لقاء عراقي أميركي مرتقب لبحث انسحاب القوات الاميركية (أرشيفية)
لقاء عراقي أميركي مرتقب لبحث انسحاب القوات الاميركية (أرشيفية)

تواصل الصحف الأميركية نشر المزيد من التفاصيل حول اتفاق متوقع قريبا بين واشنطن وبغداد، لسحب الولايات المتحدة قواتها تدريجيا من العراق خلال العامين المقبلين.

يتزامن هذا مع تباين واضح في الخطاب الرسمي بين البلدين، إذ قال رئيس الوزراء العراق، محمد شياع السوداني، مؤخرا إنه "لم يعد هناك حاجة لوجود القوات الأميركية في العراق، بعدما نجحت في هزيمة تنظيم داعش"، وإن بلاده لديها "القدرة" على التعامل مع العناصر المتبقية من التنظيم الإرهابي،

بينما أشارت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوفسكي، السبت، إلى أن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

تناقض في المواقف الرسمية العراقية والأميركية بشأن الانسحاب

يعزو محللون سياسيون سبب هذا التباين في التصريحات والاختلاف في الرؤى إلى عوامل عدة، إذ يقول مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، نزار حيدر، إنه لا يوجد لحد الآن أي إعلان رسمي من بغداد أو واشنطن بشأن موعد الانسحاب، وإن الطرفين بحثا طوال الفترة السابقة عن جواب لسؤال مهم وهو "هل أن العراق ما زال بحاجة إلى التحالف الدولي أم لا؟".

يضيف حيدر أن البيانات التي أصدرتها القيادة الأميركية المركزية "سنتكوم" مؤخرا أشارت بوضوح إلى زخم التعاون الأمني المشترك لتصل عدد العمليات المشتركة ضد داعش إلى 137 عملية في غضون الأشهر الستة الأولى من هذا العام. 

وهذا العدد من العمليات، بحسب حيدر، دليل على أن العراق مازال بحاجة الى الدعم العسكري الأميركي، متوقعا ان لايحدث هذا الانسحاب الا بعد 3 سنوات.

التناقض في البيانات الأميركية والعراقية سببها، بحسب مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، الاختلاف في طبيعة الرسائل التي يريد كل طرف إيصالها.

ويقول حيدر إن رئيس الوزراء العراقي يريد عبر البيانات الحكومية الرسمية طمأنة الفصائل المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة من أجل ضمان عدم عودة نشاطها ضد المنشات العراقية التي تستضيف القوات الأميركية.

ويرى أن السوداني يعرف جيدا أن خطر داعش ما زال قائما وأن الدليل على ذلك البيانات العديدة التي تنشرها السطات المعنية بشأن العمليات اليومية التي تنفذها ضد هذا التنظيم الإرهابي، والتي تسفر عن مقتل أو اعتقال بين خمسة إلى 10 عناصر مسلحة.

ويقول حيدر إنه بعملية حسابية بسيطة، منذ تشكيل حكومة السوداني قبل عامين، ترواح عدد مسلحي داعش الذين اعتقلتهم السلطات العراقية أو قتلتهم بين 5000 الى 6000 عنصر، في وقت تشير الحكومة العراقية إلى أن مسلحي التنظيم في العراق لا يتجاوز عددهم 2000 عنصر.

المحلل السياسي العراقي، عقيل عباس، المقيم في الولايات المتحدة، قال بدوره إن موقف الولايات المتحدة والأمم المتحدة والعديد من الخبراء، واضح بشأن مخاطر تنظيم داعش، ويرون أن هذا التهديد حقيقي وقائم، باستثناء الحكومة العراقية التي ترفض هذه اللغة وترفض الإقرار بأن هذا التهديد جدي وتدعي أنها قادرة على المواجهة لوحدها، بحسب تعبيره.

واعتمد عباس  على إحصاءاتٍ أيضا أشارت إلى أن هجمات داعش في العراق وسوريا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 وصلت إلى أكثر من 120 هجوما، في حين كان مجمل العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم خلال العام الماضي بحدود  120 هجوما مسلحا، هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن العمليات الإرهابية في تصاعد، بحسب تعبيره.

يضيف عباس أن الدعوة الرسمية العراقية للانسحاب تحمل بعدا سياسيا وليس أمنيا، سببها ضغط الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران التي كانت تطالب بإخراج القوات الأميركية من العراق، إذ تعتبر هذه الفصائل التواجد الأميركي "عامل قلق بالنسبة لها ولإيران"، ومارست ضغوطا كثيرة على السوداني ليرضخ لمطالبها ويضع هذا الملف في منهاجه الحكومي من خلال وضع جدول زمني "غير محدد" للانسحاب.

رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني
السوداني: لا حاجة لوجود قوات أميركية في العراق بعدما نجحت بهزيمة داعش
قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن القوات الأميركية لم يعد هناك حاجة لوجودها في بلاده بعدما نجحت في هزيمة تنظيم داعش، لافتًا إلى أن العراق لديه القدرة على التعامل مع العناصر المتبقية من التنظيم الإرهابي.

قدرة العراق على مواجهة التهديدات الأمنية

كما تطرق حيدر إلى التهديدات التي ذكرتها السفيرة الأميركية لدى العراق، ففي الظاهر، يقول إنها خطر داعش، لكن التهديد الأكبر هو المخاوف من تمدد النفوذ الإيراني في العراق في حال انسحاب القوات الأميركية من البلد.

ويضيف حيدر أنه اعتمادا على المعطيات الحالية، فالعراق غير قادر على مواجهة التهديدات التي تحدثت عنها السفيرة الأميركية، بدليل العملية العسكرية المشتركة الأخيرة في غرب العراق والتي أدت إلى مقتل 15 عنصرا من داعش بينهم قياديون. 

ويشير إلى أن المشاركة الأميركية دليل أن هذه القوات قتالية وليست استشارية، وأن دورها مهم جدا في دعم العراق في مواجهة خطر ارهاب داعش.

ويرى عباس بدوره أن العراق لم يستفد من دروس الماضي، مذّكرا بإصرار رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، في عام 2011، بإخراج القوات الأميركية، والذي كانت له تداعيات خطيرة أسفرت عنها ظهور تنظيم القاعدة وداعش في عام 2014، إذ اضطر العراق حينها من جديد إلى دعوة القوات الأميركية لمساعدته في دحر الإرهاب. 

ويشير إلى أن الموقف الأميركي واضح بشأن التهديدات التي يواجهها العراق، وهي خطر داعش والنفوذ الإيراني. فالجانب الأميركي، من وجهة نظره، يحذر مرارا من خطر الفصائل المسلحة، واعتماد العراق على إيران كمصدر للطاقة، ودور طهران في تقويض إرادة الحكومة العراقية وتهريب الأموال.

ويذكر أن خطاب واشنطن الرسمي يؤكد على أن التواجد الأميركي في العراق يتعلق بداعش حصرا، ويربط هذا الوجود بـ"الهزيمة الدائمة" لهذا التنظيم الإرهابي.


مستقبل العلاقة الأمنية بين بغداد وواشنطن

بسبب هذه التهديدات، يرى حيدر أن التواجد العسكري الأميركي في العراق سيستمر في المستقبل، لكن وفق صيغة جديدة اعتمادا على "اتفاقية الإطار الاستراتيجي" التي وقّعتها واشنطن وبغداد، فهذه الاتفاقية، بحسب حيدر، تحتم على الولايات المتحدة حماية النظام الديمقراطي والسياسي في العراق.

ويرى عباس من جهته، أن ملامح العلاقة بين الطرفين غير واضحة لحد الآن، لكنه توقع بقاء بعض "المستشارين الأميركيين" مقدّرا عددهم بالعشرات، وأنه سيكون لهم دور في دعم القوات العراقية في الجانب الاستخباري واللوجستي و"سد الفجوات" التي يعاني منها سلاح الجو العراقي، فضلا عن دعم القوات الأميركية المتمركزة في شمال شرق سوريا، أضافة إلى تواجد أميركي عسكري محدود في إقليم كردستان العراق.

 

مخاوف شيعية من الانسحاب .. وأخرى كردية وسنية

واستبعد حيدر أن يكون الانسحاب الأميركي من العراق مطلبا لكل الأطراف السياسية الشيعية، إذ قال إن "نصف القيادات الشيعية في العراق لا تريد هذا الانسحاب"، واستدل على ذلك بعدم تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي في يناير، عام 2020، والذي تم التصويت عليه بأغلبية القوى الشيعية، والمطالب بإخراج القوات الأميركية.

ويعزو حيدر سبب موقف هذه الأحزاب الشيعية الرافضة للانسحاب، إلى مخاوفها من أن تخسر المكاسب التي حققتها في ظل التواجد الأميركي، الذي يقول، انه هو كان الضامن لدخول هذه القوى في النظام السياسي العراقي الجديد بعد عام 2003. ويضيف أن "هذا النفوذ الأميركي هو حماية لسلطتهم، وأن إجبار الولايات المتحدة على سحب قواتها دون تنسيق واتفاق مشترك، سيكون السبب في انهيار العملية السياسية برمتها"، بحسب تعبيره.

رفض الانسحاب الأميركي في العراق لا يقتصر فقط على موقف بعض هذه الأحزاب الشيعية، فالمكونان الكردي والسني لديهما مخاوف أيضا لكن من نوع آخر. 

إذ يشير حيدر إلى أن المخاوف الكردية سببها أن التواجد الأميركي هو رادع للفصائل المسلحة ويحمي إقليم كردستان من هجمات مستقبلية وضمان لاستمرار الدعم الأميركي لقوات البييشمركة الكردية.

أما المخاوف السنية فقد لخصها حيدر بتوغل النفوذ الشيعي والإيراني في مناطقهم في حال انسحاب القوات الأميركية وأن "التواجد الأميركي يضمن استمرار التوازن بين هذه القوى ومستوى تمثيلهم السياسي ويمثل بالنسبة لهم نوعا من الاطمئنان والاستقرار الأمني" .

وأوضح عباس أن المخاوف الكردية والسنية واحدة، متمثلة بما وصفه بـ "التوغل الشيعي" وأن التواجد الأميركي، وإن كان غير عسكريا، مهم جدا في المرحلة المقبلة ليكون رادعا لهذا النفوذ ويمنع سيطرة القوى الشيعية على مراكز القرار السياسي. أما القوى الشيعية، فيرى عباس، أنها ليست جميعها متفقة على قرار انسحاب القوات الأميركية، إذ أن "صوت الفصائل المسلحة هو المهيمن في هذا الخطاب"، حسب تعبيره.

تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية
تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية

عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون لموقع الحرة بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

ففي العراق، أعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة". 

وجاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن، الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار حسين إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

U.S. Secretary of State Antony Blinken attends breakfast with the Foreign Ministers of the Gulf Cooperation Council Nations, in New York
اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا.. أبرز نقاط البيان المشترك
اجتمع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، في نيويورك، الثلاثاء، لتأكيد الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التاريخية بين دولهم.

وفي الطرف الآخر، أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".

وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 من سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية "إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول".

وزير الخارجية العراقي يلتقي نظيره الكويتي
"بعد 30 سنة نسمع نفس الشيء".. الكويت تطالب العراق بمعالجة حكم "خور عبد الله"
طالبت الكويت اليوم الثلاثاء حكومة بغداد بمعالجة حكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية القاضي بعدم دستورية تصديق البرلمان العراقي في 2013 على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين البلدين، فيما أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الكويت.

اتفاقية خور عبد الله .. أصل المشكلة

في يناير عام 2013 أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.

وبعد مضي عقد من الزمن، قررت المحكمة الاتحادية في العراق عدم دستورية الإتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".

قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين لخص في حديث لموقع الحرة أبرز الملفات العالقة بين العراق والكويت منها إعادة رفات الأسرى الكويتين وإرجاع الآثار والمقتنيات  التي "أُخذت من الكويت" أثناء غزو العراق للدولة الخليجية، بحسب تعبيره.

وكان رئيس جمعية "أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية"، فايز العنزي، قد أوضح في حديث لصحيفة "الأنباء" المحلية في أغسطس الماضي، أن الكويت تمكنت من إعادة رفات 294 شخصا من العراق، فيما لا يزال 311 شخصا في عداد المفقودين، بينهم أشخاص من جنسيات غير كويتية.

الملاحة البحرية .. ملف "معقد" بين الكويت والعراق

الملف الأهم بالنسبة لعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين، هو موضوع تنظيم الملاحة البحرية، ويقول إن هذا الملف معقد وفيه إشكالات سيما بسبب رفض أطراف عراقية لبعض الشروط التي فُرضت على بلدهم جراء خضوعه لعقوبات الفصل السابع اثر غزوه للكويت عام 1990، بحسب تعبيره.

أمين قال إن ملف المياه الأقليمية وحرية الحركة فيها مهم جدا بالنسبة للعراق، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر باتفاقيات الملاحة بين البلدين بحيث لا تؤثر سلبا على موانئ العراق وتحجم من دورها" بحسب تعبيره.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أشار  أيضا إلى أن العديد من العراقيين يرون أن بلدهم فرضت عليه قرارات وصفها بـ"المجحفة" وأنهم يطالبون بإعادة النظر فيها. مشيرا إلى أن "حل مشكلة تنظيم الملاحة البحرية وترسيم الحدود بين البلدين يحتاج إلى مرونة بين الطرفين".

أمين قال أيضا لموقع الحرة إن العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة بالأخص بعد أن أغلق مجلس الأمن رسميا، في فبراير عام 2022، ملف تعويضات الكويت بعد تسديد العراق مبلغ 52.4 مليار دولار، بحسب تعبيره

وأوضح أمين أن العراق خرج من طائلة إجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي بعد دفع تعويضات الكويت، وأن العراق نُقل من الفصل السابع إلى الفصل السادس لحل بقية الملفات العالقة مع الكويت.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الفصل السادس معني بـ"التسوية السلمية للنزاعات" ويتناول "ممارسات مجلس الأمن الرامية إلى ترويج وتنفيذ التوصيات أو الطرائق أو الإجراءات التي تروم التسوية السلمية للمنازعات في إطار المواد 33-38 من الفصل السادس والمادتين 11 و99 من ميثاق الأمم المتحدة. وإجمالاً، يحتوي الفصل السادس على شتى الأحكام التي يجوز لمجلس الأمن أن يقدم بمقتضاها توصيات إلى الأطراف المتنازعة أو الأطراف في حالة ما".

اتفاقية خور عبد الله وتبعاتها القانونية والدستورية

تنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبد الله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993 الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت. 

ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون  أنها تمنح الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.

يقول الخبير القانوني الدكتور عدنان الشريفي لموقع الحرة إن جميع قرارات المحكمة الاتحادية في العراق ملزمة بحسب مبدأ "سمو الدساتير الدولي" وإن المحكمة استندت إلى المادة 61 من الدستور العراقي عندما قررت عدم دستورية هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة هي جزء من "عرف دولي" يخص دور الجهات القضائية في الرقابة على القوانين والمعاهدات.

يضيف الشريفي أن الدستور العراقي اشترط عند التصديق على المعاهدات والاتفاقات، بوجود ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، "وهذا لم يحدث في جلسة التصويت على الاتفاقية عام 2013". 

أمام العراق والكويت الآن مساران، كما يقول الخبير القانوني، الأول هو أن يعيد البرلمان العراقي التصويت على الاتفاقية بأغلبية ثلثي الأصوات لتكون نافذة ومُلزمة، أما إذا رفض البرلمان التصويت على الاتفاقية، وهو السيناريو الثاني، فبإمكان الكويت في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

وأوضح الشريفي أن اتفاقية عام 2013 "جرت دون مشاورة جميع الأطراف العراقية وأن العديد منها ترى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية لا تحمي مصالح العراق" مضيفا أن الخيار أمام الكويت الآن هو أن تعيد التفاوض للتوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرفين وتحمي حقوقهم وفقا للمعايير والقوانين الدولية.

الخبير القانوني نفى إمكانية تعرض العراق لأي إجراءات ضده بسبب رفضه الاتفاقية الحالية، لكنه أشار إلى تبعات سيتعرض لها البلد في حال رفعت الكويت قضية في المحكمة الدولية وربحتها لكن العراق رفض الالتزام بها، "في هذه الحالة فقط سيتعرض العراق إلى عقوبات دولية".

ويشرح الشريفي المادة 14 من اتفاقية خور عبد الله والتي نصت بوضوح على أنه "يستوجب على الطرفين أولا حل الخلاف ودياً، وفي حال فشل التوافق، يحال الخلاف إلى المحكمة الدولية لقانون البحار التي ستكون قراراتها ملزمة للطرفين". 

ويضيف أنه بناء على بنود الاتفاقية الحالية، فعلى الكويت أولا أن تحل هذا الإشكال عن طريق التفاوض والحل الودي، لكن "لجوء الكويت إلى بيانات الاستنكار والشجب والتصعيد هي مخالفة واضحة لبنود الاتفاقية" بحسب تعبيره.

وفي لقاء خاص مع موقع الحرة، قال وزير الاعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، أن "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد".

وأشار النصف إلى أن "أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول 'زرع الألغام' في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".

وبشان اعتراض أطراف عراقية على الاتفاقية التي قالوا إنها تغبن حق العراق في الملاحة، أضاف الوزير الكويتي السابق أن هذا الأمر غير صحيح "بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي 'خنق' للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير". 

وذكر أن "الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه"، على حد قوله.