عراقيون يحيون ذكرى احتجاجات تشرين
عراقيون يحيون ذكرى احتجاجات تشرين

في ظل دعوات لمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، تنقسم الأحزاب والقوى السياسية المنبثقة عن احتجاجات تشرين، حول المشاركة في الانتخابات المقررة في 18 ديسمبر المقبل.

ويكشف نشطاء وقيادات أحزاب "تشرينية" لموقع "الحرة"، عن أسباب وأهداف خوضهم المعركة الانتخابية المرتقبة من عدمها.

وفي الأول من أكتوبر 2019، اندلعت احتجاجات في العراق، حيث تظاهر مئات الآلاف من العراقيين لأشهر في الشوارع ضد النظام للمطالبة بإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد، وصولا لمطالبات بإسقاط النظام. 

وأدى "حراك تشرين" إلى مقتل نحو 600 متظاهر وإصابة 30 ألفا بجروح في كل أنحاء العراق، وبالتزامن مع الذكرى السنوية الرابعة لتلك الاحتجاجات ستشهد البلاد انتخابات مجالس محافظات المرتقبة.

وحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإن قرابة 70 حزبا وتحالفا سياسيا وأكثر من 6 آلاف مرشح سيتنافسون على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المحلية، والتي سيتمخض عنها تشكيل الإدارات المحلية، وذلك بعد قرابة 13 عاما عن أول انتخابات أُجريت في المحافظات.

4 سنوات على حراك تشرين.. ماذا تغير؟

الناشط بحراك تشرين، ليث الحيالي، يشير إلى عدة تغييرات سياسية عرفتها البلاد منذ اندلاع الحراك قبل 4 سنوات، وأبرزها "صعود جملة من الشخصيات السياسية المستقلة التي تمثل الاحتجاجات للمشهد السياسي بالعراق".

وهذه المجاميع السياسية صعدت لمجلس النواب، لكنها "لا تلبي" طموحات الشارع العراقي، وغير ناجحة "في تنفيذ تطلعات الجماهير ونقل معاناة عوائل الشهداء والجرحى، ومن انتخبهم"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويرى أن النتاجات السياسية لحراك تشرين "مخيبة للآمال"، وأحبطت الجمهور وخلقت "فجوة" بين الشارع والنواب الذين يمثلون احتجاجات تشرين.

وحسب الحيالي فإن انتخابات مجالس المحافظات مرتبطة بمجلس النواب ونتائجها السياسية "غير المرضية" للجمهور الساخط على ممثليه بالبرلمان.

ولا يستطيع النواب تمثيل "تطلعات الجماهير"، وبالتالي فالشارع لا يثق بمجريات انتخابات مجالس المحافظات والقوى المشاركة بها، وفق الناشط بحراك تشرين.

ويشدد على أن الأحزاب المنبثقة عن حراك تشرين "غير قادرة" على إحداث الفارق لأن خياراتها السياسية "متقلبة ومتناقضة".

وفي انتخابات 2021 البرلمانية، قاطعت مجموعة من الكيانات السياسية المنبثقة من حراك تشرين الانتخابات، بذريعة أن "العملية الديمقراطية مشوهة والسلاح من كان يسيطر على المشهد"، حسبما يوضح.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، لم يحدث أي طارئ سياسي ولا توجد "تغييرات بالمجريات السياسية"، وبالتالي فهذا التناقض "يضع علامات استفهام كثيرة جدا"، وفق الحيالي.

وطرح المتحدث عدة تساؤلات على الأحزاب والقوى المنبثقة عن حراك تشرين، قائلا" الجمهور يتساءل لماذا قاطعوا انتخابات مجلس النواب 2021 ويشاركون الآن في انتخابات مجلس المحافظة "الأقل أهمية"؟.. وما التغير السياسي الذي حدث لتغيروا رأيكم؟".

تغييرات سياسية؟

تجيب على تلك الأسئلة، الأمينة العامة للحركة المدنية الوطنية، شروق العبايجي، والتي تؤكد أن حراك تشرين "أدان بشكل مباشر مجالس المحافظات" باعتبارها الهيئة المباشرة التي على تماس مع المواطنين بكل محافظة.

وكانت تلك المجالس "فاشلة وفاسدة" ما تسبب في ظهور مطالبات بإنهاء عملها، لكن بعض الأحزاب استغلت الفكرة لمصلحتها و"ألغت انتخابات مجالس المحافظات"، بهدف تشكيل أخرى دون رقابة وأن يكون هناك فقط "الحزب الذي ينتمي إليه المحافظ"، وفق حديثها لموقع "الحرة".

والآن القضية تتعلق بوجود "أفكار مختلفة تجاه الانتخابات، ومنها المقاطعة لعدم إضفاء شرعية على الطبقة السياسية المسيطرة على المجالس لكي تستمر، وبين "الحديث عن استخدام كافة الوسائل لكشف زيف البيئة الانتخابية، تمت تجربة كافة تلك الطرق ولم يبق أمامنا سوى "المشاركة" بالمعركة بكل تعقيداتها وتفاصيلها"، حسبما تشدد العبايجي.

وتشارك الحركة المدنية الوطنية التي تتزعمها شروق العبايجي في انتخابات مجالس المحافظات ضمن تحالف "قيم المدني" والذي يضم 9 أحزاب من قوى التغيير الديمقراطي.

وتلك الأحزاب هي "الشيوعي العراقي، والتيار الاجتماعي، والحركة المدنية الوطنية، والتيار الديمقراطي، وحركة نازل آخذ حقي، والبيت الوطني، وحركة المثقف العراقي، وحزب الريادة العراقي"، فضلا عن كتلة وطن النيابية.

وتشير العبايجي إلى أن تحالفها سوف يشارك في الانتخابات لإثبات أن هناك "جهات أخرى غير سلطوية" قادرة على تقديم خدمات للمواطن العراقي بشكل صحيح ونزيه.

بدوره، يقول سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، في تصريحات لموقع "الحرة": "سنشارك في إطار تحالف واسع يضم أحزاب منبثقة من رحم تشرين".

واعتبر فهمي أن "الأحزاب المدنية تشكل قوى مهمة لأنها تحمل مشروعا بديلا ومختلفا عن قوى السلطة". 

مشاركة على "مضض"؟

توضح العبايجي أن هناك  "اتجاهات مختلفة" داخل حراك تشرين، بين الدعوة للمشاركة والمقاطعة وهذا أمر أكثر من طبيعي، حسبما تؤكد الأمينة العامة للحركة المدنية الوطنية.

ويرجع ذلك لكون الأحزاب والقوى المنبثقة عن حراك تشرين مازالت في مراحل "تطوير" العمل السياسي، حيث تطغى "الروح الاحتجاجية" في الكثير من المواقف على الأفكار السياسية، وفق العبايجي.

ويؤكد فهمي على أن  "الانتخابات قد لا تحقق نتائج كبيرة، لكنها فرصة لكي تتعلم القوى الداعية للتغيير كيفية توحيد جهودها وتنشيط عملها بين الناس"، داعيا المواطنين إلى "انتخاب قوى التغيير والمشاركة في الانتخابات التي قد تحمل بعض التغيرات". 

ومن جانبه، يرجع القيادي في حراك تشرين، أحمد الوشاح، قرار بعض "التشرينيين" بالمشاركة بالانتخابات لـ"عدم ترك الجمل بما حمل" للفصائل للسيطرة على فصائل الدولة.

والانتخابات ليست "الحل الأمثل" ولا تمثل "طموحا" للتشرينيين، لكن المشاركة تقوى الحراك وتحمي الشباب، وسيتبع ذلك "تغيير تدريجي" في السنوات القادمة، حسبما يؤكد لموقع "الحرة".

لكن على جانب أخر، لا ينتظر الناشط بحراك تشرين، سيف الدين العلي، "أي جديد من انتخابات مجالس المحافظات"، التي" لن تضيف شيء للشعب العراقي"، على حد قوله.

ويشير في حديثه لموقع "الحرة"، إلى أن المهتمين بهذه الانتخابات هم "الأحزاب السياسية المتمسكة بالسلطة وأتباعها"، بهدف إعادة السيطرة على مجالس المحافظات

وعلى جانب آخر فإن الأحزاب المنبثقة من حراك تشرين "غير قادرة على التغيير"، سواء بمجلس النواب أو بمجالس المحافظات، لأنها "لم تنجح في تحقيق أي تغيير قانوني أو إداري أو نيابي"، وفق حديثه.

تكرار لتجربة "مجلس النواب"؟

يصف ليث الحيالي، التمثيل التشريني بمجلس النواب بـ"التجربة المريرة التي لم تحقق أي نجاح يذكر"، وتجاهل النواب مطالب جمهورهم والمبادئ السياسية الرئيسية التي كانوا يتحدثون بها قبل صعودهم للبرلمان.

ومن جانبها، تؤكد شروق العبايجي، أن الصراع بين الآراء المختلفة كان على "أشده" في انتخابات مجلس النواب 2021، بحيث كانت "المقاطعة" بارزة ومؤثرة على مجريات العملية الانتخابية، لكن في نفس الوقت كان هناك "صعود" لأعداد كبيرة من النواب المستقلين المنتخبين مباشرة من الشعب.

وهناك اتجاه لاستكمال "التجربة" بالاستعداد لخوض الانتخابات بشكل أكبر، في مواجهة القوى المشكلة للطبقة السياسية الحاكمة وإدارة الدولة والتي تسعى للسيطرة "مسبقا" على مجريات العملية الانتخابية، وفق الأمينة العامة للحركة المدنية الوطنية.

وتشير العبايجي إلى أن هذا سوف يجعل المعركة الانتخابية القادمة "أصعب بكثير"، ولذلك ندعو الجماهير للمشاركة "الواسعة" في الانتخابات، لتقليل سيطرة الأحزاب على المخرجات السياسية.

ثوار وليسوا "سياسيين"؟

يتحدث المحلل السياسي العراقي، عمر الناصر، عن أهمية الانتخابات المقبلة نظرا لمشاركة "المدنيين والمستقلين" بقوة وفي جبهة واحدة.

وفي المقابل تنتظر القوى السياسية "القابضة على السلطة" تلك الانتخابات منذ زمن بعيد بعد إلغائها عامي 2013 و2014، حسبما يوضح لموقع "الحرة".

ويؤكد أن الأحزاب السياسية التقليدية تحضرت لها بشكل كبير جدا، بدليل مشاركة 39 تحالفا سياسيا بالانتخابات المزمعة.

ويعتقد عمر الناصر أن "المعادل السياسي النوعي" الذي تود الأغلبية الصامتة دخوله العملية السياسية قد يتحقق "جزئيا" من أجل وجود معارضة حقيقية تراقب أداء المحافظين.

لكن ذلك يتوقف عند المشاركة في الانتخابات، فإذا كانت ضعيفة "لن تغير من المشهد السياسي بشيء"، وإن كانت قوية "سيكون هناك تجديد للوجوه السياسية"، حسب المحلل السياسي العراقي.

ويشير إلى أن الأحزاب والقوى المنبثقة عن حراك تشرين، "لن تشكل فارقا" لأنها شاركت سابقا بانتخابات مجلس النواب.

ويوضح أن هناك فارق بين "السياسي المحنك والثائر"، ولا يوجد لدى قوى تشرين "خبرة سياسية طويلة"، على حد قوله. 

ورغم ذلك يرى أن الأحزاب والقوى المنبثقة عن الحراك لديها القدرة على تطوير أدائها السياسي، ويمكنها الانتقال "تدريجيا" إلى مشهد سياسي أفضل، لكن ذلك يعتمد على "رص الصفوف، وعدم تكرار الأخطاء السابقة".

العراق

يضع تذبذب أسعار النفط عالميا العراق على صفيح ساخن اقتصاديا، بسبب اعتماده بشكل شبه كامل في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام.

وحدد العراق تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل في الموازنة المالية الثلاثية للسنوات المالية (2023،2024،2025) التي أقرها مجلس النواب العراقي قبل عامين.

ورغم أن أسعار النفط شهدت، الثلاثاء الماضي، ارتفاعا طفيفا، لكن سبق ذلك تراجع سريع لأسعار النفط خلال الأسبوعين الماضيين، حيث وصل فيهما سعر البرميل الى عتبة 60 دولارا، الامر الذي وضع العراق على موعد مع ظروف مالية معقدة، فيما إذا استمر هذا التراجع خلال الأشهر المقبلة.

ويعتبر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد صالح، أزمة أسواق النفط العالمية "أزمة مؤقتة"، لافتا إلى أن العراق يتحصن باحتياطيات من النقد الأجنبي ما زالت ساندة للاقتصاد الوطني، وستساعده كثيرا على مواجهة أزمة أسواق النفط العالمية.

ويؤكد صالح لموقع "الحرة"، "على المستوى الوطني، الخطط المالية الحالية والمستقبلية آخذة بالاعتبار الاحتمالات كافة بالتحوط لهذه الأحداث، مع تدابير مالية مختلفة ضامنة للنفقات الضرورية في مقدمتها تأمين رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية وتنفيذ المشاريع الخدمية وفق البرنامج الحكومي بشكل مرن دون توقف بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص".

وتزامن انخفاض أسعار النفط عالميا مع تأخر المصادقة على مخصصات عام 2025 في الموازنة الثلاثية، ويعزو خبراء اقتصاديون تحدث معهم موقع "الحرة"، التأخير الحكومي في إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب للتصويت عليها إلى محاولات الحكومة لتكييف الإيرادات والنفقات لتفادي حدة الأزمات الاقتصادية التي قد تعصف بالعراق مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية.

وأشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، خلال ترأسه اجتماعاً لرؤساء الدوائر الخدمية في محافظة ذي قار جنوب العراق، الى أن حكومته شهدت ظهور العجز فعلياً في الموازنة، لتحقيقها الإنجاز، لافتا الى وجود كفاءة في الصرف والأداء والعمل، فيما كان العجز سابقاً تخطيطياً.

ونقل الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي عن السوداني قوله خلال الاجتماع، "حكومتنا رتبت آلية الإنفاق وفق مبدأ الأهم ثم المهم، وعملنا في الكثير من القطاعات وحققنا نتائج إيجابية".

ويلفت الخبير في قطاع النفط والغاز، كوفند شيرواني، الى أن تراجع أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل أو 60 دولارا سيؤدي إلى تراجع إيرادات العراق، وبالتالي زيادة العجز الموجود في الموازنة الذي يقارب 49 مليار دولار لعامي 2023 و 2024.

ويستبعد أن يتسبب هذا الانخفاض، بأي تأثير على الرواتب والمعاشات، لأن الرواتب والمعاشات بمجملها لا تصل إلى 80 ترليون دينار من موازنة تبلغ سنويا 200 ترليون دينار.

ويضيف شيرواني لموقع "الحرة"، "تراجع الإيرادات سيؤدي إلى استقطاع جزء من الموازنة الاستثمارية التي تختص بإنشاء المشاريع الجديدة التي تدر إيرادات إضافية، وكذلك ستتأثر عملية توفير فرص عمل جديدة، وربما سيؤدي استمرار التراجع إلى تقليل النفقات التشغيلية للدولة".

ووفق شيرواني، سيكون لأي انخفاض في أسعار النفط تأثير كبير على العراق بالذات مقارنة بالدول الأخرى المصدرة للنفط، في إشارة إلى مجموعة أوبك.

ويوضح شيرواني سببين لكون العراق الأكثر تأثرا بالانخفاض، أولهما الإنتاج العالي للعراق الذي يتجاوز 4 ملايين برميل يوميا، ويصدر منها حسب مقررات "أوبك +" نحو 3.3 برميل يوميا.

ويكمن السبب الثاني بحسب شيرواني في اعتماد الاقتصاد العراقي بنسبة تتجاوز 90% على إيرادات النفط، فأي تقلبات في الأسعار تجعله يتأثر بدرجة أكبر، داعيا الدولة العراقية إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات العامة، وتنشيط القطاعات الأخرى من الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين نظام الضرائب والجمارك لزيادة الإيرادات.

وأكدت الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري، على إجراء إصلاحات اقتصادية للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد ومواجهة الأزمات.

وحددت ستة محاور من المنهاج للنمو الاقتصادي، تمثلت بالعمل على إحداث تحوّل تدريجي من الاقتصاد الريعي الحالي المعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل إلى اقتصاد متنوع الدخل، ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجالات الزراعية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والبيئة، التي من شأنها توفير فرص عمل واستقطاب الاستثمارات محليا ودوليا.

ووفق مراقبين للشأن الاقتصادي العراقي تحدثوا لموقع "الحرة"، ما زالت خطوات الحكومة لتنويع الاقتصاد تسير ببطء، بينما يتطلب الوضع الاقتصادي للبلد إصلاحات سريعة لتفادي أي أزمة مالية مرتبطة بأسعار النفط.

ويحذر الخبير المالي إبراهيم علي من ظروف مالية معقدة قد يشهدها العراق إثر تذبذب أسعار النفط وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية ما سيؤثر بشكل كبير على استقراره الاقتصادي والاجتماعي.

ويبين علي لموقع "الحرة"، أن الوضع المالي في العراق "يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة سريعة لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وهذه الخطوة بحاجة الى جهود من الحكومة لتعزيز القطاعات الإنتاجية وتحسين بيئة الاستثمار".

وفي مقابلة متلفزة بُثت، في مارس الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن حكومته تمكنت من رفع نسبة الإيرادات غير النفطية خلال العامين والنصف الماضيين إلى %14 بعد أن كانت 7% خلال السنوات الماضية".

وتابع السوداني "وضعنا هدفا في قانون الموازنة وهو رفع الإيرادات غير النفطية إلى %20 خلال 3 سنوات"، مؤكدا مضي حكومته باتجاه تحقيق هذه النسبة.

وأشار السوداني إلى أن العراق قادر على تجاوز هذه النسبة لكنه بحاجة إلى مجموعة من الخطوات، وحددها بوجود حاضنة سياسية للقرارات دون مزايدات، وقبول شعبي، وتشريع قوانين تساهم في رفع الإيرادات غير النفطية.

ويرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن الاقتصاد العراقي هش ويتأثر بأي أزمة اقتصادية خارجية لأنه مرتبط بالأسواق العالمية، نتيجة عدم وجود إنتاج محلي متنوع يسد حاجات المواطن.

ويؤكد العنزي لموقع "الحرة" أن "الحلول مطروحة وموجودة، لكن ليس هناك جدية من قبل حكومة اعتمدت على النفط وتكاسلت فكريا وليس إداريا، لذلك واقع الاقتصاد العراقي متهالك لا يمكن إدارته ومتحول إلى استهلاكي حكومة وشعبا".

ويسعى العراق وبحسب الهيئة الوطنية للاستثمار، إلى جذب الاستثمارات النوعية، وتنمية ثقة الشركات الدولية بالبيئة الاستثمارية في البلاد.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، في تصريح نشره موقع الهيئة في 8 أبريل الحالي، إن "مشاركة ممثلين عن 60 شركة أميركية تعمل في مجالات حيوية ومهمة في زيارة العراق، يعد مؤشرًا واضحًا على تنامي ثقة الشركات الأميركية ببيئة الاستثمار في العراق"، مشيرا إلى أن العراق يشهد تطورات إيجابية في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية.

وأكد مكية على أن فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والخدمات المصرفية، يشكل محورًا مهمًا في توجهات الحكومة الحالية نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال.

وأعلنت السفارة الأميركية في بغداد، في 7 أبريل، وصول وفد تجاري أميركي مكون من 60 شركة إلى بغداد، مبينة أن غرفة التجارة الأميركية ستوقع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع اتحاد غرف التجارة العراقية لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص الأميركي ونظيره العراقي.

وقالت السفارة في بيان، إن "غرفة التجارة الأميركية برئاسة ستيف لوتس تقود وفدًا مكونًا من 101 عضو من حوالي 60 شركة أميركية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة إلى العراق"، لافتة إلى أن هذه أول مهمة تجارية معتمدة من وزارة التجارة الأميركية إلى العراق وأكبر وفد تجاري أميركي إلى العراق خلال تاريخ الغرفة.

ويعاني العراق من آثار الأزمات التي شهدها خلال العقود الأربعة الماضية نتيجة الحروب التي خاضها والصراعات السياسية الداخلية والأزمات الدولية إثر تذبذب أسعار النفط، التي أثرت على الواقع الاقتصادي للبلاد.

ولعل أبرز ما يعمق من أزمة الاقتصاد العراقي هو الفساد الإداري والمالي الذي يعيق الإصلاحات الحكومية.

وتؤكد الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري أن مكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر المال العام تأتي في مقدمة أولوياتها، عبر دعم وتفعيل الهيئات الرقابية ومتابعة ملفات الفساد الكبيرة التي سبق إعدادها من قبل الجهات الرقابية، وبعضها بالتعاون والشراكة مع جهات دولية مختصة بمكافحة الفساد في فترة الحكومات السابقة.