تركيا تقول إن منفذي العملية ينتمون لحزب العمال الكردستاني
تركيا تقول إن منفذي العملية ينتمون لحزب العمال الكردستاني - AFP

حظيت مبادرة رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت باهتشلي، بشأن إطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، بتأييد أحزاب وتيارات سياسية في إقليم كردستان العراق، باعتبارها خطوة جيدة لحل القضية الكردية في تركيا.

وكان باهتشلي، تقدم الثلاثاء، بمبادرة أعلن فيها الاستعداد للإفراج عن أوجلان، المسجون انفراديا في سجن آمرلي منذ عام 1999، شريطة أن يقوم الأخير بحل حزبه.

وقال المتحدث باسم كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب العراقي ريبوار عبدالرحمن، لموقع الحرة إن تأثير هذه المبادرة، لو قدر لها النجاح سيكون كبيرا على واقع إقليم كردستان، خاصة من الناحية الأمنية، حيث ستتوقف العمليات العسكرية التي تشهدها المناطق الحدودية المتاخمة لتركيا منذ عدة عقود، وتستقر المنطقة.

بدوره عدّ عضو حزب الاتحاد الإسلامي أبو بكر هلادني إطلاق سراح أوجلان بمثابة "مفتاح للاستقرار هذه المنطقة"، مؤكدا التزام أنصار حزب العمال الكردستاني بما يقوله زعيمهم، سواء الموجودين منهم في داخل تركيا أو المتحصنين في جبل قنديل بإقليم كردستان.

ويرى أن هذه المبادرة "ستبعد شبح الحرب عن المنطقة" التي تئن منذ سنوات تحت قصف الطائرات والمدافع التركية، وتقلل من التدخل التركي في شؤون إقليم كردستان الداخلية، معتقدا أن هذه المبادرة أطلقتها تركيا لتؤمّن نفسها في ظل الحروب والتوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

ووصف القيادي في الحزب الشيوعي الكردستاني، ريبر إسماعيل، هذه المبادرة بـ"الإيجابية"، مشيرا إلى أنه كان ينبغي على تركيا أن تخطو هذه الخطوة في سنوات، وتحاول حل القضية الكردية بالطرق الدبلوماسية والسياسية، الأمر الذي كان سيجنبها إراقة الكثير من الدماء من الجانبين.

ودعا، إسماعيل، الحكومة العراقية وإيران وتركيا، إلى التخلص من أساليب العنف في التعامل مع المكونات التي تعيش في بلدانها، وتسلك طرقا دبلوماسية في حل قضاياها، ضمن أطر دستورية تتوافق مع بنود حقوق الإنسان العالمية.

في حين أعرب رئيس حزب سربستي كردستان، عارف باواجاني، في حديثه لموقع الحرة، أن تكون المبادرة جدية وتهدف فعلا لحل هذه القضية، وليست لعبة سياسية تقوم بها بعض الجهات السياسية، لتحقيق مكاسب مادية وسياسية آنية، على حساب الشعب الكردي".

وأوضح باواجاني أن حزب العمال الكردستاني، المدرج على لائحة الإرهاب التركية، "لن يتخلى عن سلاحه بسهولة، بل ستحتاج القضية إلى وجود ضمانات وآليات دبلوماسية، وربما مراقبين دوليين للإشراف على سير هذه العملية، تضمن توجه المبادرة بالاتجاه الصحيح".

ويرى باوجاني أن "حل هذه القضية سيلقي بظلاله على إقليم كردستان، من ناحية استباب الأمن والسلام والاستقرار، وتحسين العلاقات بين الأحزاب الكردية، وبالأخص حزب العمال الكردستاني مع بقية الأحزاب الكردية". 

ويعتقد رئيس حزب التنمية التركماني، محمد سعدالدين، أن أية خطوة تقوم بها تركيا في طريق ترسيخ الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والقوانين الدولية، فإنها ستقوي موقف المكونات الموجودة في العراق بشكل عام، وتجعل السلطات العراقية تتعامل مع ملف الأقليات بطرق إنسانية، وفق القوانين الدولية.

ويلفت سعدالدين إلى أن "نجاح هذه المبادرة سيعزز المبادئ الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، ويجعل الأحزاب السياسية في إقليم كردستان تتقبل بعضها وتتعامل مع غيرها بمنظور ديمقراطي، من دون تهميش لحقوقهم مهما كان حجمهم داخل المجتمع.

اقتصاديا قد تؤدي هذه المبادرة إلى "تقوية الجانب التجاري والاستثماري والاقتصادي في إقليم كردستان"، بحسب قول الخبير الاقتصادي، كاوة عبدالعزير، من جامعة دهوك، الذي أوضح، لموقع الحرة، أن حجم التبادل التجاري بين إقليم كردستان وتركيا قد تجاوز 20 مليار دولار سنويا، معتقدا أن هذا الرقم سيرتفع في حال نجاح هذه المبادرة.

وقال، عبدالعزيز، إن نجاح هذه المبادرة، ستسهل فتح منافذ تجارية جديدة بين الجانبين، وتنشط الحركة في المعابر التي فتحت مؤخرا بين الإقليم وتركيا، وهذا الأمر الذي سيزيد من حجم الحركة التجارية في المنطقة. 

وذكر أن حجم الحركة التجارية والاستثمارية التركية في إقليم كردستان قد ازداد، حيث تعمل أكثر من (3000) شركة تركية في الإقليم، ويبلغ حجم الاستثمارات العائدة لتركيا في الإقليم الى نحو 10 مليار دولار، مؤكدا أن هذه الأرقام ستشهد تزايدا إذا ما رأت هذه المبادرة النور.

مواطنون أبدوا تفاؤلهم بهذه المبادرة، لا سيما الذين نزحوا من القرى الحدودية خلال السنوات الأخيرة، هربا من القصف المستمر الذي تقوم به تركيا.

يقول فرهاد نيروي، (36 سنة) من ناحية ديرالوك بمحافظة دهوك، لموقع الحرة، إنه يتمنى "أن تنجح هذه المبادرة، لكي نعود إلى قرانا ونزرع بساتيننا وحقولنا التي حرمنا منها منذ سنوات"، مضيفا أن القصف التركي المستمر بالقرب من قريتهم يمنعهم الاقتراب وجني محاصيلهم.

وأشار الناشط المدني، شيرزاد بيرموسا، إن 300 قرية حدودية تم تهجيرها في محافظة دهوك، وأدى القصف إلى" نزوح عشرات الآلاف من العائلات التي كانت تسكن في تلك المناطق" وسكنت المدن والمجمعات السكنية القريبة، على أمل العودة الى قراها في أحد الأيام.

وبحسب قول، بيرموسا، فإن العمليات العسكرية البرية التي تشنها تركيا بين الفينة والأخرى على مواقع حزب العمال الكردستاني "خلفت أضرارا جسيمة بتلك القرى، وأحرقت آلاف الدونمات من البساتين والغابات".

وبين المختص في حل النزاعات والسلام، شيخموس أحمد، أن هذه المبادرة قد تشكل "بداية النهاية في استخدام العنف لمعالجة القضية الكردية في تركيا"، مؤكدا أنها تحتاج إلى اتخاذ العديد من الإجراءات العملية، حتى تلامس أرض الواقع، مضيف أنه إذا كانت حقيقية، فإنها ستخلص المنطقة من" شبح البطالة والفقر" الذي لازم تلك المناطق طوال السنوات الأخيرة.

وجاءت المبادرة بعد هجوم شنه مسلحون على شركة (توساش) للصناعة الجوية والفضائية التركية، أدت إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة 22 آخرين.

وتقول، تركيا، إن منفذي تلك العملية ينتمون لحزب العمال الكردستاني، ما دفع أنقرة لتنفيذ سلسلة هجمات على مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق.

منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي
منظر عام لشارع الرشيد خلال حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا في بغداد، 31 مايو/أيار 2020. رويترز/خالد الموصلي

تتسارع الخطى وتتسابق الأيدي في قلب العاصمة العراقية بغداد من أجل إعادة الرونق إلى شارع الرشيد بمبانيه المميزة ومعالمه الشهيرة التي تعكس تاريخ المدينة العريق ضمن مبادرة انطلقت قبل أكثر من عام لإحياء "نبض بغداد".

المبادرة ممولة من صندوق المبادرات الاجتماعية "تمكين"، وتشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء وتنفذها أمانة بغداد مع رابطة المصارف الخاصة، ونجحت في مرحلتيها السابقتين في تطوير وإعادة تأهيل شارعي المتنبي والسراي، وحاليا دخلت مرحلتها الثالثة في شارع الرشيد.

يمتد شارع الرشيد لمسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات من سوق هرج في منطقة الميدان إلى جسر الجمهورية، ويضم عددا كبيرا من المباني والأسواق القديمة، فضلا عن بعض المباني التراثية التي لها خصوصية لدى البغداديين، منها فندق قديم غنت فيه أم كلثوم، وبعض المقاهي التي كانت ملتقى للمثقفين والنخب السياسية.

وعند جامع الحيدر خانة الذي يعود تاريخ تشييده للحقبة العباسية، يقوم الحرفيون بتجديد واجهات المباني، التي تهالكت نتيجة عوامل الزمن وعدم إجراء ترميمات حقيقية، كجزء من حملة ترميم تشمل عشرات المباني في شارع الرشيد أنجز منها أكثر من 15 مبنى حتى الآن.

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية عارف الساعدي إن الخطة المرسومة لشارع الرشيد هي إعادة الحياة لهذا الشارع الثقافي بعد تأهيله وإرفاقه بالخدمات الضرورية.

وأضاف أنه سيتم إحياء المقاهي البغدادية في هذا الشارع وفتح المكتبات وتشجيع العمل على الحرف الشعبية الحرفية ومحال الأنتيكات.

وأشار إلى أنه ستكون هناك بلدية لبغداد التاريخية مستقلة عن جميع بلديات بغداد لها خصوصيتها وتعليماتها وأنظمتها الداخلية.

وتشمل الأعمال الجارية ترميم واجهات المباني الخاصة والحكومية وإعادة تأهيلها وتحديث البنية التحتية وتركيب إضاءة ليلية.

وقال المهندس المشرف على المشروع محمد الصوفي إنه تم إنجاز 15 بناية ويجري العمل على تسع أخرى ليتم بعدها المباشرة بمجموعة أخرى، مشيرا إلى أن عمر بعض المباني يرجع لأكثر من قرن مضى وهو ما جعل المواد المستخدمة في الترميم متعددة وتختلف وفق المرحلة الزمنية التي شيدت فيها البناية.

وأشار إلى أن بعض المباني تحتاج لترميم خاص مثل "فندق الهلال" الذي كانت تغني فيه أم كلثوم ومقهى "حسن عجمي" الذي شيدت أجزاء منه بالخشب لا سيما الجزء العلوي.

وأكد أن خطط تطوير المنطقة التاريخية طموحة "فبعد إكمال شارع الرشيد سنؤهل الواجهة النهرية لمدينة بغداد التاريخية".

رواج سياحي

يعود تاريخ شارع الرشيد إلى أكثر من 100 عام، حين أسسه الوالي العثماني خليل باشا الذي يقع منزله في الشارع وتحول الآن إلى متحف، وتبدلت تسمياته على مر العقود حتى اكتسب مسماه الحالي عام 1936 على يد العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة العباسي هارون الرشيد.

ويعتقد القائمون على مشروع "نبض بغداد" أن تطوير شارع الرشيد لا تكمن أهميته في الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة فحسب لكنه سيوفر فرص عمل جديدة لأهالي المدينة ويجعلها أكثر جذبا للسياح.

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد عُدي الجنديل إن من المقرر الانتهاء من الأعمال الحالية لتأهيل شارع الرشيد في أغسطس، موضحا أنه ستكون هناك مراحل لاحقة.

وأضاف أنه بجانب "إعادة الحياة للمباني التاريخية وتأهيلها ستدخل بعض الإضافات على الشارع لتهيئته سياحيا حيث سيتم إنشاء ترام سياحي يبدأ من ساحة الميدان وصولا إلى نهاية شارع الرشيد".

وأوضح أنه سيجري خلال الفترة القليلة القادمة استقبال عروض الشركات لمشروع الترام حتى يخرج بشكل حضاري ومستدام بعيد عن مد أي أسلاك تشوه منظر المنطقة، وسيجري تسييره ببطىء من أجل الاستمتاع بأجواء الشارع التراثية.

وقال الجنديل "وجهنا أصحاب المتاجر إلى ضرورة تغير عملهم بما ينسجم مع خصوصية المنطقة وشكلها التاريخي والحضاري" مبينا أن العمل يجري بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة وهي التي تقرر شكل البناية هل هي أثرية أم تراثية.