فرز الأصوات خلال عملية التصويت في انتخابات كردستان
فرز الأصوات خلال عملية التصويت في انتخابات كردستان

لم تطرأ أي تغييرات ملحوظة على خريطة التحالفات السياسية في إقليم كردستان العراق خلال الدورات الانتخابية الخمسة الماضية، على الرغم من أن الساحة السياسية في الاقليم شهدت ومنذ الدورة الثالثة بروز أحزاب وحركات سياسية جديدة.

واستحوذ الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بتحالفهما الاستراتيجي على الخريطة السياسية طيلة الدورات الانتخابية السابقة قبل أن يشاركهما حركة التغيير هذا التحالف لتشكيل الحكومة خلال الدورة الانتخابية السابقة عام 2018.

لكن آراء العديد من الأحزاب والحركات السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية الحالية تتباين ما بين بقاء هذه الخريطة كما هي الآن أو انتهائها وبروز خريطة سياسية بتحالفات جديدة، إثر انتهاء التحالف بين الحزبين الرئيسيين بشكل غير معلن رسميا منذ فترة وضعف العلاقات التي كانت تجمعهما.

ويتنافس 14 حزبا وحراك وتيارا سياسيا الى جانب المستقلين في الدورة الانتخابية السادسة في الإقليم على 100 مقعد هو العدد الكلي لمقاعد برلمان كردستان.

ويستبعد العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحمد بكر، أن تكون خريطة التحالفات السياسية القادمة مختلفة بشكل كبير عما هي عليه الآن.

ويوضح بكر لـ"الحرة"، "الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يمثل الحزب الأعرق والاكبر في الإقليم تمكن حتى الآن من الحفاظ على مكانته وموقعه، ويسعى بكل طاقته للحصول على الغالبية العظمى من مقاعد برلمان الإقليم خلال هذه الدورة الانتخابية، وهذا ليس بنية حكم الإقليم بشكل فردي، بل بالعكس أكد الديمقراطي خلال حملته الانتخابية على العمل معا خلال المرحلة المقبلة."

ويشير بكر الى أن ما تغير خلال المرحلة الماضية على الساحة السياسية هو الاتحاد الوطني الكردستاني، إثر ما شهده صفوفه من انشقاقات تسببت بتجزئة اصواته، معتبرا ذلك التغيير الوحيد الذي من الممكن أن تشهده الخريطة، لافتا الى أنه قد يكون هناك تغيير في التحالفات خاصة بعد أن أصبح التحالف الاستراتيجي بين الديمقراطي والاتحاد ضعيفا جدا.

ومن المقرر ان ينطلق التصويت العام لانتخابات إقليم كردستان في 20 أكتوبر الحالي، وتجري الدورة الانتخابية الحالية حسب نظام الدوائر الانتخابية المتعددة، بعد أن كانت خلال الدورات السابقة وفق نظام الدائرة الواحدة، وقسم الإقليم في هذه الانتخابات على 4 دوائر انتخابية تمثل كل دائرة فيه محافظة من محافظاته الأربعة (أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة).

ويرى عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني، محمود خوشناو، أن خريطة التحالفات السياسية في هذه الانتخابات تختلف عن الدورات السابقة، لأسباب منها اجراء الانتخابات بحسب نظام انتخابي وقانون مختلف عن الانتخابات السابقة، واختلاف نوعية التعامل بين الحزبين الرئيسيين أيضا.

ويضيف خوشناو لـ"الحرة"، "في هذه الانتخابات سنشهد نقلة نوعية ومفصلية في العملية السياسية في اقليم كردستان. الخريطة السياسية ستختلف وهذا الاختلاف يعتمد عليه نوعية التحالفات، الاتحاد لا يريد أن يقصي أحد، ويؤمن بحكومة ذات قاعدة واسعة."

ويعتقد خوشناو أن الانتخابات ستتمخض عنها تحالفات بين الاتحاد واحزاب سياسية أخرى وربما بين الاتحاد والديمقراطي أيضا، لكن بفلسفة جديدة وبمسار جديد، مؤكدا أن حزبه يتمتع بقوة جماهيرية كبيرة حاليا، وخرج من تحت تأثير الانشقاقات.

وتشتد المنافسة على مقاعد البرلمان بين الحزب الديمقراطي الكردستانية والاتحاد الوطني الكردستاني وجبهة الشعب، التي انشقت عن الاتحاد بقيادة لاهور شيخ جنكي ابن عم بافل طالباني، وحركة التغيير وحركة الجيل الجديد، الى جانب تيار الموقف الذي يقوده البرلماني السابق عن حركة التغيير علي حمة صالح، وحزبين إسلاميين رئيسيين هما الاتحاد الإسلامي الكردستاني وجماعة العدل الكردستانية.

ويقول عضو جماعة العدل الكردستانية (الجماعة الإسلامية سابقا) دلشاد هرتلي لـ"الحرة"، "ستنتهي خريطة التحالفات السياسية الحالية بين الأحزاب في الإقليم وخاصة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني خلال دورة الانتخابات البرلمانية السادسة"، مشيرا الى أن عملية تشكيل التحالفات خلال المرحلة المقبلة ستكون صعبة جدا، ولن يكون بإمكان أي حزب او قائمة الحصول على الأغلبية في البرلمان القادم.

ويلفت هرتلي الى أن تغيير الخريطة سيخدم المواطنين، ويجعل البرلمان القادم برلمان المواطنين، داعيا جميع الكتل السياسية خلال الدورة البرلمانية القادمة الى التنسيق فيما بينها لتمرير مشاريع القوانين المهمة التي تصب في مصلحة المواطنين.

صورة أرشيفية لملصق يحث المواطنين على الاقتراع
"مقاطعة" مسيحية لانتخابات برلمان كردستان العراق بسبب كوتا المقاعد
تركت مقاطعة الأحزاب المسيحية المشاركة في انتخابات برلمان إقليم كردستان المزمع إجراؤها في 20 أكتوبر الجاري، بسبب تقليص عدد مقاعدهم الى ثلاث، فراغا في سد المقاعد التي خصصت لهم، حتى بدأت أحزاب كردية وأخرى مسيحية خارج الإقليم، بالتحالف مع شخصيات مسيحية مقربة لها للترشح لنيل هذه المقاعد.

وحصل الديمقراطي الكردستاني في الدورة الانتخابية الماضية على 45 مقعدا من مقاعد البرلمان، بينما حل الاتحاد في المرتبة الثانية بحصوله على 21 مقعدا، وجاء التغيير في المرتبة الثالثة بـ12 مقعدا وتبعه حركة الجيل الجديد والجماعة الإسلامية على التوالي في المرتبتين الرابعة والخامسة، حيث حصل الجيل الجديد على 8 مقاعد والجماعة على 7 مقاعد، وحلت قائمة التحالف من اجل الإصلاح التابعة للاتحاد الإسلامي سادسا بخمسة مقاعد.

ورغم اختيار الجيل الجديد والجماعة والاتحاد الإسلامي البقاء كمعارضة داخل البرلمان، الا أنها لم تتمكن من تشكيل جبهة معارضة موحدة، ولعبت كل منها الدور بشكل فردي.

ويستبعد الناشط في حركة التغيير دانا حسن تغيير الخريطة السياسية في الإقليم، ويوضح لـ"الحرة"، "هناك أحزاب وقوائم سياسية في الإقليم تخشى من التحالفات وتراها سببا في فقدان حجمها، وهذا ما واجهته حركة التغيير أيضا خلال المرحلة الماضية، عندما مدت يدها للتحالف مع بعض الأطراف السياسية، لكن هذه الأطراف وبحجة اختلاف الرأي والحجم السياسي رفضت التحالف مع الحركة، لذلك سنكون أمام نفس التقليد في الدورة المقبلة أيضا."

ويرى حسن توحيد المعارضة لجهودها خارج البرلمان كقوائم وتكتلات أو تشكيلها لجبهة برلمانية معارضة داخل البرلمان من شأنها أن تحدث تغييرات في البرلمان والساحة السياسية.

منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي
منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي

تتسارع الخطى وتتسابق الأيدي في قلب العاصمة العراقية بغداد من أجل إعادة الرونق إلى شارع الرشيد بمبانيه المميزة ومعالمه الشهيرة التي تعكس تاريخ المدينة العريق ضمن مبادرة انطلقت قبل أكثر من عام لإحياء "نبض بغداد".

المبادرة ممولة من صندوق المبادرات الاجتماعية "تمكين"، وتشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء وتنفذها أمانة بغداد مع رابطة المصارف الخاصة، ونجحت في مرحلتيها السابقتين في تطوير وإعادة تأهيل شارعي المتنبي والسراي، وحاليا دخلت مرحلتها الثالثة في شارع الرشيد.

يمتد شارع الرشيد لمسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات من سوق هرج في منطقة الميدان إلى جسر الجمهورية، ويضم عددا كبيرا من المباني والأسواق القديمة، فضلا عن بعض المباني التراثية التي لها خصوصية لدى البغداديين، منها فندق قديم غنت فيه أم كلثوم، وبعض المقاهي التي كانت ملتقى للمثقفين والنخب السياسية.

وعند جامع الحيدر خانة الذي يعود تاريخ تشييده للحقبة العباسية، يقوم الحرفيون بتجديد واجهات المباني، التي تهالكت نتيجة عوامل الزمن وعدم إجراء ترميمات حقيقية، كجزء من حملة ترميم تشمل عشرات المباني في شارع الرشيد أنجز منها أكثر من 15 مبنى حتى الآن.

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية عارف الساعدي إن الخطة المرسومة لشارع الرشيد هي إعادة الحياة لهذا الشارع الثقافي بعد تأهيله وإرفاقه بالخدمات الضرورية.

وأضاف أنه سيتم إحياء المقاهي البغدادية في هذا الشارع وفتح المكتبات وتشجيع العمل على الحرف الشعبية الحرفية ومحال الأنتيكات.

وأشار إلى أنه ستكون هناك بلدية لبغداد التاريخية مستقلة عن جميع بلديات بغداد لها خصوصيتها وتعليماتها وأنظمتها الداخلية.

وتشمل الأعمال الجارية ترميم واجهات المباني الخاصة والحكومية وإعادة تأهيلها وتحديث البنية التحتية وتركيب إضاءة ليلية.

وقال المهندس المشرف على المشروع محمد الصوفي إنه تم إنجاز 15 بناية ويجري العمل على تسع أخرى ليتم بعدها المباشرة بمجموعة أخرى، مشيرا إلى أن عمر بعض المباني يرجع لأكثر من قرن مضى وهو ما جعل المواد المستخدمة في الترميم متعددة وتختلف وفق المرحلة الزمنية التي شيدت فيها البناية.

وأشار إلى أن بعض المباني تحتاج لترميم خاص مثل "فندق الهلال" الذي كانت تغني فيه أم كلثوم ومقهى "حسن عجمي" الذي شيدت أجزاء منه بالخشب لا سيما الجزء العلوي.

وأكد أن خطط تطوير المنطقة التاريخية طموحة "فبعد إكمال شارع الرشيد سنؤهل الواجهة النهرية لمدينة بغداد التاريخية".

رواج سياحي

يعود تاريخ شارع الرشيد إلى أكثر من 100 عام، حين أسسه الوالي العثماني خليل باشا الذي يقع منزله في الشارع وتحول الآن إلى متحف، وتبدلت تسمياته على مر العقود حتى اكتسب مسماه الحالي عام 1936 على يد العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة العباسي هارون الرشيد.

ويعتقد القائمون على مشروع "نبض بغداد" أن تطوير شارع الرشيد لا تكمن أهميته في الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة فحسب لكنه سيوفر فرص عمل جديدة لأهالي المدينة ويجعلها أكثر جذبا للسياح.

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد عُدي الجنديل إن من المقرر الانتهاء من الأعمال الحالية لتأهيل شارع الرشيد في أغسطس، موضحا أنه ستكون هناك مراحل لاحقة.

وأضاف أنه بجانب "إعادة الحياة للمباني التاريخية وتأهيلها ستدخل بعض الإضافات على الشارع لتهيئته سياحيا حيث سيتم إنشاء ترام سياحي يبدأ من ساحة الميدان وصولا إلى نهاية شارع الرشيد".

وأوضح أنه سيجري خلال الفترة القليلة القادمة استقبال عروض الشركات لمشروع الترام حتى يخرج بشكل حضاري ومستدام بعيد عن مد أي أسلاك تشوه منظر المنطقة، وسيجري تسييره ببطىء من أجل الاستمتاع بأجواء الشارع التراثية.

وقال الجنديل "وجهنا أصحاب المتاجر إلى ضرورة تغير عملهم بما ينسجم مع خصوصية المنطقة وشكلها التاريخي والحضاري" مبينا أن العمل يجري بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة وهي التي تقرر شكل البناية هل هي أثرية أم تراثية.