"الفصائل المسلحة" تعقد موقف العراق من الصراع في الشرق الأوسط
"الفصائل المسلحة" تعقد موقف العراق من الصراع في الشرق الأوسط

تباينت ردود فعل المراقبين بشأن المخاوف من توسع الصراع في المنطقة إلى "حرب شاملة" قد يدخل العراق طرفا فيها، سيما بعد استمرار فصائل تطلق على نفسها وصف "المقاومة الإسلامية في العراق" في شن هجمات على أهداف في إسرائيل.

هذه المخاوف جاءت بعد إعلان الجيش الاسرائيلي، الأربعاء، اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من الشرق في اتجاه مدينة إيلات الساحلية، ورصد مسيرة أخرى تسقط في المنطقة، وهو هجوم تبنته مجموعة فصائل عراقية موالية لطهران.

صد هذه الهجمات تزامن مع تصريحات للرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، حين قال إن "الحرب الشاملة ممكنة في الشرق الأوسط لكن هناك أيضا إمكانية لتسوية صراع إسرائيل في غزة ومع حزب الله"، حسب قوله.

مصر والأردن والعراق حذرت بدورها، في بيان مشترك الأربعاء، من أن إسرائيل "تدفع المنطقة إلى حرب شاملة"، وشددت على أن وقف هذا التصعيد يبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بحسب البيان.

وتبنت الفصائل العراقية المسلحة هجوما "بالطيران المسير" على إيلات في إسرائيل. ودعا فصيل "كتائب حزب الله" في العراق، الأربعاء، الفصائل الموالية لإيران إلى "زيادة منسوب وحجم عملياتها ومستوى تهديدها" لإسرائيل.

الرئيس الأميركي يحذر من حرب شاملة في لبنان
الرئيس الأميركي يحذر من حرب شاملة في لبنان
ناقشت الحرة الليلة تطورات العملية العسكرية بين إسرائيل وحزب الله والتحركات الأميركية لاحتواء التصعيد بين لبنان وإسرائيل. كما ناقشت ملف توظيف روسيا للذكاء الاصطناعي للتأثير على الانتخابات الأميركية، ودعم رئيس بلدية عربي مسلم لدونالد ترامب، والكوليرا في السودان.

الفصائل المسلحة العراقية والصراع في الشرق الأوسط

يرى اللواء الركن العراقي المتقاعد والخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، د.عماد علو، في حديث لموقع الحرة أن هذه الفصائل كانت منخرطة في هذا الصراع منذ نوفمبر الماضي، من خلال عمليات نفذتها في الداخل العراقي ضد القوات الأميركية وهجمات أخرى في إسرائيل. 

وينوه علو إلى أن تلك الفصائل كانت طرفا في ما يعرف بـ"استراتيجية وحدة الساحات"، إذ تعمل تحت مظلة قيادة مشتركة مع فصائل أخرى في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

ويضيف علو أن تكثيف الفصائل العراقية هجماتها جاء ردا على ما وصفه بـ "التصعيد الاسرائيلي" في لبنان، وتوقع أن يكون لهذه الخطوة رد فعل إسرائيلي أو أميركي من خلال استهداف مواقع تابعة لهذه الفصائل. 

مدير برنامج العراق في المجلس الأطلسي بواشنطن، د. عباس كاظم، يرى من جهته أنه "بديهيا، عندما يتوسع الصراع ويتم استهداف مصالح لجهات جديدة، فسنجد أن دولا أو أطرافا أخرى ستدخل على خط الصراع مما يعقد من مسار جهود السلام برمتها".

ويشير كاظم في حديثه لموقع الحرة إلى أن رد الفعل على العمليات التي تنفذها الفصائل المسلحة مستقبلا مرهون بحجم الهجمات والجهات المتورطة به من جهة، والضرر الذي ستتسبب به من جهة أخرى. 

ويرى عباس أن "الجميع يتوقع أن يتوسع هذا الصراع ونفقد السيطرة عليه جراء دخول جهات في هذه الحرب، وأن الحد من ذلك يعتمد على قدرة اللاعبين الكبار، مجلس الأمن الدولي، والولايات المتحدة وإيران وحتى العراق، على أداء دورهم في نزع فتيل الأزمة" بحسب تعبيره.

الحكومة العراقية والفصائل المسلحة .. علاقة معقدة 

أشار عماد علو  إلى أن الموقف الرسمي العراقي واضح في هذا الشأن، وهو عدم انخراط البلد في الحرب أو الرغبة في توسيع الصراع، وأن هذا الموقف اقتصر على تقديم الدعم الانساني والإسناد الطبي واللوجستي للبنانيين والفلسطينيين، بحسب تعبيره.

ويستبعد علو وجود مبرر لأي جهة في توسيع نطاق الحرب باتجاه العراق بسبب مواقف بغداد الرسمية حيال هذا الموضوع. وأوضح أن هذه الفصائل تأخذ بعين الاعتبار موقف العراق الرسمي ولا ترغب في توسيع الصراع "الذي قد يفضي إلى ما لا يحمد عقباه من تبعات على أمن واستقرار البلد"، لكنه توقع أن تواصل هذه الفصائل شن هجماتها من خارج الأراضي العراقية لكي يكون الرد على هذه العمليات محدودا.

عباس كاظم قال من جهته إن "خيوط هذا الصراع متشابكة، فالحكومة العراقية من جهة غير قادرة على إقناع الجهات التي تحمل شعار 'دعم الفلسطينيين' على عدم التدخل خوفا من الانتقادات الداخلية، ومن جهة أخرى، العديد من هذه الفصائل المسلحة لها رؤى مختلفة وتعمل خارج سيطرة الدولة في العديد من الملفات، وهذه هي إحدى المشكلات العراقية في مرحلة ما بعد 2003".

ويشير كاظم إلى أن الحكومة العراقية لا تُحسد على هذا الموقف بسبب "الملفات المتشابكة واهتمامها بأجندات وأولويات داخلية، وعدم رغبتها في أن تدخل في صراع نجحت هذه الحكومة لحد الآن في منع أن يكون العراق طرفا فيه" بحسب تعبيره.

هل يدخل العراق طرفا في "الحرب الشاملة" إذا وقعت؟

واستبعد عماد علو في حديثه لموقع الحرة، أن يدخل العراق طرفا في هذا الصراع، إذ يقول إن العراق والمجتمع الدولي لا يرغب في توسيع نطاق الحرب، لأن ذلك ليس من مصلحة أي جهة بسبب تبعات ذلك على أمور عدة أبرزها تدفق الطاقة والتجارة الدولية، والمخاوف من أن تتحول هذه الحرب إلى صراع عالمي، بحسب تعبيره.

أما عباس كاظم فيقول إن "ترك الأمور بيد الجهات المتصارعة فقط سيؤدي إلى "سيناريوهات سيئة جدا في المنطقة"، مؤكدا أن ما نحتاجه اليوم هو الحكمة والحنكة السياسية، وأن تطرح الجهات المتصارعة البدائل على الطاولة لحل الأزمة بدلا من التركيز على مسيرة الصراع والأضرار المتوقعة.

ويضيف كاظم أن الصراع في الشرق الأوسط لا يُعنى بالحدود الجغرافية بسبب تعقيدات المنطقة وتشابك المصالح، وأن الحكمة هنا هي ليست في أن يركز كل طرف على كيفية إدارة هذا الصراع بل منع توسعه وإيقافه.

وينهي مدير برنامج العراق في المجلس الأطلسي بواشنطن حديثه لموقع الحرة بالقول: "أي جهة أو دولة بإمكانها أن تبدأ حربا، لكن إنهاء هذا الصراع لن يكون بيدها، فالحرب تبدأ بإرادة معينة لكن الظروف هي التي ترسم نهايتها، ولا أحد يرغب في حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط والتي هي منذ فترة طويلة على فوهة بركان". 

الفصائل المسلحة العراقية كثفت هجماتها على إسرائيل لتخفيف الضغط عن "حزب الله

وكثفت الفصائل المسلحة العراقية هجماتها على إسرائيل لتخفيف الضغط عن حزب الله، مستهدفة مواقع متنوعة من خلال ضربات صاروخية وطائرات مسيرة. ففي الأشهر الأخيرة، أعلنت الفصائل، التي تضمّ عدة من أبرزها كتائب حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء وهي ثلاثة فصائل مستهدفة بعقوبات أميركية، شن هجمات بطائرات بدون طيار على أهداف في إسرائيل.

ومنذ فجر الأحد، أعلنت هذه الفصائل الموالية لإيران استهداف إسرائيل بما لا يقل عن 11 هجوما بالمسيرات والصواريخ، ومنذ أبريل، أكدت إسرائيل وقوع عدد من الهجمات الجوية من جهة الشرق، من دون أن توجه أصابع الاتهام إلى جهة محددة، قائلة إنها اعترضت المسيرات خارج مجالها الجوي.

وفي إطار تضامنها مع الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر، تبنت هذه الفصائل تنفيذ أكثر من 175 هجوما صاروخيا وبطائرات مسيرة في نهاية 2023 في العراق وسوريا، استهدفت قواعد تستضيف جنودا أميركيين في إطار التحالف الدولي لمواجهة تنظيم "داعش".

ومنذ أبريل، أكدت إسرائيل وقوع عدد من الهجمات الجوية من جهة الشرق، قائلة إنها اعترضت المسيرات خارج مجالها الجوي.

البنتاغون ذكر أن تهديد داعش لا يختفي بل "يتغير ويتكيف"
البنتاغون ذكر أن تهديد داعش لا يختفي بل "يتغير ويتكيف"

كشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش،  آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الخميس، إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.

واجتاح تنظيم داعش مناطق شاسعة في العراق وسوريا، عام 2014،  مهددا ملايين الناس في الشرق الأوسط بأساليب همجية تتبنى القتل والاغتصاب والإبادة الجماعية.

التقرير أشار إلى أن داعش كان يختلف عن غيره من الجماعات الإرهابية، اذ كان يدعي "الحكم بالخلافة في الشرق الأوسط" وإزالة الأشخاص الذين لا يؤمنون بنهجهم. وبسبب ذلك ارتكب التنظيم جرائم إبادة جماعية ضد الإيزيديين في العراق أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 5000 شخص.

واليوم، تم تحرير الأراضي الشاسعة التي كانت خاضعة لداعش، وذلك بفضل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي أرسى طريقة جديدة وفعالة لمواجهة هذه التهديد العالمي.

وقال  ماتني: "أعتقد أنه إذا تعلمنا أي شيء خلال السنوات العشر الماضية، يمكنني القول إن هذا التهديد لا يختفي بل يتغير ويتكيف".

 وأضاف أن "التحالف الآن في  مرحلة طبيعية وصحية حيث يتكيف هو أيضا مع هذه التطورات." بحسب تعبيره.

ويذكر التقرير أنه على مدى العقد الماضي، تطور التحالف من أنشطة استعادة الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة داعش، إلى "تتبع تحركات التنظيم القادمة"، وقال ماتني إن "جماعات مثل داعش تقيّم باستمرار نقاط قوتها وضعفها وتحاول الاستفادة منها، ونحن ايضا نفعل الشيء ذاته." على حد قوله.

وقال ماتني إن التنظيم مثل غيره من الجماعات الإرهابية "يريد منا أن نبالغ في رد الفعل أو نتصرف بطريقة يصعب الحفاظ عليها استراتيجياً، وهو يريد منا أن نستخدم الكثير من الموارد، حتى لا تستطيع الدول لوحدها مواجة تهديداته".

وأشار  إلى الاستراتيجية التي يعتمدها التحالف الدولي تحولت من تنفيذ عمليات عسكرية على الأرض إلى تبادل المعلومات الاستخبارية، موضحا أن استراتيجية هزيمة داعش، تركز أيضا على توزيع العبء بين دول التحالف بشأن التدريب في مجال مكافحة الإرهاب.

الانسحاب الأميركي من العراق .. تباين في المواقف ومخاوف من التبعات
تباين واضح في الخطاب الرسمي الأميركي والعراقي بشأن انسحاب القوات الاميركية، فالسلطات العراقية تؤكد عدم حاجتها لتلك القوات في حين أشارت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوفسكي، إلى أن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

وبشأن العراق، قال  ماتني إن العراقيين "متمرسون للغاية الآن في عمليات مكافحة الإرهاب وأصبحوا شركاء مهرة حقاً، مضيفا أن لدى التحالف الدولي "شركاء محليون في سوريا يتمتعون بمهارات عالية وقدرات كبيرة."

وبسبب النجاحات التي حققها التحالف الدولي، يواجه تنظيم داعش حاليا صعوبة أكبر في العمل في العراق وسوريا، وبالتالي هو يحاول الان العمل في غرب أفريقيا، والصومال، وأفغانستان، وجنوب شرق آسيا. 

وأوضح المسؤول الأميركي أن التنظيم في هذه المناطق يعتمد أسلوبه الغامض فهو ""يتسرب مرة أخرى إلى أماكن يصعب العثور عليها، مما يتطلب أساليب مختلفة لملاحقته، والتحالف الدولي يتكيف الان مع هذه التغييرات"، على حد قوله.

وتحدث ماتني عن مزايا التحالف الدولي، مشيرا إلى أنه رغم عدم وجود حضور "أميركي" في بعض المناطق مثل افغانستان وغرب أفريقيا، لكنه أوةضح أن هذا التحالف المكون من 87 شريكا، كفيل بالمساعدة في تلبية الاحتياجات، وهنا تمكن قوة هذا التحالف، بحسب تعبيره.

ووصف ماتني التحالف الدولي بأنه "منظمة متعددة الأطراف وفريدة من نوعها" ويعتمد مبدأ المرونة والسرعة في اتخاذ القرارات وهو كان السبب في نجاحه، فالتحالف، كما يقول، يعتبر من "المنظمات المتعددة الأطراف القائمة على التوافق"، نقلا عن التقرير الذي نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية.