مستخدم يسحب نقودا من ماكينة الصراف الآلي التابعة لبنك عراقي في ساحة غيلان وسط بغداد في 18 أغسطس 2008.
مستخدم يسحب نقودا من ماكينة الصراف الآلي التابعة لبنك عراقي في ساحة غيلان وسط بغداد في 18 أغسطس 2008.

حقق مصرف عراقي جباية مالية، وصفها بـ"الإنجاز"، عن طريق نظام الدفع الإلكتروني، في سياق مساع حكومية هدفها ترسيخ ثقافة التعامل المالي الإلكتروني، لمنع تهريب الدولار الأميركي وللسيطرة على غسيل الأموال.

وأعلن مصرف الرافدين الحكومي، الأربعاء، إجمالي مبالغ التسويات المالية المتعلقة بحركات الجباية الإلكترونية من مؤسسات ودوائر الدولة خلال تسعة أشهر، وبلغت 3 تريليون دينار عراقي، نحو 2.3 مليار دولار أميركي.

ويشمل الرقم تسويات مبالغ الفواتير والرسوم من المستفيدين إلكترونيا، بواسطة البطاقات المصرفية وأجهزة الـPOS (نقاط البيع).

وقال المصرف إن هذا "الإنجاز" يمثل التفاعل الكبير باستخدام الدفع الإلكتروني في التعاملات المالية، وضمان الحفاظ على مسارات حركة الأموال في بيئة آمنة وشفافة.

ومنذ عامين تقريبا، بدأت الحكومة العراقية التحول إلى الدفع الإلكتروني والتثقيف عليه، وأنشأت منصة إلكترونية للتعاملات المالية الخارجية، في محاولة للسيطرة على حركة الدولار الأميركي الذي تقول واشنطن إنه "يُهرَب إلى إيران".

وتدعم واشنطن إجراءات بغداد في التحول إلى الدفع الإلكتروني، ورحبت بمصادقة الحكومة العراقية على نظام الدفع الإلكتروني في أبريل الماضي. وفي آيار الماضي، وصفت السفيرة الأميركية لدى العراق إيلينا رومانفسكي المصادقة بأنها "تمهد لنظام مالي حديث ونمو اقتصادي".

وخلال ورشة تعزيز الجباية الحكومية الإلكترونية التي نظمتها رابطة المصارف العراقية (منظمة غير حكومية) في أبريل الماضي، قال محافظ البنك المركزي علي العلاق إن "الجباية الإلكترونية تسهم في تعزيز الموارد الحكومية".

وأوضح أن "تحصيل الجباية يجري من خلال بيئة موثوقة وآمنة وشفافة بسبب أنظمة المدفوعات، ومنصات الدفع الإلكتروني التي يوفرها البنك المركزي، ومزودي خدمات الدفع المرخصين".

خلال ذات الورشة، أشار مدير عام دائرة المدفوعات في البنك المركزي العراقي عدنان أسعد، إلى أن "558 جهة حكومية تستخدم أدوات الدفع الإلكتروني في دوائرها".

وكشف أن "عدد البطاقات المصدرة لغاية سبتمبر 2023 بلغت أكثر من 18.5 مليون بطاقة"، وفقاً لبيانات نشرها الموقع الرسمي لرابطة المصارف العراقية.

وقال أسعد إن "إجمالي التحصيل باستخدام الدفع الإلكتروني للمؤسسات الحكومية في عام 2023 بلغ 418.3 مليار دينار (319 مليون دولار أميركي تقريباً) من خلال 586.8 ألف حركة".

وارتفع حجم الحركات الماليَّة عبر أجهزة الدفع الإلكتروني خلال العام الماضي إلى 9 تريليونات و800 مليار دينار عراقي (نحو 7.63  مليار دولار أميركي تقريباً)، وفقاً الدائرة تقنيَّة المعلومات والمدفوعات في البنك المركزي العراقي.

حزب العمال

لن يضع قرار حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) حل نفسه نهاية لحرب دامت أكثر من 4 عقود، فحسب، بل نهاية لحقبة شكلت الديناميكيات الأمنية والسياسية في إقليم كردستان ـ العراق، أيضا.

وأعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو الحالي، عن حل بنيته التنظيمية وإنهاء الكفاح المسلح، والأنشطة التي كانت تجري تحت لواء "PKK"، استجابة لنداء أطلقه زعيم الحزب ومؤسسه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان نهاية فبراير الماضي.

وطالب العمال الكردستاني، في بيان، تركيا بمنح زعيمه أوجلان حق إدارة المرحلة المقبلة، والاعتراف بحقه في العمل السياسي، وتوفير ضمانات قانونية شاملة في هذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الحزب نظم مؤتمره الثاني عشر في ظروف صعبة، مع استمرار الاشتباكات، وتواصل الهجمات البرية والجوية للجيش التركي.

وأضاف أن "المؤتمر أُنجز بنجاح وبشكل آمن، حيث أُجري في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية. وشارك فيه ما مجموعه 232 مندوبا. واتخذ خلاله قرارات تاريخية تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة لحركتنا من أجل الحرية".

ويشير خبير العلاقات الدولية، حسن أحمد مصطفى، إلى أن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلحة في إقليم كردستان، خاصة في منطقة بهدينان ومحافظة أربيل، ويقلل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشاربازير والسليمانية، التي يتمتع فيها العمال الكردستاني بحضور قوي.

ويضيف مصطفى لـ"الحرة" قوله: "أنشأت تركيا بعد عام 2019، قواعد عسكرية دائمة في كردستان العراق، في مناطق من محافظة دهوك وبالقرب من جبل قنديل، لذلك حل حزب العمال الكردستاني قد يخفض من مبررات العمليات العسكرية التركية عبر الحدود".

وبين أن أنقرة أشارت إلى أنها ستراقب امتثال العمال الكردستاني لقرار الحل وإلقاء السلاح عن كثب قبل سحب قواتها من كردستان العراق.

ويلفت مصطفى إلى أن الصراع المسلح بين العمال الكردستاني وتركيا تسبب خلال السنوات الماضية بنزوح آلاف من مواطني كردستان العراق من قراهم وبلداتهم وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كردستان إما خالية تماما من سكانها أو معرضة للخطر.

وعلى الرغم من تأكيده على أن السلام الدائم سيسهل عودة النازحين إلى قراهم ومناطقهم، يلفت مصطفى إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي قد يُؤخّر إعادة التوطين الكاملة.

ولعل من تداعيات حل العمال الكردستاني التي يتوقعها مصطفى، هي أن تدعو إيران إلى إنهاء المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية بشكل كامل.

وتسعى طهران منذ نحو عامين عبر الاتفاق الأمني الذي ابرمته مع الحكومة العراقية إلى إنهاء المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان منذ أكثر من 4 عقود، وقد بدأت السلطات العراقية حسب الاتفاق بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة عن الحدود الإيرانية، ونزعت أسلحتهم.

وأصدرت مستشارية الأمن القومي العراقية، التابعة لمجلس الوزراء، في 24 أبريل الماضي، قرارا يحظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الأراضي العراقية.

ورغم إعلان حل الحزب والتخلي عن السلاح، لم تحدد آلية تنفيذ القرارين بعد، خاصة لجهة كيفية إلقاء السلاح والجهة تتسلمه من مقاتلي حزب العمال.

وأوضح وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ريبر أحمد، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل مطلع الأسبوع، أنه "مازال من المبكر الحديث عن كيفية إلقاء السلاح وأين سيسلم هذا السلاح ولمن؟ جميعنا نراقب هذه العملية، المهم أن تنتهي العمليات العسكرية والاشتباكات المسلحة في مناطق كردستان، ويتمكن مواطنونا من العودة الى مناطقهم ويحل السلام والاستقرار".

ولا يقتصر وجود العمال الكردستاني في جبل قنديل والسلاسل الجبلية والمناطق الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا، بل تتمركز وحدات مقاومة سنجار "اليبشة" التابعة لـ(PKK) في قضاء سنجار غربي الموصل أيضا.

واعتبر سياسيون في إقليم كردستان العراق خلال تصريحات سابقة لـ"الحرة"، هذه الوحدات وفصائل الحشد الشعبي سببا في عدم استقرار الأوضاع في سنجار، وأبرز عائق أمام تنفيذ اتفاقية سنجار التي وقعتها بغداد وأربيل عام 2020 برعاية دولية لتطبيع الأوضاع في تلك المنطقة وإعادة النازحين إليها.

لذلك من المتوقع أن يساهم قرار الحزب بإلقاء السلاح في تطبيق اتفاقية سنجار وعودة الاستقرار إلى المدينة، التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الغارات الجوية التركية التي استهدفتها بسبب وجود مواقع للعمال الكردستاني فيها. 

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن قرار حل حزب العمال الكردستاني بإلقائه السلاح سينهي مبررات الدولة التركية في التدخل في دول المنطقة ومنها العراق وسوريا بحجة وجود مقاتلي وأعضاء العمال الكردستاني.

ويوضح مالو لـ"الحرة"، "بعد قرار الحل، ستنهي تركيا وجودها العسكري في العراق، أو على الأقل ستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع بغداد وإقليم كردستان، لذلك على السياسيين العراقيين بالدرجة الأساس التهيئة للتفاوض والتفاهم من أجل انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية".

ويعتقد مالو أن جزءا من مقاتلي العمال الكردستاني أو مجاميع أخرى تابعة له قد ينشقون عن الحزب ويرفضون إلقاء السلاح، لكنه يرى أنهم لن يؤثروا على عملية السلام، لأن المرجع الفكري للحزب والمجموعات المرتبطة به قرروا تغيير مصيره.

ولفت إلى أن "قرار الحزب بإلقاء السلاح سيلقي بظلال إيجابية على المنطقة بأسرها".

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية أكثر من 87 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية على طول 200 كيلومتر من الحدود بين البلدين. منها 7 قواعد جديدة، أنشأتها خلال عملياتها العسكرية التي انطلقت في يونيو الماضي ضمن حدود منطقة برواري بالا في محافظة دهوك، بينما بلغ عمق توغلها 15 كيلومتراً، وهو أكثر بسبعة كيلومترات مقارنة بالعملية البرية السابقة التي كانت في عام 2021.

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية في إقليم كردستان العراق، حصل موقع "الحرة" عليها في مارس الماضي، عن مقتل وإصابة 721 مدنيا في إقليم كردستان منذ يناير 1991، إثر القصف والعمليات العسكرية التركية ضد مقاتلي PKK.

وأشارت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إلى أن الجيش التركي ما زال يواصل هجماته داخل أراضي كردستان العراق، رغم إعلان العمال الكردستاني حل نفسه.

وأضافت المنظمة أن "القوات التركية نفذت منذ 12 مايو وحتى الآن، 31 هجوما وقصفا على إقليم كردستان"، وبلغت الهجمات المسلحة ذروتها الخميس، بحسب البيان.