مسيحيون عراقيون يحييون قداسا دينيا
مسيحيون عراقيون يحييون قداسا دينيا

طالبت أحزاب مسيحية بإدراج خانة القومية في الاستمارة الخاصة بالتعداد السكاني، الذي سيجري في العراق خلال يومي 20 و21 نوفمبر الجاري.

ووجهت أربعة أحزاب مسيحية كلدانية رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي، محمد السوداني، تطالب فيها بإدراج "خانة الانتماء القومي للمسيحيين" بعد خانة الديانة في استمارة التعداد السكاني، والتي تضم أربع قوميات هي الكلدان والآشوريين والسريان والأرمن.

والأحزاب الأربعة التي وقعت على البيان هي الهيئة السياسية الكلدانية العليا، حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، حزب المجلس القومي الكلداني، والرابطة الكلدانية العالمية.

كما طالبت هذه الأحزاب في بيانها "إيجاد آلية مستقبلية" من أجل تعداد المسيحيين الموجودين خارج البلاد، مؤكدة ضرورة "ألا تكون نتائج هذا التعداد بديلاً عن تطبيق بعض المواد الدستورية مثل المادة 125 و140 وغيرها".

وكان الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، قد دعا في بيان المسيحيين في العراق إلى "ضرورة المشاركة في عملية التعداد السكاني العام الذي سيجري في يومي 20-21 نوفمبر، وتمنى أن يتم إدراج حقل القومية في استمارة التعداد وشمول المسيحيين المهجرين بالتعداد".

مطلب متكرر

وتشير المادة 125 من الدستور العراقي إلى ضمان الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية لمختلف القوميات، بينما تؤكد المادة 140 على "تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، ومن ثم إجراء إحصاء سكاني فيها، وبعدها تنظيم استفتاء لتحديد إرادة أهالي تلك المناطق".

وذكر القيادي في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، يلدا خوشابا، أن هذه المطالب "ضرورية بالنسبة للمكونات الصغيرة الموجودة في العراق"، لأن "الصراعات بينها قد تصل إلى صراعات على المستوى القومي"، داعيا إلى أهمية أن "تكون هناك خانة لتثبيت القومية وليس الديانة فقط".

ولفت خوشابا إلى أنهم تواصلوا مع وزارة التخطيط بخصوص هذا الموضوع منذ شهور، "لكن دوما يتحججون بوجود أبعاد وطنية مرتبطة بهذا الموضوع"، موضحا أنه سبق أن تم البت في القضية من قبل مجلس النواب، و"لا يمكن إجراء أي تغييرات فيها".

وأكد أنه "من الصعوبة بمكان إجراء هذا التغيير في غضون الأيام القليلة المقبلة".

وتوقع خوشابا أن "يظلم" هذا الإحصاء الأقليات، مبينا أن نتائجه "لن تكون دقيقة"، وبالأخص في ما يتعلق بتحديد قوميات الأقليات وإحصاء سكانها، لأن "نسبة كبيرة من المسيحيين قد هاجروا إلى الخارج".

النائب السابق في مجلس النواب العراقي، يونادم كنا، بيّن من جانبه لموقع "الحرة" أن "عدم إدراج هذه القومية هو من رواسب النظام البائد الذي كان يتعامل مع المسيحيين كمكون ديني فقد وليس قومية أساسية وأصيلة في العراق".

وأوضح كنا، الذي يشغل منصب السكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية، أن "المسيحيين شركاء في هذا الوطن ويمتلكون دينا حقوق قومية وثقافية واجتماعية وإدارية بحسب الدستور"، معتبرا أن موقف مجلس النواب في هذه النقطة "ليس متطابقا مع بنود الدستور".

وكان مجلس النواب العراقي قد أقرّ قانون الإحصاء والتعداد العام للعام 2024 في شهر مايو 2023.

في حين شدد مدير مركز "سورايا" للثقافة والإعلام، نوزاد بولص، على "ضرورة إدراج حقل الانتماء القومي للمسيحيين في استمارة التعداد، وعدم الاكتفاء بالحقل الديني الذي يثبت الحقوق الدينية فقط للمسيحيين، في حين أن المسيحيين كمواطنين ينتمون الى قوميات مختلفة مثل الآشوريين والكلدان والأرمن، ويحق لهم بموجب الدستور المطالبة بالتمثيل الإداري في جميع مؤسسات الدولة، وهذا لن يتم إلا من خلال تحديد قوميتهم وتثبيتها في التعداد العام"، بحسب قوله.

بولص أشار في حديثه إلى أن "التنوع القومي والإثني في العراق هو قوة للدولة العراقية، وكان ينبغي على المشرع تثبيت الانتماء القومي لكل المواطنين العراقيين في استمارة التعداد".

وقال إن "المسيحيين قد غبنوا مرتين في هذا التعداد، الأولى عند إلغاء فقرة انتمائهم القومي من عملية التعداد والثانية عدم شمول المسيحيين الموجودين في الخارج بالإحصاء".

و يرى بولص أن "المسيحيين قد استهدفوا خلال السنوات الماضية، وتعرضوا للتهميش والاضطهاد بسبب انتماءاتهم القومية والدينية"، مؤكدا أنهم "لا يرغبون أن يتم التعامل معهم على أساس ديني، بل يجب أن يُتعامل معهم كقوميات أصيلة موجودة في العراق، لها حقوق مثل غيرها من القوميات".

موقف رافض

في المقابل، أوضح السكرتير العام لحزب "بيت نهرين" العراقي أنه لا يتفق مع إدراج خانة القومية في استمارة التعداد السكاني، لأن عملية الإحصاء "برمتها عملية مختلفة ولا ينبغي خلطها مع البحث عن مفاهيم القومية والدينية".

ويرى هكاري أن "المسيحيين ليسوا مستعدين لخوض غمار هذا الموضوع الآن"، موضحا أن "هناك بعثرة في آراء المسيحيين في العراق وهناك حاجة ماسة لعقد مؤتمر يجمع الأحزاب المسيحية في العراق ويوحد من صفوفهم".

في الوقت الذي أكد فيه مدير عام شؤون المسيحيين في إقليم كردستان، خالد جمال، أنه "ليس بالإمكان تحقيق هذا المطلب، لأنه لم يبق سوى يومين لتنفيذ التعداد"، أوضح أنه "ليس مع وضع هذه الخانة في استمارة التعداد لأنها ستؤدي إلى تفرقة بين المكون المسيحي في العراق".

ودعا جمال المسيحيين للمشاركة "بكل طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم" في هذا التعداد الذي عده "حالة صحية" و"من الأمور المهمة التي ستحفظ للمسيحيين وجودهم وكيانهم داخل العراق، وتثبت حقوقهم الدستورية والقانونية والإدارية والاجتماعية، في البلاد، وفق المادة الدستورية 125".

كما أوضح النائب السابق في مجلس النواب العراقي، يونادم كنا، أن مطلب إدراج خانة القومية  "متأخر جدا ومن الصعب إجراء تغيير فيه".

عقيل عباس

كان العراق يأمل في اغتنام قمة بغداد العربية لإعلان عودته كلاعب مؤثر على المسرح الإقليمي، لكن الحدث انتهى بنكسة دبلوماسية، على ما يبدو، كشفت عن انقسامات داخلية عميقة.

في هذه المقابلة، يوضح الخبير السياسي، الكاتب، الدكتور عقيل عباس، أن فشل القمة لا يرتبط بغياب القادة العرب بل هو نتيجة تخريب داخلي، وسلوك سياسي غير مقبول.

ـ هناك شبه إجماع على فشل القمة العربية في بغداد. هل تتفق مع هذا التوصيف؟

ـ القمم العربية عموما فاشلة لأسباب بنيوية ليست مرتبطة بالضرورة باستضافة العراق لهذه القمة. لكن في قمة بغداد كان هناك فشل مضاعف بسبب الصراع السياسي العراقي-العراقي حول تنظيمها. هناك أطراف أرادت ألا تحصل حكومة (رئيس الوزراء العراقي محمد شياع) السوداني على ما يمكن أن نسميه منجز تنظيم قمة سلسة أو قمة بمستوى القمم الأخرى حتى وإن كانت من دون نتائج عامة عربية، لكن بمشاركة عالية من الزعماء، وحصول اجتماعات جانبية، هي في العادة أهم من الاجتماع العام.

ـ لكن غياب معظم القادة العرب لم يكن بقرار عراقي داخلي.

ـ صحيح، لكن كان هناك سلوك سياسي عراقي أدى إلى تضامن القادة العرب في قرارهم عدم المجيء إلى بغداد. كان هناك خطاب عدائي نحو الكويت، وإثارة لموضوع خور عبدالله. فاستنجدت الكويت بمجلس التعاون الخليجي ومارست ما تستطيع من تأثير على الزعماء الآخرين كي لا يحضروا. إضافة إلى ذلك، الحديث عن وجود مذكرة إلقاء قبض على الرئيس السوري أحمد الشرع، هذا الحديث غير مناسب وغير مقبول، فضلا عن تهديد بعض قادة الكتل السياسية في العراق بأنهم لا يضمنون سلامته إذا حضر القمة. 

هذا الكلام يتجاوز أبسط القواعد البروتوكولية، فالعراق ملزم وفق نظام الجامعة العربية بأن يستضيف كل الزعماء العرب. حديث بعض أطراف الإطار التنسيقي، وهو الائتلاف الحاكم في العراق، بهذا الشكل يبعث رسائل بأن هناك فوضى سياسية في العراق وليس هناك وحدة في القرار السياسي.

ـ ماذا كشفت هذه القمة عن علاقة العراق بما يُسمى "الحاضنة العربية، في رأيك؟

ـ أعتقد أن العالم العربي شبه يائس من العراق، من أن يلعب دورا فاعلا ومؤثرا للأسباب التي ذكرتها مجتمعة. إذا لم يستعِد العراق وحدة قراره السياسي، وإذا لم يظهر أنه قادر على فرض إرادته داخل إقليمه الجغرافي، باعتقادي، لن يأخذه أحد على محمل الجد.

ـ هناك من يعتقد أن فشل قمة بغداد هو انعكاس للوضع العربي العام، خصوصا مع بروز مؤشرات كبيرة على أن المنطقة تتغير، وأن هناك خريطة جيوسياسية في طور التشكل. زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الخليج الأسبوع الماضي، ربما وضعت النقاط على الحروف في هذا السياق. ما رأيك؟

ـ اتفق مع هذا الطرح. زيارة ترامب كانت تاريخية، بصرف النظر عن رأينا بترامب. أبرزت الزيارة، التي كانت اقتصادية بامتياز، أن هناك نهجا تنمويا رائدا سينتج من دول الخليج، وتحديدا السعودية، خصوصا مع دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع ولقائه بترامب، والوعد الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

ـ ماذا يعني رفع العقوبات عن سوريا بالنسبة لمستقبل المنطقة؟

ـ إلى جانب رفع العقوبات، هناك حديث الآن عن مفاوضات سورية إسرائيلية من وراء الكواليس بشأن اتفاقية تطبيع، وهذه قد تضمن لسوريا دعما اقتصاديا غربيا، وبالتالي فإن اتباع سوريا نهجا اقتصاديا، يعني أننا سنشهد بروز التنمية الاقتصادية كقضية أساسية ومركزية عربيا، ابتداء من السعودية ودول الخليج الأخرى، ثم سوريا. 

ـ أين سيكون العراق في سيناريو كهذا؟

ـ أنا أعتقد أن هذا سيؤثر على العراق كثيرا. بدلا من الحديث عن الماضي والصراعات، سيكون الحديث عن المستقبل. وسيكون "الإطار التنسيقي" تحت ضغط هائل حينها، إذ لابد من أن يُنتج شيئا للمجتمع بخصوص المستقبل، كما تفعل دول الجوار التي تجاوزت العراق بأشواط طويلة.

ـ بالعودة إلى قمة بغداد، كيف يؤثر "فشل القمة" على صورة العراق عربيا ودوليا؟

ـ أنا لا أعتقد أن موضوع الضرر الخارجي مهم. تأثيرها داخلي، إذ أبرزت النزاع الحاد داخل الإطار التنسيقي، بين الحكومة وبعض أطراف الإطار، وهذا ستكون عواقبه أكثر تأثيرا. السيد السوداني، أكيد، يشعر بغضب  شديد، وهذا سينعكس على طريقة تعامله مع الإطار. 

ـ كيف؟ 

ـ لا أعرف. ربما من خلال تأكيده على دور عربي للعراق، لأن رئاسة القمة تستمر لمدة سنة كاملة. وهناك ملفات كثيرة يمكن أن يشتغل عليها العراق. التبرع بـ20 مليون دولار لغزة، و20 مليون للبنان، يبدو لي، أنه تهيئة لدخول العراق على ملفات هذه البلدان. وهذا يُحسب لحكومة السوداني.

ـ بأي طريقة سيتدخل العراق في ملفات غزة ولبنان، باعتقادك؟ 

ـ ربما بالتوسط بين حزب الله والحكومة اللبنانية، وكذلك بين حماس والسلطة الفلسطينية. لا يبدو لي أن التبرع بالأموال يأتي من دون غاية.

ـ بالإشارة إلى حديثك عن صراع بين السوداني والإطار، هل هذا يعني تضاؤل حظوظ السوداني بولاية ثانية؟

ـ ما حصل في القمة هو فقط مرحلة من مراحل الصراع. أعتقد أن الخلاف سيتصاعد. من الفوائد المؤسفة للقمة أنها أظهر هذا الصراع بين الحكومة ومعظم أطراف الإطار التنسيقي إلى العلن. هم لا يريدون أن يحقق السيد السوداني أي منجز.