صورة تعبيرية من كربلاء
صورة تعبيرية من كربلاء

اندلع اشتباك مسلح، فجر الخميس، بين عناصر من الجيش العراقي وأفراد فصيل مسلح ينتمي إلى "الحشد الشعبي" في مدينة كربلاء خلال مسيرة للزوار المتوجهين للمشاركة في أربعينية الإمام الحسين، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس".

ووقع تبادل إطلاق النار وسط جمع كبير من الزوار قرب حاجز تفتيش تابع للجيش، وعلى إثره تم اعتقال ستة من أفراد الحشد الشعبي المتورطين بالحادث، حسبما قال مسؤول بوزارة الداخلية لوكالة "فرانس برس".

وأوضح المسؤول رافضا الكشف عن اسمه، أن الحادث وقع في كربلاء على بعد خمسة كيلومترات من المدينة القديمة، حيث يتجمع مئات الآلاف من الزوار الشيعة حاليا للوصول إلى ضريح الإمام الحسين.

في المقابل، قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء تحسين ابراهيم الخفاجي، في تصريح لقناة "الحرة"، إن "تحديد الجهة المتورطة بإطلاق النار سابق لأوانه في الوقت الراهن"، وذلك تعقيبا على الأخبار المنسوبة إليه في وسائل إعلام عراقية، بأنها قد اندلعت "نتيجة نزاع عشائري وإطلاق نار من قبل فصيل جند الإمام المنضوي ضمن الحشد الشعبي تجاه الأجهزة الأمنية".

وأوضح الخفاجي أن "القوات الأمنية منتشرة وممسكة بالملف الأمني ضمن سياق الخطة الأمنية الخاصة بزيارة الأربعينية، وإن القوات الأمنية على أهبة الاستعداد لمواجهة أية حالة طارئة".

وأضاف أن "مواجهات اندلعت فجر اليوم، وإن التحقيقات جارية حاليا للوقوف على ملابسات الحادث"، مشيرا إلى "اعتقال عدد من منفذي الهجوم، وأن التقرير الاستقصائي سيقدم التفاصيل كاملة عن حادثة إطلاق النار".

وكان الخفاجي قد أدلى بتصريحات سابقة نقلتها وسائل إعلام محلية من بينها "شفق نيوز"، صباح الخميس، معقبا فيها عن حادثة الهجوم، وتمت الإشارة في سياقها إلى "مصرع زائر واحد على الاقل وإصابة ستة آخرين بينهم إيرانيون".

وتعد هذه المناسبة من أكبر المناسبات الدينية لدى الطائفة الشيعية، وتعني مرور أربعين يوما بعد العاشر من محرم، تاريخ واقعة الطف التي استمرت ثلاثة أيام في العام 61 للهجرة (680 ميلادية)، وقتل فيها الإمام الحسين (ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة) وحفيد النبي محمد، على يد جيش الخليفة الأموي آنذاك يزيد بن معاوية.

واندلع الاشتباك عندما حاولت أربع مركبات من قوات الحشد عبور حاجز تفتيش للجيش، على طريق مخصص للمشاة ومغلق أمام حركة السيارات، بحسب مسؤول وزارة الداخلية. 
ومنع الجنود الآليات من المرور، وأطلق الطرفان النار في الهواء، بحسب المصدر نفسه، موضحا أن الحادث لم يسفر عن وقوع أي إصابات.

وأكد مسؤول في الحشد لـ"فرانس برس"، رفض الكشف عن هويته، أن قوة من مديرية أمن الحشد أرسلت إلى مكان الحادث أوقفت ستة منتسبين للمؤسسة ومتورطين في الاشتباك.

وأضاف أن "التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة المتسبب في فتح النيران وسط الزوار".
وحتى بعد دمج الحشد الشعبي ضمن قوات الأمن العراقية تحت قيادة رئيس وزراء البلاد،تحدث بين الحين والاخر توترات ومناوشات بين عناصر من الحشد ومؤسسات أمنية أخرى، حتى في العاصمة بغداد أحيانا.

ومنذ 6 أغسطس، دخل العراق نحو 2.9 مليون زائر للمشاركة في إحياء ذكرى الأربعين، بحسب أرقام رسمية، غالبيتهم من الإيرانيين.

اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا
اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا

يهدد خلو مفوضية حقوق الإنسان في العراق من مجلس مفوضين تصنيفها الدولي لدى التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، الذي سيجتمع افي أكتوبر المقبل، وقد يذهب باتجاه إدراجها في التصنيف الثاني (B).

تتمتع المفوضية حالياً بتصنيف (A)، وهو أعلى تصنيف في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لكنها قد تتراجع في التصنيف لأسباب عدة، منها عدم وجود مجلس مفوضين، وخضوعها لإدارة مسؤول حكومي، وعدم تقديمها التقارير التعاهدية والتقارير الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل، وأسباب أخرى تتعلق بتعرضها لتدخلات سياسية.

يرى أنس العزاوي، وهو عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، وجود ضرورة تحتم على القوى السياسية التعجيل بالاتفاق على اختيار مرشحيها للمفوضية، وحسب نسب كل مكون، مع مراعاة التخصص والخبرة، على حد قوله.

ويضيف لموقع "الحرة": "منذ الثالث من أغسطس 2021 تعيش المؤسسة الوطنية في فراغ قانوني، عززه تخبط حكومي خلال حكومتي مصطفى الكاظمي ومحمد السوداني".

في عام 2021، أنهى مجلس النواب العراقي ولاية الدورة الثانية للمفوضية العليا لحقوق الإنسان بعد انتهاء مدتها، ومنذ ذلك الحين، توقفت نشاطاتها الأساسية لخلوها من مجلس مفوضين.

ومنذ نحو ثلاث سنوات، لم ينجح مجلس النواب العراقي في تشكيل مجلس مفوضين جديد، رغم الترشيحات التي قدمت. 

شكلت المفوضية عام 2012 وفقا لقانون (53 لسنة 2008 المعدل)، بعد حل وزارة حقوق الإنسان بشكل رسمي خلال الحكومة الثانية لنوري المالكي (2006-2014).

جاء تشكيل المفوضية وفقا للمادة (102) من الدستور العراقي النافذ لسنة 2005، والتي تنص على تشكيل هيئة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الإنسان تحت اسم (المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق).

وتوافق تشكيل المفوضية أيضا مع مبادئ باريس لحقوق الإنسان، وهي مجموعة معايير دولية تنظم وتوجه أعمال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. صيغت هذه المبادئ في حلقة عمل دولية بشأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، عُقدت في باريس سنة 1991، ثم اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993.

وعن أسباب تأخر اختيار مجلس مفوضين، يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، سجاد سالم لموقع "الحرة": "لا يوجد توافق سياسي على المرشحين. هناك من يريد معاقبة المفوضية نتيجة لموقفها في احتجاجات تشرين 2019".

رصدت المفوضية الانتهاكات التي ارتكبت ضد المشاركين في احتجاجات تشرين، وأصدرت تقارير وبيانات عن أعداد الضحايا، وقدمت شهادات بشأن العنف الحكومي الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى خلال الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن عديدة أخرى في جنوب العراق.

في 13 سبتمبر 2023 كلف مجلس الوزراء وزير العدل العراقي، خالد شواني، بإدارة المفوضية، رغم أن المادة الثانية من قانون المفوضية تُلزم بارتباطها بمجلس النواب وليس الحكومة.

يقول الناشط في مجال حقوق الإنسان ميثم أحمد، أحد المرشحين لعضوية مجلس المفوضين، إن "تكليف الحكومة لوزير العدل فيه مخالفة صريحة، لأن الوزارة فيها انتهاكات عديدة، ومن الواجب أن تراقبها المفوضية".

ويضيف: "المفوضية حالياً تُدار بشكل روتيني، لا دور لها في التحقيقات ولا الرصد، ولا تُقدم التقارير، لأنها بلا مجلس مفوضين".

في عام 2019 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا بالرقم (43/ اتحادية) أكدت فيه على استقلالية المفوضية ماليا وإداريا، وتخضع لرقابة مجلس النواب.

للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق حضور إقليمي ودولي كبير. فمنذ عام 2019 لديها كامل العضوية في الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وعددها (18) مؤسسة وطنية، ومنذ عام 2020 تمتلك عضوية كاملة في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية وعددها (117) مؤسسة.

يتيح التصنيف الدولي (A) للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، التمتع بمركز مراقب كامل في مجلس حقوق الإنسان في جنيف أسوة بالدول المراقبة والمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان الدولي كافة، وتقديم بيانات مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان، وكذلك حضور المشاورات والتفاوض على مشاريع القرارات وعرض تقارير الإجراءات الخاصة في جلسات لجان حقوق الإنسان الدولية وتنظيم الأحداث داخل مبنى الأمم المتحدة في جنيف وشغل المواقع القيادية في المجلس وغير ذلك من الامتيازات الأخرى. 

يحذر عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، فاضل الغراوي، من خطر تراجع تصنيف العراق في مستوى المؤسسات الوطنية، ويقول لموقع "الحرة": "تعاقب على إدارة المفوضية خلال العامين الماضيين خمسة رؤساء بالوكالة".

ويضيف: "في البداية أدارها مديرون عامون في مجلس النواب بالتوالي، ومن ثم رئيسا ديوان الرقابة المالية بالتوالي أيضا، والآن وزير العدل".

لعدم وجود مجلس مفوضين، فإن الآلية الرقابية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان غير موجودة، ولا أحد يراقب مؤسسات الدولة ومدى التزامها بحقوق الإنسان، يقول الغراوي.

فعلياً، يقتصر عمل المفوضية حالياً على نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويخلو من المهام الرئيسية التي شكلت بموجبها، وهي المراقبة وتقديم التقارير واستقبال الشكاوى، فهذه مهام ربطها القانون بمجلس المفوضين حصراً.

وفي ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 2023) دعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، مجلس النواب إلى إكمال اختيار أعضاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

وصف السوداني المفوضية بـ"السند الدستوري والقانوني لمسيرة ترسيخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".