إيران استهدفت إقليم كردستان العراق في يناير
إيران استهدفت إقليم كردستان العراق في يناير

في الشكوى التي تقدم بها لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ردا على الضربات الصاروخية الإيرانية داخل أراضيه، أكد العراق أنه يحتفظ بحقه في المطالبة بـ "الحقوق القانونية والأخلاقية المترتبة على تلك الاعتداءات وفقا للقوانين والتشريعات الدولية".

وحصل موقع قناة "الحرة" على نسخة من الشكوى التي قدمها العراق لمجلس الأمن الدولي، خلال وقت سابق من الشهر الجاري، عن طريق القائم بأعمال الممثلية الدائمة للعراق لدى الأمم المتحدة، عباس كاظم عبيد، الذي طلب توزيع الرسالة على أعضاء مجلس الأمن وإصدارها كوثيقة من وثائق المجلس.

خلال وقت سابق من الشهر الحالي، شنت إيران ضربات بالصواريخ البالستية في إقليم كردستان العراق اعتبرها العراق "عدوانا" واستدعى سفيره لدى طهران وأعلن إثر ذلك أنه سيرفع شكوى لمجلس الأمن الدولي.

ماذا يريد العراق؟

أستاذ السياسة العامة بجامعة بغداد، إحسان الشمري، قال إن مطالبات العراق ذات شقين: أخلاقي وقانوني.

وأضاف في حديثه لموقع "الحرة" أن المطالبات الأخلاقية "ترتبط بتقديم اعتذر رسمي من قبل إيران عما تسبب به الهجوم على اعتبار أن ذلك من مبادئ حسن الجوار ولابد من استدامته".

أربيل أعلنت مقتل أربعة مدنيين على الأقل في الهجوم الإيراني
ندد بـ "العدوان الإيراني" على أراضيه.. تفاصيل الشكوى العراقية لمجلس الأمن
ندد العراق في شكواه المقدمة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما وصفه بـ"عدوان خارجي" من إيران، حيث قصفت عددا من الأماكن السكنية في مدينة إربيل بصواريخ باليستية، وفقا لنسخة من الشكوى حصل عليها موقع "الحرة".

وتابع: "الأمر الآخر في القضية هو ما يترتب عليها وفق القوانين الدولية من آثار على إيران إذا ما أصدر مجلس الأمن قرارا أو تنبيها أو شجبا أو إدانة أو إلزام إيران من خلال القوانين بعدم تكرار مثل هكذا عمليات".

في شكواها المؤرخة بتاريخ 16 يناير الحالي أي بعد يوم من الضربات الإيرانية، قالت بغداد إن "الذرائع" و"الادعاءات" التي ساقتها إيران لتبرير هذه الهجمات "مزيفة"، مؤكدة أنه يعد "انتهاكها صارخا للسيادة، وسلامة الإقليم وأمن الشعب العراقي".

في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن طهران "لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها".

وأوضح أن القصف "جزء من رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أولئك الذين يتخذون إجراءات ضد الأمن القومي الإيراني وأمن المواطنين"، ويأتي في إطار "العقاب العادل" ضد "المعتدين على أمن البلاد".

وبحسب الشكوى، "لا تبرر الذرائع التي تزعمهما طهران بأي شكل من الأشكال قيامها بالقصف بصواريخ باليستية".

وسبق للحرس الثوري أن قصف أربيل بصواريخ بالستية في مارس 2022، وأشار في حينه إلى استهداف "مقر" لجهاز الموساد. ونفت سلطات الإقليم يومها تواجد الاستخبارات الإسرائيلية.

ما هو السيناريو المتوقع؟

وقال الخبير في القانون الدولي، بول مرقص، إن العراق "قد يطالب بالتعويض المالي"، مضيفا: "هذا وجه من وجوه المطالبة".

ومع ذلك، استبعد مرقص، وهو رئيس مؤسسة "JUSTICIA" الحقوقية، اتخاذ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قرارا ملزما "استنادا للفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف: "اعتقد ما لم تكن هناك إرادة من الدول الكبرى تظل الشكوى مجرد رفع عتب وربما يصدر بيان إدانة (من قبل مجلس الأمن) كحد أقصى".

والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يختص "فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان"، إذ يشمل 13 مادة (من 39 إلى 51) بعضها يعطي مجلس الأمن الحق في "أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه".

وقال مرقص إنه لا يتوقع قرارات "لأنه لا فاعلية بمجلس الأمن في هذا الوقت.. المجلس تتحكم فيه السياسة الدولية".

وجاءت الضربات الإيرانية التي دانتها الولايات المتحدة وأطراف دولية عدة، في سياق توتر متصاعد في الشرق الأوسط ومخاوف من نزاع إقليمي شامل على خلفية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، التي تدعمها إيران.

وأفادت سلطات إقليم كردستان بمقتل "4 مدنيين" على الأقل وإصابة 6 آخرين جراء الضربات، ومن بين القتلى رجل الأعمال البارز في مجال العقارات، بشراو دزيي وزوجته، بحسب فرانس برس.

ورأى الشمري، الذي يشغل منصب رئيس مركز التفكير السياسي أيضا، أن تقديم العراق لهذه الشكوى ضد إيران "جاء نتيجة ضغط داخلي، لا سيما في ظل الرفض الشعبي للهجمات.. وهذا ما حفز الحكومة للذهاب في مسار الشكوى".

ومع ذلك، يعتقد أنه "لن تكون هناك متابعة بالشكل الذي يتسرد الحقوق بالنسبة للضحايا وللعراق رغم أن الشكوى ركزت على الجانب القانون ولا أتصور أيضا أن إيران ستقدم اعتذارا".

وتابع: "لذلك، الأمر فيما يبدو محاولة لتهدئة الغضب الداخلي.. السوداني لا يريد أن يستفز إيران التي تدعم من خلال حلفائها حكومته".

وقال الشمري إن ذلك "يعطي مؤشرات أنها شكوى بروتوكولية أكثر من كونها ذاهبة ليترتب عليها آثار يمكن أن تحافظ على سيادة العراق".

World leaders take part in the 79th annual U.N. General Assembly high-level debate
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال كلمته في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك - سبتمبر 2024

أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الاثنين، أن العراق يعمل على ضبط أوضاعه الأمنية والسياسية داخليا، لتجنب الانزلاق في أي صراع، في إشارة إلى الحرب في غزة والتصعيد بين حزب الله وإيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

وقال الشمري لموقع "الحرة" إن "الحكومة تسعى بإصرار للحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيز سيادة الدولة، وأن تكون فعاليات جميع القوى العاملة ضمن سياق المؤسسات القرارية للدولة، وعدم الخروج عن الإجماع الوطني".

وعن الآليات التي تتبعها بغداد بشأن ما يحدث في المنطقة، أشار الشمري أن "العراق يعتمد بشكل كبير على حجم علاقاته الدبلوماسية، في محاولة لتهدئة الأوضاع، وفك الاختناقات التي قد تنشأ نتيجة التعقيدات الحاضرة".

ويشير إلى أهمية أن يتحقق التوازن في سياسات العراق الخارجية، التي يستخدم "الدبلوماسية" للتهدئة، والداخلية من خلال "ضبط" الأوضاع للحفاظ على الاستقرار، وتجنب "الانزلاق في أي صراع قد يفرض عليه"، على حد تعبيره.

ويذهب المستشار الحكومي مع ما ذهب إليه السوداني في مرات عديدة، بشأن التحذير من "اتساع رقعة الحرب"، التي يرى أنها "لن تكون في صالح أحد"، ويشير إلى أن "لا منتصر فيها".

وبينما يسعى العراق إلى البقاء بعيدا عن دائرة التصعيد الذي تشهده المنطقة منذ أكتوبر الماضي، تدفع أنشطة الميليشيات العراقية الموالية لإيران إلى جعل العراق طرفا في حرب لا يريدها.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي خلال مقابلة مع قناة "الرابعة" المحلية، الأحد، إن "من مصلحة العراق تجنب التصعيد العسكري، وترك الفرص للحكومة ولعملها الدبلوماسي والضغط بكافة المجالات وخفض التصعيد، ووقف آلة القتل والحرب".

في "التوقيت الحرج".. بغداد تستنجد بـ"الأصدقاء" لتجنب الحرب
لكن في مقابل هذه المساعي الرسمية، تُهدد فصائل عراقية موالية لإيران بشن هجمات جديدة على إسرائيل. ليس هذا فحسب، بل هدد زعيم ميليشيا "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، الأحد، باستهداف السعودية والإمارات، واتهمهما بـ"المسؤولية" عن الحرب التي تشهدها المنطقة.

والجمعة، قتل جنديان إسرائيليان جراء انفجار مسيّرة "قادمة من الشرق"، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، بينما أفادت شبكة "كان" العامة بأن الطائرة أطلقت من العراق وأصابت قاعدة عسكرية في الجولان.

وخاطب السوداني، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي "كل الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي، جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي"، وقال: "نقف على أعتاب منزلق خطير، قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهزّ الاقتصاد العالمي".