مطالبات بضبط الحدود وتشديد العقوبات للحد من المخدرات في العراق
مطالبات بضبط الحدود وتشديد العقوبات للحد من المخدرات في العراق

"عوفوها" عنوان حملة توعوية ينفذها مجموعة من الناشطين بمحافظة الأنبار العراقية، تهدف إلى زيادة الوعي لتجنب الوقوع في براثن جريمة الاتجار بالمخدرات وتعاطيها.

حوارات عفوية مع المارة في الأسواق، ووضع ملصقات على جدران المحال التجارية تحذر من خطر المخدرات، مشوار عمل يومي اتخذه الناشط، قيس الدليمي ،وزملاؤه وهم يتجولون في شوارع مدينتهم، البغدادي، غربي محافظة الانبار.

يقول قيس لـ "الحرة"، إن مبادرتهم تهدف لتنبيه الشباب من خطر هذه الآفة وحث المتعاطين لها على اللجوء للمصحات العلاجية.

ويتطلع الدليمي لتوسيع نطاق الحملة، لتشمل بقية مدن العراق التي باتت، بحسب رأيه، تشهد تزايدا ملحوظا في تجارة المخدرات وتعاطيها سيما بين الشباب.

أكثر أنواع المخدرات انتشارا في العراق هو الميثامفيتامين أو الكريستال وكذلك الكبتاغون
حرب العراق على المخدرات.. أرقام "كبيرة جدا" وجهود "غير كافية"
في السنوات الأخيرة تزايدت تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق، خصوصا في جنوب ووسط البلد الذي بات طريقا أساسيا لتهريبها والاتجار بها على الرغم من تعزيز القوات الأمنية عملياتها في ملاحقة تجار المخدرات في الآونة الأخيرة والإعلان بشكل شبه يومي وضع اليد على كميات من المخدرات وتوقيف العديد من المهربين.  

الأرقام تعكس الأزمة

خلال السنوات الأخيرة سجلت البيانات الرسمية العراقية تزايدا في تجارة وتعاطي المخدرات، فقد صادرت اجهزة الامن العراقية خلال العام الماضي كميات قياسية من الحبوب المخدرة تقدر قيمتها بـ 144 مليون دولار.

آخر احصائية لوزارة الداخلية العراقية أشارت إلى أن الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي شهدت اعتقال نحو 10 آلاف شخص بتهمة التعاطي، احيل أكثر من 5 آلاف منهم للمحاكم.

الإحصائية كشفت أيضا عن تمكن الجهات الأمنية من تفكيك عدة شبكات دولية لتجارة المخدرات، يأتي ذلك في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن البلاد تتحول إلى "محور" مهم لتهريب المخدرات.

وزارة الداخلية ذكرت من جانبها في شهر يوليو الماضي، أن "عدد المضبوطات من المواد المخدرة من الحشيشة، والكريستال والكبتاغون وغيرها، بلغ نحو طنين و20 كغم خلال 7 أشهر"، وأن انتشار هذه المواد حوّل العراق من بلد مرور لهذه المواد، إلى بلد مستهلك أيضا.

مطالبات برزت للسلطات العراقية باتخاذ خطوات جادة لحل أزمة المخدرات
المخدرات في العراق .. تجارة بالأطنان و"ضعف" في الإجراءات
يشهد العراق تزايدا ملحوظا في انتشار المخدرات مما يثير قلقا كبيرا لدى العديد من المراقبين الذين عزوا سبب هذا الانتشار، إلى ضعف الإجراءات الحكومية وعدم كفاية التشريعات، معبرين عن مخاوفهم من تبعات ذلك على زيادة معدلات الجريمة والمشاكل الاجتماعية، وطالبوا بإجراءات حكومية أكثر حزما للحد من هذه الظاهرة.

 تشريعات جديدة وتحديات مستمرة

ويستعد مجلس النواب العراقي للتصويت على مشروع التعديل الأول لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017.

عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية النيابية، زيتون الدليمي قالت لـ "الحرة"، إن التشريع الجديد سيتضمن فقرة تلزم المتزوجين الجدد بإجراء فحص تعاطي المخدرات قبل تنظيم عقود زواجهم.

لكن خبراء القانون عبروا عن قلقهم من أن التعديل الجديد يركز أكثر على العلاج بدلاً من الردع، وهو ما قد يتعارض مع أهداف العقوبات الجنائية.

يقول الباحث في الشأن القانوني علي التميمي، لـ "الحرة"، إن "القانون الجديد يعاقب على تعاطي المخدرات بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، في حين أن القانون السابق كان يعتبر ذلك جناية تصل عقوبتها إلى 15 سنة".

مطالبات بضبط الحدود وتشديد العقوبات للحد من المخدرات في العراق

ومع استمرار السلطات العراقية في خططها لمكافحة المخدرات، ذكر وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أن الحكومة وضعت استراتيجية إلى عام 2025 للقضاء على انتشار المخدرات، تتضمن ضبط الحدود الإقليمية مع كل من سوريا وإيران والسعودية والكويت، والسيطرة على المنافذ الحدودية، واستحداث شعب لمكافحة المخدرات، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة لوزارة الداخلية ذكرت، مطلع شهر سبتمبر الحالي، أن "مادتي الكريستال والبروثامين، تدخلان العراق من الشرق والغرب، فمن الشرق تأتي من أفغانستان وتمر بإيران ثم العراق، فيما تأتي من جهة الغرب من الحدود الفاصلة بين سوريا ولبنان".

ويرى ناشطون أن ضعف الإجراءات الحكومية في ضبط الحدود وعدم كفاية التشريعات القانونية الرادعة، من بين الأسباب التي ساعدت الى حد كبير في انتشار وتفاقم مشكلة المخدرات في العراق.

فيما تبقى جهود نشطاء المجتمع المدني مثل قيس الدليمي وزملائه مثالًا على العمل الملتزم بمكافحة هذه الظاهرة.

تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية
تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية

عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون لموقع الحرة بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

ففي العراق، أعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة". 

وجاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن، الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار حسين إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

U.S. Secretary of State Antony Blinken attends breakfast with the Foreign Ministers of the Gulf Cooperation Council Nations, in New York
اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا.. أبرز نقاط البيان المشترك
اجتمع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، في نيويورك، الثلاثاء، لتأكيد الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التاريخية بين دولهم.

وفي الطرف الآخر، أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".

وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 من سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية "إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول".

وزير الخارجية العراقي يلتقي نظيره الكويتي
"بعد 30 سنة نسمع نفس الشيء".. الكويت تطالب العراق بمعالجة حكم "خور عبد الله"
طالبت الكويت اليوم الثلاثاء حكومة بغداد بمعالجة حكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية القاضي بعدم دستورية تصديق البرلمان العراقي في 2013 على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين البلدين، فيما أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الكويت.

اتفاقية خور عبد الله .. أصل المشكلة

في يناير عام 2013 أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.

وبعد مضي عقد من الزمن، قررت المحكمة الاتحادية في العراق عدم دستورية الإتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".

قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين لخص في حديث لموقع الحرة أبرز الملفات العالقة بين العراق والكويت منها إعادة رفات الأسرى الكويتين وإرجاع الآثار والمقتنيات  التي "أُخذت من الكويت" أثناء غزو العراق للدولة الخليجية، بحسب تعبيره.

وكان رئيس جمعية "أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية"، فايز العنزي، قد أوضح في حديث لصحيفة "الأنباء" المحلية في أغسطس الماضي، أن الكويت تمكنت من إعادة رفات 294 شخصا من العراق، فيما لا يزال 311 شخصا في عداد المفقودين، بينهم أشخاص من جنسيات غير كويتية.

الملاحة البحرية .. ملف "معقد" بين الكويت والعراق

الملف الأهم بالنسبة لعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين، هو موضوع تنظيم الملاحة البحرية، ويقول إن هذا الملف معقد وفيه إشكالات سيما بسبب رفض أطراف عراقية لبعض الشروط التي فُرضت على بلدهم جراء خضوعه لعقوبات الفصل السابع اثر غزوه للكويت عام 1990، بحسب تعبيره.

أمين قال إن ملف المياه الأقليمية وحرية الحركة فيها مهم جدا بالنسبة للعراق، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر باتفاقيات الملاحة بين البلدين بحيث لا تؤثر سلبا على موانئ العراق وتحجم من دورها" بحسب تعبيره.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أشار  أيضا إلى أن العديد من العراقيين يرون أن بلدهم فرضت عليه قرارات وصفها بـ"المجحفة" وأنهم يطالبون بإعادة النظر فيها. مشيرا إلى أن "حل مشكلة تنظيم الملاحة البحرية وترسيم الحدود بين البلدين يحتاج إلى مرونة بين الطرفين".

أمين قال أيضا لموقع الحرة إن العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة بالأخص بعد أن أغلق مجلس الأمن رسميا، في فبراير عام 2022، ملف تعويضات الكويت بعد تسديد العراق مبلغ 52.4 مليار دولار، بحسب تعبيره

وأوضح أمين أن العراق خرج من طائلة إجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي بعد دفع تعويضات الكويت، وأن العراق نُقل من الفصل السابع إلى الفصل السادس لحل بقية الملفات العالقة مع الكويت.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الفصل السادس معني بـ"التسوية السلمية للنزاعات" ويتناول "ممارسات مجلس الأمن الرامية إلى ترويج وتنفيذ التوصيات أو الطرائق أو الإجراءات التي تروم التسوية السلمية للمنازعات في إطار المواد 33-38 من الفصل السادس والمادتين 11 و99 من ميثاق الأمم المتحدة. وإجمالاً، يحتوي الفصل السادس على شتى الأحكام التي يجوز لمجلس الأمن أن يقدم بمقتضاها توصيات إلى الأطراف المتنازعة أو الأطراف في حالة ما".

اتفاقية خور عبد الله وتبعاتها القانونية والدستورية

تنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبد الله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993 الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت. 

ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون  أنها تمنح الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.

يقول الخبير القانوني الدكتور عدنان الشريفي لموقع الحرة إن جميع قرارات المحكمة الاتحادية في العراق ملزمة بحسب مبدأ "سمو الدساتير الدولي" وإن المحكمة استندت إلى المادة 61 من الدستور العراقي عندما قررت عدم دستورية هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة هي جزء من "عرف دولي" يخص دور الجهات القضائية في الرقابة على القوانين والمعاهدات.

يضيف الشريفي أن الدستور العراقي اشترط عند التصديق على المعاهدات والاتفاقات، بوجود ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، "وهذا لم يحدث في جلسة التصويت على الاتفاقية عام 2013". 

أمام العراق والكويت الآن مساران، كما يقول الخبير القانوني، الأول هو أن يعيد البرلمان العراقي التصويت على الاتفاقية بأغلبية ثلثي الأصوات لتكون نافذة ومُلزمة، أما إذا رفض البرلمان التصويت على الاتفاقية، وهو السيناريو الثاني، فبإمكان الكويت في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

وأوضح الشريفي أن اتفاقية عام 2013 "جرت دون مشاورة جميع الأطراف العراقية وأن العديد منها ترى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية لا تحمي مصالح العراق" مضيفا أن الخيار أمام الكويت الآن هو أن تعيد التفاوض للتوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرفين وتحمي حقوقهم وفقا للمعايير والقوانين الدولية.

الخبير القانوني نفى إمكانية تعرض العراق لأي إجراءات ضده بسبب رفضه الاتفاقية الحالية، لكنه أشار إلى تبعات سيتعرض لها البلد في حال رفعت الكويت قضية في المحكمة الدولية وربحتها لكن العراق رفض الالتزام بها، "في هذه الحالة فقط سيتعرض العراق إلى عقوبات دولية".

ويشرح الشريفي المادة 14 من اتفاقية خور عبد الله والتي نصت بوضوح على أنه "يستوجب على الطرفين أولا حل الخلاف ودياً، وفي حال فشل التوافق، يحال الخلاف إلى المحكمة الدولية لقانون البحار التي ستكون قراراتها ملزمة للطرفين". 

ويضيف أنه بناء على بنود الاتفاقية الحالية، فعلى الكويت أولا أن تحل هذا الإشكال عن طريق التفاوض والحل الودي، لكن "لجوء الكويت إلى بيانات الاستنكار والشجب والتصعيد هي مخالفة واضحة لبنود الاتفاقية" بحسب تعبيره.

وفي لقاء خاص مع موقع الحرة، قال وزير الاعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، أن "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد".

وأشار النصف إلى أن "أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول 'زرع الألغام' في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".

وبشان اعتراض أطراف عراقية على الاتفاقية التي قالوا إنها تغبن حق العراق في الملاحة، أضاف الوزير الكويتي السابق أن هذا الأمر غير صحيح "بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي 'خنق' للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير". 

وذكر أن "الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه"، على حد قوله.