هينيس-بلاسخارت تولت رئاسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في أواخر عام 2018
هينيس-بلاسخارت تولت رئاسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في أواخر عام 2018

دقت "إحاطة الوداع" التي أدلت بها مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق جينين هينيس-بلاسخارت "ناقوس الخطر" بشأن مستقبل البلاد في ظل تمدد نفوذ الجماعات المسلحة داخل الحكومة العراقية، وفقا لمراقبين.

وكانت هينيس-بلاسخارت أدلت، الثلاثاء، بإحاطة لمجلس الأمن الدولي قالت فيها إن البلاد "على حافة الخطر"، مشيرة إلى أن "الشرق الأوسط يمر بمنعطف حرج، وينطبق الأمر نفسه على العراق".

وجاءت تصريحات هينيس-بلاسخارت، التي أعلنت أنها ستغادر منصبها بعد عملها خمس سنوات في بغداد كممثلة خاصة للأمم المتحدة في مايو المقبل، مع احتدام الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة وتصاعد الهجمات التي تشنها الجماعات المتحالفة مع إيران والتي تعرف باسم "محور المقاومة" على أهداف إسرائيلية وأميركية من لبنان واليمن والعراق وسوريا.

وأضافت أن الهجمات التي تنطلق من داخل العراق وخارجه لن تؤدي إلى تقويض استقرار البلاد فحسب، بل ستقوض أيضا "الإنجازات الأخرى التي تحققت في الأشهر الثمانية عشر الماضية".

كما دعت المبعوثة الأممية إلى "كبح جماح الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة".

ويرى مراقبون أن تصريحات هينيس-بلاسخارت أشرت بشكل واضح وصريح لحجم الأخطار التي تواجه العراق في ظل استمرار "تجاهل" الطبقة السياسية الحاكمة للمشاكل التي يعاني منها البلد.

يقول الباحث والأكاديمي المقيم في ولاية فيرجينا عقيل عباس إن "الخطابات الوداعية غالبا ما تكون الأشد صراحة، وهذا ما حصل بالفعل مع إحاطتها يوم الثلاثاء".

ويضيف عباس في حديث لموقع "الحرة" أن "ما تحدثت به المبعوثة الأممية ليس جديدا بالنسبة للكثير من المختصين والمراقبين وهو أن الإدارة الاقتصادية والمالية السيئة للبلد وتصارع القوى السياسية فيما بينها سيقود البلد للانهيار".

ويشير عباس إلى أن "الأوضاع في العراق بشكل عام قاتمة رغم وجود بعض التحسن النسبي في جوانب معينة".

ونالت الحكومة العراقية الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني الثقة في أكتوبر من عام 2022، ويسيطر عليها ائتلاف من أحزاب الإطار التنسيقي، وهو تحالف شيعي رشح السوداني ومكوّن خصوصا من كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ومن كتلة الفتح الممثلة لفصائل شيعية موالية لإيران.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن هينيس-بلاسخارت حاولت تضمين إحاطة الوداع التي أدلت بها الثلاثاء بهامش من الرؤيا المختلفة عن الإحاطات السابقة".

ويضيف الشمري في حديث لموقع "الحرة" إلى أن المبعوثة الأممية "أشرت إلى أن هذه الجماعات تشكل خطرا وهي إشارة ورسالة مرنة لحكومة السوداني بأن عليها أن تكون أكثر قدرة على فرض إرادتها الدستورية فيما يرتبط بكبح جماح الجماعات المسلحة".

ويشدد الشمري أن هينيس-بلاسخارت كانت تدق "جرس الإنذار في كل إحاطة من دون وجود استجابة من قبل مجلس الأمن الدولي".

تصاعدت الهجمات على القوات الأميركية في العراق من قبل ميليشيات مسلحة مقربة من إيران، منذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل.

ويوجد ما بين 2000 إلى 2500 جندي أميركي متمركزين في العراق يقومون بتدريب القوات العراقية والمساعدة في القتال ضد تنظيم داعش.

وأعلنت جماعة غامضة تعرف باسم "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا حيث يوجد نحو 900 جندي آخر كجزء من القتال ضد داعش.  

ويرتبط العديد من قادة الميليشيات الشيعية بروابط تاريخية مع إيران، حيث عاشوا وتدربوا هناك عندما كان صدام حسين، يحكم العراق. 

وقد ارتفع نفوذهم السياسي والعسكري في العراق بشكل ملحوظ بعد أن لعبوا دورا في مواجهة داعش في جميع أنحاء البلاد في عام 2014.

ويرى الشمري أن "الوضع الحالي في العراق وفي ظل اعتماد الجماعات المسلحة مبدأ وحدة الساحات واستهدافهم للوجود الأميركي وتحفيز الحكومة على طرد قوات التحالف، لن يكون في صالح العراق ويجعل مصير البلد مرهونا بيد هذه الأطراف".

ويعتقد الشمري أنه "في حال تفاقم خطر هذه الجماعات فقد يذهب مجلس الأمن إلى فرض رؤية معينة تضع حكومة السوداني على المحك".

"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش
"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش

أعلن، فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، أن التقدم الذي قامت به قوات سوريا الديمقراطية باتجاه دير الزور يأتي "ضمن إطار حملة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي"

وقال في حديث خاص مع موقع "الحرة"إن عناصر داعش يتمركزون بكثافة في بادية دير الزور وبادية حمص، "حيث تم تسجيل تحركات كثيفة لتنظيمات داعش في هذه المناطق خلال الفترة الماضية".

وبين شامي أن هناك خطورة كبيرة لتنظيم داعش في مناطق حمص ودير الزور، قائلاً "إن تنظيم داعش في سوريا الآن هو خارج السيطرة خاصة بعد انسحاب قوات النظام".

وأوضح أن داعش يسيطر بشكل كبير على الطرقات الموجودة في تلك المناطق "حتى أنهم فرضوا على النظام خلال الفترة الأخيرة دفع مبالغ مالية مقابلية في سبيل أن لا يهاجموا حركة النقل على الطرق العامة هناك".

ولفت شامي إلى أن قوات سوريا الديمقراطية قد تدخلت وتحركت كإجراء وقائي بعدما تيقنت أن الكثير من المناطق قد عانت من فراغ أمني، بالأخص منطقة تل رصافي وبادية معدان في الرقة، وكان من الممكن أن يسيطر عليها عناصر داعش.

وأبدى شامي مخاوفه من أن يقوم تنظيم داعش برصّ صفوفه والهجوم على مخازن الأسلحة الموجودة في بادية دير الزور وبادية حمص، التي تضم قواعد عسكرية ضخمة لقوات النظام، وتحتوي على كميات كبيرة من الأسلحة، وفق قوله.

وبين مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية أن تنظيم داعش في سوريا بحاجة إلى سلاح بعد أن جند في الفترة الأخيرة الكثير من الشبان وتدريبهم في مناطق البوادي، قائلاً "ما ينقصهم هو السلاح والذخيرة ولديهم قوات متدربة".

إذا لم تجد تركيا معارضة من القوى الأساسية ستمضي في عمليتها العسكرية. أرشيفية
عملية "قسد".. جبهة جديدة "تنهك" نظام الأسد
دخلت قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة ساحة المعركة في سوريا، لتفتح جبهة جديدة على قوات النظام والميليشيات الموالية لإيران، التي تواجه انتكاسة كبيرة بعد خسارة مناطق واسعة لصالح فصائل المعارضة، فيما قد يكون إعادة رسم لخريطة السيطرة والنفوذ في البلاد بعد جمود العملية السياسية لسنوات.

وأوضح شامي أن قوات التحالف الدولية تقوم بمراقبة الحدود العراقية السورية، وأستبعد أن تقوم جماعات مسلحة بعبور الحدود، مشيرا إلى أن الطرق بين العراق وسوريا ما زالت سالكة عند النقاط الحدودية، وبإمكان الأفراد التنقل بسهولة.

يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تحالف عسكري متعدد الأعراق والأديان في سوريا، تشكلت بشكل أساسي لمواجهة تنظيم داعش.

تتكون قسد بشكل رئيسي من وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، وهي قوة عسكرية كردية، بالإضافة إلى فصائل عربية وآشورية وسريانية وأخرى.

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

وكشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.