عناصر من التحالف الدولي في قاعدة عراقية
عناصر من التحالف الدولي في قاعدة عراقية

لم تنته المحادثات بين بغداد وواشنطن بشأن مهمة التحالف الدولي في العراق، ومدى إمكانية تمديدها بعد مرور عشر سنوات على تأسيس التحالف الذي وجِد لمحاربة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.

ففي البيان الذي صدر الاثنين عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عقب اللقاء بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أشار إلى أن الطرفين بحثا في نيويورك إنهاء وجود التحالف في العراق.

يعتقد السوداني الذي تضمن برنامجه الحكومي إنهاء مهمة التحالف الدولي، أن مبررات بقائه انتهت وليس هناك حاجة لوجود قوات تابعة لـ 86 دولة، وفقا لتصريحات أدلى بها لوكالة "بلومبيرغ" في السابع عشر من سبتمبر الحالي.

ويواجه رئيس الحكومة العراقية ضغطا من "الإطار التنسيقي" المؤلف من قِوى سياسية وميليشيات متحالفة مع إيران، لإنهاء مهمة التحالف على أساس "انتفاء الحاجة" لوجوده. وتبرز مساعي الإطار وقواه هذه بين فترة وأخرى.

لكن خطر "داعش" لم ينته، بحسب تأكيدات مسؤولين أميركيين، فبشكل شبه يومي تقريبا تعلن القوات العراقية عن مقتل مجموعة من عناصر التنظيم في مناطق شمال البلاد وغربها.

يقول توماس إيريك وهو كبير الباحثين في المجلس الأطلسي خلال مقابلة مع قناة "الحرة" إن "الولايات المتحدة والعراق يقتربان من العمل على أساس جديد في العلاقة، وهذا يشمل إخراج بعض القوات الأميركية التي كانت في العراق لمنع عودة داعش وتموضع هذه القوات في شمال العراق مثلاً لتكون نقاط الاحتكاك أقل سخونة".

وفي السادس من الشهر الجاري، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر قولها إن خطة بين بغداد وواشنطن تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر من عام 2025 والبقية بحلول نهاية العام التالي، مضيفة أنه تم الاتفاق بشكل كبير على الخطة وتنتظر موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد للإعلان عنها.

ويوم الجمعة الماضي نقلت صحيفة "بوليتيكو"، عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن المفاوضات حول الخطة، بلغت مراحلها النهائية، وفقا لمسؤولين أميركيين أقروا في الوقت ذاته بأن القتال ضد بقايا داعش في العراق وسوريا لم ينته بعد.

ويضيف إيريك: "الموقف بالنسبة لداعش لم يتم تسويته كلياً، داعش ما زال لديه وجود غربي العراق وشمال شرقي سوريا. السؤال أمام الولايات المتحدة هو كيف يمكن مساعدة القوات العراقية على منع داعش من تحقيق ما يريده".

لا ترتبط التهديدات التي يواجهها العراق بما تبقى من عناصر تنظيم "داعش" فحسب، فهناك من يعتبر خطر الميليشيات المتحالفة مع إيران، موازياً لخطر التنظيم، خاصة وأنها تمتلك نفوذاً داخل مؤسسات الدولة.

السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوفسكي، تذهب إلى التلميح بشأن استمرار وجود ما يهدد استقرار الأوضاع في العراق. ففي تغريدة لها على تويتر في الحادي والعشرين من سبتمبر الحالي، أشارت إلى إن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

في المقابل، قال مارك كيميت، وهو مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، خلال مقابلة مع قناة "الحرة" الأحد: "لا أعتقد أن الانسحاب الأميركي من العراق سيؤدي إلى فراغ أمني. القوات الأمنية العراقية تسيطر على ما تبقى من عناصر داعش وستبقى بعض القوات الأميركية لتقديم الدعم اللوجستي".

وأضاف: "القوات الأميركية في العراق غير مسؤولة عن توفير الأمن، بل تركز على جمع المعلومات الاستخبارية والدعم الاستخباري، ليس هناك قوات أميركية أو قوات تحالف قتالية، لذلك فإن انسحاب هذه القوات لن يؤدي إلى فراغ أمني".

السفارة العراقية تفتح مراكز لإيواء العراقيين في بيروت
السفارة العراقية تفتح مراكز لإيواء العراقيين في بيروت

تستمر الأزمة الإنسانية في لبنان جراء استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية والتي أجبرت الآلاف من المدنيين على النزوح في حين تواصل دول عدة إجلاء مواطنيها، في حين أكدت السفارة العراقية لدى بيروت لموقع الحرة اتخاذها إجراءات عدة لمساعدة العراقيين المقيمين هناك، وكشفت عن مشاكل تقف عائقا أمام عمليات إجلاء من تضرر منهم.

وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أجرى اتصالا هاتفيا بالقائمين بالأعمال والقناصل المعنيين في السفارتين  لدى بيروت ودمشق، وقالت الخارجية في بيان، الجمعة، إن الهدف كان "للاطمئنان على سلامة المواطنين العراقيين من أبناء الجالية والنازحين في مناطق الصراع، وضمان سلامتهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم".

وجدد حسين "التأكيد على حرص الوزارة المستمر على سلامة الموظفين وأبناء الجالية، واستعدادها الكامل لتسهيل المهام وتقديم الدعم اللازم".

Posted by ‎وزارة الخارجية العراقية‎ on Friday, October 4, 2024

غلق مطار بيروت وخطورة منفذ "المصنع" البري .. مشكلة حقيقية

ندى كريم، القائمة بأعمال السفارة العراقية لدى بيروت، ذكرت في حديث خاص لموقع الحرة، أن نحو 30 ألف عراقي يقيمون في لبنان معظمهم استقروا في البلد منذ سنوات، وأن العديد من أبناء الجالية يطالبون بإجلائهم بسبب اشتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية.

كريم أوضحت أن غلق مطار بيروت وإيقاف الرحلات الجوية يعتبر "مشكلة حقيقية" تعرقل جهود السفارة في عمليات إجلاء العراقيين.

وذكرت أيضا أن المخاوف الأمنية وعدم "سلامة الطرق" عامل آخر يعيق جهود السفارة العراقية لتنفيذ عمليات الإجلاء البري عبر منفذ "المصنع" الحدودي بين لبنان وسوريا.

في بداية الأزمة، تقول كريم، إن السلطات في بغداد وجهت بنقل المتضررين من العراقيين برا عبر الحافلات من بيروت إلى العراق، لكن هذا الموضوع لم يتحقق بسبب عدم وجود "ضمانات أمنية لبنانية" لحماية العراقيين من مخاطر القصف.

وتوضح أن الطريق البري يمر بمناطق "ساخنة" وصولا إلى المعبر الحدودي الذي قالت إنه تعرض إلى القصف لأكثر من ثلاث مرات، بحسب تعبيرها.

بعد تدهور الأوضاع في لبنان مؤخرا، أصبح من المستحيل أن تعثر العائلات العراقية على وسيلة للتنقل بسبب رفض أصحاب المركبات والحافلات بالسفر براً خوفاً من "خطورة الطريق"، لكن كريم ذكرت أنه رغم هذه المخاطر، جازف العديد بحياتهم وخرجوا من لبنان عبر المنفذ البري الحدودي الذي أشارت إلى أنه يشهد يوميا عبور نحو 150 عراقيا.

وكشفت ندى عن تنسيق عراقي مع شركة الطيران اللبنانية قبل غلق مطار بيروت مؤقتا، بزيادة رحلاتها خلال الأيام العشرة الماضية وتخصيص نسبة من المقاعد في هذه الطائرات للعراقيين.

وللتعامل مع الحالات الطارئة، كشفت السفارة عن تنسيق سابق مع السلطات اللبنانية باستقبال طائرات عراقية مدنية وعسكرية لإجلاء العراقيين الراغبين بالمغادرة.

مراكز إيواء في بيروت لاستقبال العراقيين المتضررين

أوضحت السفارة العراقية لدى بيروت أنها وضعت خططا للتعامل مع الحالات الطارئة، وتقول كريم إن الكثير من أبناء الجالية الذين يقيمون في جنوب لبنان تضررت منازلهم بسبب عمليات القصف الاسرائيلي واضطروا إلى النزوح نحو بيروت ومناطق أخرى في شمال لبنان.

تضيف كريم أن أكثر من 90 عراقيا تضررت منازلهم واضطروا إلى اللجوء إلى السفارة العراقية بعد أن تقطعت بهم السبل ولم يتمكنوا من العثور على مأوى آمن، وتوقعت أن يرتفع هذا الرقم في المستقبل.

ولتدارك هذا الموضوع، تقول كريم، إن السفارة فتحت أكثر من مركز لإيواء العراقيين الفارين، حيث توفر هذه المراكز الحماية الأمنية لهم وتقدم مساعدات أخرى من وجبات طعام ومستلزمات أخرى لرعاية الأطفال.

السفارة خصصت أيضا خطوط هاتف "ساخنة" للعراقيين الذين يرغبون في الاتصال بالسفارة في حال تعرضوا إلى أي ضرر، بحسب ما ذكرته كريم. 

وتضيف أن اللبنانيين الراغبين بدخول العراق ليسوا بحاجة إلى أي إجراءات قنصلية، وبإمكانهم دخول العراق برا دون جواز للسفر، "فهم بحاجة فقط  إلى إبراز هوياتهم للسلطات العراقية".