السوداني كان قال إن العراق يريد خروجا سريعا ومنظما للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة من أراضيه عن طريق التفاوض
مستشار لرئيس الوزراء العراقي يلمح إلى دور للحكومة العراقية في قرار ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية المدعومة من إيران تعليق هجماتها على القوات الأميركية في المنطقة.

قال مستشار لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الثلاثاء، إن الحكومة العراقية بذلت مساعي كبيرة لتهدئة التوترات في المنطقة، وذلك تعليقا على قرار ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية وقف هجماتها على القوات الأميركية في المنطقة.

وقال هشام الركابي، مستشار السوداني في تصريح لـ"الحرة" إن "رئيس الوزراء بذل جهودا حثيثة داخليا وخارجيا لتجنيب العراق نتائج التصعيد في المنطقة وهذه أولى نتائج تلك الجهود"، في إشارة إلى بيان الجماعة العراقية المسلحة المدعومة من طهران.

وفي تصريح نقلته وكالة رويتزر في نفس السياق، قال الركابي "قرار كتائب حزب الله بتعليق هجماتها على القوات الأميركية جاء بعد أيام من الجهود من قبل رئيس الوزراء شياع السوداني لوقف التصعيد".

وقالت ميليشيا "كتائب حزب الله" في بيان الثلاثاء أنها "تعلق عملياتها العسكرية والأمنية ضد القوات الأميركية".

وقللت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" من شأن بيان ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية الذي أعلنت فيه تعليق هجماتها على القوات الأميركية.

وقال المتحدث باسم الوزارة بات رايدر  أثناء إيجاز صحفي الثلاثاء، "إننا نأخذ بالأفعال لا الأقوال"، مضيفا قوله "لا جدوى من تصعيد التوتر في المنطقة ولكننا سنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالحنا وقواتنا".

وجاء بيان "كتائب حزب الله" في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه اتخذ قراره بشأن كيفية الرد على الهجوم الذي أدى إلى مقتل جنود أميركيين في قاعدة عسكرية في الأردن، الأحد. 

وحمل بايدن، في تصريحات للصحفيين، إيران مسؤولية تزويد المجوعات الموالية لها بالسلاح. لكنه أضاف أن الولايات المتحدة لا تريد حربا أوسع نطاقا في الشرق الأوسط. 

وقال البنتاغون، الاثنين، إن الهجوم يحمل بصمات كتائب حزب الله العراقية"، معتبرا أنه "تصعيد" بعد أن أدى إلى مقتل 3 جنود وإصابة عشرات آخرين.

وفي العراق، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن وزير الخارجية فؤاد حسين ندد، في اتصال هاتفي مع نظيره الأردني، الثلاثاء، بالهجوم الذي أدى إلى مقتل جنود أميركيين في الأردن قرب الحدود السورية.

وأضافت وسائل الإعلام أن حسين، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، شددا على ضرورة إبعاد البلدين والمنطقة عن التهديدات العسكرية من أي جهة كانت.

عقيل عباس

كان العراق يأمل في اغتنام قمة بغداد العربية لإعلان عودته كلاعب مؤثر على المسرح الإقليمي، لكن الحدث انتهى بنكسة دبلوماسية، على ما يبدو، كشفت عن انقسامات داخلية عميقة.

في هذه المقابلة، يوضح الخبير السياسي، الكاتب، الدكتور عقيل عباس، أن فشل القمة لا يرتبط بغياب القادة العرب بل هو نتيجة تخريب داخلي، وسلوك سياسي غير مقبول.

ـ هناك شبه إجماع على فشل القمة العربية في بغداد. هل تتفق مع هذا التوصيف؟

ـ القمم العربية عموما فاشلة لأسباب بنيوية ليست مرتبطة بالضرورة باستضافة العراق لهذه القمة. لكن في قمة بغداد كان هناك فشل مضاعف بسبب الصراع السياسي العراقي-العراقي حول تنظيمها. هناك أطراف أرادت ألا تحصل حكومة (رئيس الوزراء العراقي محمد شياع) السوداني على ما يمكن أن نسميه منجز تنظيم قمة سلسة أو قمة بمستوى القمم الأخرى حتى وإن كانت من دون نتائج عامة عربية، لكن بمشاركة عالية من الزعماء، وحصول اجتماعات جانبية، هي في العادة أهم من الاجتماع العام.

ـ لكن غياب معظم القادة العرب لم يكن بقرار عراقي داخلي.

ـ صحيح، لكن كان هناك سلوك سياسي عراقي أدى إلى تضامن القادة العرب في قرارهم عدم المجيء إلى بغداد. كان هناك خطاب عدائي نحو الكويت، وإثارة لموضوع خور عبدالله. فاستنجدت الكويت بمجلس التعاون الخليجي ومارست ما تستطيع من تأثير على الزعماء الآخرين كي لا يحضروا. إضافة إلى ذلك، الحديث عن وجود مذكرة إلقاء قبض على الرئيس السوري أحمد الشرع، هذا الحديث غير مناسب وغير مقبول، فضلا عن تهديد بعض قادة الكتل السياسية في العراق بأنهم لا يضمنون سلامته إذا حضر القمة. 

هذا الكلام يتجاوز أبسط القواعد البروتوكولية، فالعراق ملزم وفق نظام الجامعة العربية بأن يستضيف كل الزعماء العرب. حديث بعض أطراف الإطار التنسيقي، وهو الائتلاف الحاكم في العراق، بهذا الشكل يبعث رسائل بأن هناك فوضى سياسية في العراق وليس هناك وحدة في القرار السياسي.

ـ ماذا كشفت هذه القمة عن علاقة العراق بما يُسمى "الحاضنة العربية، في رأيك؟

ـ أعتقد أن العالم العربي شبه يائس من العراق، من أن يلعب دورا فاعلا ومؤثرا للأسباب التي ذكرتها مجتمعة. إذا لم يستعِد العراق وحدة قراره السياسي، وإذا لم يظهر أنه قادر على فرض إرادته داخل إقليمه الجغرافي، باعتقادي، لن يأخذه أحد على محمل الجد.

ـ هناك من يعتقد أن فشل قمة بغداد هو انعكاس للوضع العربي العام، خصوصا مع بروز مؤشرات كبيرة على أن المنطقة تتغير، وأن هناك خريطة جيوسياسية في طور التشكل. زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الخليج الأسبوع الماضي، ربما وضعت النقاط على الحروف في هذا السياق. ما رأيك؟

ـ اتفق مع هذا الطرح. زيارة ترامب كانت تاريخية، بصرف النظر عن رأينا بترامب. أبرزت الزيارة، التي كانت اقتصادية بامتياز، أن هناك نهجا تنمويا رائدا سينتج من دول الخليج، وتحديدا السعودية، خصوصا مع دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع ولقائه بترامب، والوعد الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

ـ ماذا يعني رفع العقوبات عن سوريا بالنسبة لمستقبل المنطقة؟

ـ إلى جانب رفع العقوبات، هناك حديث الآن عن مفاوضات سورية إسرائيلية من وراء الكواليس بشأن اتفاقية تطبيع، وهذه قد تضمن لسوريا دعما اقتصاديا غربيا، وبالتالي فإن اتباع سوريا نهجا اقتصاديا، يعني أننا سنشهد بروز التنمية الاقتصادية كقضية أساسية ومركزية عربيا، ابتداء من السعودية ودول الخليج الأخرى، ثم سوريا. 

ـ أين سيكون العراق في سيناريو كهذا؟

ـ أنا أعتقد أن هذا سيؤثر على العراق كثيرا. بدلا من الحديث عن الماضي والصراعات، سيكون الحديث عن المستقبل. وسيكون "الإطار التنسيقي" تحت ضغط هائل حينها، إذ لابد من أن يُنتج شيئا للمجتمع بخصوص المستقبل، كما تفعل دول الجوار التي تجاوزت العراق بأشواط طويلة.

ـ بالعودة إلى قمة بغداد، كيف يؤثر "فشل القمة" على صورة العراق عربيا ودوليا؟

ـ أنا لا أعتقد أن موضوع الضرر الخارجي مهم. تأثيرها داخلي، إذ أبرزت النزاع الحاد داخل الإطار التنسيقي، بين الحكومة وبعض أطراف الإطار، وهذا ستكون عواقبه أكثر تأثيرا. السيد السوداني، أكيد، يشعر بغضب  شديد، وهذا سينعكس على طريقة تعامله مع الإطار. 

ـ كيف؟ 

ـ لا أعرف. ربما من خلال تأكيده على دور عربي للعراق، لأن رئاسة القمة تستمر لمدة سنة كاملة. وهناك ملفات كثيرة يمكن أن يشتغل عليها العراق. التبرع بـ20 مليون دولار لغزة، و20 مليون للبنان، يبدو لي، أنه تهيئة لدخول العراق على ملفات هذه البلدان. وهذا يُحسب لحكومة السوداني.

ـ بأي طريقة سيتدخل العراق في ملفات غزة ولبنان، باعتقادك؟ 

ـ ربما بالتوسط بين حزب الله والحكومة اللبنانية، وكذلك بين حماس والسلطة الفلسطينية. لا يبدو لي أن التبرع بالأموال يأتي من دون غاية.

ـ بالإشارة إلى حديثك عن صراع بين السوداني والإطار، هل هذا يعني تضاؤل حظوظ السوداني بولاية ثانية؟

ـ ما حصل في القمة هو فقط مرحلة من مراحل الصراع. أعتقد أن الخلاف سيتصاعد. من الفوائد المؤسفة للقمة أنها أظهر هذا الصراع بين الحكومة ومعظم أطراف الإطار التنسيقي إلى العلن. هم لا يريدون أن يحقق السيد السوداني أي منجز.