساد واشتراك جميع الأطراف السياسية فيها بشكل أو بآخر".
ويضيف لموقع "الحرة" إن حادثة هروب كمبش تؤكد المبدأ الذي تسير به عمليات الفساد في العراق، المتمثل بتواطؤ القوى السياسية مع بعضها البعض من أجل سرقة المال العام.
ويتابع العنبوري: "حتى الحالات التي يكون فيها قرار قضائي صارم ضد الفاسدين، تنتهي بتسويات على حساب أموال الشعب".
ويعاني العراق من آفة الفساد الذي تسلل إلى مؤسساته الحكومية، وغالبا ما تُستهدف المستويات المتوسطة والبسيطة في حالة إدانة مرتكبيه ومن النادر أن تطال قمة الهرم.
وأقيل كمبش من منصبه رئيسا اديوان الوقف السني في مارس 2022، ثم تولى منصب نائب رئيس الديوان، قبل توقيفه.
كانت هيئة النزاهة قد ذكرت في وقت سابق أن الحكم صدر بحقه في أبريل لقيامه بشراء فندق بأكثر من 36 مليون دولار "على الرغم من عدم وجود جدوى اقتصادية" لذلك.
وأدين بإهدار نحو مليون دولار من خلال "تضخيم سعر بناء" مآذن جديدة في محافظة صلاح الدين، وبمخالفات مالية "تتعلق بعقد أبرم مع شركة يابانية لبناء مسجد الموصل، وفقا للهيئة.
وانتقدت عضوة لجنة النزاهة في البرلمان، سروة عبد الواحد، الإجراءات المتبعة داخل مركز الشرطة، الذي هرب منه كمبش. وقالت إنه كان يوفر خدمة مرفهة "في آي بي" للنزلاء، فيما باقي السجون "مكتظة وقذرة".
وكتبت عبد الواحدة في تغريدة "مراكز كبار الفاسدين نظيفة ويتمتعون بحق الزيارات ويحتفظون بهواتفهم، وأخيرا يستطيعون الهروب!!".
وتابعت عبد الواحد "لا فرق بين حرامي وآخر، ولا بين من يخالف، ويجب أيضا ألا يوجد فرق بين مراكز الشرطة.. لذا أطالب بغلق جميع المراكز ال vip ومحاسبة القائمين عليها".
من العجائب أن مركز كرادة مريم ومركز شرطة الصالحية مخصصان للمسؤول الفاسد vip، والمصيبة أن صاحب الـ vip يستطيع أن ينهزم من هذين المركزين .. لكن أريد أعرف لماذا المراكز الأخرى في السعدون والجعيفر وغيرها مكتظة ووسخة وقذرة، في حين أن مراكز كبار الفاسدين نظيفة ويتمتعون بحق الزيارات…
— Srwa Abdulwahid. سروه عبدالواحد (@srwa_qadir) April 19, 2023
ويحتل العراق المرتبة 157 بين 180 دولة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن "مدركات الفساد"، وغالبا ما تستهدف المحاكمات في قضايا الفساد، في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية.
وتعهد رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني باتخاذ إجراءات صارمة ضد الفساد، لكن قلة تتوقع محاسبة أي مسؤول كبير أو زعماء سياسيين، وفقا للعنبوري.
وأضاف العنبوري أن "ما جرى اليوم، وقبل ذلك، من حالات هروب لمتهمين بالفساد أو إخراجهم وفقا لصفقات، يؤكد أن جميع الادعاءات التي أوردتها الحكومات المتعاقبة على العراق بشأن مكافحة الفساد مجرد ذر للرماد في العيون ولا توجد جدية في هذا الموضوع".
ويؤكد العنبوري أنه "ومن خلال متابعاتنا، والمعطيات على الأرض ،فإن مؤشرات الفساد في العراق باقية على حالها منذ سنوات ولن يتغير أي شيء".
ويبين العنبوري أن "الفساد منتشر بشكل كبير في المؤسسات المسؤولة عن تطبيق القانون، وبالتالي لن نتمكن من القضاء على الفساد أبدا، لإن السلطة تطبق القانون على الضعفاء فقط".
وتعليقا على حادثة الهروب، قال هشام الركابي المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن "عملية هروب كمبش ستكون سببا للقيام بثورة كبيرة على الآليات الفاسدة المعتمدة في احتجاز كبار الفاسدين.
عملية هروب كمبش ستكون سببا للقيام بثورة كبيرة على الاليات الفاسدة المعتمدة في احتجاز كبار الفاسدين.
سيتم اقتلاع الآليات الفاسدة التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين الى فنادق 5 نجوم.
— هشام الركابي (@HushamHamad) April 18, 2023
وأضاف الركابي في تغريدة على تويتر: "سيتم اقتلاع الآليات الفاسدة التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين الى فنادق 5 نجوم".