الأمم المتحدة ساعدت السلطات العراقية في نبش "حفرة علو عنتر" في قضاء تلعفر
الأمم المتحدة ساعدت السلطات العراقية في نبش "حفرة علو عنتر" في قضاء تلعفر

عبر فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد) عن أمله في استمرار السلطات العراقية بأعمال الحفر والتنقيب عن المقابر الجماعية بعد انتهاء التفويض الممنوح للفريق، وفق تصريحات لموقع الحرة.

وقال الفريق الإعلامي لـ"يونيتاد"، في تعليقات لموقعنا أرسلت عبر البريد الإلكتروني: "نحن ملتزمون بأن يستمر التقدم الكبير المحرز في أعمال الحفر والتنقيب عن المقابر الجماعية وتحديد هوية الضحايا بقيادة السلطات العراقية".

وتعتبر قضية المقابر الجماعية في العراق من أبرز الملفات الشائكة التي عملت الحكومات العراقية على معالجتها بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وقدر "المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق" أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص. ووفق منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن لدى العراق واحدا من أكبر أعداد المفقودين في العالم، ويقدر عددهم بين 250 ألف ومليون شخص، يُعتقد أن الكثير منهم دُفن في مقابر جماعية.

وبين 2017 و2023، دعم "يونيتاد" دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، ودائرة الطب العدلي، التابعتين للحكومة العراقية.

والفريق الأممي، الذي تم إنشاؤه بموجب قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" في 2017 ساعد السلطات العراقية على استخراج الرفات البشرية لمساعدة الأهالي في التعرف على هويات ذويها، وكذلك في توفير أدلة جنائية يمكن أن تكون مفيدة لإدانة مرتكبي جرائم القتل.

وبناء على طلب الحكومة العراقية، اختار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تمديد ولاية "يونيتاد" لمدة عام إضافي واحد فقط، مما يعني أنه سيوقف عمله في سبتمبر المقبل.

وساعد الفريق العراق في استخراج 1237 جثة من 14 مقبرة لضحايا مجزرة معسكر سبايكر، حيث قتل تنظيم "داعش" جنودا وطلابا عسكريين فروا من أكاديمية تكريت الجوية بين 12 و14 يونيو 2014.

ومؤخرا، في 28 مايو 2024، أعلنت السلطات العراقية و"يونيتاد" بدء نبش "حفرة علو عنتر"، وهي مقبرة جماعية في قضاء تلعفر، تحتوي على رفات ضحايا "داعش" من المجتمعات الإيزيدية والشيعية.

ويوضح البيان الجديد المرسل لموقع الحرة أنه تم الانتهاء من أعمال الحفر والتنقيب بهذه المقبرة في الثامن أغسطس الجاري، مشيرا إلى أنها كانت "آخر الجهود وأكثرها تحديا".

وأسفرت أعمال الحفر والتنقيب، التي استمرت قرابة 3 أشهر،  وفق الأمم المتحدة، عن استرجاع 158 جثة و39 جزءا من الجثث، نقلت جميعا إلى دائرة الطب العدلي في بغداد للتعرف عليها.

وتعتبر العملية الأخيرة واحدة من أصل 68 عملية من عمليات الحفر والتنقيب بمواقع المقابر الجماعية المتعلقة بجرائم تنظيم "داعش" التي عمل عليها "يونيتاد" مع كل من دائرة الطب العدلي، ودائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية.

وكان خبيران تحدثا سابقا لموقع الحرة أعربا عن مخاوفهما من مغادرة الفريق العراق، بسب تحديات إنسانية كبيرة وعراقيل "بيروقراطية" ستواجه السلطات العراقية في هذا الملف.

وقال المحلل السياسي العراقي، أحمد الياسري، لموقع الحرة إن هذا الملف "يصطدم دائما بالبيروقراطية العراقية، وقدرات الحكومات المحدودة".

وعلى سبيل المثال، يوجد مختبر واحد في بغداد يتولى فحص الجثث، ولا يسمح للمختبرات في المحافظات أن تقوم بهذا العمل، فضلا عن صعوبة استخراج الجثث، لذلك دعمت المنظمة الدولية إدارة الطب العدلي وإدارة شؤون حماية المقابر في هذا الشأن.

وتقول الأمم المتحدة، في تعليقاتها الجديدة، إن الفريق دعم عمليات الحفر والتنقيب عن المقابر الجماعية في العراق من خلال توفير الدعم الفني والمعدات الأساسية وأبحاث الطب الشرعي الرقمية المتطورة.

وبالإضافة إلى ذلك، وعملا على زيادة عمليات تحديد هوية الضحايا إلى أقصى حد، أطلقت دائرة الطب العدلي، بدعم من "يونيتاد"، عدة حملات لجمع عينات ما قبل الوفاة، لتشجيع العائلات على المشاركة في جهود تحديد الهوية.

وقال الفريق لموقع الحرة إنه رغم أنه سيغادر العراق، "فقد زود دائرة الطب العدلي ودائرة شؤون المقابر الجماعية بالمهارات والأدوات والمعرفة اللازمة لمواصلة هذا العمل المهم على نحو مستقل".

وكثف فريق "يونيتاد" مبادراته لبناء القدرات، بما في ذلك برامج التدريب المتقدمة. 

وعلى سبيل المثال، أكملت دائرة الطب العدلي مؤخرا برنامجا تدريبيا عن أنظمة إدارة معلومات المختبرات (LIMS) في دريسدن بألمانيا، بهدف تعزيز قدرات اختبار الحمض النووي ومطابقته.

وتلقى أخصائيون من مختبر أنثروبولوجيا الطب الشرعي التابع لدائرة الطب العدلي في بغداد تدريبا على استخدام تقنية FARO ScanArm، مما أدى إلى تحسين ممارسات الطب الشرعي بالمختبر.

ومن خلال نقل المعرفة والتكنولوجيا، ودعم بناء القدرات، قالت الأمم المتحدة: "نهدف إلى ضمان أن تكون الفرق العراقية مستعدة جيدا للمضي قدما في هذه المهمة، وضمان استمرار العمل على تحديد هوية ضحايا فظائع "داعش" وتحقيق العدالة لهم".

اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا
اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا

يهدد خلو مفوضية حقوق الإنسان في العراق من مجلس مفوضين تصنيفها الدولي لدى التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، الذي سيجتمع افي أكتوبر المقبل، وقد يذهب باتجاه إدراجها في التصنيف الثاني (B).

تتمتع المفوضية حالياً بتصنيف (A)، وهو أعلى تصنيف في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لكنها قد تتراجع في التصنيف لأسباب عدة، منها عدم وجود مجلس مفوضين، وخضوعها لإدارة مسؤول حكومي، وعدم تقديمها التقارير التعاهدية والتقارير الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل، وأسباب أخرى تتعلق بتعرضها لتدخلات سياسية.

يرى أنس العزاوي، وهو عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، وجود ضرورة تحتم على القوى السياسية التعجيل بالاتفاق على اختيار مرشحيها للمفوضية، وحسب نسب كل مكون، مع مراعاة التخصص والخبرة، على حد قوله.

ويضيف لموقع "الحرة": "منذ الثالث من أغسطس 2021 تعيش المؤسسة الوطنية في فراغ قانوني، عززه تخبط حكومي خلال حكومتي مصطفى الكاظمي ومحمد السوداني".

في عام 2021، أنهى مجلس النواب العراقي ولاية الدورة الثانية للمفوضية العليا لحقوق الإنسان بعد انتهاء مدتها، ومنذ ذلك الحين، توقفت نشاطاتها الأساسية لخلوها من مجلس مفوضين.

ومنذ نحو ثلاث سنوات، لم ينجح مجلس النواب العراقي في تشكيل مجلس مفوضين جديد، رغم الترشيحات التي قدمت. 

شكلت المفوضية عام 2012 وفقا لقانون (53 لسنة 2008 المعدل)، بعد حل وزارة حقوق الإنسان بشكل رسمي خلال الحكومة الثانية لنوري المالكي (2006-2014).

جاء تشكيل المفوضية وفقا للمادة (102) من الدستور العراقي النافذ لسنة 2005، والتي تنص على تشكيل هيئة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الإنسان تحت اسم (المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق).

وتوافق تشكيل المفوضية أيضا مع مبادئ باريس لحقوق الإنسان، وهي مجموعة معايير دولية تنظم وتوجه أعمال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. صيغت هذه المبادئ في حلقة عمل دولية بشأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، عُقدت في باريس سنة 1991، ثم اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993.

وعن أسباب تأخر اختيار مجلس مفوضين، يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، سجاد سالم لموقع "الحرة": "لا يوجد توافق سياسي على المرشحين. هناك من يريد معاقبة المفوضية نتيجة لموقفها في احتجاجات تشرين 2019".

رصدت المفوضية الانتهاكات التي ارتكبت ضد المشاركين في احتجاجات تشرين، وأصدرت تقارير وبيانات عن أعداد الضحايا، وقدمت شهادات بشأن العنف الحكومي الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى خلال الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن عديدة أخرى في جنوب العراق.

في 13 سبتمبر 2023 كلف مجلس الوزراء وزير العدل العراقي، خالد شواني، بإدارة المفوضية، رغم أن المادة الثانية من قانون المفوضية تُلزم بارتباطها بمجلس النواب وليس الحكومة.

يقول الناشط في مجال حقوق الإنسان ميثم أحمد، أحد المرشحين لعضوية مجلس المفوضين، إن "تكليف الحكومة لوزير العدل فيه مخالفة صريحة، لأن الوزارة فيها انتهاكات عديدة، ومن الواجب أن تراقبها المفوضية".

ويضيف: "المفوضية حالياً تُدار بشكل روتيني، لا دور لها في التحقيقات ولا الرصد، ولا تُقدم التقارير، لأنها بلا مجلس مفوضين".

في عام 2019 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا بالرقم (43/ اتحادية) أكدت فيه على استقلالية المفوضية ماليا وإداريا، وتخضع لرقابة مجلس النواب.

للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق حضور إقليمي ودولي كبير. فمنذ عام 2019 لديها كامل العضوية في الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وعددها (18) مؤسسة وطنية، ومنذ عام 2020 تمتلك عضوية كاملة في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية وعددها (117) مؤسسة.

يتيح التصنيف الدولي (A) للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، التمتع بمركز مراقب كامل في مجلس حقوق الإنسان في جنيف أسوة بالدول المراقبة والمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان الدولي كافة، وتقديم بيانات مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان، وكذلك حضور المشاورات والتفاوض على مشاريع القرارات وعرض تقارير الإجراءات الخاصة في جلسات لجان حقوق الإنسان الدولية وتنظيم الأحداث داخل مبنى الأمم المتحدة في جنيف وشغل المواقع القيادية في المجلس وغير ذلك من الامتيازات الأخرى. 

يحذر عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، فاضل الغراوي، من خطر تراجع تصنيف العراق في مستوى المؤسسات الوطنية، ويقول لموقع "الحرة": "تعاقب على إدارة المفوضية خلال العامين الماضيين خمسة رؤساء بالوكالة".

ويضيف: "في البداية أدارها مديرون عامون في مجلس النواب بالتوالي، ومن ثم رئيسا ديوان الرقابة المالية بالتوالي أيضا، والآن وزير العدل".

لعدم وجود مجلس مفوضين، فإن الآلية الرقابية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان غير موجودة، ولا أحد يراقب مؤسسات الدولة ومدى التزامها بحقوق الإنسان، يقول الغراوي.

فعلياً، يقتصر عمل المفوضية حالياً على نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويخلو من المهام الرئيسية التي شكلت بموجبها، وهي المراقبة وتقديم التقارير واستقبال الشكاوى، فهذه مهام ربطها القانون بمجلس المفوضين حصراً.

وفي ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 2023) دعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، مجلس النواب إلى إكمال اختيار أعضاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

وصف السوداني المفوضية بـ"السند الدستوري والقانوني لمسيرة ترسيخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".