استهداف قاعدة عين الأسد الجوية في العراق من جديد
استهداف قاعدة عين الأسد الجوية في العراق من جديد

حمل البيان الذي أصدرته قيادة العمليات المشتركة في العراق بشأن القصف الذي استهدف "عين الأسد" لهجة ونبرة جديدة، تمثلت باستخدام مصطلحات وضعت عملية الإطلاق على القاعدة التي تستضيف قوات دولية وأميركية ضمن خانة "الممارسات والأعمال المتهورة".

فما دلالات ذلك؟ وكيف قرأ المراقبون البيان، الذي أعلن أولا ضبط سيارة بداخلها 8 صواريخ من أصل 10 كانت معدة للإطلاق، ومن ثم أشار إلى أن السلطات بدأت عملية ملاحقة المتهمين من أجل "تقديمهم للعدالة".

ولم تتبن أي جهة مسؤولية الإطلاق، كما الحال الذي كان سائدا في السابق من جانب ما تسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، وهو تحالف فضفاض من الجماعات المدعومة من إيران.

وبدورهم قال مسؤولون أميركيون لوكالة رويترز إن القصف أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 5 جنود أميركيين، وأضاف أمنيون عراقيون أن الصواريخ من طراز كاتيوشا وقد سقط اثنان منهما داخل "عين الأسد".

"بعد اتصال واجتماع أمني"

رغم أن القصف على "عين الأسد"، وهي كبرى القواعد التي تستضيف القوات الأميركية في العراق ليس جديدا، إلا أنه جاء وسط حالة ترقب لشكل الرد الذي ستنفذه إيران ضد إسرائيل، على خليفة مقتل زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران.

وجاء أيضا بعد يوم واحد من اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، ناقشا فيه آخر التطورات الساخنة التي تشهدها المنطقة.

بلينكن شدد خلال حديثه مع السوداني على أهمية اتخاذ كافة الأطراف خطوات لتهدئة التوترات الإقليمية، وتجنب المزيد من التصعيد وتعزيز الاستقرار.  

وأكد بحسب بيان للخارجية الأميركية على "التزام الولايات المتحدة بعملية اللجنة العسكرية العليا الأميركية العراقية الرامية إلى تحديد كيفية تحول المهمة العسكرية الخاصة بالتحالف الدولي لهزيمة داعش في العراق، وتوقيت هذا التحول، وأهمية حماية القوات فيما نعمل على تحقيق ذلك".

وقبل الاتصال بعشرة أيام عقد مسؤولون عراقيون وأميركيون اجتماعا أمنيا في واشنطن، بشأن مستقبل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية في 26 من يوليو الماضي إن "الوفود توصلت إلى تفاهم بشأن مفهوم مرحلة جديدة من العلاقات الأمنية الثنائية"، مضيفة أن ذلك سيشمل "التعاون من خلال ضباط الاتصال والتدريب وبرامج التعاون الأمني ​​التقليدية".

كما نشرت وكالة الأنباء العراقية نص البيان المشترك بين العراق والولايات المتحدة بشأن "التعاون الأمني"، وكان لافتا فيه تأكيد المسؤولين العراقيين على التزامهم المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمرافق الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف.  

ما دلالات "الأعمال المتهورة"؟

يعتقد الكاتب والباحث في الشأن العراقي، جاسم الشمري، أن اللهجة الجديدة في بيان قيادة العمليات المشتركة، في أعقاب قصف "عين الأسد"، يؤكد "الموقف المحرج" الذي وقعت فيه حكومة السوداني.  

ويستند الشمري بذلك على الاتصال بين بلينكن والسوداني الذي سبق القصف، وتأكيدات رئيس الحكومة العراقية على أن يكون للعراق دور مهم في تهدئة حالة التشنج العامة في المنطقة.

ويقول الباحث لموقع "الحرة" إن حكومة السوداني "ربما رأت أن الهجوم على عين الأسد يشكل تحديا واضحا لإدارتها لمجريات الأمور، خاصة على صعيد الشق العسكري".

ويضيف، من جانب آخر، أن الحكومة أيضا باتت "تعيش حالة قلق واضح، نتيجة الضربات التي قد تدخلها على خط المواجهة في أي حرب محتملة في المنطقة".

والبيان الذي أصدرته قيادة العمليات المشتركة في العراق كان قد جاء ضمن مسارين.  

الأول أكدت فيه على "تمسكها بسيادة العراق واستقلاله"، وذهب الثاني باتجاه "الرفض القاطع لأي اعتداء من داخل العراق أو خارجه على الأراضي والمصالح والأهداف العراقية".

ووسعت القيادة الدائرة لترفض "كل الأعمال والممارسات المتهوّرة التي تستهدف القواعد العراقية، والبعثات الدبلوماسية، وأماكن تواجد مستشاري التحالف الدولي، وكل ما من شأنه رفع التوتر في المنطقة، أو جرّ العراق إلى أوضاع وتداعيات خطيرة، أو الإضرار بمصالح الدولة المختلفة".

ويرى المحلل السياسي العراقي، نجم القصاب أن قصف "عين الأسد" جاء من جانب فصيل غير معروف و"ربما ناشئ".

وأوضح لموقع "الحرة" أن بيان قيادة العمليات المشتركة يبعث رسالة بأن "كل هذه الاعتداءات غير مقبولة، ولن يتم السماح لأي فصيل مسلح سياسي أو عسكري باستخدام القوة ضد القواعد".

ويعتقد قصاب أن حكومة السوداني "واضحة" إزاء المحددات المذكورة سابقا.

ويضيف أنها "لن تسمح لأي فصيل باستخدام السلاح، لأن الأمر يحرجها أمام الولايات المتحدة، التي تملك القوة الاقتصادية والعسكرية".

"توازن صعب"  

وتضم قيادة العمليات المشتركة في العراق جميع الوزارات الأمنية من الداخلية والدفاع وفصائل "الحشد الشعبي"، وحتى قوات البشمركة الكردية، كما يوضح الباحث الشمري.

وفي المقابل توجد في العراق "قيادة عملية مشتركة" ما بين بغداد والولايات المتحدة، يمثلها القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ويعتقد الباحث أن الحكومة العراقية، ورغم لهجتها الجديدة ضد من يقف وراء الاعتداء، تحاول "الموازنة" ما بين تعهداتها لواشنطن باستتاب الأمن وعلاقتها مع فصائل "الحشد".

ويقول إن "الحشد الشعبي جزء من الإطار التنسيقي، وهم الذين جاؤوا بالسوداني".

ويعتبر من ناحية أخرى أن "عدم ذكر اسم الفصيل الذي استهدف عين الأسد تهدف الحكومة من ورائه إلى الابتعاد عن الدخول بمواجهة مباشرة مع الحشد ولتجنب الضربات الأميركية".

ولا يرغب العراق في الوقت الحالي بفتح الباب أمام الاعتداءات على القوات الأميركية، كما يضيف المحلل السياسي قصاب.  

ويوضح بالقول: "لأن ذلك سيؤثر سلبا عليه، من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية".

ويعتقد أن اللهجة الجديدة سبقها بيان قبل ذلك اعتبر من يطلق الصواريخ "جماعة إرهابية"، يطبق عليها "المادة 4 إرهاب"، المدرجة ضمن 5 مواد في قانون مكافحة الإرهاب بالعراق.

وكانت قاعدة الأسد هدفا متكررا لوكلاء إيران في العراق، وفي فبراير الماضي وبعد 165 هجوما على الأقل على القوات الأميركية منذ بدء حرب إسرائيل في غزة، وافقت إدارة بايدن على شن غارات جوية محدودة.

وجاء ذلك بهدف الانتقام لمقتل 3 جنود أميركيين قتلوا في غارة بطائرة من دون طيار على قاعدتهم في الأردن.

وبعد صعود تنظيم داعش عام 2014، وسيطرته على نحو ثلث الأراضي العراقية، أنشأت واشنطن تحالفا دوليا لدعم القوات العراقية والقوات الكردية في سوريا.  

ورغم هزيمته عام 2017 في العراق، لا يزال التنظيم يتبنى من وقت لآخر هجمات في البلاد، ولا يزال التحالف نشطا في العراق لمنع صعوده من جديد، رغم أن الأخير أعلن عام 2021 "انتهاء المهام القتالية".  

ويضمّ التحالف الدولي حاليا نحو 2500 عسكري أميركي، ونحو 1000 من الدول الأعضاء فيه، ينتشرون في قواعد عسكرية تحت قيادة القوات العراقية.

العراق

في زوايا معتمة تحت الأرض، وفي مناطق عسكرية مغلقة لا تدخلها حتى الدولة، تتوسع بصمت إمبراطورية تسليح تقودها إيران من قلب العراق.

ليست مجرد شحنات تمر عبر الحدود، بل مصانع متكاملة، وخبراء تحت غطاء دبلوماسي، وتكنولوجيا حربية متقدمة تُبنى وتُختبر داخل الأراضي العراقية ـ وكل ذلك تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي.

من الطائرات المسيّرة الانتحارية إلى صواريخ "رعد 1" بعيدة المدى، لم تعد هذه الأسلحة تُصنع في طهران فحسب، بل أيضا في جرف الصخر والزعفرانية وعين التمر والنهراون، لتغذي صراعات في اليمن، وسوريا، ولبنان. 

والنتيجة؟ عراق محاط بالاتهامات، غارق في شبكات السلاح، ومهدد بالتورط في حروب لا تعنيه.

ورغم محاولات الحكومة العراقية التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، يظهر الواقع على الأرض عكس ذلك، مع عشرات الميليشيات التي لا تزال تحتفظ بترسانتها من الأسلحة وتعمل كذراع إقليمي لطهران.

في خضم الحرب ضد تنظيم داعش قبل بعض سنوات، استطاعت إيران نقل جزء من تكنولوجيتها العسكرية إلى العراق، وأسست بنية تحتية لصناعة الأسلحة وتخزينها، بالتعاون مع الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران.

تنتج مصانع السلاح التابعة لمديرية الإنتاج الحربي في هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة وصواريخ بالستية متنوعة المديات، وتطور دبابات ومدرعات روسية وأنظمة اتصالات رقمية وغرف تحكم وسيطرة، إلى جانب مدافع ثقيلة وقذائف وقطع غيار وأسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر.

ورغم حديث هيئة الحشد الشعبي عن تطوير قدرات تسليحية أحيانا، اعتذر العديد من السياسيين وحتى الخبراء العراقيين المقربين من أحزاب السلطة والمعارضين أيضا، من الحديث عن الموضوع.

ويرجح خبراء وسياسيون تحدث معهم موقع "الحرة" التكتم عن الموضوع ناتج الخوف من التعرض للاستهداف أيدي مخابرات الحرس الثوري الإيراني التي تتولى "بالتنسيق مع المليشيات العراقية ملف حماية الخبراء الإيرانيين ومواقع صناعة الأسلحة والصواريخ.

ولمعرفة تفاصيل الصناعات الحربية في هيئة الحشد الشعبي، تواصل موقع "الحرة"، 

واعتذر  كريم الكناني، مسؤول العلاقات في هيئة الحشد، عن التصريح، قائلا إنه "ليس مخولا" التصريح عن هذا الموضوع، بينما لم يجب المتحدث الرسمي للهيئة، مؤيد الساعدي، على أسئلة "الحرة".

في المقابل، يشير القيادي في حزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، خليل نادري، إلى أن إيران ما زالت تواصل تزويد مليشياتها في العراق بالسلاح، وترسل عبر العراق السلاح وقطع الغيار إلى ميليشياتها في اليمن ولبنان.

ويضيف نادري لموقع "الحرة" أن "الحرس الثوري يتبع طريقتين لتزويد المليشيات في العراق والمنطقة بالسلاح: الأولى هي إرسال الأسلحة بشكل مباشر، والثانية إرسال قطع الغيار والخبراء المختصين بصناعة الأسلحة إلى هذه البلدان".

ويلفت نادري إلى أن قطع غيار الأسلحة تصل على شكل قطع متفرقة كي لا تثير الشكوك بينما يدخل الخبير الإيراني تحت غطاء موظف دبلوماسي وينتقل فيما بعد إلى موقع صناعة الأسلحة.

ويشير نادري إلى أن الأسلحة التي يصنعها الحشد  الشعبي في العراق، وخاصة الطائرات والصواريخ، لم تكن خاصة بتسليح المليشيات داخل العراق فحسب، بل زود الحرس الثوري مليشيات الحوثي وحزب الله اللبنانية بها.

وتتوزع مصانع سلاح الحشد الشعبي، وفقا لنادري، في مناطق متفرقة من العراق، منها مصانع تحت الأرض مخفية تمام عن الأنظار، وأخرى في مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع حتى الجهات الحكومية العراقية دخولها، ومنها المصانع الواقعة في بلدة جرف الصخر جنوب غربي العاصمة بغداد.

ويضيف نادري "تحتضن بلدة جرف الصخر مواقع رئيسية لصناعة الصواريخ ومحركاتها وإنتاج وقودها. وتنتج هذه المواقع صواريخ قصيرة المدى إلى جانب إنتاج الصواريخ البالستية واختبارها، بينما تتمركز في بلدة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد صناعة صواريخ أرض ـ أرض وقذائف الهاون الثقيلة".

ويشير نادري إلى أن بلدات عين التمر في محافظة كربلاء، والنهراون في بغداد، تحتضن هي الأخرى مصانع صواريخ ومخازن خاصة بتخزين هذه الصواريخ إلى جانب مصانع خاصة بالذخائر ومخازنها أيضا.

ووفق القيادي الكردي الإيراني، أنشأ الحرس الثوري مصنعا لإنتاج الصواريخ ومنها صاروخ "رعد1"، وهو من فئة الصواريخ بعيدة المدى الذي يعرف بإمكانياته الكبيرة في تجنب الدفاعات الجوية.

واستعرضت هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة قالت إنها من صناعاتها الحربية، خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها عام 2021.

وأشارت "قناة العالم" الإيرانية في تقرير مصور عن الاستعراض، إلى أن الطائرات المسيرة التي استعرضها الحشد كانت إحداها شبيهة بطائرات "سايا" الإيرانية وطائرات "صماد 3"، التي تستخدمها مليشيات الحوثي اليمنية في هجماتها، وهي طائرات انتحارية.

وفي استعراض لها عام 2022، كشفت هيئة الحشد عن أسلحة جديدة ومتطورة، وأشارت مواقع عراقية وأخرى إيرانية قريبة من الحرس الثوري، إلى أن أبرز الأسلحة التي استعرضها الحشد شملت منظومة حسيب والراصد للقيادة والتحكم في الطائرات المسيرة، ودبابات 72T الروسية، التي أجرت عليها شركة كرار الإيرانية تعديلا تمثل بإضافة الدروع الجانبية لها، إلى جانب استعراض أجهزة تشويش، وأبراج اتصالات متنقلة حديثة.

وتكشف معلومات دقيقة حصل عليها موقع "الحرة" من حزب الحرية الكردستاني المعارض، عن وجود العديد من الشركات الإيرانية المختصة بالصناعات العسكرية مرتبطة بالحشد الشعبي، وتعمل فرق مهندسيها وخبرائها داخل مصانع أسلحة الحشد.

من تلك الشركات شركة "رستافن ارتباط" التي تشكل جزءا من الصناعات الدفاعية الإيرانية، وهي مختصة بتوفير خدمات الاتصال والمعدات المختصة بالاتصالات والمنظومات الإلكترونية وقطع غيار الأسلحة للقوة الجوية التابعة للحرس الثوري ومجموعة صناعات الصواريخ البحرية الإيرانية، إلى جانب الرادارات.

وإلى جانب "رستافن ارتباط"، تنشط في هذا المجال شركة "فناور موج خاور"، المعروفة بـ"فناموج"، المختصة بصناعة الصواريخ وتجربتها وهي شركة تصميم وصناعة كافة أنواع الصواريخ ومكوناتها.

وتشير معلومات "حزب الحرية" الكردستاني الإيراني إلى أن شركة شاهد لصناعات الطيران موجودة أيضا في العراق، وهي شركة إيرانية مختصة بتصميم وصناعة المروحيات والطائرات المسيرة، وتنقل هذه الشركة طائراتها المسيرة من طراز "شاهد101" و"شاهد136" على شكل قطع إلى داخل العراق ليتم تجميعها داخل مصانع الحشد الشعبي.

وضمن متابعته لملف صناعة السلاح الإيراني في العراق، تواصل موقع "الحرة" مع قيادي في أحد الأحزاب العراقية القريبة من الإطار التنسيقي، الذي اشترط عدم الإشارة الى اسمه أو اسم حزبه مقابل الحديث عن ملف صناعات الحشد الشعبي الحربية.

وفي عام 2018، نقلت رويترز في تقرير استقصائي عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية "أن طهران قدمت صواريخ باليستية لجماعات شيعية تقاتل بالوكالة عنها في العراق، وإنها تطور القدرة على صنع مزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط ولامتلاك وسيلة تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة".

وخلال السنوات الماضية، تسببت أسلحة المليشيات بإحراج العراق دوليا عبر هجماتها المتكررة على قواعد عسكرية ومصالح أميركية في إقليم كردستان ومناطق العراق الأخرى وسوريا، واستهدافها للداخل الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تؤكد باستمرار سعيها لحصر السلاح بيدها، بما في ذلك سلاح المليشيات المسلحة، لكن دون جدوى فهذه المليشيات ما زالت متمسكة بأسلحتها.

وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية، فرهاد علاء الدين، في تصريح لموقع "الحرة" في أبريل الماضي، إن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد في أكثر من مناسبة التزام العراق الثابت بحصر السلاح بيد الدولة، وضمان خضوع جميع التشكيلات المسلحة، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي، بشكل كامل للقائد العام للقوات المسلحة.

وأوضح علاء الدين أن "الحكومة تمضي بخطى مدروسة نحو استكمال هيكلة المنظومة الأمنية، من خلال حوارات بنّاءة مع مختلف الأطراف الوطنية، بهدف تعزيز سلطة الدولة، وحماية السلم والاستقرار، ومنع أي محاولات لزجّ العراق في صراعات إقليمية لا تخدم مصالحه".

ويرى السياسي العراقي المستقل، مثال الآلوسي، أن هدف إيران من تصنيع المسيرات والصواريخ محليا بأيادي عراقية داخل العراق هو إطلاق يد المليشيات فوق الدولة والقيام بإرهاب الأطراف العراقية لغرض ابتزازها أو السيطرة عليها، وابعاد مسؤولية هذا الإرهاب عن طهران.

ويضيف الآلوسي لموقع "الحرة"، "ينبغي فهم أن عمليات تصنيع السلاح الإيراني خارج إيران تجري ضمن شراكة كبرى تعتمد على المال العراقي والغطاء والنقل بمساهمة عراقية وكذلك العاملين والمصنعين، والجميع شركاء في رسم صورة تحكم طهران بالإرهاب الإقليمي".

وأضاف أن "إيران تعمل بأصابعها العراقية لتنفيذ أهدافها ومنها إعادة تسليح حزب الله اللبناني والجماعات الأخرى الموالية لها في المنطقة".

وتنضوي تحت جناح الحشد الشعبي أكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة، وقد شاركت غالبية هذه الفصائل خلال السنوات الماضية في الحرب الأهلية في سوريا ضمن صفوف المليشيات الإيرانية.

وأعلنت مساندتها لحزب الله اللبناني وشنت العديد من الهجمات الصاروخية على أهداف داخل إسرائيل خلال عامي 2023 و2024 قبل إعلانها إيقاف الهجمات مؤقتا في نهاية العام الماضي 2024.

ويعتقد المحلل السياسي في مركز "رامان" للبحوث والاستشارات، شاهو قرداغي، أن خطاب قيادات الحشد الشعبي وذهابهم سابقا للقتال خارج العراق يبين أن جزءا من هذه الأسلحة، رغم ادعاء استخدامها للدفاع عن العراق فقط، انتهت بيد فصائل موالية لإيران خارج العراق، سواء في سوريا أو غيرها.

ويوضح قرداغي لموقع "الحرة" أن "وصول هذه الأسلحة إلى فصائل غير عراقية خطر حقيقي يهدد بتوريط العراق في صراعات ومشاكل خارجية هو في غنى عنها خاصة في ظل حالة الهدوء والاستقرار وتوفير الخدمات التي يعيشها البلد خلال الفترة الحالية".

ويؤكد قرداغي على أن إيران تستغل الأراضي العراقية كقاعدة خلفية لتسليح وتمويل أذرعها المسلحة في المنطقة، فهي تُدخل خبراء وسلاح عبر حدود غير خاضعة لسيطرة الدولة، وتستخدم الفصائل كغطاء لتمرير السلاح إلى مليشياتها في سوريا ولبنان واليمن، مما يورط العراق في صراعات إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل.