يعتبر العراق من الدول الخمس الأكثر تضرراً بالتغيرات المناخية
يعتبر العراق من الدول الخمس الأكثر تضرراً بالتغيرات المناخية

حث رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، الأحد، المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية للعراق في التمويل لمواجهة تداعيات تغير المناخ، في حين يرى خبير بيئي إنها "مشكلة محلية".

وأكد السوداني في كلمته خلال "قمة المستقبل" الخاصة بمواجهة التحديات المستقبلية، على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن العراق ملتزم بإرساء مفاهيم العدالة المناخية، خاصة في مجالات مكافحة الجفاف والتصحر وضمان استدامة الموارد المائية والأمن الغذائي، كما أن مواجهة تحديات المناخ تتطلب تعاوناً دولياً فعالاً في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية واتفاق باريس.

وشدد السوداني في الكلمة التي نشرها مكتبه الإعلامي، على ضرورة منح العراق الأولوية في التمويل المناخي، نظراً لكونه من أكثر الدول تضرراً من التغيرات المناخية، ولأن العراق بدأ بالفعل تنفيذ التزاماته المثبتة في وثيقة المساهمات الوطنية.

وتصف الأمم المتحدة العراق بأنه من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغيرات المناخية. ويتجلى ذلك في شح المياه، والجفاف، وتقلص المساحات الزراعية.

وفي خطوة لمواجهة هذه الأزمات، أعلنت الحكومة العراقية، الأربعاء الماضي، عن إطلاق إستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى الحفاظ على بيئة البلاد، التي تعد ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وتقليل التلوث، مع التركيز على حماية المياه، وإعادة تدويرها، وخفض انبعاثات الكربون.

الخطة البيئية التي تحظى بدعم الأمم المتحدة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ستمتد على مدار ست سنوات، من عام 2024 إلى 2030.

وفي تصريح لموقع "الحرة"، أوضح شكري الحسن، أستاذ الجغرافيا في جامعة البصرة، أن "أكثر الإجراءات فعالية لمواجهة التغيرات المناخية في العراق ترتبط بالانبعاثات الغازية الناتجة عن الصناعات النفطية". 

وأشار إلى أن هذه الانبعاثات تساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ، حيث يساهم العراق بجزء من هذه الانبعاثات على المستوى العالمي، والتي تؤثر بشدة على البيئة المحلية.

وأكد الحسن أهمية أن تتخذ الحكومة العراقية إجراءات حاسمة للحد من هذه الانبعاثات، بما في ذلك إيقاف حرق الغاز. "هذا التحدي يجب أن نواجهه بأنفسنا قبل طلب الدعم الدولي، لأنه يهدد بيئتنا وصحتنا العامة"، على حد قوله.

ويؤثر التغير المناخي بشكل مباشر على موارد المياه في العراق، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار إلى تقليص الموارد المائية السطحية والجوفية، مما يزيد من ندرة المياه. كما أن التغيرات المناخية تؤثر سلباً على القطاع الزراعي في العراق، إذ تعاني البلاد من مواسم زراعية غير مستقرة وجفاف متكرر.

وعلى الرغم من التمويل الذي تقدمه بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة عبر وكالاتها التنموية، لدعم المنظمات غير الحكومية والمشاريع الزراعية والمبادرات المحلية في مواجهة التغيرات المناخية، لا تزال الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة المخاطر البيئية كبيرة.

مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أكد خطورة التغيرات المناخية والبيئية، ووصفها بأنها تحديات تهدد البشرية جمعاء، وأن الحفاظ على البيئة مسؤولية تضامنية مشتركة بين الجميع.

وشدد الأعرجي خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الأول للتغيرات المناخية وأثرها على الأمن الصحي في العراق، المنعقد في بغداد، على أن "الحكومات وحدها لا تستطيع التعامل مع التغيرات المناخية والبيئية بدون تعاون المجتمعات، وذلك من خلال الترشيد في الاستخدام والتوعية بمخاطر هذه التغيرات من أجل الأجيال القادمة".

ووفقاً لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعرض العراق لأكثر من 300 عاصفة رملية في عام 2013، في حين أن عدد العواصف الرملية بين عامي 1950 و1990 لم يتجاوز 25 عاصفة سنوياً. وقد أشار 94% من النازحين في المحافظات الجنوبية إلى ندرة المياه كسبب رئيسي لنزوحهم.

ويشير المنسق المقيم للأمم المتحدة في العراق، غلام إسحق زى، عن "شدة" التأثيرات المناخية التي سيتعرض لها العراق، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر.

ويقول في مقال له على موقع بعثة الأمم المتحدة في العراق إن "العراق يعاني من أزمة مائية حرجة بسبب قلة الأمطار والاستخدام المفرط لنهري دجلة والفرات. وتتفاقم هذه التحديات بسبب الإدارة غير الفعالة للمياه والممارسات الزراعية".

تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية
تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية

عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون لموقع الحرة بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

ففي العراق، أعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة". 

وجاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن، الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار حسين إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

U.S. Secretary of State Antony Blinken attends breakfast with the Foreign Ministers of the Gulf Cooperation Council Nations, in New York
اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا.. أبرز نقاط البيان المشترك
اجتمع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، في نيويورك، الثلاثاء، لتأكيد الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التاريخية بين دولهم.

وفي الطرف الآخر، أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".

وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 من سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية "إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول".

وزير الخارجية العراقي يلتقي نظيره الكويتي
"بعد 30 سنة نسمع نفس الشيء".. الكويت تطالب العراق بمعالجة حكم "خور عبد الله"
طالبت الكويت اليوم الثلاثاء حكومة بغداد بمعالجة حكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية القاضي بعدم دستورية تصديق البرلمان العراقي في 2013 على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين البلدين، فيما أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الكويت.

اتفاقية خور عبد الله .. أصل المشكلة

في يناير عام 2013 أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.

وبعد مضي عقد من الزمن، قررت المحكمة الاتحادية في العراق عدم دستورية الإتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".

قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين لخص في حديث لموقع الحرة أبرز الملفات العالقة بين العراق والكويت منها إعادة رفات الأسرى الكويتين وإرجاع الآثار والمقتنيات  التي "أُخذت من الكويت" أثناء غزو العراق للدولة الخليجية، بحسب تعبيره.

وكان رئيس جمعية "أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية"، فايز العنزي، قد أوضح في حديث لصحيفة "الأنباء" المحلية في أغسطس الماضي، أن الكويت تمكنت من إعادة رفات 294 شخصا من العراق، فيما لا يزال 311 شخصا في عداد المفقودين، بينهم أشخاص من جنسيات غير كويتية.

الملاحة البحرية .. ملف "معقد" بين الكويت والعراق

الملف الأهم بالنسبة لعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين، هو موضوع تنظيم الملاحة البحرية، ويقول إن هذا الملف معقد وفيه إشكالات سيما بسبب رفض أطراف عراقية لبعض الشروط التي فُرضت على بلدهم جراء خضوعه لعقوبات الفصل السابع اثر غزوه للكويت عام 1990، بحسب تعبيره.

أمين قال إن ملف المياه الأقليمية وحرية الحركة فيها مهم جدا بالنسبة للعراق، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر باتفاقيات الملاحة بين البلدين بحيث لا تؤثر سلبا على موانئ العراق وتحجم من دورها" بحسب تعبيره.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أشار  أيضا إلى أن العديد من العراقيين يرون أن بلدهم فرضت عليه قرارات وصفها بـ"المجحفة" وأنهم يطالبون بإعادة النظر فيها. مشيرا إلى أن "حل مشكلة تنظيم الملاحة البحرية وترسيم الحدود بين البلدين يحتاج إلى مرونة بين الطرفين".

أمين قال أيضا لموقع الحرة إن العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة بالأخص بعد أن أغلق مجلس الأمن رسميا، في فبراير عام 2022، ملف تعويضات الكويت بعد تسديد العراق مبلغ 52.4 مليار دولار، بحسب تعبيره

وأوضح أمين أن العراق خرج من طائلة إجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي بعد دفع تعويضات الكويت، وأن العراق نُقل من الفصل السابع إلى الفصل السادس لحل بقية الملفات العالقة مع الكويت.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الفصل السادس معني بـ"التسوية السلمية للنزاعات" ويتناول "ممارسات مجلس الأمن الرامية إلى ترويج وتنفيذ التوصيات أو الطرائق أو الإجراءات التي تروم التسوية السلمية للمنازعات في إطار المواد 33-38 من الفصل السادس والمادتين 11 و99 من ميثاق الأمم المتحدة. وإجمالاً، يحتوي الفصل السادس على شتى الأحكام التي يجوز لمجلس الأمن أن يقدم بمقتضاها توصيات إلى الأطراف المتنازعة أو الأطراف في حالة ما".

اتفاقية خور عبد الله وتبعاتها القانونية والدستورية

تنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبد الله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993 الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت. 

ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون  أنها تمنح الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.

يقول الخبير القانوني الدكتور عدنان الشريفي لموقع الحرة إن جميع قرارات المحكمة الاتحادية في العراق ملزمة بحسب مبدأ "سمو الدساتير الدولي" وإن المحكمة استندت إلى المادة 61 من الدستور العراقي عندما قررت عدم دستورية هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة هي جزء من "عرف دولي" يخص دور الجهات القضائية في الرقابة على القوانين والمعاهدات.

يضيف الشريفي أن الدستور العراقي اشترط عند التصديق على المعاهدات والاتفاقات، بوجود ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، "وهذا لم يحدث في جلسة التصويت على الاتفاقية عام 2013". 

أمام العراق والكويت الآن مساران، كما يقول الخبير القانوني، الأول هو أن يعيد البرلمان العراقي التصويت على الاتفاقية بأغلبية ثلثي الأصوات لتكون نافذة ومُلزمة، أما إذا رفض البرلمان التصويت على الاتفاقية، وهو السيناريو الثاني، فبإمكان الكويت في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

وأوضح الشريفي أن اتفاقية عام 2013 "جرت دون مشاورة جميع الأطراف العراقية وأن العديد منها ترى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية لا تحمي مصالح العراق" مضيفا أن الخيار أمام الكويت الآن هو أن تعيد التفاوض للتوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرفين وتحمي حقوقهم وفقا للمعايير والقوانين الدولية.

الخبير القانوني نفى إمكانية تعرض العراق لأي إجراءات ضده بسبب رفضه الاتفاقية الحالية، لكنه أشار إلى تبعات سيتعرض لها البلد في حال رفعت الكويت قضية في المحكمة الدولية وربحتها لكن العراق رفض الالتزام بها، "في هذه الحالة فقط سيتعرض العراق إلى عقوبات دولية".

ويشرح الشريفي المادة 14 من اتفاقية خور عبد الله والتي نصت بوضوح على أنه "يستوجب على الطرفين أولا حل الخلاف ودياً، وفي حال فشل التوافق، يحال الخلاف إلى المحكمة الدولية لقانون البحار التي ستكون قراراتها ملزمة للطرفين". 

ويضيف أنه بناء على بنود الاتفاقية الحالية، فعلى الكويت أولا أن تحل هذا الإشكال عن طريق التفاوض والحل الودي، لكن "لجوء الكويت إلى بيانات الاستنكار والشجب والتصعيد هي مخالفة واضحة لبنود الاتفاقية" بحسب تعبيره.

وفي لقاء خاص مع موقع الحرة، قال وزير الاعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، أن "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد".

وأشار النصف إلى أن "أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول 'زرع الألغام' في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".

وبشان اعتراض أطراف عراقية على الاتفاقية التي قالوا إنها تغبن حق العراق في الملاحة، أضاف الوزير الكويتي السابق أن هذا الأمر غير صحيح "بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي 'خنق' للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير". 

وذكر أن "الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه"، على حد قوله.