التنصيف يهدف لحرمان التنظيمات الإرهابية من التمويل المالي

كشفت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" مقتل 15 عنصرا بتنظيم داعش في عملية نفذتها مع القوات الأمنية العراقية.

وقالت "سنتكوم" في بيان عبر إكس إن "قوات القيادة المركزية الأميركية وقوات الأمن العراقية تفذت مداهمة مشتركة في غربي العراق في الساعات الأولى من يوم 29 أغسطس (الخميس) نجمت عن مقتل 15 عنصرا من 'داعش'".

وأشارت "سنتكوم" إلى أن العناصر كانوا مسلحين "بعدة أسلحة وقنابل يدوية وأحزمة 'انتحارية' متفجرة".

ونوهت إلى أنه لم تكن هناك أي مؤشرات على وقوع أي ضحايا مدنيين.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أن "هذه العملية استهدفت قادة 'داعش' من أجل تشتيت والحط من قدرة 'داعش' على التخطيط والتنظيم وتنفيذ هجمات بحق المدنيين العراقيين بالإضافة إلى المواطنين الأميركيين والحلفاء والشركاء في المنطقة وخارجها".

وأكدت أن قوات الأمن العراقية تواصل تمشيط المواقع التي تمت مداهمتها. 

واختتمت "سنتكوم" بيانها بالتشديد على أن "داعش يظل محل تهديد للمنطقة ولحلفائنا ولبلدنا، الولايات المتحدة"، مؤكدة أنها و"برفقة تحالفنا وشركائنا العراقيين، سنواصل الملاحقة الحثيثة لأولئك الإرهابيين".

ونوهت "سنتكوم" إلى أنها ستوفر المزيد من المعلومات فور توفرها. 

وعاث التنظيم الإرهابي فوضى في المنطقة، وكان قد فرض سيطرته على مدينة الموصل العراقي، ثاني أكبر المدن العراقية، واجتاح مناطق واسعة في سوريا والعراق نشر فيها القتل والدمار. 

وفي العاشر من يونيو عام 2014، سيطر التنظيم على الموصل في محافظة نينوى في شمال العراق. وأعلن منها بعد 19 يوما "الخلافة الإسلامية".

بعد معارك عنيفة، استعاد الجيش العراقي، بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، الموصل في عام 2017، معلنا هزيمة التنظيم في العراق.

الحشد الشعبي شارك في معارك تحرير جرف الصخر من داعش عام 2015 - أرشيف (رويترز)

رغم تكرار تعهداتها بحماية مستشاري قوات التحالف الدولي والمصالح الأميركية والغربية في العراق، فإن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تتمكن خلال السنوات الماضية من إيقاف هجمات وتهديدات المليشيات الموالية لإيران على هذه المصالح.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان، الأحد الماضي، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جدد خلال اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث "التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يتواجدون في العراق بناءً على دعوة من الحكومة العراقية لدعم جهود مكافحة داعش، كما شدد على التزام العراق بحصر استخدام القوة بيد الدولة وتعزيز الاستقرار الداخلي".

وقال رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، لموقع "الحرة" إن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تستطع وقف التهديدات والهجمات التي طالت المصالح الأميركية في العراق، لعدم قدرتها على حصر السلاح بيد الدولة.

وأضاف أن الحكومات لم تتمكن أيضا "من الوصول إلى تفاهمات سياسية مع هذه الفصائل، وأيضا لعدم قدرتها على التأثير على بيئتها السياسية المتمثلة بالإطار التنسيقي الائتلاف السياسي الحاكم في العراق"، وفق رأي الشمري.

وأردف قائلا: "حاولت الحكومة ممارسة تأثير خارجي على هذه الفصائل بالحديث مع إيران، لكن لم تحقق تقدما ملموسا".

ولفت إلى أن التهدئة الحالية التي فرضت على هذه الفصائل نتيجة حسابات معينة قد تنتهي وتستأنف هذه الفصائل هجماتها، خاصة إذا ما استشعرت أن هناك هجوم وشيك عليها وحتى على إيران.

وكثفت الميليشيات العراقية الموالية لإيران المنضوية في ما يطلف عليها "المقاومة الإسلامية في العراق" خلال العامين الماضيين من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على البعثات الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي والمصالح الأميركية في إقليم كردستان ومناطق عراقية أخرى. 

وشنت هجمات أيضا على إسرائيل وقواعد أميركية في سوريا، انطلاقا من الأراضي العراقية.

ويتفق الخبير الاستراتيجي، علاء النشوع، مع الشمري في عدم قدرة الحكومة العراقية على السيطرة على هذه الميليشيات وسلاحها.

وقال النشوع، لموقع "الحرة"، إن هذه الميليشيات التي يسميها بـ"قوى اللادولة" تمتلك قدرات أكبر من كل المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية من ناحية الأسلحة والمعدات كالصواريخ، والطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة.

وأضاف: "لا يمكن مواجهة قوى اللادولة ومعالجتها من قبل أي قوة عسكرية عراقية حكومية، إضافة إلى أن القرار السياسي والعسكري والأمني العراقي محدود الصلاحيات، نظرا للتأثير المباشر لهذه القوى على القرار الحكومي، وأي قرار قد يصدر ضد إرادتها لن يكون مجديا".

ولفت النشوع الى أن العراق لا يستطيع اتخاذ أي قرار يخالف الأجندة الإيرانية، لأن إيران عبر نفوذها وأذرعها انتشرت في مفاصل الدولة العراقية. 

وبيّن أن "إيران تتحكم بكل مقدرات العراق ضمن قواعد اللعبة التي تديرها في المنطقة من خلال مفهوم وحدة الساحات، حتى بعد انهيار الساحتين اللبنانية والسورية ومضي الساحة اليمنية نحو الانهيار، لاتزال إيران تحتفظ بالساحة العراقية وتعتبرها مجالها الحيوي المؤثر على الوضع الإقليمي والدولي".

وأعلنت المليشيات العراقية في نوفمبر الماضي، عن إيقاف هجماتها ضد المصالح الأميركية وإسرائيل، عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني. 

لكن قادة هذه المليشيات أكدوا في تصريحات صحفية، في الشهرين الماضيين، أن قرار إلغاء عملياتهم لا يعني إلغائها بالمطلق.

وأعرب الكاتب المحلل السياسي، علي البيدر، عن اعتقاده، أن الدولة العراقية بدأت تفرض نفسها في المشهد خصوصا في الجوانب الأمنية.

وقال البيدر، لموقع "الحرة"،  إنه "لا يمكن الحديث عن حماية مطلقة، لا للوجود الأميركي المسلح ولا للمصالح الغربية بشكل عام، لوجود تحديث مستمر للجماعات المسلحة والخطط الأمنية، حتى على مستوى المسميات، ففي كل يوم يظهر اسم وجماعة مسلحة وفصيل جديد وعملية جديدة، لكن الواقع الأمني اليوم أفضل، فضلا عن وجود رادع دولي قد يقلل من نسبة استهداف تلك المصالح".

ورأى البيدر أن عملية حصر السلاح بيد الدولة في العراق تحتاج إلى سنوات طويلة وإلى وعي مجتمعي وثقافة شعبية. 

وأضاف: "ما زلنا خارج الحسابات في هذا الجانب، يمكن أن يحصر السلاح عندما توفر بيئة مناسبة لذلك، قد تكون القوة المفرطة، أو الذهاب إلى خيار السلام الشامل".

وتنضوي الميليشيات العراقية الموالية لإيران في هيئة الحشد الشعبي، ووصل عددها إلى أكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب العشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة.

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال لرويترز، في يناير الماضي، إن العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة الموالية لإيران بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

وتأتي هذه الخطوة على خلفية التحولات في الشرق الأوسط التي شهدت تدهور حلفاء إيران المسلحين في غزة ولبنان، والإطاحة بنظام بشار الأسد أكبر حلفاء طهران.

ويتوعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب - بعد تسلمه السلطة - بتكثيف الضغوط على طهران التي دعمت منذ فترة طويلة عددا من الأحزاب السياسية ومجموعة من الفصائل المسلحة في العراق.

ويشعر بعض المسؤولين في بغداد بالقلق من أن الوضع الراهن هناك قد ينقلب رأسا على عقب بعد ذلك، لكن حسين قلل من أهمية هذا الأمر في مقابلة مع رويترز خلال زيارة رسمية إلى لندن.