حبس برلماني يثير جدلا واسعا في العراق (أرشيف)
حبس برلماني يثير جدلا واسعا في العراق (أرشيف)

أثار سجن برلماني عراقي جدلا واسعا بعد صدور حكم محكمة على نائب يتمتع بالحصانة، دون العودة لمجلس النواب في قضية يعود أصلها لمزاعم فساد.

وجاء الجدل من شقين: الأول قانوني بشأن محاكمة نائب دون العودة لمجلس النواب للموافقة على رفع حصانته، والثاني سياسي يتمثل في حكم بسجن النائب بعد إثارته لمزاعم فساد تتعلق بوزارة التجارة العراقية.

وينص الدستور العراقي في المادة 63 على أن "يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في أثناء دورة الانعقاد ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك".

وفي خطاب وجه لرئيس مجلس القضاء الأعلى، استند رئيس مجلس النواب بالإنابة، محسن المندلاوي، للمادة "63/ثانيا/ب" من الدستور العراقي التي تنص على أنه "لا يجوز إلقاء القبض على العضو مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهما بجناية وبموافقة الأعضاء بالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، أو إذا ضبط متلبسا بالجرم المشهود بجناية".

وقال المندلاوي في بيان إن قرار المحكمة بحق النائب، هادي السلامي، "خاضع للتمييز"، ووجه الدائرة القانونية بالبرلمان بمتابعة الإجراءات القانونية اللازمة.

وإزاء ذلك الجدل، أصدر مجلس القضاء الأعلى، الثلاثاء، توضيحا يتعلق بقضية السلامي، الذي صدر بحقه حكم بالسجن 6 أشهر والغرامة مليون دينار عراقي (حوالي 760 دولارا) من قبل محكمة جنح الكرخ المختصة بقضايا النزاهة.

وقال بيان مجلس القضاء الأعلى إن "الحصانة التي يتمتع بها عضو مجلس النواب، تقتصر في حال اتهامه بجريمة من نوع الجناية"، وفقا لما نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع).

وفي هذا الصدد، يوضح الخبير القانوني، أمير الدعمي، في حديثه لموقع قناة "الحرة" أن سبب الجدل في هذه القضية يعود لقرار سابق من المحكمة الاتحادية.

وقال الدعمي إن المحكمة الاتحادية سبق أن أصدرت قرارا عام 2019 بأن "جرائم الجنح والمخالفات لا تتطلب رفع الحصانة" عن أعضاء مجلس النواب، وهو ما أشار إليه مجلس القضاء الأعلى في بيانه.

وأضاف أن المحكمة توصلت إلى أن هناك الكثير من الشكاوى البسيطة على النواب من خلال عملهم داخل قبة البرلمان أو خارجه، مشيرا إلى أن "الحصانة تعيق تلك الشكاوى"، على حد تعبير الخبير القانوني.

ومضى الدعمي قائلا: "الجنح والمخالفات عقوبات مالية أكثر من كونها سالبة للحرية، وفي أقصى الأحوال لا تصل للسنتين في الحبس الشديد".

ما هو أصل القضية؟

وتعود تفاصيل القصة إلى سبتمبر من العام الماضي بعد أن رفعت وزارة التجارة وديوان الرقابة المالية في العراق معا قضية على النائب السلامي في أعقاب مطالباته بإعفاء ومحاسبة وزير التجارة، أثير الغريري، بسبب مزاعم فساد.

وآنذاك، قدم النائب السلامي طلبا لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإقالة وزير التجارة من منصبه بسبب "ارتكابه العديد من الجرائم والمخالفات الوظيفية التي أضرت بالمال العام عند تسلمه منصب مدير عام الشركة العامة لتصنيع الحبوب"، وفقا لكتاب صادر عن مكتبه أوردته وسائل إعلام محلية.

واستند السلامي في ادعاءاته على وثيقة قال إنها صادرة عن ديوان الرقابة المالية، تفيد بوقوع مخالفات على وزير التجارة.

وفي هذا الإطار، ذكر موقع "السومرية" في تقرير أن وزارة التجارة خاطبت ديوان الرقابة المالية بعد مطالبات النائب السلامي للتأكد من حقيقة المستندات التي قدمها.

وطبقا للمصدر ذاته الذي نشر مخاطبات الجهتين، فإن ديوان الرقابة المالية نفى لوزارة التجارة صحة المستند الذي أرفقه السلامي، وقال إنه "مزور".

والثلاثاء، أصدرت وزارة التجارة بيانا توضيحا مفاده بأن الحكم على النائب السلامي صدر "عن اصطناعه واستخدامه محرر نسب صدوره إلى ديوان الرقابة المالية الاتحادي، الذي تبين فيما بعد أنه مزور بهدف التشهير والإساءة إلى سمعة الوزارة".

وقال الدعمي إن "النائب السلامي بنى رأيا سياسيا من خلال مستند نشر عبر فيسبوك اعتبر غير صحيح"، موضحا أن "المادة القانونية التي لحكم المحكمة لا تتعلق بالتزوير".

ما هو مصير عضويته؟

ويشير الخبير القانوني الدعمي إلى أن هناك "نوعا من القسوة في القرار" على اعتبار أن هناك "سلطة تقديرية للمحكمة بالاكتفاء بعقوبة الغرامة المالية لأن القانون يسمح بإيقاع إحدى العقوبتين أو كليتيهما".

وفي حكمها، أشارت محكمة جنح الكرخ المختصة بقضايا النزاهة إلى أن القرار "قابل للتمييز"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن مصير عضويته بمجلس النواب.

وقال الخبير القانوني، علي التميمي، إن مصير عضوية السلامي بمجلس النواب تعود لنتيجة الطعن الذي يتوقع أن يقدمه النائب.

وأضاف التميمي في حديث لموقع "شفق نيوز" أن "النائب الحالي هادي السلامي يحق له الطعن بالقرار الذي صدر بحقه بالحبس لمدة 6 أشهر خلال مدة 30 يوما، وإذا اكتسب القرار الدرجة القطعية فهنا تتم عملية إسقاط العضوية البرلمانية عنه، ويتم استبداله ويحل المرشح الأعلى أصواتا ضمن دائرته الانتخابية محله".

وبعيدا عن الجدل القانوني، فإن قرار المحكمة بحبس النائب السلامي أثار أيضا عاصفة من ردود الأفعال السياسية المنتقدة للحكم.

وطالب برلمانيون بجلسة طارئة واستجواب وزير التجارة إزاء هذه القضية، فيما طالب أعضاء آخرون بضرورة الإفراج عن زميلهم الذي نفذ بحقه أمر الحبس.

وقالت رئيس كتلة "الجيل الجديد" في مجلس النواب، سروه عبد الواحد، عبر منصة "إكس"، إن "البرلمان مطالب باستجواب وزير التجارة حول ملفات عديدة متعلقة بالبطاقة التموينية" وذلك على خلفية "إصدار أمر الحبس بحق النائب هادي السلامي".

"قضية تدعو للقلق"

يعاني العراق الغني بثرواته النفطية من الفساد الذي تسلل إلى معظم مؤسساته الحكومية، وفقا لفرانس برس.

وقال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، إنها "قضية تدعو للقلق؛ لأن الدور الرقابي لمجلس النواب قد يضعف".

وفي تصريحاته لموقع "الحرة"، أوضح البيدر أن "النائب قد يتحفظ على تحركاته في محاسبة السلطة التنفيذية مما يمنح الجهات الفاسدة مساحة لإثبات وجودها وهذا لا يتناسب مع الدور الذي منحه الدستور للسلطة التشريعية".

ويذهب الدعمي في اتجاه مماثل بقوله إن قرار المحكمة "يضر بالعمل النيابي الذي يمكن ألا يتفق مع رؤية الحكومة".

وتعتبر الحكومة التي يرأسها السوداني، محاربة الفساد وحماية المال العام من أولوياتها وتبذل جهودا مضاعفة بهذا الاتجاه، وتكشف بانتظام في الإعلام تقصير الحكومات التي سبقتها، بحسب فرانس برس.

ومع ذلك، يعتقد البيدر أن التجربة الديمقراطية في العراق "لم تنضج" نظرا لحداثتها وقصر عمرها مقارنة بالديمقراطيات المتقدمة، وهي التي توقع بعض النواب في مثل هذه الإشكاليات.

وتابع: "العلامة الفارقة هو عدم امتلاك بعض النواب لنضج سياسي كبير وخبرة في مجال الإدارة وهم شخصيات مجتمعية وعشائرية أو رجال دين لا يعرفون أبسط أدواته".

واستطرد قائلا: "لا نريد تقديس النائب، ولكن يجب أن يمنح المساحة المناسبة للأداء الرقابي.. ومع ذلك هناك البعض الآخر من النواب يستغلون الحصانة لارتكاب جرائم للهروب من العدالة".

وشدد البيدر على ضرورة "سن نصوص جديدة بدلا عن القوانين التي كتبت أصلا بمزاج سياسي مضطرب وعلى عجالة".

"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش
"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش

أعلن، فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، أن التقدم الذي قامت به قوات سوريا الديمقراطية باتجاه دير الزور يأتي "ضمن إطار حملة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي"

وقال في حديث خاص مع موقع "الحرة"إن عناصر داعش يتمركزون بكثافة في بادية دير الزور وبادية حمص، "حيث تم تسجيل تحركات كثيفة لتنظيمات داعش في هذه المناطق خلال الفترة الماضية".

وبين شامي أن هناك خطورة كبيرة لتنظيم داعش في مناطق حمص ودير الزور، قائلاً "إن تنظيم داعش في سوريا الآن هو خارج السيطرة خاصة بعد انسحاب قوات النظام".

وأوضح أن داعش يسيطر بشكل كبير على الطرقات الموجودة في تلك المناطق "حتى أنهم فرضوا على النظام خلال الفترة الأخيرة دفع مبالغ مالية مقابلية في سبيل أن لا يهاجموا حركة النقل على الطرق العامة هناك".

ولفت شامي إلى أن قوات سوريا الديمقراطية قد تدخلت وتحركت كإجراء وقائي بعدما تيقنت أن الكثير من المناطق قد عانت من فراغ أمني، بالأخص منطقة تل رصافي وبادية معدان في الرقة، وكان من الممكن أن يسيطر عليها عناصر داعش.

وأبدى شامي مخاوفه من أن يقوم تنظيم داعش برصّ صفوفه والهجوم على مخازن الأسلحة الموجودة في بادية دير الزور وبادية حمص، التي تضم قواعد عسكرية ضخمة لقوات النظام، وتحتوي على كميات كبيرة من الأسلحة، وفق قوله.

وبين مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية أن تنظيم داعش في سوريا بحاجة إلى سلاح بعد أن جند في الفترة الأخيرة الكثير من الشبان وتدريبهم في مناطق البوادي، قائلاً "ما ينقصهم هو السلاح والذخيرة ولديهم قوات متدربة".

إذا لم تجد تركيا معارضة من القوى الأساسية ستمضي في عمليتها العسكرية. أرشيفية
عملية "قسد".. جبهة جديدة "تنهك" نظام الأسد
دخلت قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة ساحة المعركة في سوريا، لتفتح جبهة جديدة على قوات النظام والميليشيات الموالية لإيران، التي تواجه انتكاسة كبيرة بعد خسارة مناطق واسعة لصالح فصائل المعارضة، فيما قد يكون إعادة رسم لخريطة السيطرة والنفوذ في البلاد بعد جمود العملية السياسية لسنوات.

وأوضح شامي أن قوات التحالف الدولية تقوم بمراقبة الحدود العراقية السورية، وأستبعد أن تقوم جماعات مسلحة بعبور الحدود، مشيرا إلى أن الطرق بين العراق وسوريا ما زالت سالكة عند النقاط الحدودية، وبإمكان الأفراد التنقل بسهولة.

يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تحالف عسكري متعدد الأعراق والأديان في سوريا، تشكلت بشكل أساسي لمواجهة تنظيم داعش.

تتكون قسد بشكل رئيسي من وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، وهي قوة عسكرية كردية، بالإضافة إلى فصائل عربية وآشورية وسريانية وأخرى.

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

وكشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.